المجموع : 3
بَنِي المُلَوَّحِ لا حَامٍ ولا واقِ
بَنِي المُلَوَّحِ لا حَامٍ ولا واقِ / طَافَ الرَّدَى وتَلاقَى الشَّرْبُ والسَّاقِي
أتتكُمُ المرهفاتُ البِيضُ زائرةً / فاستقبلوها بهاماتٍ وأعناقِ
مشى بها غالبٌ في غيرِ ما وَهَنٍ / يَلُفُّ للحربِ آفاقاً بآفاقِ
رَمَتْ به هِمَمُ الإيمانِ مُمعنةً / فالشِّرْكُ يَرجُفُ من خوفٍ وإشفاقِ
ما خطبُ هذا الذي لاقَتْ فوارسُهُ / عِندَ القديدِ أيَمضِي غير مُعتاقِ
كلا فإن يَكُ حقّاً ما يقولُ فما / فيما يُريدُونَ من ظُلمٍ وإرهاقِ
يُقيمُ حتى يَعودوا ثم يَصحبُهُم / إلى الرسولِ على عهدٍ وميثاقِ
وإن يكن كاذباً فالسَّيفُ صاحبُهُ / والسَّيفُ صاحبُ صدقٍ غيرِ مَذَّاقِ
جاءوا الكَدِيدَ فما يَغْفَى رَبِيئَتُهُم / والنّومُ يلهو بأجفانٍ وأحداقِ
ولاح باللّيلِ فوقَ التَّلِّ مَنظرُهُ / لساهرٍ قام من ذُعرٍ على سَاقِ
رَمَى بِسهمَيْنِ لم يُخْطِئ له نَظَرٌ / ولم يُجاوِزْهُ في نَزْعٍ وإغراقِ
انْزَعْهُما ابنَ مكيثٍ لا تَكُنْ جَزِعاً / ولا تُرَعْ لِدَمٍ في اللهِ مُهرَاقِ
ويا سيوفَ رَسولِ اللهِ لا تَدَعِي / للعاكِفينَ على الأصنامِ من بَاقِ
النّازِلينَ وَراءَ الحقِّ منزلةً / ما اختارَها غيرُ فُجّارٍ وَفُسّاقِ
ما يُنكِرُونَ من الدِّينِ الذي كرهوا / هل جاءَ إلا بآدابٍ وأخلاقِ
دِينُ السجايا العُلَى تَمضِي بهم صُعُداً / ما تستطِيعُ مَدَاها هِمَّةُ الرّاقِي
دِينٌ هو الغُلُّ يَنْهَى كلَّ مُبَتدِعٍ / يرمي النُّفُوسَ بأغلالٍ وأطواقِ
لا يَحبسُ النَّفسَ إلا حينَ يُطلقُها / وليس يَظلِم في حَبْسٍ وإطلاقِ
بَنِي الملوَّحِ رُدُّوا مِن غَوايَتِكم / فالحقُّ ذُو وَضَحٍ بادٍ وإشراقِ
هو الشِّفَاءُ لأداوءِ النّفوسِ إذا / حَارَ الطبيبُ وأَمْسَى رَهْنَ إخفاقِ
أتَصْدِفُونَ عَنِ المُثلى وقد هَتَفَتْ / بها الدُّعاةُ فَلَبَّى كلُّ سَبَّاقِ
لولا العَمَى مَا اقْتَدَيْتُمْ في ضَلاَلَتِكُم / بمعشرٍ من قُريشٍ غيرِ حُذّاقِ
والنّاسُ من زُعماءِ السُّوءِ في خَبَلٍ / يُؤذِي الطبيبَ ويُعيي حِكمةَ الرَّاقِي
يا وَيْلَكُم إن رَضِيْتُمْ جَوْفَ مُظلِمَةٍ / مَسْجُورةٍ ذاتِ أطواءٍ وأعماقِ
ماذا صنعتم بخيلِ اللهِ حين دعا / يَسْتَصرِخُ الحيَّ منكم كلُّ نَعَّاقِ
طارت بكم غارةٌ حَرَّى فأطفأها / وَادي قَدِيدٍ بِسَيْلٍ منه دَفَّاقِ
لا تنكروا وقضاءُ اللهِ يُرسِلُهُ / ما كانَ من دَهَشٍ جَمٍّ وإطراقِ
أعظِمْ بها آيةً لولا جَهالَتُكُمْ / كانت لخيرِ البرايا خيرَ مِصدَاقِ
سيقتْ لِنُصْرَتِهِ الأقدارُ تَمنَعُكُم / أن تُدرِكُوا جُنْدَهُ من كلِّ مُنْساقِ
وأنتَ يا أيّها المُزْجي مَطِيَّتهُ / إلى الرسولِ يُوالي سَيْرَ مُشتاقِ
