يا مَيَّ هَلّا يُجازي بَعضُ وَدَّكُمُ
يا مَيَّ هَلّا يُجازي بَعضُ وَدَّكُمُ / أَم لا يُفادى أَسيرٌ عِندَكُم غَلِقُ
فَلا يَكونَنَّ هَذا عَهدَنا بِكُمُ / إِنَّ النَوى بَعدَ شَحطِ الدارِ تَتَّفِقُ
إِمّا تَريني حَناني الدَهرُ مِن كِبَرٍ / وَأَلبَسَتني لَهُ ديباجَةٌ خَلَقُ
فَقَد تُهازِلُني المُستَقتِلاتُ وَقَد / يَعتادُني عِندَ ذاتِ الموتَةِ الأَنَقُ
وَقَد يُكَلِّفُني قَلبي فَأَزجُرُهُ / رَبعاً غَداةَ غَدَوا أَهواؤُهُم فِرَقُ
وَقَد أَقولُ لِثَورٍ هَل تَرى ظُعُناً / يَحدو بِهِنَّ حِذاري مُشفِقٌ شَنِقُ
كَأَنَّها بِالرَحا سُفنٌ مُلَجِّجَةٌ / أَو حائِشٌ مِن جُواثى ناعِمٌ سُحُقُ
يَرفَعُها الآلُ لِلتالي فَيُدرِكُهُم / طَرفٌ حَديدٌ وَطَرفٌ دونَهُم غَرِقُ
حَتّى لَحِقنا وَقَد زالَ النَهارُ وَقَد / مالَت لَهُنَّ بِأَعلى خَينَفَ البُرَقُ
فَهُنَّ يَرمينَنا مِن كُلِّ مُرتَقَبٍ / بِأَعيُنٍ لَم يُخالِط كُحلَها الزَرَقُ
يُبطِرنَ ذا الشَيبِ وَالإِسلامِ هَمَّتَهُ / وَيَستَقيدُ لَهُنَّ الأَهيَفُ الرَوِقُ
وَفِتيَةٍ غَيرِ أَنذالٍ رَفَعتُ لَهُم / سَحقَ الرِداءِ عَلى عَلياءَ تَختَفِقُ
رَفَعتُهُ وَهوَ يَهفو في عَمائِمِهِم / كَأَنَّهُ طائِرٌ في رِجلِهِ عَلِقُ
نَفسي فِداءُ أَبي حَربٍ غَداةَ غَدا / مُخالِطُ الجِنِّ أَو مُستَوحِشٌ فَرِقُ
عَلى مُذَكَّرَةٍ تَرمي الفُروجَ بِها / غَولِ النَجاءِ إِذا ما اِستُعجِلَ العَنَقُ
فَظَلَّ حِرباؤُها لِلشَمسِ مُصطَخِداً / كَأَنَّهُ وارِمُ الأَوداجِ مُختَنِقُ
وَالرِجلُ لاحِقَةٌ مِنها بِأَوَّلِها / وَفي يَدَيها إِذا اِستَعرَضتَها دَفَقُ
كَأَنَّها بَعدَ ضَمِّ السَيرِ جَبلَتَها / مِن وَحشِ غَزَّةَ موشِيُّ الشَوى لَهَقُ
باتَ إِلى جانِبٍ مِنها يُكَفِّئُهُ / ليلٌ طَويلٌ وَقَلبٌ خائِفٌ أَرِقُ
باتَت لَهُ لَيلَةٌ هاجَت بَوارِقُها / وَمُرزِمٌ مِن سَحابِ العَينِ يَأتَلِقُ
فَالقَطرُ كَاللُؤلُؤِ المَنثورِ يَنفُضُهُ / إِذا اِقشَعَرَّ بِهِ سِربالُهُ اللَثِقُ
يَلوذُ لَيلَتَهُ مِنها بِغَرقَدَةٍ / وَالغُصنُ يَنطُفُ فَوقَ المَتنِ وَالوَرَقِ
حَتّى إِذا كادَ ضَوءُ الصُبحِ يَفضَحُهُ / وَكادَ عَنهُ سَوادُ اللَيلِ يَنطَلِقُ
هاجَت بِهِ ذُبَّلٌ مُسحٌ جَواعِرُها / كَأَنَّما هُنَّ مِن نَبعِيَّةٍ شِقَقُ
فَظَلَّ يَهوي إِلى أَمرٍ يُساقُ لَهُ / وَأَتبَعَتهُ كِلابُ الحَيِّ تَستَبِقُ
يُفَرِّجُ المَوتَ عَنهُ قَد تَحَضَّرَهُ / وَكِدنَ يَلحَقنَهُ أَو قَد دَنا اللَحَقُ
لَمّا لَحِقنَ بِهِ أَنحى بِمِغوَلِهِ / يَملَأ فَرائِصَها مِن طَعنِهِ العَلَقُ
فَكَرَّ ذو حَربَةٍ يَحمي حَقيقَتَهُ / إِذا نَحا لِكُلاها الرَوقَ يَمتَرِقُ
فَهُنَّ مِن بَينِ مَتروكٍ بِهِ رَمَقٌ / صَرعى وَآخَرَ لَم يُترَك بِهِ رَمَقُ
يَومَ لَقَيناكَ تَرمينا السَمومُ وَقَد / كادَ المُلاءُ مِنَ الكَتّانِ يَحتَرِقُ
عَلى مَسانيفَ يَجري ماءُ أَعيُنِها / إِذا تَلَغَّبَهُنَّ السَربَخُ القَرِقُ
في غَمرَةٍ مِن سَحابِ الآلِ يَرفَعُهُم / يَطفونَ فيها قَليلاً ثُمَّ تَنخَرِقُ
عَن ذُبَّلِ اللَحمِ تَهديهِنَّ مُعجَلَةٌ / إِذا تَفَصَّدَ مِن أَقرابِها العَرَقُ
كَأَنَّ أَنساعَها مِن طولِ ما ضَمَرَت / وُشحٌ تَقَعقَعَ فيها رَفرَفٌ قَلِقُ
تَعلو الفَلاةَ إِذا خَبَّ السَرابُ بِها / كَما تَخُبُّ ذِئابُ القَفرَةِ الوُرُقُ
إِلى اِمرِئٍ لا تَخَطّاهُ الرِفاقُ وَلا / جَدبِ الخُوانِ إِذا ما اِستُبطِئَ المَرَقُ
صُلبِ الحَيازيمِ لا هَذرِ الكَلامِ إِذا / هَزَّ القَناةَ وَلا مُستَعجِلٌ رَهِقُ
وَأَنتَ يا اِبنَ زِيادٍ عِندَنا حَسَنٌ / مِنكَ البَلاءُ وَأَنتَ الناصِحُ الشَفِقُ
وَالمُستَقِلُّ بِأَمرٍ لا يَقومُ لَهُ / غُسٌّ مِنَ القَومِ رِعديدٌ وَلا فَرِقُ
وَأَنتَ خَيرُ اِبنِ أُختٍ يُستَطافُ بِهِ / إِذا تَزَعزَعَ فَوقَ الفَيلَقِ الخِرَقُ
مُوَطَّأُ البَيتِ مَحمودٌ شَمائِلُهُ / عِندَ الحَمالَةِ لا كَزٌّ وَلا وَعِقُ