طَيفٌ أَلَمَّ قُبَيلَ الصُبحِ وَاِنصَرَفا
طَيفٌ أَلَمَّ قُبَيلَ الصُبحِ وَاِنصَرَفا / فَكِدتُ أَقضي عَلى فَقدي لَهُ أَسَفا
وافى فَما شَكَّ صَحبِي أَنَّهُ فَلَقٌ / مِنَ الصَباحِ وَجُنحُ اللَيلِ ما اِنتَصَفا
وَزارَني وَالدُجى سُودٌ ذَوائِبُهُ / فَشَتَّتَ اللَيلَ حَتّى رَدَّهُ نَصَفا
أَهلاً بِهِ مِن خَيالٍ هاجَ لي شَجَناً / عَلى النَوى وَأَعادَ الوَجدَ وَالكَلفا
يا طَيفُ قَد كانَ مِن حُبّي لَكُم شَغَفٌ / وَزِدتَني أَنتَ لَمّا زُرتَني شَغَفا
ما كانَ أَحسَنَ دَهري قَبل نَأيِكُمُ / لَو دامَ لي ذَلِكَ الدَهرُ الَّذي سَلَفا
ظُنُّوا جَميلاً فَإِنّي مُذ عَدِمتُكُمُ / ما اعتَضتُ لا عِوَضاً عَنكُم وَلا خَلَفا
إِلّا المُعِزَّ الَّذي لَولا نَدى يَدِهِ / لَم أَلقَ لي عَن صُروفِ الدَهرِ مُنصَرَفا
قَد كُنتُ مِن صَرفِ دَهري غَيرَ مُنتَصِفٍ / وَاليَومَ عُدتُ بِلُطفِ اللَهِ مُنتَصِفا
روحي وَما مَلَكَت كَفِّي فِدى مَلِكٍ / سَمحٍ إِذا وَعَدَ الوَعدَ الجَميلَ وَفا
يُعاوِدُ الرُمحُ يَومَ الرَوعِ في يَدِهِ / دالاً وَكانَ إِذا عايَنتَهُ أَلِفا
وَالخَيلُ تَبني مَحارِيباً حَوافِرُها / وَالبِيضُ تَنشُر مِن هامٍ بِها صُحُفا
زادَت كِلابٌ بِهِ فَخراً وَأَلبَسَها / طُولَ الزَمانِ مُعِزُّ الدَولَةِ الشَرَفا
يا سَيِّدَ العَرَبِ العَرباءِ قاطِبَة / وَمَن بِهِ باتَ عَنّي الضّرُّ مُنكَشِفا
أَسرَفتُمُ في الَّذي جُدتُم عَلَيَّ بِهِ / فَما أَرى سَرَفي في شُكرِكُم سَرَفا
أَغوُصُ في لُجِّ بَحرٍ مِن مَديحِكُمُ / فَما أُصادِفُ إِلّا الدُرَّ لا الصَدَفا
لا زالَ قَدرُكُمُ في المَجدِ مُرتَفِعاً / وَشَملُكُم في ظِلالِ العِزِّ مُؤتَلِفا