المجموع : 4
ألْحِقْ بَنَفْسِجَ فَجْرِي وَرْدَتَيْ شَفَقِي
ألْحِقْ بَنَفْسِجَ فَجْرِي وَرْدَتَيْ شَفَقِي / كافُورَةُ الصُّبْحِ فَتَّتْ مِسْكَةَ الغَسَقِ
قد عطَّلَ الأُفْقُ من أَسْمَاطِ أَنْجُمِهِ / فاعْقِدْ بخَمْرِكَ فينا حِلْيَةَ الأُفُقِ
قُمْ هاتِ جامَكَ شمساً عند مُصْطَبَحٍ / وخَلِّ كأْسَكَ نَجْماً عندَ مُغْتَبِقِ
واقسِمْ لكُلِّ زمانٍ ما يليقُ به / فإِنَّ للزَّنْدِ حَلْياً ليس لِلْعُنُقِ
هبَّ النسيمُ وهبَّ الرّيم فاشتركا / في نَكْهِةٍ من نسيمِ الرَّوْضَةِ العَبِقِ
واسْتَرْقَصَتْنِيَ كاسْتِرْقَاصِ حامِلِها / مُخْضَرَّةُ الوُرْقِ أَو مُخْضَرَّةِ الوَرَقِ
وبتُّ بالكأْسِ أَغنَى الناسِ كُلِّهِمُ / فالخمرُ من عسجدٍ والكأْسُ من وَرِقِ
كم ورَّدَتْ وجناتُ الصِّرْفِ في قدحٍ / فتحت بالمزج ما يعلوه من حذقِ
يَسْعَى بها رَشَأٌ عيناه مُذْ رَمَقَتْ / لم يُبْقِ فِيَّ ولا فيها سوى الرَّمَقِ
حَبَابُها وأَحادِيثي ومَبْسِمُهُ / ثلاثَةٌ كلُّها من لؤلؤٍ نَسَقِ
حتى إِذا أَخَذَتْ منا بسَوْرَتِها / ما أَخَذَ النَّوْمُ من أَجفانِ ذي أَرَقِ
ركبتُ فيه بحاراً من عجائِبها / أَنِّي سَلِمْتُ وما أَدرِي من الغَرَقِ
ولم أَزَلْ في ارْتِشافِي منه رِيقَ فم / أَطفأْتُ في بردِهِ مشبوبةَ الحُرَقِ
يا ساكنَ القلبِ عما قد رَمَيْتَ بِهِ / من ساكنِ القلبِ مُغْمًى فيه من قَلَقِ
لا تَعْجَبَنَّ لكل الجسمِ كيف مَضَى / وإِنَّما اعْجَبْ لبعضِ الجِسْمِ كيفَ بَقِي
لم أَستَرِقْ بمنامي وصلَ طيفِهِمُ / فما لهُ صارَ مقطوعًا على السَّرَقِ
ولا اجْتَلَى الطَّرْفُ برقًا من مباسِمٍهٍمْ / فما له مثلَ صوبِ العارِضِ الغَدِقِ
في الهندِ قد قيل أَسيافُ الحديدِ ولو / لا هندُ ما قيلَ أَسيافٌ من الحدقِ
نسيتُ ما تحت تفتيرِ الجفونِ أَمَا / خُلُوقَهُ الجَفْنِ أَثْرُ الصَّارِمِ الذَّلِق
وبِتُّ بالجِزْعِ في آثارهم جَزَعاً / إِن جرّد البَرْقُ إِيماضاً على البُرَقِ
في نار وجدِيَ مغْنًى من تَلَهُّبِهِ / وفي فؤادِيَ ما فيه من الوَلَقِ
خوفٌ أَبو القاسِمِ الأَرزاقَ قَسَّمَهُ / عني فقد صحَّ إِفْراقِي منَ الفَرَقِ
القائدُ الضِّدَّيْن في شِيَم / كالماءِ يجمع بينَ الرِّيِّ والشَّرَقِ
تهلَّلَ الوجهُ منه مثلَ شمسِ ضُحًى / وانهَلَّتِ اليدُ مثل العارضِ الغَدقِ
وجدَّد النِّعَمَ اللاتي نَثَرْتُ لها / أَزاهِرَ الرَّوْضِ باسْمِ المَلْبَسِ الخَلَقِ
