إذا أتَيْتَ أُثَيْلاتِ الحِمَى فَقِفِ
إذا أتَيْتَ أُثَيْلاتِ الحِمَى فَقِفِ / وعُجْ يَميناً تُجاهَ الرَّوضةِ الأُنُفِ
فَثَمَّ مَغْنى جمالٍ راقَ رَوْنَقُهُ / عَليهِ مَعنى جَلالٍ واضِحُ الشَّرَفِ
قامَتْ سَماءُ العُلا منهُ عَلى عَمَدٍ / واحتلَّ طَيرُ المُنى مِنْهُ عَلى شَرَفِ
رَوضٌ وَشَتْهُ يدُ الإبْداعِ فانْتظَمَتْ / فيهِ المحاسِنُ من بَدْءٍ إلى طَرَفِ
قَدْ صَنَّفَ الحسْنُ مِنه كلَّ مُتَّفقٍ / وألَّفَ السَّعْدُ منهُ كُلَّ مُخْتَلِفِ
ما شِئْتَ منْ قَمرٍ سَعْدٍ ومنْ كَرمٍ / رَغْدٍ ومِنْ حسَبٍ عِدٍّ ومن تَرَفِ
وفي القِبابِ ظِباءٌ زانَها خَفَرٌ / تستوقفُ الطَّرْفَ بَينَ اللِّينِ والهَيَفِ
ما إنْ يُرامُ بغيرِ الفِكْرِ مَكْنِسُها / إذْ قد غَدَتْ مِن أُسُودِ الغابِ في كَنَفِ
يَغْشاكَ دُونَ سَنا أقمارِ أوْجُهها / أشِعَّةٌ مِنْ شَبا الخَطِّيَّةِ النحُفِ
فَيا لَأَرْآمِ ذاكَ الخِدْرِ مِنْ دُرَرٍ / لو لمْ تكُنْ منْ صِفَاحِ الهِنْدِ في صَدَفِ
ورَوضَةٍ قَدْ وَطِئْنا من رَياحِنِها / فُرشاً وظَلْنا من الإظْلال في لُحُفِ
أرخَتْ عَلَينا سُتوراً من خَمائِلِها / قَدْ طُرِّفت بأفانينٍ منَ الطُّرَفِ
وللغُصونِ اعتِناقٌ تحتَ ذَيل صَبا / نَسيمها كاعِتناق اللّامِ والألِفِ
قَد ساجعَ الطَّيْرَ تَرجيعُ القيان بها / وساجَل القُضبَ رقصُ الأعطُفِ اللطُفِ
وللْمَذانِبِ في أفيائها نُطَفٌ / كأنَّما سُبكتْ مِنْ ذائبِ النُّطَفِ
خَلعتُ فيها وَقاري في رِضا قَمَرٍ / قد جَلَّ في الحُسْنِ عَنْ نَقصٍ وعن كلفِ
أجُرُّ ذيلَ التصابي فيهِ مُحتَسِباً / أجْري بِرَدِّ عَذولٍ فيهِ مُعتسِفِ
عُهودَ أُنسٍ عَساها أن تَعُودَ فَما / أتمَّ حُسناً وأحلى إن ذَكَرْتُ بِفي
لَهْفِي على زمَنٍ في ظِلِّهِ سَلَفتْ / لم يُبقِ غيرَ عَقابيلٍ من الأسِفِ
ما أقدرَ اللهَ أن تُثنى أعِنَّتُها / فَيَشْتفي كَلِفٌ بالشَّوقِ في كُلَفِ
لئنْ مَحَتْها أكفُّ الدَّهر عَنْ بَصَري / فإنَّ مَشْهَدَها في القَلْب غيرُ خَفي