أصبتَ من نِعمةِ الإسلامِ كَنْزَ هُدَىً / أغناكَ ربُّكَ منه بَعْدَ إملاقِ
فَاسْعَدْ برزقِكَ وَاشْكُرْ مَن حَبَاكَ به / سُبحانَهُ مِن عظيمِ الفَضْلِ رزَّاقِ
أَرى فَساداً وَشَرّاً ضاعَ بَينَهُما
أَرى فَساداً وَشَرّاً ضاعَ بَينَهُما / أَمرُ العِبادِ فَلا دينٌ وَلا خُلُقُ
سَيلٌ تَدافَعَ بِالآثامِ زاخِرُهُ / ما قُلتُ أَمسَكَ إِلّا اِنسابَ يَندَفِقُ
نالَ النُفوسَ فَمُبتَلٌّ يُقالُ لَهُ / ناجٍ وَآخَرُ في لُجّاتِهِ غَرِقُ
الدَهرُ مُغتَسِلٌ مِن ذَنبِهِ بِدَمٍ / وَالأَرضُ بِالنارِ ذاتِ الهَولِ تَحتَرِقُ
قَومٌ إِذا ما دَعا داعي الهُدى نَكَصوا / فَإِن أَهابَ بِهِم داعي العَمى اِستَبَقوا
لَم يَبقَ مِن مُحكَمِ التَنزيلِ بَينَهُمو / إِلّا المِدادُ تَراهُ العَينُ وَالوَرَقُ
ضاقَت بِهِم طُرُقُ المَعروفِ وَاِتَّسَعَت / ما بَينَ أَظهُرِهِم لِلمُنكَرِ الطُرُقُ
ضَجَّ الصَباحُ لِما لاقَت طَلائِعُهُ / مِن سوءِ أَعمالِهِم وَاِستَعبَرَ الغَسَقُ
لَم يَفسُقِ القَومُ غالَتهُم خَبائِثُهُم / في الذاهِبينَ مِنَ الأَقوامِ ما فَسَقوا
ماتوا مِنَ الجُبنِ وَاِشتَدَّت إِغارَتُهُم / عَلى الإِلَهِ فَلا جُبنٌ وَلا فَرَقُ
هُم حارَبوهُ وَما خافوا عُقوبَتَهُ / حَتّى رَماهُم فَأَمسى القَومُ قَد صَعِقوا
أَذاقَهُم مَضَضَ البَلوى وَجَرَّعَهُم / مِنَ الهَوانِ ذَنوباً ماؤُهُ دَفِقُ
يا لِلمَغارِمِ تَرمي كُلَّ ذي نَشَبٍ / بِفادِحٍ يَتَلَوّى تَحتَهُ العُنُقُ
وَلِلمُكوسِ تِباعاً لا مَرَدَّ لَها / إِن خابَ مُزدَرعٌ أَو جَفَّ مُرتَزقُ
يَأتي الحَصادُ فَيَمضي الغاصِبونَ بِما / عافَ الجَرادُ وَأَبقى الدودُ وَالعَلَقُ
راحوا بِطاناً وَباتَت مِصرُ طاوِيَةً / غَرثى تُشَدُّ عَلى أَحشائِها النُطُقُ
لَم يَبقَ مِنها وَإِن ظَنّوا الظُنونَ بِها / إِلّا الذَماءُ يُعاني المَوتَ وَالرَمَقُ
عَجِبتُ لِلقوتِ يُعيي القَومَ تَحمِلُهُم / أَرضٌ تَدَفَّقَ فيها النيلُ وَالعَرَقُ
ما يَهدَأونَ وَما يَنفَكُّ كادِحُهُم / مُشَرَّداً في طِلابِ العَيشِ يَنطَلِقُ
فِرعَونُ أَكرَمُ عَهداً في سِياسَتِهِ / مِن مُستَبِدّينَ لَولا الظُلمُ ما خُلِقوا
قالوا غَوَيتُم فَجِئناكُم لِنُرشِدَكُم / ثُمَّ الجَلاءُ فَما بَرّوا وَلا صَدَقوا
صَوتُ الأَباطيلِ في أَفياءِ دَولَتِهِم / عالٍ يَصيحُ وَصَوتُ الحَقِّ مُختَنِقُ
رَثَّ الجَديدانِ وَاِستَرخى لَهُم طِوَلٌ / مِنَ المَظالِمِ لا رَثٌّ وَلا خَلَقُ
ما يَنقَضي نَسَقٌ مِن سوءِ رِعيَتِهِم / إِلّا تَجَدَّدَ فينا بَعدَهُ نَسَقُ
طالَ المُقامُ فَإِن بِتنا عَلى قَلَقٍ / فَالدَهرُ مُضَّطرِبٌ مِن ظُلمِهِم قَلِقُ
