حدائقُ الحسنِ تُغْري السُّهْدَ بالحدَقِ
حدائقُ الحسنِ تُغْري السُّهْدَ بالحدَقِ / فالعينُ متْرَعَةُ الأجفانِ منْ أَرَقِ
أشيمُ للبرقِ منْ مسراهمُ قَبَساً / والليلُ يَسْحَبُ أذيالاً من الغَسَق
حتى استهلَّ الغمامُ الجَوْد مُنْسَكِباً / بوادقٍ من مُلِثِّ القَطْرِ مُنْدَفَقِ
في روضةٍ قد ثَنَتْ أَعطافها سَحَراً / يُفَضُّ منها ختامُ الزَّهْرِ عن عَبَق
ترنو الحمائمُ منها في ذُرى قُضُبٍ / تَخْتالُ مائسةً في سُنْدُسِ الورق
كمْ قد عَهِدْنا بها من ليلةٍ قَصُرَتْ / وإن نأى كلكلُ الظلما عن الفلق
إذا ابتغيتُ كؤوسَ الراحِ مُتْرَعةً / أَوْمَتْ إليَّ يدُ الأصباحِ بالشفق
يديرُها البدرُ صِرْفاً فوقَ راحتِهِ / والشمسُ تطلعُ منْ يُمناه في أفق
ثم انبرى مائلاً للوصلِ ذو ضمرٍ / في لؤلؤ من نفيس الدرِّ متَّسقِ
يا مَن غدا لحسامِ البغي منتضياً / يستثبتُ الصَّرم حتى عادَ ذا رنق
والبغي ما زال في الحساد مكتملاً / يبدو لمختبرٍ في الخَلْقِ والخُلق
لا تنكرنَّ بديعَ النظمِ منْ أدبي / فالدرُّ ليس بمكنونٍ على الفلق
ولتحذرِ الرشقَ من سهمٍ عرضتَ له / منْ يزحمِ البحرَ لا يأمنْ مِنَ الغرق
ما أنت مدركُ شأوي إنْ سعيت له / ليس التبخترُ كالإرقال في الطرق
ولا المؤمّل في مضمارِ حَلْبَتِهِ / مؤملاً للمجليِّ السبق في طَلق
وقد تُشَبَّهُ أحياناً بذي أدبٍ / ما لم يحاددكَ عذب اللفظ في نسق
والأوسُ في فَلَوَاتِ البيدِ مفترسٌ / فإنْ يَصُلْ ليثُ غابٍ مات من فرق
فلا تمدّنَّ باعَ العُجْبِ إنَّ لها / عُقبى تؤجِّجُ نارَ الضَّغْنِ والحنق