وحازَ وَصْفِي رقيقٌ رائِقٌ فَلَهُ / تَشَابَهَ الحُسْنُ بيْنَ الخَلْقِ والخُلُقِ
وثقَّل المَنَّ حتى رُمْتُ أَحمِلُهُ / على عواتِقِ أَمْداحِي فَلَمْ أُطِق
فلَسْتُ أَعرِفُ عَمَّا ذا أَقولُ له / خَفِّفْ عُنق الأَشعارِ أَم عُنُقي
مُضَمَّرُ العَزْمِ لو جاراهُ في طَلَقٍ / من بَطْشَةِ البَرْقِ لم يُوجَدْ بمُنْطَلِقِ
رياسَةٌ تَطَأُ الأَعناقَ صاعِدَةً / فلا كَبَتْ وَهْيَ بَيْنَ النَّصِّ والعَنَقِ
خُصَّتْ بنِي الحَجَرِ الياقوتِ واعْتَزَلَتْ / قوماً همُ الحَجَرُ المَرْمِيُّ في الطُّرُقِ
تخالَفَ الناسُ إِلا في فضائِلِهِمْ / فليسَ تُبْصِرُ فيها غيرَ مُتَّفِقِ
مراتبٌ لأَبي بكرٍ بلها سَبَقٌ / كما أَبو بكرٍ المخصوصُ بالسَّبَقِ
مُهِمَّةُ عُمَرٌ فيها رأَى عُمَرًا / فضمَّها عنده الفاروقُ في فَرَق
وبَسْطَةٌ يرتقي عثمانُ هَضْبَتَها / رُقِيَّ عثمانَ إِلا ساعة الزَّلَقِ
فضلٌ أَبو القاسِمِ المشهورُ قَسَّمَهُ / فيهم فهُمْ في بهيمِ الدّهرِ كالبَلقِ
ولم تَزَلْ لعليٍّ فيه أَوْ حَسَنٍ / فَألٌ عُلُوٌّ وحُسْنٌ غير مُعْتَلَقِ
وطاهِرٌ طاهِرٌ الأَعراضِ من دَنَسٍ / يدنو وخيرونُ ضَيْرُ الرَّاهِنِ الغَلَقِ
وللفتوحِ من الخيراتِ أَجْمَعُها / أَبو الفتوحِ الذي صُفِّي من الرَّنَقِ
تباركَ اللُّه بارِي المجدِ من حَمَإِ / وخالِقُ الكَرم الفيَّاضِ من عَلَقِ
فشِدْ وسُدْ واستزدْ واسعَدْ وجُدْ وأَجِدْ / وسُق وأَرْق وفُقْ واسْمُق وشِقْ ورُقِ
وإِنْ يَكُنْ فِيَّ جسمٌ عن ذَراكَ مَضَى / فإِنَّ عندكَ قلبًا في ذراك يَقِي
هذا أبو الفضلِ بدرُ الحُسن قد شهدَتْ
هذا أبو الفضلِ بدرُ الحُسن قد شهدَتْ / أوصافُه أنه كالبدرِ في الأفُقِ
لما تعمّم تيهاً بالسماءِ بَدا / وفوقَ أعطافِه ثوبٌ من الشّفقِ
ولا تقُلْ لاحَ في خدّيهِ عارضُهُ / فإنما هو تأثيرٌ من الغسَقِ
انظُرْ الى الشمس فوقَ النيلِ غاربةٌ
انظُرْ الى الشمس فوقَ النيلِ غاربةٌ / واعجَبْ لما بعدَها من حُمرةِ الشفَقِ
غابتْ وأبقَتْ شُعاعاً فيه يفخلِفُها / كأنّها احترقَتْ بالماءِ في الغرقِ
وللهلالِ فهل وافى ليُنقِذَها / في أثْرها زورقٌ قد صِيغَ من ورَقِ
وكم طويتُ بساطِ البيدِ منْفَرداً
وكم طويتُ بساطِ البيدِ منْفَرداً / والأفْقُ يَنْثُرُ في أرجائه الغَسَقا
وأدهَمُ الليلِ يُبدي من تتعّبِه / من النجومِ على لَبّاتِه عَرَقا