المجموع : 5
بَدا الهنا وَالمُنى في حسن تَنسيقِ
بَدا الهنا وَالمُنى في حسن تَنسيقِ / وَاللَه عزز آمالي بِتَحقيقِ
وَالنَصر وَالفَتح وَافانا فَعززنا / لَما رَمى اللَه أَعدانا بِتَمزيق
وَالعَصر وَالمَصر ذا زاه وَذي فَرحت / وَاستبشرت بَين تَزيين وَتَأنيق
فَتلك لَيلاتنا بِالنُور مسفرة / تَزهو وَأَيامنا أَيام تَشريق
وَذي القُلوب اطمأنت وَالعُيون غَفت / مِن بَعد طُول جَوى فيها وَتَأريق
وَذي الجَماهير في أُنس مجمعة / لَما اِنمَحى جَمع من عادى بِتَفريق
وَذي دَعائم بَيت الملك قَد رَسخت / عَلى قَرار مَكين الأس مَوثوق
وَالحُكم للدور فيما قلته قِدَماً / وَرُبَّ توسعة مِن بَعد تَضييق
فَكَم لَيال أَجنّتنا غياهبُها / وَالحَزم أَعينه في غمض ترنيق
وَكَم صَباح نَرى حرّ الهجير بِهِ / وَما لَنا من ضياه بَعضُ تَأليق
نُمسي حَيارى وَتمسي الأَرض واجفة / وَنصبح الصبح في رَجف وَتخفيق
يُعالج الحرُّ ذوقَ المرّ يجرعه / عَبّاً وَرشفاً إِلى أَن مَلّ مِن ريق
يَمشي العَزيز ذَليلاً في مَناكبها / وَالهام خافضة في رفعة السوق
أَيام ما يعرف الإِنسان يُنكرُه / من الدنا بين مَكروه وَمَعشوق
حَيث اكفهرّ ظَلامُ الظُلم تتبعه / سُحبُ العَنا بَين تَفتيق وَتَرتيق
حَيث الوُجود تَشهّى أَهلُه عدماً / وودّ لَو كانَ فيهِ غَير مَخلوق
يا بئسها فئةً بالغيّ طاغيةً / بطيئها في ضلالٍ غَير مَسبوق
أَذاقَت الأَرض بُؤساً وَالسَماء أَسىً / وَكدّرت صَفو ذي قَيد وَمَطلوق
وَعممت وَيلَها الأَوطانَ إِذ فجرت / وَخصصت أَهلَها للجور وَالضيق
لَم تُبقِ عَيناً بِلا سهدٍ وَلا تَركت / قَلباً بسهم جَفاها غَير مَرشوق
تجمهرت وَجَرت في غَيها وَبَغَت / وَدمّرت بَين تَغريق وَتَحريق
جارَت بِما اِرتكبت جالَت لما ركبت / تاهَت بِما اِنتَهَبَت أَغرت بِتَلفيق
لَم يَحفظوا حرماً لم يَرحموا أُمماً / لَم يَشكروا نعماً شكران مَرزوق
فَجرّدوا القهر سَيفاً أَيّ منصلتٍ / وَفوّقوا الغَدر سَهماً أَي تَفويق
جابوا البِلاد كَما خانوا العباد وَهم / يَستطلعون طَريقاً غَير مَطروق
فَكُلُّ بابِ ذمارٍ غَيرُ مفتتح / وَكُل بابِ دَمارٍ غَير مَغلوق
كَم حرّموا مِن مباح القَول وَاحتجروا / كَم حللوا من دَم بِالظُلم مَهروق
عَصوك بَعد الأَيادي الغرّ إذ جحدوا / نعماك شيمة كَفّار وَزنديق
مدّوا يَداً طالما أَوسعتها كرَماً / فَردّها اللَه في غلٍّ وَتَوثيق
تاهوا بِأَثواب آلاءٍ فجرّدهم / عَنها الجَزاءُ وَبزّوها بِتخريق
أَرويتَهم من بحار الجُود فابتدروا / طامى الخضمّ فأرداهم بتغريق
وَمَن يَكن يَجحد النَعماء يحرمها / مَهما صفت وَضفت تُلهى بِتشويق
أَلم تَر اليَوم أنَّ اللَه نكّلهم / فَشُهِّروا بَين أَوربّي وَأفريقي
دَهتهمو منك شَعواءٌ مزلزلةٌ / فَدكدكوا بَين مَثبور وَمَمحوق
عَموا عَن النُور حَتّى جاوزوه وَقَد / أَصلاهمُ النار عَدلاً حُكم تَطبيق
