مرّتْ بنا بمصلَّى الخَيْفِ سانحةٌ
مرّتْ بنا بمصلَّى الخَيْفِ سانحةٌ / كظبيةٍ أفلتتْ أثناء أشواكِ
نبكي ويضحكها منّا البكاء لها / ماذا يمرّ من المسرور بالباكي
فَقلتُ والقول قد يَشْفِي أَخا شَجنٍ / وربّما عطف المشكوُّ للشاكي
أُعطيتِ منّا الّذي لم نُعطَ منك فلو / رام الهوَى النَّصْف أعطانا وأعطاكِ
ولستِ بالرِّيمِ لكنْ فيكِ أحسنُهُ / ولستِ ظَبْيّاً وريّا الظَّبْيِ رَيّاكِ
تودّ شمسُ الضّحى لو كنتِ بهجتَها / وودّ بدرُ الدّجى لو كان إيّاكِ
قد كنتُ أحسبني جَلْداً فأيْقظنِي / مِنِّي على الضَّعفِ أنّي بعضُ قتلاكِ
لا باركَ اللَّهُ في قلبٍ قَلاكِ ولا / أبكي السّماءَ لمن بالسّوءِ أبكاكِ
ولا تولَّى الّذي ولّاكِ جانِبَهُ / وَلا عدا الخيرُ إلّا مَنْ تعدّاكِ
أشقيتِ منّا قلوباً لا نقول لها / أشقى الإلهُ الّذي بالحبّ أشقاكِ
وكنتِ ملذوذةً والمرُّ منك لنا / وما أمرَّكِ شيءٌ كان أحلاكِ
هل تذكرين وما الذكرى بنافعةٍ / مَسْرَى الرّكائب يومَ الجِزعِ مسراكِ
في ليلةٍ ضلّ فيها الرَّكبُ وجهتهمْ / لولا ضياءُ جمالٍ من مُحيّاكِ
بِتنا نَميلُ على أقتادنا طَرَباً / مُصغين نَحو الّذي بالحسن أطراكِ
مسهّدين ولولا داءُ حبِّكمُ / أكرى العيونَ لنا مَن كان أكراكِ
إنْ بتِّ آمنةً مِنّا عليك كما / شاء العَفافُ فإنّا ما أمِنّاكِ
أو كنتِ ساليةً لمّا خطاكِ هوىً / غدا علينا فإنّا ما سلوناكِ
وإِنْ ملَلْتِ فقوماً لا ملالَ بهمْ / وإنْ سَئِمتِ فإنّا ما سئمناكِ
أيُّ الشّفاءِ لداءٍ في يديكِ لنا / وأيُّ ريٍّ لصادٍ مِن ثناياكِ
لَولا الغُواةُ وخوفٌ مِن وشايتهمْ / ما كانَ مَثواي إلّا حيثُ مثواكِ
ملكْتِنا بالهوى والحبُّ مَتْعَبَةٌ / فحبّذا ذاك لو أنّا ملكناكِ
ولو أُصِبْتِ بداءٍ قد أصِبْتُ به / علمتِ ما في فؤادٍ بات يهواكِ
إِنْ تَشكري فاِشكري من لم يُذِقْكِ هوىً / ومَن بحبّك أبلانا وأبلاكِ
وكيف يصحو فؤادٌ فيكِ مختبلٌ / تسرِي سُرى دَمِهِ فيه حُميّاكِ
ولو رميتِ ورَيْعانُ الشّباب معي / أصميتِ منِّيَ مَن بالحبّ أصماكِ
كم مرّةٍ زرتِنا وَهْناً على عَجَلٍ / سريتِ فيه وما أسْرَتْ مطاياكِ
حَتّى اِلتَقينا على رغم الرُّقادِ وما / ذاك اللّقاء سوى وسْواسِ ذكراكِ
فإنْ هجرتِ وقد أخلَفْتِ واعدةً / فبالّذي زرتِ ما واعدتِنا ذاكِ