دع المنى فحديث النفس مختلق
دع المنى فحديث النفس مختلق / واعزم فأن العلى بالعزم تستبق
ولا يؤرقك الا هم مكرمة / إن المكارم فيها يحمد الأرق
والسيف اصدق مصحوب وثقت به / ان لم تجد صاحباً في وذه تثق
وامنع العزما ارست قواعده / سمر الألسنة والمسنونة الذلق
وانما ثمر العلياء في شجر / لها الرماح غصون والضبا ورق
وليس يجمع شمل الفخر جامعه / الا بحيث ترى الأرواح تفترق
وللردى شرك بثت حبائله / على الأنام وكل فيه معتلق
فما يجير الردى من صرف حادثه / كهف ولا سلم ينجي ولا نفق
إذا دجى ليل خطب أو نبا زمن / فاستشعر الصبر حتى ينجلي الغسق
فكل شدة خطب بعدها فرج / وكل ظلمة ليل بعدها فلق
فلا يغرنك عيش طاب مورده / فرب عذب اتى من دونه الشرق
دنياً رغائبها في أهلها دول / وما استجدت لهم من نعمة خلق
وليس في عيشها روح ولا دعة / وان بدالك منها المنظر الأنق
دنياً لأل رسول الله ما اتسقت / اني تؤملها تصفو وتتسق
تلك الرزية جلت ان يغالبها / صبر به الواجد المحزون يعتلق
فكل جفن بماء الدمع منغمر / وكل قلب بنار الحزن محترق
بها أصابت حشا الإسلام نافذة / سهام قوم عن الإسلام قد مرقوا
واستخلصت لسليل الوحي خالصة / من الورى طاب منها الأصل والورق
أصفاهم الله إكراماً بنصرته / فاستيقنوها وفي نهج الهدى استبقوا
من يخلق الله للدنيا فأنهم / لنصرة العترة الهادين قد خلقوا
كأنهم يوم طافوا محدقين بهم / محاجر وهم ما بينهم حدق
رجال صدق قضوا في الله نحبهم / دون الحسين وفيما عاهدوا صدقوا
وقام يومهم بالطف إذ وقفوا / بيوم بدر وان كانوا بها سبقوا
وقى أولئك في بدر نبيهم / وهؤلاء بهم آل النبي وقوا
من كل بدر دجى يجري به مرحاً / إلى الكفاح كميت سابق أفق
ينهل في السلم والهيجاء من يده / وسيفه الواكفان الجود والعلق
تقلدوا مرهفات العزم وادرعوا / سوابغ الصبر لا يلوي بهم فرق
والصبر اثبت في يوم الوغى حلقاً / إذا تطاير من وقع الضبا الحلق
رسوا كانهم هضب بمعترك / ضنك عواصفه بالموت تختفق
ولا بسين ثياب النقع ضافية / كأن نقع المذاكي الوشي والسرق
مستنشقين من الهيجاء مطيب شذا / كان أرض الوغى بالمسك تنفتق
عشق الحسين دعاهم فاغتدى لهم / مر المنية حلواً دون من عشقوا
جاؤا الشهادة في ميقات ربهم / حتى إذا ما تجلى نوره صعقوا
وما سقوا جرعة حتى قضوا ظمأ / نعم بحد المواضي المرهفات سقوا
عارين قد نسجت مور الرياح لهم / ملابساً قد تولى صبغها العلق
حاشا أباءهم ان يؤثروا جزعاً / على المنية ورداً صفوه رنق
مضوا كرام المساعي فائزين بها / مكارماً من شذاها المسك ينتشق
واغبر من بعدهم وجه الثرى وزها / ببشرهم في جنان الخلد مرتفق
هنالك اقتحم الحرب ابن بجدتها / يطوى الصفوف بماضيه ويخترق
يطاعن الخيل شزراً والقنا قصد / ويفلق الهام ضربا والضبا فلق
ظمئان تنهل بيض الهند من دمه / فيستهل لها بشرا ويعتنق
دريئة لسهام القوم مهجته / كأنه غرض يرمي ويرتشق
لو ان بالصخر ما قاساه من عطش / كادت له الصخرة الصماء تنفلق
نفسي الفداء لشاك حر غلته / والماء يلمع منه البادر الغدق
موزع الجسم روح القدس يندبه / شجواً وناظره بالدمع مندفق
والشمس طالعة تبكي وغائبة / دماً به شهد الأشراق والشفق
تجري على صدره عدواً خيولهم / كأن صدر الهدى للخيل مستبق
تبدو له طلعة غراء مشرقة / على السنان وشيب بالدما شرق
فما رأى ناظر من قبل طلعته / بدراً له من أنابيب القنا أفق
وفي السباء بنات الوحي سائرة / بها المطي وادنى سيرها العنق
يستشرف البلد الداني مطالعها / ويحشد البلد النائي فيلتحق
تزيد نار الجوى في قلبها حرقاً / بماء دمع من الآماق يندفق
فلا تجف بحر الوجد عبرتها / ولا تبوخ بفيض الأدمع الحرق
وسيد الخلق يشكو ثقل جامعة / تنوء دامية من حملها العنق
تهفو قلوب العدى من عظم هيبته / لكنهم برواسي حلمه وثقوا
ما غض من بأسه سقم ولا جدة / ان الشجاعه في اسد الشرى خلق