بِالجَدِّ لا بِالمَساعي يُبلَغُ الشَرَفُ
بِالجَدِّ لا بِالمَساعي يُبلَغُ الشَرَفُ / تَمشي الجُدودُ بِأَقوامٍ وَإِن وَقَفوا
أَعيا مِنَ الدَهرِ خُلقٌ لا دَوامَ لَهُ / البَذلُ وَالمَنعُ وَالإِنجازُ وَالخُلُفُ
واطٍ بِجَفوَتِهِ أَعقابَ خُلَّتِهِ / يَوماً وَدودٌ وَيَوماً مَلَّةٌ طَرِفُ
راحَت تَعَجَّبُ مِن شَيبٍ أَلَمَّ بِهِ / وَعاذِرٌ شَيبَهُ التَهمامُ وَالأَسَفُ
وَلا تَزالُ هُمومُ النَفسِ طارِقَةً / رُسلُ البَياضِ إِلى الفَودينِ تَختَلِفُ
إِنَّ الثَلاثينَ وَالسَبعَ اِلتَوَينَ بِهِ / عَنِ الصِبا فَهوَ مُزوَرٌّ وَمُنعَطِفُ
فَما لَهُ صَبوَةٌ يُبكى بِها طَلَلٌ / وَلا لَهُ طَربَةٌ يُعلى بِها شَرَفُ
أَينَ الَّذينَ رَمَوا قَلبي بِسَهمِهِمُ / وَلَم يُداوُوا لِيَ القِرفَ الَّذي قَرَفوا
يَشكو فِراقَهُمُ القَلبُ الَّذي جَرَحوا / مِنّي وَتَبكيهِمُ العَينُ الَّتي طَرَفوا
كَم جاءَني الخَوفُ مِمّا كُنتُ آمَنَهُ / وَكَم أَمِنتُ الَّتي قَلبي بِها يَجِفُ
قَد يَأمَنُ المَرءُ سَهماً فيهِ مَوقِعُهُ / وَقَد يَخافُ الَّذي يَنأى وَيَنحَرِفُ
لَمّا رَأَيتُ مَرامي الظَنَّ خاطِئَةً / وَدونَ ما أَرتَجي مِنكُم نَوىً قُذُفُ
صَرَفتُ نَفسِيَ عَنكُم وَهيَ غانِيَةٌ / وَالنَفسُ تُصرَفُ أَحياناً فَتَنصَرِفُ
ما هَزَّ فَرعَكُمُ يَأسٌ وَلا طَمَعٌ / وَلا مَرى دَرَّكُم لينٌ وَلا عَنَفُ
وَلا لَكُم في ثَنايا الجودِ مُطَّلَعٌ / وَلا لَكُم في ظُهورِ المَجدِ مُرتَدَفُ
يَأبى لِيَ العِزُّ وَالغَرّاءُ مِن شِيَمي / إِمساكَ حَبلِ غُرورٍ ما لَهُ طَرَفُ
هَبها ضَبابَةَ لَيلٍ أَنتَ خابِطُها / إِنَّ الظَلامَ وَإِن عَنّاكَ مُنكَشِفُ
تَنَظَّرِ الصُبحَ إِنَّ الصُبحَ مُنتَظَرٌ / وَالفَجرُ يُعرِبُ عَمّا أَعجَمَ السَدَفُ
كَأَنَّني يَومَ أَستَعطي نَوالَكُمُ / دانٍ مِنَ الصَخرَةِ الصَمّاءِ يَغتَرِفُ
وَيَومَ أَدعوكُمُ لِلخَطبِ أَحذَرُهُ / داعٍ يُبَلِّغُ مَن قَد ضَمَّهُ الجَدَفُ
ما كُنتُمُ مِن سُيوفي إِذ هَزَزتُكُمُ / هَزَّ النَوابي إِذا أَمضَيتَها تَقِفُ
يا راعِيَ الذَودِ لا أَصبَحتَ في نَفَرٍ / تَروى البِكارُ وَتَظما الجِلَّةُ الشُرُفُ
ما أَعجَبَ القِسمَةَ العَوجاءَ يَقسِمُها / الدارُ واحِدَةٌ وَالوِردُ مُختَلِفُ
