أبَي الزّمان سوى ما يكره الشّرفُ
أبَي الزّمان سوى ما يكره الشّرفُ / والدّهرُ صَبٌّ بإسخاطِ العُلا كَلفُ
لو كان شخصٌ تفوت الحزنَ مهجتُهُ / لكنتَ ذاك ولكنْ ليس تنتصفُ
إذا بَقِيتَ فمن يعدوك مُحتَسبٌ / في الشّمسِ ما أشرقت عن كوكبٍ خَلَفُ
إذا تيقَّنتِ الأرواحُ بِعْثَتَها / إلى الحِمامِ فماذا ينفع الأسفُ
وَكيف تُخطِي سهامُ الموت مُفْلِتَةً / مَنْ نَحرُهُمْ لحنِيّاتِ الرّدى هدفُ
يسعى الفتى وخيولُ الموت تطلبه / وإنْ نوى وقفةً فالموتُ ما يقفُ
نَلقى من الدّهر ما يُدمِي محاجرَنا / وما لنا عن هوَى رؤياه مُنْصَرَفُ
أفعالُنا للرَّزايا فيه مُنكِرةٌ / ونطقُنا باِرتحالٍ عنه معترِفُ
إِنْ لم توفِّ لياليه مكارهَها / فقد تقدّم في أرزائها سَلَفُ
كلُّ المواطن من كفّ الرّدى كَثَبٌ / وكلُّ أرضٍ على هول الرّدى شَرَفُ
لا دَرَّ دَرُّ اللّيالِي أخذُها فُرَصٌ / ومنعُها غُصَصٌ بل جودها سَرَفُ
إذا حزنتَ فقلبُ المجد مكتئبٌ / وإنْ قُذِيتَ ففي وجه الضُّحى سَدَفُ
ولو علمتَ ببسطِ الدّهرِ قبضتَهُ / إلى فِنائِك ما طالتْ له كَتِفُ
لكنّه سارقٌ يُخفِي زيارتَه / وليس من سطوةِ السّرّاقِ مُنتَصَفُ
إنْ كل أطلق فيك الدّهرُ منطقَه / فقد دعاك لسانٌ حشوُهُ كَفَفُ
أو كان ألْهَبَ في مَغناك سابقَهُ / فقد ثناه برجلٍ ملؤُها حَنَفُ
يُهدِي العزاءَ إلى المفقودِ مُفتَقِدٌ / مؤزَّرٌ بثيابِ الموتِ مُلتحفُ
ويصرف الهمَّ عن قلبٍ أطاف به / مَن قلبُهُ لنواصي الهمّ مكتنفُ
إنّ الّتي أضرمتْ أحشاءَنا جَزَعاً / تلقاك منها غداً في الجنّةِ الزُّلفُ
ولن يُذكّرك المُسلون موعظةً / وأنت تعلم منها فوق ما وصفوا