منكُمْ إِلَيْكم مَساعِي المجدِ تنصرِفُ
منكُمْ إِلَيْكم مَساعِي المجدِ تنصرِفُ / ونحوَكُمُ عَنْكُمُ الآمالُ تَنْعَطِفُ
ورُبَّ مَكْرُمَةٍ عَيَّ الكِرامُ بِهَا / أَضْحَتْ ذَلُولاً عَلَى أَهوائِكُمْ تَقِفُ
وأَيْنَ بالبحْرِ عن مَثْواهُ مُنْعَرَجٌ / وأَيْنَ بالنَّجْمِ عن مجراهُ مُنْحَرَفُ
مَنْ ذا ينازِعُكُمْ أَعلامَ مَكْرُمَةٍ / والمجدُ مُتَّلِدٌ فيكم ومُطَّرِفُ
أم من يُبارِيكُمُ سبقاً إِلَى كَرَمٍ / والبرقُ عن شأْوِكُمْ بالمجدِ مُعْتَرِفُ
والنصرُ مُنْسِلُكُمْ والحربُ مُرْضِعُكُمْ / وشامِخُ العِزِّ والعَلْيا لكمْ كَنَفُ
والحمدُ والشكرُ مخلوعٌ عِذارُهُما / فيكُمْ وقلبُ العُلا صَبٌّ بكم كَلِفُ
والملكُ ملكُكُمُ غادٍ فمُنْتَظَرٌ / آتٍ فَمُقْتَبَلٌ ماضٍ فَمُؤْتَنَفُ
من ذا يَعُدُّ كقحطانِ الملوكِ أَباً / والتُّبَّعِينَ إِذَا مَا عُدِّدَ الشَّرفُ
أَمْ مَنْ كعمروٍ وعِمْرَانٍ وثَعْلَبةٍ / وحاتِمٍ وأَبي ثورٍ لَهُ سَلَفُ
من كُلِّ أبلَجَ كالجوزاءِ مَفْرِقُهُ / فِي عَقْدِ تاجٍ بِعِزِّ الملكِ يُكْتَنَفُ
إِنْ يَهَبُوا يُجْزِلُوا أَوْ يقطعُوا يَصِلُوا / أَوْ يعقِدُوا عَقْدَ مَحْرُومِ الوفاءِ يَفُوا
إِن سالَموا الأَرْضَ كانوا غيثَ أَمْحُلِها / أَوْ كَلَّفُوها توالي خَيْلِهِمْ عَنُفُوا
وإِنْ رَضُوا أَشرقَ الليلُ البهِيمُ بِهِمْ / ويكشِفُ الموتُ عن ساقٍ إِذَا أَنِفُوا
لم يحمِلُوا عَيْبَ ذي قالٍ يَعِيبُهُمُ / فِي الجودِ والبأْسِ إِلّا أَنَّهُ سَرَفُ
هُمُ الَّذِينَ هُمُ آوَوا وهُمْ نَصَرُوا / لما أَتاهُمْ مِنَ الرحمنِ مَا عَرَفُوا
وثَبَّتُوا وَطْأَةَ الإِسلامِ حِينَ هَوى / والظَّنُّ يُخْلِفُ والأَهواءُ تَخْتَلِفُ
هُمُ الَّذِينَ وُقُوا شُحَّ النفوسِ عَلَى / عِلّاتِ مَا جَشِمُوا بَذْلاً وَمَا كَلِفُوا
الحاكمونَ بحُكْمِ الله إِن حَكَمُوا / والمؤثَرُونَ بسيفِ اللهِ إِنْ زَحَفُوا
والمُوجِبُونَ اهْتِزازَ العرشِ حِينَ ثَوَوا / والمُبْتَنَى لَهُمُ فِي الجنَّةِ الغُرَفُ
هُمُ الأُلى رَضِيَ الرحمنُ بَيْعَتَهُمْ / للموتِ فِي حُرُماتِ الحَجِّ إِذ صُرِفُوا