لَئِن حُرِمتُ مِنَ العَلياءِ ما رُزِقوا / لَقَد جَهِلتُ مِنَ الفَحشاءِ ما عَرَفوا
لَأُرحِلَنَّ المَطايا ثُمَّ أُبرِكُها / حَيثُ اِطمَأَنَّ النَدى وَاِستَوطَنَ الشَرَفُ
كَأَنَّما في رِجالِ الرَكبِ خاطِرَةٌ / تَعانَقَ الدَوُّ وَالنَأجِيَّةُ العُصُفُ
بِدارِ أَغلَبَ ما في وَعدِهِ خُلُفٌ / لِلراغِبينَ وَلا في حُكمِهِ جَنَفُ
حَيثُ الحُقوقُ قِيامٌ في مَقاطِعِها / وَكُلُّ مَن حاكَمَ الأَيّامَ مُنتَصِفُ
راضَ الأُمورَ عَلى أولى شَبيبَتِهِ / فَالرَأيُ مُحتَنِكٌ وَالعُمرُ مُؤتَنِفُ
يُحيي المَكارِمَ أَبناءٌ لَهٌ وَرَدوا / كَما بَنى المَجدَ أَباءٌ لَهُ سَلَفوا
يا اِبنَ الأولى نَزَلوا العَلياءَ خالِيَةً / مَنازِلَ الدُرِّ يُرمى دونَهُ الصَدَفُ
المُقدِمينَ فَلا ميلٌ وَلا عُزُلٌ / وَالحامِلونَ فَلا جَورٌ وَلا ضَعَفُ
لي فيهِمُ خَلَفٌ مِن كُلِّ مُفتَقَدٍ / وَرُبَّما جازَ قَدرَ الذاهِبِ الخَلَفُ
في كُلِّ يَومٍ عَدُوٌّ أَنتَ قائِدُهُ / قَودَ الجَنيبِ لِما عَسَّفتَ مُعتَسِفُ
في السَلمِ دافِقَةٌ شُؤبوبُها خَضِلٌ / وَالرَوعِ بارِقَةٌ ذو رَعدِها قَصَفُ
فَمِن شِعابِ نَدىً أَمواهُهُ دُفَعٌ / وَمِن طِعانِ قَناً آبارُهُ خُسُفُ
تَغدو كَأَنَّكَ وَالهاماتِ طائِرَةٌ / جانٍ مِنَ الحَنظَلِ العامِيِّ يَنتَقِفُ
كَأَنَّ سَيفَكَ ضَيفُ الشَيبِ لَيسَ لَهُ / عَنِ الرُؤوسِ إِذا ما جاءَ مُنصَرَفُ
فَاِستَأنِفوا العِزَّ مُخضَرّاً زَمانُكُمُ / كَأَنَّما الدَهرُ فيكُم رَوضَةٌ أُنُفُ
وَاِبقَوا بَقاءَ الدَراري في مَطالِعِها / إِلّا البُدورَ فَإِنَّ البَدرَ يَنكَسِفُ
تَسعى البِكارُ مُعَنّاةً وَقَد مَلَكَت / أولى الجُمامِ عَلَيها الجِلَّةُ الشُرُفُ
إِذا رَأَينا قِوامَ الدينِ راكِبَها / فَلَيسَ في ظَهرِها لِلقَومِ مُرتَدَفُ
فَقُل لِمُعتَسِفٍ يَرجو لَحاقَهُمُ / لَبِّث فَقَد بَلَغوا العَليا وَما اِعتَسَفوا
لَوَ اِنَّ عَينَ أَبيكَ اليَومَ ناظِرَةٌ / تَعَجَّبَ الأَصلُ مِمّا أَثمَرَ الطَرَفُ
وَنى عَنِ السَعيِ فَاِستَرعى مَساعِيَهُ / مُدَرَّباً بِطَريقِ المَجدِ لا يَقِفُ
قَد يَسبُقُ الخَيلَ تاليها وَإِن كَثُرَت / مِنها الفَوارِطُ يَومَ الجَريِ وَالسَلَفُ