ظَنّوا القُلوبَ تُواليهِم وَغَرَّهُمو / رِضى الذَليلِ وَقَولُ الزورِ وَالمَلَقُ
يا لَيتَ شِعري أَجُنُّ القَومُ أَم زَعَموا / أَنَّ المَوَدَّةَ مِن أَسمائِها الحَنَقُ
ما كُنتُ أَخشى لِأَهلِ الظُلمِ غائِلَةً / لَوِ اِتَّفَقنا وَلَكِن كَيفَ نَتَّفِقُ
مَتى أَرى الأَمرَ بَعدَ الصَدعِ مُلتَئِماً / وَالقَومَ لا شِيَعٌ شَتّى وَلا فِرَقُ
وَيحَ الكنانَةِ أَمسَت مِن تَفَرُّقِهِم / حَيرى الرَجاءِ فَما تَدري بِمَن تَثِقُ
كُلٌّ لَهُ مَذهَبٌ يَرجو الفَلاحَ بِهِ / وَالحَقُّ يَعرِفُهُ ذو الفِطنَةِ اللَبِقُ
سَيَعلَمُ القَومُ عُقبى الخائِنينَ وَما / جَنى الغُرورُ وَجَرَّ الجَهلُ وَالخَرَقُ
يا أَيُّها القَومُ ماذا في حَقائِبِكُم
يا أَيُّها القَومُ ماذا في حَقائِبِكُم / إِنّي أَرى الشَعبَ قَد أَودى بِهِ القَلَقُ
جِئتُم إِلَينا فَباتَت مِصرُ راجِفَةً / مِمّا حَمَلتُم وَكانَ النيلُ يَحتَرِقُ
أَيَعلَمُ القَومُ أَنّا لا حُلومَ لَنا / أَم يَجهَلُ الوَفدُ أَنّا لَيسَ نَتَّفِقُ
لَقَد أَقاموا طَويلاً بَينَ أَظهُرِنا / فَما وَثِقنا بِهِ يَوماً وَلا وَثِقوا
شَدّوا العِصابَ وَرَدّوا رَأيَ ساسَتِهِم / إِنَّ السِياسَةَ مِنها الجَهلُ وَالخَرَقُ
لا يَعبَثِ اليَومَ بِاِستِقلالِكُم أَحَدٌ / وَلا يَغُرَّكُمُ التَضليلُ وَالمَلَقُ
ضُمّوا القُوى حَولَهُ لا تَذهَبوا شِيَعاً / فَما لَكُم بَعدَهُ في العَيشِ مُرتَفَقُ
أَما تَمُضُّكُمُ الأَحكامُ جائِرَةً / وَلا تَعَضُّكُمُ الأَغلالُ وَالرَبَقُ
ماذا جَنى الوَفدُ إِلّا ما يُقالُ لَكُم / اللَهُ أَكبَرُ جَدَّ الأَمرُ فَاِستَبِقوا
الدَهرُ يَنظُرُ وَالأَجيالُ شاهِدَةٌ / وَالحُكمُ لِلَهِ لا خَوفٌ وَلا فَرَقُ
لا تَظلِموا مِصرَ إِنَّ البِرَّ آيَتُهُ / أَلّا يُرَوِّعُها ظُلمٌ وَلا رَهَقُ
هَل عَقَّ مَنبِتَهُ أَو خانَ أُمَّتَهُ / إِلّا اِمرُؤٌ مالَهُ دينٌ وَلا خُلُقُ
اِستَعبَدَ المالُ قَوماً لَو يُقالُ لَهُم / خوضوا إِلَيهِ عَذابَ اللَهِ لَاِنطَلَقوا
هُمُ الأَئِمَّةُ مِن زُهدٍ وَمَن وَرَعٍ / لَو كانَ يَنخَدِعُ العَرّافَةُ اللَبِقُ
ما كُنتُ أَحسَبُ أَن يَقضي القَضاءُ لَنا / يَوماً فَتَختَلِفُ الأَهواءُ وَالطُرُقُ
طالَ اللَجاجُ وَأَمسى الناسُ قَد تَبِعوا / سُبلَ الخِلافِ فَمُنشَقٌّ وَمُفتَرِقُ
لا يَدَّعِ القَومُ أَنّا أُمَّةٌ هَمَلٌ / فَلا وَرَبِّكَ ما بَرّوا وَلا صَدَقوا
سَيَتبَعُ الجِدَّ مَن لا يَستَفيدُ لَهُ / وَيَعرِفُ الحَقَّ مَن يَهذي وَيَختَلِقُ
صَبراً عَلى قَومِنا حَتّى يَثوبَ لَهُم / مِن عازِبِ الحِلمِ ما أَلوى بِهِ النَزَقُ