المجموع : 3
لَم يَبقَ فيكَ لِمُشتاقٍ إِذا وَقَفا
لَم يَبقَ فيكَ لِمُشتاقٍ إِذا وَقَفا / إِلّا اِدِّكارُ رُسومٍ تَبعَثُ الأَسَفا
وَنَظرَةٌ رُبَّما أَرسَلتُ رائِدَها / وَالطَرفُ يُنكِرُ مِن مَعناكَ ما عَرَفا
يا مَنزِلا بِاللِوى أَقوى مَعالِمُهُ / لَم يَعفُ وَجدي عَلى سُكّانِهِ وَعَفا
لَولاكَ ما هاجَني نَوحُ الحَمامِ وَلا / هَفا بِيَ البَرقُ عُلوِيّاً إِذا خَطَفا
أَعائِدٌ وَأَحاديثُ المُنى خُدَعٌ / عَلى الغَضا زَمَنٌ مِن عَيشِنا سَلَفا
هَيهاتَ أَن تَخلِفَ الأَيّامُ مِن عُمُري / شَبيبَةً فيكُمُ أَنفَقتُها سَرَفا
وَباخِلٍ سَمُحَ الطَيفُ الكَذوبُ بِهِ / وَاللَيلُ قَد مَدَّ مِن ظَلمائِهِ سُجَفا
أَسرى إِلَيَّ عَلى ما فيهِ مِن فَرَقٍ / تَحتَ الدُجى يَركَبُ الأَهوالَ مُعتَسِفا
فَبِتُّ مِن قَدِّهِ لِلغُصنِ مُعتَنِقاً / طَوراً وَمِن خَدِّهِ لِلخَمرِ مُرتَشِفا
فَيا لَهُ مِن بَخيلِ كَيفَ جادَ لَنا / عَفواً وَمِن غادِرٍ بِالعَهدِ كَيفَ وَفا
وَفاتِرِ الطَرفِ مَمشوقِ القَوامِ لَهُ / قَد يُعَلِّمُ خوطَ البانَةِ الهَيَفا
إِن قُلتُ جُرتَ عَلى ضَعفي يَقولُ مَتى / كانَ المُحِبُّ مِنَ المَحبوبِ مُنتَصِفا
أَو قُلتُ أَتلَفتَ روحي قالَ لا عَجَبٌ / مِن ذاقَ طَعمَ الهَوى يَوماً وَما تَلِفا
إِن أَنكَرَت مِن دَمي عَيناهُ ما سَفَكَت / فَقَد أَقَرَّبِهِ خَدّاهُ وَاِعتَرَفا
ما قُلتُمُ الغُصنُ مَيّالٌ وَمُنعَطِفٌ / فَكَيفَ مالَ عَلى ضَعفي وَما عَطَفا
يا صاحِ قُم فَوُجوهُ اللَهوِ سافِرَةٌ / وَناظِرُ الهَمِّ بِالأَفراحِ قَد طُرِفا
كَسا الرَبيعُ ثَراها مِن خَمائِلِهِ / ريطاً وَأَلقى عَلى كُثبانِها قُطُفا
وَالغَيمُ باكٍ وَثَغرُ النورِ مُبتَسِمٌ / وَطائِرُ البانِ في الأَغصانِ قَد هَتَفا
وَالثَغرُ رَيّانُ لَدنُ العِطفِ قَد عَقَدَت / لَآلِئُ الطَلِّ مِن أَوراقِهِ شَنَفا
فَاِنهَض إِلى الراحِ وَاِعذُر في الغَرامِ بِها / لا تُلحِ مَن باتَ مَشغوفاً بِها كَلِفا
وَاحبُ النَديمَ بِها حَمراءَ صافِيَةً / صِرفاً إِذا ثَبَتَت في صَدرِهِ رَجفا
راحاً كَأَنَّ عِمادِ الدينِ شابَ بِها / في الكَأسِ ما رَقَّ مِن أَخلاقِهِ وَصَفا