فإنْ غَدَتْ منهُمُ الأَيامُ مُوحِشَةً / فالحاجِبُ القائِدُ الأَعلى لَهَا خَلَفُ
سهمُ الخلافَةِ إِلّا أَنَّ راحَتَهُ / وإِنْ نأَتْ أَوْ تَدانَتْ للمُنى هَدَفُ
جَارٍ إِلَى أَمَدِ المنصورِ لا حَيَدٌ / فِيهِ عن السَّنَنِ الأَهْدى ولا جَنَفُ
تِلْكَ الحجابَةُ لا مطلوبُها عَوَزٌ / فيما لَدَيْهِ ولا مَوْعُودُها خُلُفُ
عِلقٌ من المجدِ لاقى كُفْوَهُ فَزَهَا / بمأْلَفِ الشَّكْلِ والأَشكالُ تَأْتَلِفُ
وافَتْهُ فِي الرَّوْعِ مملوءاً جوانِحُهُ / صبراً عَلَى الهَوْلِ والأَبطالُ تَنْتَزِفُ
واسأَلْ بِقَبْرَةَ واللائي أَطَفْنَ بِهَا / عن عَزَمَاتٍ لَهُ فِيهِنَّ تُرْتَدَفُ
في فيلَقٍ كعُمومِ الليلِ لا أَمَمٌ / لناظِرٍ أَوَّلٍ منهُ ولا طَرَفُ
كَأَنَّما الشمسُ فِي أَثناءِ هبوتِهِ / سارٍ تَدَرَّعَ جنحَ الليلِ مُعْتَسِفُ
ضاءَتْ كواكِبُهُ والْتَجَّ عِثْيَرُهُ / فالليلُ منهُ ضِياءٌ والضُّحى سُدَفُ
والخيلُ لاحِقَةُ الآطالِ ساهِمَةٌ / فِي مَعْرَكٍ عَدْوُها فِي ضَنْكِهِ رَسَفُ
مُسْتَشْرِفاتٌ إِلَى تَدبيرِ مُتَّئِدٍ / عن رأْيهِ ظُلَمُ الغَمَّاءِ تنكَسِفُ
مُشَيَّعِ العزمِ بالإِقدامِ مُقْتَحِمٍ / لغَمرَةِ الموتِ والهاماتُ تُخْتَطَفُ
لا يَقْرَعُ السِّنَّ فِي ضَنْكِ المَكَرِّ إِذَا / تقارَعَتْ فِيهِ بِيضُ الهِنْدِ والحَجَفُ
وأَبْرَزَ الموتُ عن مُسْوَدِّ أَوْجُهِهِ / فالصبرُ يَبْعُدُ والأَقرانُ تَزْدَلِفُ
ففازَ قِدحُكَ بالفتحِ المُبِينِ ضُحىً / والكُفْرُ مُنْتَهَبُ الأَقطارِ مُنتَسفُ
وأُبْتَ بالمفخَرِ الأَسْنى يُشَيِّدُهُ / حَقٌّ بسيفِكَ للإِسلامِ مُعْتَرِفُ
أَمكَنْتَ من رِقِّهِ الإِسلامَ مُحْتَكِماً / فِيهَا وأَسْلَمَها حَرَّانُ مُلْتَهِفُ
مُخَدَّعٌ بأَمانِي الغَدْرِ مُكْتَئِبٌ / بالخِزْيِ مُشْتَمِلٌ بالذُّلِّ مُلْتَحِفُ
فاتَ السيوفَ بِشِلوٍ حائِنٍ وَمَضى / أَمْضى من السيفِ فِي أَحشائِهِ الأَسَفُ
فالفخر منتظِمٌ والملك منتقمٌ / والحقُّ منتصِرٌ والدينُ مُنْتَصِفُ
فِي شِيعَةٍ بَيَّنَ الخزيُ المحيطُ بهم / عن غِبِّ مَا اجْتَرَحُوا غَدْراً وَمَا اقْتَرَفُوا