المجموع : 4
يا فاضلاً فضلُه يسمو على الفُضَلا
يا فاضلاً فضلُه يسمو على الفُضَلا /
ومن على كل مجد في الأنام علا /
أصبحت أهواك لا أبغي السوى بدلا /
بالله أقسم لا بالعاديات ولا / بالذاريات ولا بالنجم والفلقِ
صبٌّ عليك ولو بالروح ما بخلا /
وقلبه لم يزل بالشوق مشتعلا /
وقد أجبت الذي عن حالتي سألا /
إني أحبك لا أرجو نداك ولا / أخشى أذاك ولا ألقاك بالملقِ
عيشي برؤياك عيش لم يزل رغدا /
وصدق حاليَ لا يخفى وفيك بدا /
وهل أحبك عمري ساعتي وغدا /
إلا محبة عبد يرتجي أبداً / أن لا يفارق معنى وجهك الطلقِ
أسقي نداماي من كاسي وأشرب ما
أسقي نداماي من كاسي وأشرب ما / أبقوه في الكاس لي من خمري الباقي
فكنت آخرهم شرباً وأولهم / سكراً بما تركوا من بهجة الساقي
بقية الله خير قال خالقنا / فحققوا القول يا قومي وأرفاقي
وهذه يد من أهواه وهي يدي / بلمسها نال كلي عهد خلاقي
قولوا لمن قد أبى عن مجلسي ونبا / من ذا يوقّيك في العقبى من الواقي
هذا المدام وهذا الكاس ممتلئٌ / من المدام إلى أطراف أطواقي
ترقى وتسقط من أعلى مقامك في / حضيض جهلك بي يا خيبة الراقي
عطشان يحمل ماء في أداوته / وليس يدري به من سوء أخلاق
إن الكرام بحسن الظن قد شربوا / وسوء ظنك حرمانٌ لرقراق
لا بد أن تغلق الباب الذي فتحت / يد الإله فتبقى خارج الطاق
في الكون للحق أمثالٌ بها نطقا
في الكون للحق أمثالٌ بها نطقا / مضروبة منه للعبد الذي صدقا
فقال تلك هي الأمثال نضربها / للناس يعقلها من في الكمال رقى
وأغفل الله عنها من يشاهدهم / أهل السعادة في الدنيا وأهل شقا
فمؤمن هو ناج دون معرفة / إيمانه النور كالبرق الذي برقا
وجاهل ليس يدري ما يقال له / تكذيبه رزقه ذاك الذي رزقا
كن مسلماً مؤمناً بالحق تعرفه / أو لست تعرفه واتبع لأهل تقى
وإن ترد تعرف الله الذي ظهرت / آياته فاتبع الأصحاب والرُفقا
وهم أولوا العلم علم الله سادتنا / وكن بهم مؤمناً تلحق بمن سبقا
وانظر إلى الوقت وقت الفجر ليس له / علامة غير نور يملأ الأفقا
ونوره غيره والوقت يحضر إن / أبدى له الله ذاك النور والشفقا
والوقت طلق بلا قيد يقيده / في نفسه فاعتبره واشهد الفلقا
واشهد علامته تشهده حيث بدا / والله غيب ومشهود بمن خلقا
والوقت في كل أرض حاضر فخذوا / منه اعتبار الوجود الحق منطلقا
ونزهوه وقولوا عنه خالقنا / ما إن له غيبة فاليوم يوم لقا
والله عنه جميع الكون منتشر / كالضوء يبدو عن الضوء الذي انفتقا
تبارك الله لا شيء يشابهه / فالحس والعقل في تنزيهه اتفقا
والله قد ضرب الأكوان أمثلة / بالفعل لا نحن فاترك عنك ذا السلقا
ونحن نعقلها لا نحن نضربها / فنودع الطرس ما ندريه والورقا
وإن ترد أوضح الأمثال أجمعها / فانظر إلى صفحة المرآة مستبقا
من الزجاج أو الفولاذ ليس بها / شيء وفيها يلوح الشيء متسقا
ولا ترى جرم مرآة بك استترت / وبالجميع فلا تتعب به الحدقا
كما تلوح لك الأكوان تظهر في / مرآة عين الوجود المنتمي لبقا
وليس فيه سواه دائماً أبداً / والكل فانٍ به فيه قد انسحقا
وهو القريب ولكن لست تدركه / لأنه بك مستور وأنت وِقا
بحر الوجود الحقيقيْ لا تزال به / ترى الظهور هنا الأكوان والفرقا
والكل فانٍ وهذا واحد أحد / لا غيره معه للغير قد محقا
فاسلك على أثري وانظر إلى نظري / وثق بما قلته يا فوز من وثقا
واشتم رائحتي من مسك نافجتي / فإنني لك عطر في الورى عبقا
بستانَنا في أراضي النيربينِ سقى
بستانَنا في أراضي النيربينِ سقى / رياضَك الغيثُ منهلّاً ومندفقا
يا سعد أيامنا فيه وقد عبقت / روائح الزهر تحكي العنبر العبقا
والوقت صاف وما في صفوه كدرٌ / ونال قلبي مقام القرب مستبقا
هي الشخوص تقادير الوجود بدت / في نوره باطل بالحق قد زهقا
ونحن فيه بأنس القرب ليس لنا / من وحشة مثل معشوق ومن عشقا
قامت معارجنا فيه على درج / من التجلي الإلهي جل من رزقا
والوجه يشرق من خلف الحوادث لي / بفيض علم مبين فيه سرُّ بقا
الله أكبر هذا كله أثر / مقدرٌ عدمٌ فيه الوجود رقا
وجود حق إذا أكوانه رمقت / في وجهه الحق لم يترك لها رمقا
وإن بدا خفيت في نوره وإذا / بدت ففيها اختفى لا تدرك الشفقا
لا تستطيع له الأكوان تحضر مع / حضوره إذ هما ضدان ما اتفقا
لولا تجليه بالأفعال ما عقلت / عقولنا أنه الحق الذي خلقا
لكننا نتراآه بأعيننا / من خلف تقديره المعدوم وقت لقا
كم أمة قبلنا كانت تشاهده / من غير علم به عن قيدها انطلقا
لو أنهم بفنا أكوانهم علموا / لعاينوا وجهها المكشوف قد برقا
لكنها أغفلتهم عن محاسنها / فابصروا سترها الفاني الذي انمحقا
ولم يزالوا على ما هم عليه إلى / أن تم تقديره ذاك الذي سبقا