بان الخليطُ بحبل الوُدّ فانطلقوا
بان الخليطُ بحبل الوُدّ فانطلقوا / وزيّلَ البَين من تهوى ومن تمِقُ
ليتَ المقيم مكانُ الظاعنين وقد / تدنو الظنون وينأى من به تثقُ
وما استحالوا عن الدار التي تركوا / عَنّي كأن فؤادي طائرٌ عَلِقُ
وفي الخدور مهاً لما رأينَ لنا / نحواً سوى نحوهِنّ اغرورق الحَدَقُ
أرينَنا أعيُناً نُجلاً مدامِعُها / دافَعنَ كُلّ دَوى أمسى به رَمَقُ
بموطن يُتَّقَى بعضُ الكلام به / وبَعضُهُ من غِشاشِ البَين مُستَرقُ
ثم استمروا يَشُقّون الشرابَ ضُحىً / كأنهُم نخلُ شَطّى دِجلَة السُّحُقُ
فما رأيتُ كما تَفرى الحُداةُ بهم / ولا كنظرة عَين جَفنُها غَرِقُ
إذا أقولُ لهم قد حَانَ منزِلُهم / وضَرّجَ البُزلَ في أعطافِها العَرقُ
حَثُّوا نجائب تلوى من خَزائمها / جَذبَ الأزمّة في أزرَارها الحلقُ
من كلّ أشحَجَ نهاضٍ تخالُ به / خِبَّا يُخالطُهُ من سَومِهِ عَنَقُ
يعتال نَسعى وضينِ الخِدرِ مَحزمُهُ / مُسانِدٌ شَدَّ منه الدَّايُ والطَّبَقُ
رَحبُ الفُروجِ إذا ما رجلُه لحقت / سيراً بمائرةٍ في عُضدِها دَفَقُ
حتى إذا صَحَرت شمسُ النهار وقد / أفضى الجُميل وزال الحزمُ والنَّسَقُ
تورَّعُوا بعد ما طال الحزينُ بهم / وكادَ ضاحي مُلاءِ القَزِّ يحترق
وفيهمُ صُوَرٌ ما بَدّها أحدٌ / من الملوك وما تجري به السُّوقُ
من كل ميالةٍ خُرسٍ خَلاخِلُها / لأيا تقومُ وبعد اللأى تَنتَطقُ
تسقى البشام ندىً يجرى على بَرَدٍ / ما في مراكزِهِ جَذٌّ ولا وَرَقُ
غرثى الوشاحِ صموتِ الحجل ما انصرفت / إلا تَضوَعَ منها العَنبرُ العَبِقُ
كالشمس يوم سَعودٍ أو مُرشَّحَةٍ / بالأسحَمين وَعاها تَؤمٌ خَرِق
حيّ الديارَ التي كانت مساكِنَنا / قفراً بها لرياحِ الصيف مُحتَرَقُ
وكلُّ مُهتَزِمٍ راح الشَّمالُ به / تكشُّفَ الخيل في أقرابِها بَلَقُ
فاستَقبَلتهُ الصَّبا تَهدى أوائَلهُ / فاستكرَهَ السّهل منه وَابلٌ بَعِقُ
وما تَوهمُ من سُفعٍ بمنزلةٍ / حالفن مُلتَبداً يَعرى وينسحِقُ
تَعيرُهُ الريحُ طوراً ثم ترجعه / كما استُعيرَ رداء اليُمنةِ الخَلَقُ
وقد يكونُ الجميعُ الصالحون بها / حتى إذا اصفرَّ بعدَ الخُضرة الوَرقُ
شقّ العصا بينهم من غير نائرةٍ / مُستجذبٌ لم يغطه خافضٌ أتقُ
كأن فصحَ النصارى كان موعدهم / هذا مقيمٌ وهذا ظاعنٌ قَلِقُ
يا أمّ حَربٍ بَرى جسمي وشيبني / من الخطوب التي تبرى وتعترق
ونام صحبي واحتمّت لعادتها / بالكوفة العَينُ حتى طال ذا الأرِقُ
ارعى الثريَّا تقود التالياتِ معاً / كما تتابَعَ خلف الموكب الرُّفَقُ
معارضاتٍ سهيلاً وهو معترضٌ / كأنّه شاةُ رَملٍ مُفَردٍ لَهِقُ
قلبي ثلاثةُ أثلاثٍ لباديةٍ / وحاضرٍ وأسيرٍ دونهُ غَلِقُ
لكلّهم من فؤادي شُعبةٌ قُسمت / فشقّني الهَمُّ والأحزان والشَفَقُ
إن يجمعِ اللَه شعباً بعد فُرقتهِ / فقد تريعُ إلى مقدارها الفُرَقُ
وإن يَخُنّا زَمانٌ لا نُعاتِبُه / فقد أرانا وما في عظمنا رَقَقُ
يخشى العدوّ ولا يرجو ظلامتنا / إذا تَفَرعَ حكمُ المجلسِ الرَّهَقُ
ونُكرمُ الضيفَ يغشانا بمنزلةٍ / تحت الجليد إذا ما استنشِقَ المَرَقُ
نَبِيتُ نُلحفهُ طوراً ونغبقه / شحمَ القَرى وقَراحَ الماء نَغتَبِقُ
إذ هيّجت قَزَعاً تحدوهُ نافجة / كأنما الغيمُ في صَرّادها الخِرَقُ
وقد علمتُ وإن خف الذي بيدي / أن السماحة منّي والندى خُلُق
ولا يُؤنَّبُ أضيافي إذا نزلوا / ولا يكون خليلي الفاحِشُ النَزِقُ
ولو شَهدتِ مقامي بالحسام على / رأس المسناةِ حيث استبَّتِ الفُرُقُ
إذن لسرّك إقدامي مُحافظةً / بالسيفِ صَلتاً وداجي اللّيل مُطرِقُ
إذ قلتُ للنفسِ عُودي بعد ما جشأت / وما ازدهاني بذاك الموطن الفَرقُ
وما استكنتُ إلى ما كان من ألمٍ / وقد يُهوّنُ ضربَ الأذرُعِ الحَنقُ
حتى انجلى الرَّوعُ في ظلماء داجيةٍ / ما كاد آخرُها للصبحِ ينفَرِقُ