ليلَ الحمى بات بَدْرِي فيكَ مُعْتَنِقي
ليلَ الحمى بات بَدْرِي فيكَ مُعْتَنِقي / وبات بدرُك مرمِيّاً على الطُّرُقِ
شتَّان ما بين بدرٍ صيغَ من ذهبٍ / وذاكَ بدري وبدرٍ صيغَ من بَهَقِ
زار الحبيبُ وبدْرُ التِّم في كَمدٍ / بادٍ عليه وغصنُ البان في قَلَفِ
يمشي على خدِّ من يَهْوى وأَدمُعه / تهمِي فسبحان منجِيه من الْغَرَقِ
وقبْل ذا كان طيفاً من تكَبُّرِه / فإِنْ سرى كان مَسْراه على الحَدَق
وبات باللَّثم تَحْت الختم مَبْسِمُه / والصَّدْرُ بالضَّم تحتَ القُفل والفَلَق
وعِفْتُ طيفيَ لم جَاءَ سيِّدُه / يا عين عفِّي طريقَ الطَّيفِ بالأَرَق
يا عاذِلي فيه أَمَّا خدُّه فنَدٍ / كما تراهُ وأَمَّا ثغْره فَنَقي
وما جفونك تلْويها على سَهري / ولا ضلوعُك تطْويها على حُرَقي
تريدُني خارِجيّاً عن مَحبَّتِه / أَنَّى وبيعةُ ذاك الحُسنِ في عُنُقي
يا صاحبَ الحسن لا تَعجل بفُرقَتِنا / فما رمَقْتُك إِلاَّ آخِر الرَّمَقِ
وساترٍ ليَ عينَيْه براحَتِه / ليتَ الضَّنَى ليَ من عينيْه كانَ بَقي
سرقتَ قلبي ولمْ أَنكرتَ سِرقته / أَليس خدُّك مسروقاً من السَّرق
ونكهةِ لك تُحيي نفسَ ناشِقها / بمسترقٍّ من الفِردَوْس مُستَرق
جاءَ الغرامُ وهذا الحسنُ في قَرنٍ / والغيثُ يَهْمي ونورُ الدِّين في طَلَقِ
تسابَقا فادْلهمَّ الدَّجْن في ظُلمَ / من الْقُطوبِ وفازَ النُّورُ بالسَّبَق
إِنَّ السحائِبَ جارَتْه فأَتْعَبها / وذلكَ القطرُ بعد الجُهدِ كالْعَرَقِ
الأَفضلُ الملكُ المخلوقُ من كَرمٍ / ومَنْ سواه هو المخلوقُ من عَلَقِ
حاشاه أَنْ يَتَعنَّى في تَكَرُّمه / وإِنَّما هو ماش فيه مَعْ خُلُقِ
بمدْحِه الوُرْقُ في الأَوْراق ساجعةٌ / في جمرةِ الفَجْر أَو في فحمَةِ الْغَسَقِ
مولى الأَنامِ عليٌّ هكذا نَقلَت / لنا الرُّواةُ حديثاً غيرَ مختلَقِ
على الشهادة بالفضل المبين له / أَهلُ المذاهبِ والآراءِ والفِرق
أَقامَ في الأَرضِ سوق الخلق قاطبةً / بالقسطِ من جَعَل الأَمْلاَك كالسُّوق
تضاءَلوا مِنه وانقادُوا لعزَّتِه / إِلى التَّذَلُّل وانقادوا إِلى الملَق
من أَقْبلَ الدِّينُ في إِقبالِ دوْلته / شوقاً إِليه وفرَّ الكفرُ من فَرق
تَصْبو إِلى معرَكِ الهيجاءِ عزمتُه / كأَنَّها منه في مُسْتَنْزَهٍ أَنِق
وراحةٌ منه لا تنفَكُّ عاشقةً / للأَسمرِ اللَّدنِ أَو للمُرهَفِ اللَّبِق
وقتْه جُنَّةُ تقْوى في مَعارِكه / وجنَّةُ الصَّبر فيها لِلتَّقِيِّ تَقي
استخبر الكفرَ ماذا حلَّ مِنه بِه / وما الَّذي مِنه في يوم اللِّقاءِ لَقي
همَّ الأَعَادِي وما نالوا بِزعْمهمُ / ما أَمَّلوا هلْ تُنال الشَّمس في الأُفُقِ
أَشقى به اللهُ من عَادى عُلاهُ ومن / عادَى عَلياً من الجُهَّالُ فَهْو شَقي
يا فالقَ الصُّبح من سيْف براحَتِه / أَنتَ الَّذي فَلَق الهاماتِ بالْفَلَقِ
في موقف ضاق حتى لا مجالَ به / لكنَّ ذَرْعك لمَّا ضَاق لم يَضِقِ
فكم تركتَ بها كَفَّاً بلا عَضُدٍ / وقد توسَّدها رأْسٌ بلا عُنق
يرْوِي عدوُّك منها ماءَ لَبته / بالنَّحر مِنها وبعضُ الرِّي كالشَّرق
عذرْتَهم يوم فرُّوا منك حينَ رَأَوْا / ضرباً يُعيد جديدَ الدِّرع كالْخَلَق
فَما نَجا مِنْك لا مَن كانَ في شَرفٍ / فوقَ السَّماءِ ولا مَن كانَ في نَفَقِ
قطعتَ بالموتِ مِنْ أَرْواحِهم عَلَقاً / والموتُ قطَّاع مَا يَلْقى من الْعَلَقِ
بكى لهم من وَراءِ البحرِ بحرُ دمٍ / حتىَّ تحمَّر ما في العينِ من زَرَق
ما أَعجزَ الفِكرَ عن وصْفٍ يُحيط به / ولو أَطاق لكانَ القولُ لم يُطِق
يُثني لِساني وقلبي منه في جَذَلٍ / وأَنْثَني لقصورٍ عنه في حَنَق
وكم لَحَانِيَ فيه كُلُّ ذي حَسدٍ / لما رآني من نُعماهُ في غَدَق
وإِنَّني منه في عَيْش بلا نكدٍ / وإِنَّني منه في صَفْوٍ بِلاَ رَنَقِ
لما كسانيَ أَثوابَ الغِنى حَسُنَت / فيها حِلايَ وحُسْن الغُصْن بالوَرَق
عذرتُ عاذِل مدحي في مَناقِبه / إِذ كانَ يدخلُ بين المِسْك والعَبَق