كانَت ظلالك تَحميهم وَكُنت بهم / برّاً رَؤوفاً وَكانوا بئس مشفوق
كانَت أَياديك بِالأَلطاف تشملهم / شقوا عصا الدين فارتدّوا بتشقيق
كانَت عَواطفك الحُسنى لَهُم كنفاً / لَكن بَغوا فاغتدوا في خزي تَعويق
سَقاهُم الغيّ أَقداحاً بِها سكروا / فَأَتبعوها براووق وإبريق
لَو أَنَّهُم حَفظوا النَعماء ما جحدوا / وَبايَنوا بَين مَفهوم وَمَنطوق
وَالحَمد لِلّه ردّ اللَه كَيدهمُ / فَأَصبَحوا حطباً في نار تَرهيق
وَعَدت باليمن وَالإِقبال مُنتَصِراً / معززاً بَين تَشريف وَتَشريق
فَعمّنا الأَمن في أَهل وَفي وَطَن / وَجادَنا الغَيث ذا طل وَتَوديق
وَاستبشرت مَصر إِذا وافيتها فَرحا / فَأَعرب القَول عَنها كُل منطيق
فَاستأصل الداء حَتّى لا تُعالجه / وَامحق رَماد دَمار غَير مَمحوق
فَالداء يعضل إِن طالَ الزَمان بِهِ / أَمر تصوّره بُرهان تَصديق
سَلسل رِقاباً كَما طوّقتها نعماً / لَم تَرع وَليَجْزِ تَطويق بِتطويق
وَدم فَأَنتَ جَمال القطر عزته / وَدام ملكك في عز وَتنسيق
إِن العَنايات قَد قالَت مؤرّخة / مَجد الزَمان بِتاج الملك تَوفيق
أَمن مرورِ الصَبا أَم نَوحِ ذي الطَوق
أَمن مرورِ الصَبا أَم نَوحِ ذي الطَوق / تَروي جُفوني وَيوري زندَه شوقي
أَم غصن بَان يحاكي قدَّه انعطفا / فمِلت من طربِ وَالدمعُ لي يَسقي
أَم طلعةُ البدر أذكرني مُشعشعُها / وجهَ الحَبيب فبتُّ مُسلِساً حدْقي
وَطال لَيلي وَنسرُ الجَوّ مطَّرِحٌ / مردّدُ اللحظِ بين الغَرب والشَرق
أُسامرُ الطَيفَ ممن أَبتغي فَإِذا / بسطتُ كَفي نأى فانهلَّ ذو الدفق
فلا عيونٌ عرفن النَومَ بعدهمُ / نلنَ الوصالَ وَلا رافقنَ ذا الرفق
كَأَنني في الهَوى سُحْبٌ يمزقني / فَأَعيُني وابلي أَو زفرتي برقي
يجوب بي كلَّ دوٍّ لا أَمانعُه / لا أَستقرُّ عَلى أَرض وَلا أُفق
من جرّب الناس مثلي لَم يَهِم أَبدا
من جرّب الناس مثلي لَم يَهِم أَبدا / بذي جَمال إِذا لم يَزكُ أَخلاقا
يُغنيك عن لَحظه الفتانِ ريمُ فَلاً / وَالشَمسُ تغنيك عن خدّيهِ إشراقا
وَفي الجنان عن الوَجنات قل عوضٌ / يَروق حُسناً وَيُلهي القَلب ما راقا
وَاللَه وَاللَه إِنّ الناس لَو صدقوا
وَاللَه وَاللَه إِنّ الناس لَو صدقوا / لأسرعوا لعَوادي الدَهر وَاستبقوا
وَلا بَكى فاقدٌ ماض وَلا فرحت / نَفس بما سرّها فالعيش منسرق
يا صاحبيَّ إِذا أَنصفتما ادّكرا / يا لَيت من خلقوا في الناس ما خلقوا
فَالملك وَالمال متروكٌ وَمنتهبٌ / وَالعُمر وَالجمع مفروغ ومفترق
وانما المرء وَالدُنيا تلوّنه / مثلُ الهِلال لَدى الأَبدار ينمحق
ولَيسَ في الدَهر من صفوٍ بِلا كدرٍ / وَلو تَطلّبه الملاك لم يطقوا
تأوَّدَت مثلَ غصنِ البانةِ الورقُ
تأوَّدَت مثلَ غصنِ البانةِ الورقُ / جل الَّذي خلق الإنسانَ من علقِ
غيداءُ ساحرةُ اللحظاتِ عاطرةُ ال / طراتِ زاهيةُ الوجناتِ كالشفقِ