من لم يُقَطِّع من الدنيا علائقها
من لم يُقَطِّع من الدنيا علائقها / متى يهوه عليه أن يفارقها
تبدو ليعشقها من ليس يعرفها / وليتها محضت بالود عاشقها
عجبت من سحرها تبدي تلوَّنها / لعينه وهو يستحلي خلائقها
إن عانقته لترديه توهَّمها / لانت فمال إليها كي يعانقها
طوبى لمن رافق التقوى لسفرته / الى المعاد ولم يبرح مرافقها
صفيةً لم تخن يوماً لصاحبها / عهداً ولا نقضت منه مواثقها
كلاَّ ولا اختلفت يوماً طرائقها / على أخي رَشَدٍ يقفو طرائقها
يا لاهياً سالكاً أوعار معصية / يعدو عليها ولا يخش مزالقها
قد شاق نفسك مُلكٌ لا دوام له / ألا يكوننعيم الخلد شائقها
فالعقل متَّبعٌ والنفس آبقة / عنه فردَّ إليه اليوم آبقها
واجعله للرشد والإيمان قائدها / أما ترى الأجل المحتوم سائقها
فليس ينفك هذا الدهر من حسدٍ / للأمجدين بسهم الحقد راشقها
يرمي فتخطي تلاع الأرض رميته / لكن تصيب من الأقدار شاهقها
بالأمس قد طرقتنان بالخليل له / نوائب انزلت بالمجد طارقها
واليوم وارى باسماعيل شمس هدى / أمست مغاربها تبكي مشارقها
قد جبَّ فيه من العليا غواربها / وجذَّ فيه من التقوى مرافقها
لهفي على مصعب قَرَّت شقاشقه / والأسد كانت له تخفى شقاشقها
ومنطقٍ منه تحت الأرض كلَّ وكم / أكلَّ من خطباء العصر ناطقها
وحسنٍ خلق إذا من طيبه انتشقت / ريح الصبا عبقت بالنشر ناشقها
يا ذائقاً كأس حتفٍ كل ذي نفس / يكون عند حضور الوقت ذائقها
قد كنت لا تسأل المخلوق مسألة / ولا تؤمل إلا الله خالقها
فاذهب إلى دار رضوانٍ على سرر / فيها لك الحور قد صفت نمارقها
واشرب كؤوس رحيق راق مطعمها / ولم تمازج يد الأكدار رائقها
واترك لنا عبرة في الخد إن دفقت / لم يستطع أن يردَّ الصبر دافقها
ما مثل يومك في الأيام يوم شجى / أشاب من لمم العليا مفارقها
قد أوشكت تزهق الأرواح فيه وبال / مولى الحسين أعاد الله زاهقها
مولى إذا وافقت شيئاً إرادته / فليس للدهر بدٌّ أن يوافقها
من حطَّ عن آمليه وزر فاقتهم / نعم وثقَّل بالنعمى عواتقها
فكفه ديمه ينهلُّ وابلها / طوراً وآنوة ترمي صواعقها
قد حلَّ للعلم والإِيمان أخبية / عليه كف التقى مدت صواعقها
حزنا به ثمرات العلم حين غدت / منه شرايعها تسقي حدائقها
فكلما غسقت ظلماء مشكلة / جلا بنور الهدى والعلم غاسقها
يا سالكاً من مجازات التقى سبلاً / بها الخفايا له أبدت حقائقها
إن حلَّ في الدين كسر كنت جابره / أو بالمكارم فتق كنت راتقها
فقت النجوم ولو أيقنت منزلة / فوق التي نلت كنت اليوم فائقها
أنت الجواد الذي لم تبق سابقة / في حلبة المجد إلا كنت سابقها
حتى لحقت من العليا بمرتبة / عدمت حتى من الأوهام لاحقها
أنت العزاء لنا والحرز إن نزلت / بنا الخطوب ولم نأمن بوائقها
إن غاب بدر المعالي عن مشارقها / فإن أولاده زانوا مشارقها
أو شيم بارقه تحت الصفيح فمن / إخوانه سلَّت العليا بوارقها
أهله في سماء المجد قد طلعت / فلا غدا الدهر بعد التم ماحقها
ولا تزل سحب الرضوان ساكبة / على ثرى حَلَّها تسقي حدائقها