من كان لا يعشق الأجياد والحدقا
من كان لا يعشق الأجياد والحدقا / ثم ادعى لذة الدنيا فما صدقا
في العشق معنى لطيف ليس يعرفه / من البرية إلا كل من عشقا
لا خفف الله عن قلبي صبابته / في الغانيات ولا عن طرفي الأرقا
يا حبذا غرر من فوقها طرر / تجلو على ناظري الصبح والغسقا
إذا سرقت إليهن الخطا سحبت / أذيالهن على آثاري السرقا
من كل شمس إذا قابلتها التثمت / كأنما أشفقت أن ألثم الشفقا
وكل فاترة الألحاظ فاتنة / إذا رمقن محباً فارق الرمقا
بين الحدوج التي سارت محجبة / لولا فراقي لها لم أعرف الفرقا
يا هذه ولك الأمر المطاع صلي / ولا تسدي طريق الطيف إن طرقا
ما أطيب الريح تهديها وقد عبقت / منها بعرف يفوق العنبر العبقا
رفقاً على خاطر لولا حلولك في / أرجائه لم يخف وجداً ولا حرقا
لو كنت أملك روحي وارتضيت بها / بذلتها لك لازوراً ولا ملقا
وإنما الصالح الهادي تملكها / بفيض جود رعى آمالها وسقى
واقتادها الحظ حتى جاورت ملكاً / تمسي ملوك الليالي عنده سوقا
سامي المحل يبيت النجم يرمقه / ويستعير سناه كلما رمقا
تغدو المقادير أعواناً لقدرته / في الخلق إن فتق الأحكام أو رتقا
قد علمتنا سطاه أن عزمته / مخلوقة وحديد الهند ما خلقا
موسع الحلم لم تخفق أسنته / إلا على صدر خصم أضمر الحنقا
لا يهجر الرأس جسماً كان يحمله / إلا إذا عانقت أسيافه عنقا
إذا انتضين فكم روح تروح هبا / عند اللقاء وكم جسم تراه لقى
كأن هام الأعادي وهي تفلقها / ليل صبيب على ظلمائه فلقا
مزجي الكتائب إن تكتب أسنتها / كانت صدور أعاديه لها ورقا
جرد يريك سواد الليل عثيرها / ومرهفات تريك الصبح مؤتلقا
خوارق لصدور النقع لو صدمت / صدورها سد ذي القرنين لا نخرقا
ضاقت بهيبتها الآفاق واصطلمت / أهل النفاق فلم تترك لهم نفقا
كأنها من دخان النقع خارجة / موارق النبل ممن خان أو مرقا
تغزو ثغور العدى منها مسومة / تأبى العليق إلى أن تشرب العلقا
لا يشتكي بلد حلت به ظمأ / والركض يمطر من أعطافها عرقا
كم معرك عركت فرسان حومته / ومأزق تركت أبطاله مزقا
ينصها كل مغوار إذا سئمت / إعناقها السير زاد النص والعنقا
يسري إذا ترك النجم السرى فترى / جرد الجياد على آثاره حزقا
يجتاب صافية الأنهار صافنة / تلفى الشوارع منها مشرعاً رنقا
ملساء لولا التغالي قلت مختصراً / إذا النسيم مشى من فوقها زلقا
يا خالعاً ربقة الإملاق عن أملي / وملبسي من أيادي جوده ربقا
ليهنك العام قد دلت بشائره / على بقائك ألفاً بعده نسقا
مضت لملكك أعوام أعدت بها / شمل العلى ونظام الملك متسقا
سبع تليت على السبع الشداد بها / قواعداً للمعالي فاقت الأفقا
فالبس ثياب المعالي غضة جدداً / واخلع على الدهر منها كل ما خلقا
واستقبل العمر لازالت سعادته / موصولة لك في عز وطول بقا
وعشت للناصر المحيي الذي نطقت / أفعاله في علاه قبل من نطقا
المحرز السبق الأوفى ولا عجب / إذ كنت والده أن يحرز السبقا
لو سابقته إلى بأس ومكرمة / أسد الشرى وشآبيب الحيا سبقا
لا يخجل الغيث يوماً أن يقر له / ويرى الليث عاراً منه إن فرقا
بخدمة الصالح الهادي الكفيل / لي اتفاق سعيد قل ما اتفقا
علقت بالعروة الوثقى وعصمتها / لما غدوت بحبل منه معتلقا
أهديت أبكار أفكاري إلى ملك / بار المديح فلما زرته نفقا
أثني عليه وأقوالي مقصرة / والمرء يعطي على مقدار ما رزقا
يا ساقياً بكؤوس الحمد مسمعه / سقيت مصطحباً منها ومغتبقا
يا ناظم التاج والعقد الثمين أجد / فقد وجدت الجبين الطلق والعنقا
متوج من بني رزيك مذ جمعت / كفاه شمل الندى والبأس ما افترقا
ما هبت مجلسه إلا وآنسني / بحسن ملقى كفاني عنده الملقا
ولا استظل رجائي دوح نعمته / إلا وجدت لديه الظل والورقا