أمن يمينك نوء السحب يرتزق
أمن يمينك نوء السحب يرتزق / ومن جبينك ضوء الصبح يأتلق
فما تطولت إلا انهلَّ صَيِّبُه / وما تهلَّلْتَ إلا أشرق الأفق
سرت بسيرتك الدنيا وأبهجها / مرآك حين تساوى الخَلْق والخُلُق
فما عليك إذا أحرزت من مهل / خُصل العلا وجرى قوم فما لحقوا
سموت في باذخ صعب تسنَّمه / لو حاولوه لزلُّوا عنه وارتهقوا
يا ابن المَطَاعين ما في حكمهم جَنَف / وابن المُطاعينَ ما في حلمهم نَزَق
بدور تِمٍّ ترينا من أسنتها / شهباً إذا ما دجا من نقعها غسق
هباتهم وسطا هبّاتهم أبداً / تهمي وتحمي فلا مَحْل ولا فرق
خضر الربا والسنون الشهب عابسة / بيض الوجوه إذا ما احمرّت الحدق
نَمَوك أبلج لا يثنيك عن شيم / غذتك بالحلم لا غيظ ولا حنق
ما زلت تظهر والأملاك خافية / حتى كأنك في ظُلْماتهم فلق
وَنَوْا عن الغاية القصوى ورحت وفي / أثار سعيك خيل الحمد تستبق
فكل من شاء أن يسمو إلى شرف / أو يعتلي فبحبل منك يعتلق
فعندك الظلّ ضافٍ والندى خَضِلٌ / للوفد والوِرد صافٍ ما به رنق
ومُدْلِجِين سروا في الليل يضمرهم / بضمَّر نال من أعناقها العَنَق
وساروا والدجى مرخي الإزار وقد / توسدوا شُعَب الأكوار واعتنقوا
حيث المَطِيُّ مُدماة كأن مُدىً / لِنَيِّها مِنْ مَدَى المَوْمَاةِ تَعْتَرِقُ
نُصوا إلى حلب أنضاءكم فبها / أريض روض المنى والصيِّب الغدق
ودونكم من غياث الدين بارقة / مشبوبها بشآبيب الحيا شرق
بحيث تجتمع الآمال قادرة / على المطالب والأموال تفترق
فأين بعدك عن غازي بن يوسف / خصاصة من عوادي دهره فرق
أغرّ فاق عُباب البحر نائله / فَظَلَّ من صخب الإزباد يَصْطَفِقُ
له على الليل عين من سياسته / ترعى الرعايا بجفن ليس ينطبق
يبدو فتطرق إجلالاً لهيئته / وذاك فرط سكون طيه قلق
فنحن حول سرير الملك من دَهَش / فَوْضَى فلا بصر يسمو ولا عُنق
فإن تكلم أغْضينا لهيبته / فذلك القول بالأسماع يُسْتَرَقُ
فَلُذْ به تَغْن عن كل الملوك فهم / في حيث ما شاء من عليائه سَوَق
يا من إذا ذكرت يوماً مناقبه / في محفل غار منها العنبر العبق
ظنت عداك الدجى نقعاً تؤمّ به / جمعاً فحظهم التسهيد والأرق
فإن تجلَّت تباشير الصباح لهم / ريعوا فهل زال عن راياتك الشفق
فما سرى الركب في بهماء طامسة / إلا هدتهم إلى معروفك الطَّرِق
فاشرب هنيئاً كؤوس الحمد مترعة / فأنت مصطبح منها ومغتبق
في ظلّ ملك رواق الملك يكنفه / فنجمه مشرق والبدر متسق
واسعد بعودة أعياد عليك سرت / سعودها تقطع الدنيا وتخترق
واستجلها يا غياث الدين باهرة / كل على فضلها مثن ومتفق
جاءت بِحَلْي المعاني واصطفتك به / وفوق جيد المعالي عندها نسق
فلا خلا منك دست الملك ما سجعت / ورقاء راق لها من غصنها الورق