أَصات ناعيك لَكن بِالشَجا شَرقا
أَصات ناعيك لَكن بِالشَجا شَرقا / بِحَيث لَولا لِسان الدَمع ما نَطَقا
أَو ما إِلى الأُفق إِيماء فافهمنا / بِأَن طالع أَهل الأَرض قَد محقا
فَلم يَدَع سامِعاً إِلا وَعبرته / بصدره اِعتَلجَت حَتّى بِها اِختَنَقا
ناع نعاك نعى الدُنيا وَزهرتها / وَالعلم فيهِ غراب البين قَد نَعَقا
نَعى حَياتك وَالدين الحَنيف مَعاً / وَلَو نَعى كُل مَخلوق فَقَد صَدَقا
فَلا رَأَت عَينه إِلا قَذىً وَعَمى / وَلا حَوى فَمَهُ إِلا حَصاً وَنَقا
كَأَنَّما صور إِسرافيل في فَمه / قَد صاحَ فيهِ فكلٌّ قَد هَوى صَعقا
آه عَلَيك فَما في الدَهر مِن حُسن / سِواك حَتّى كَأَن الحُسن ما خُلِقا
لَو كُنت تَفدى لَهانَت فيكَ أَنفُسنا / لَكنَّ فيكَ قَضاء اللَه قَد سَبَقا
لاطوحت فيكَ نوق البين مِن رجل / أَهدى لِعَين المَعالي السُهد وَالأَرَقا
مثل الشِهاب هَوَت كَف الزَمان بِهِ / مِن بَعدما جاوَزَ الجَوا عُلىً وَرُقي
غَض الشَباب إِذا فيكَ النَسيم هَفا / عوذت شَخصك في سَبابَتيَّ رُقا
بَعدت عَنا وَما أَدلجت راحِلة / وَلا اِنطَلَقَت مَع الحَي الَّذي اِنطَلَقا
أَكلما ناظِري بِالنَوم قَد خَفَقا / أَبصرت طَيف خَيال مِنكَ قَد طَرَقا
فَمُذ فَتَحت لَهُ باعي أُعانقه / مَضى وزود قَلبي الهَم وَالقَلَقا
لا طابَ بَعدك تَعليل الرِفاق إِذا / بَعدت يا سَلوة الأَحباب وَالرفقا
كَأَن لحدك إِذ ضمنته صَدف / حَواك يا دُرة الغواص وَاِنطَبَقا
لأَبكينك ما ناحَت مطوقة / لِفَقد أَلف باشراك الرَدى علقا
وَاندبنك في خَنساء قافية / صَخر الضريح إِذا أَنشَدتها اِنفَلَقا
أَي وَالَّذي خَلق الإِنسان مِن عَلَق / حَقٌّ لِإِنسان عَيني لَو جَرى عَلَقا
عَلَيك قَد كُنت أَخشى مِن مفكرة / فَتحت فيها رتاج العلم وَالغَلقا
ما زلت في مُشكلات العلم تُشعلها / فَأَرسَلَت شُعلة لِلقَلب فَاِحتَرَقا
فَفي سَبيل الهُدى قَلب بِهِ ذَهبت / أَيدي العُلوم الَّتي عالجتها فرقا
ما إِن عشقت سِوى بكر العلى أَبَدا / وَقلّ مَن لِلمَعالي الغُر قَد عَشِقا
أَهلوك بالعلم قَد جدوا عَلى نَسق / وَأَنتَ تابعت مِنهُم ذَلِكَ النَسَقا
بجدهم كَشف اللَه الغِطاء وَأَنوا / ر الفَقاهة فيهم ضوؤُها اِئتَلَقا
وَلَو سَلمت لَعادَت غَضة لَكُم / طرية تَستجد النُور وَالوَرقا
وَجه فَقَدناه فيهِ لِلعُلا سِمة / يا لَيتنا لا عَرفناه وَلا خَلقا
يَرى اِنتِصاراً إِذا الموتور صابحه / وَعادم الرزق أَن يُبصر بِهِ رزقا
كَناقة اللَه قَد كانَت مُبارَكة / زادَ المقل وَلِلظامي رَوى وَسَقا
وَصالح ناصح لِلناس يُرشدهم / وَهُم بَقايا ثَمود ضلة وَشَقا
لَو يقتدون جَميعاً في هِدايته / ما ضَيعوا سُبل الإِيمان وَالطرقا
تَورث العلم مِن آبائه فَضفت / عَلَيهِ درع علاً مَحبوكة حَلقا
يَقي الأَنام بِها مِن كُل حادِثَة / وَلَيسَ كَالعلم يَوماً جَنة وَوقا
مَن ذا يساميه في خَلق وَفي خلق / وَاللَه هَذب مِنهُ الخَلق وَالخَلقا
يَزداد بَشراً عَلى ما فيهِ مِن أَلم / كَالمسك يَزداد طيباً كُلما سُحقا
كَأَن أَقلامه اللاتي يُثقفها / عَصى الَّذي شَقَ فيها البَحر فَانفَلَقا
وَذا المِداد الَّذي يَجري اليراع بِهِ / دَم الشَهيد على القُرطاس قَد هرقا
مِن آل جَعفر لا زالَت وُجوههم / مثل المَصابيح تَجلو اللَيل إِن غَسَقا
لَم يَذخروا غَير كنز العلم في وَرق / وَالناس تَدَّخر الأَموال وَالوَرَقا
هم مَرجع العلما في كُل مُشكلة / لَم تَبقَ يَوماً لَها ذهناً وَلا حَذقا
إِن فاه نطق أَبي الهادي لَهُ استمعوا / كَأَن وَحياً بِهِ جبريل قَد نَطَقا
رَعاه رَب السَما من عالم علم / سَما بعلياه حَتّى زاحم الأُفقا
قُل لِلّذي رامَ جَهلاً أَو يُطاوله / يَنصب لَهُ سلماً أَو يَتخذ نَفَقا
لا غرو إِن عادَ مِنهُ مَن يُسابقه / لخجلة تَعتريه يَمسَح العَرقا
بِالبيض وَالصفر تَهمي سُحب انمله / عَلى البَرية لا قطرا وَلا وَدَقا
تَستَشرف الرَكب في مَفاوزها / صدق المخيلة كَالغَيث الَّذي بَرَقا
يَجدون نَحو اَبي الهادي بِقَولهم / يا ناق سَيري إِلى ربع النَدى عُنقا
سَقى الآله ضَريحاً حله حسن / سَحاب عَفو بِهِ يُمسي الثَرى غَدَقا