في جَنَّةٍ جادَها وَسَمِيُّ راحَتِهِ / وَاِمتَدَّ فيها عَلَينا ظِلُّهُ وَضَفا
حَيثُ التَقَينا رَأَينا مِن صَنائِعِهِ / وَمِن سَجاياهُ فيها رَوضَةً أُنُفا
أَعدَت شَمائِلُهُ مَرَّ النَسيمِ بِها / وَكُلَّما هَبَّ في أَرجائِهِ لَطُفا
عَلى شَفا جَدوَلٍ في أَبرَدَيهِ إِذا اِع / تَلَّ النَسيمُ لَأَدواءِ الهُمومِ شَفا
يُزهى بِمُلكٍ إِذا سُحبُ الحَيا بَخِلَت / أَرخى لَها سُحُباً مِن جودِهِ وَضَفا
جَذلانُ يُصبِحُ شَملُ المالِ مُنصَدِعاً / في راحَتَيهِ وَشَملُ الحَمدِ مُؤتَلِفا
يا مَن يَلومُ عَلِياً في مَواهِبِهِ / هَيهاتَ حاوَلتَ مِنهُ غَيرَ ما أَلفِا
فَهَل يُلامُ عُبابُ البَحرِ إِن زَخَرَت / أَمواجُهُ وَمَهَبُّ الريحِ إِن عَصَفا
أَقسَمتُ لَو كانَ يَدري ما الحَياءُ حَياً / أَرضاً بِها نَزَلَت جَدواهُ ما وَكَفا
عانٍ عَلى الشَرَفِ المَوروثِ تالِدُهُ / بِما اِستَجَدَّ مِنَ العَلياءِ أَو طَرُفا
ما زادَهُ قَومُهُ فَخراً وَإِن بَلَغوا / في المَجدِ شَأواً عَلى مَن رامَهُ قَذَفا
فَالأَنجُمُ الزُهرُ وَالشُبُّ اّلثَواقِبُ لَو / كانَت عَشائِرَهُ زادَت بِهِ شَرَفا
وَالغَيثُ لَو جاوَرَت كَفّاهُ ديمَتَهُ الوَ / طفاءَ أَضحى لَها بِالجودِ مُعتَرِفا
ماضي الغِرارِ إِذا البيضُ الحِدادُ نَبَت / ثَبتُ الجَنانِ إِذا قَلبُ الحَليمِ هَفا
يَستَلُّ مِن عَزمِهِ في الرَوعِ ذا شُطَبٍ / عَضباً وَيَلبَسُ مِن آرائِهِ زَعفا
كَأَنَّ غُرَّتَهُ وَالخَطبُ مُعتَكِرٌ / بِشائِرُ الصُبحِ جَلّا نورُها السُدفا
تَلقى الغِنى عِندَهُ إِن جِئتَ مُجتَدِياً / وَالعَفوَ إِن جِئتَهُ لِلذَنبِ مُعتَرِفا
ما لِلزَمانِ وَلي حَتّامَ تَجمَعُ لي / أَيّامُهُ مَع سَواءِ اللَيلَةِ الخُسُفا
يَسومُ ذُؤبانَهُ مَدحي وَيَطمَعُ في / أَنّي أُنازِعُها أَشلاءَها الجيفا
هَيهاتَ تَرهَبُ نَفسي عَن مَطامِعِها / وَصُنتُ فَضلِيَ عَن إِدناسِها صَلَفا
لِلَّهِ دَرُّ أَبِيِّ النَفسِ مُمتَعِضٍ / لِفَضلِهِ أَن يُلاقي الحَيفَ وَالجَنَفا
يَأبى فَضارَةَ عَيشٍ جَرَّ مَلبَسُها / ذُلّاً وَيَختارُ عِزَّ النَفسِ وَالقَشَفا
قالوا اِنتَزِح وَتَغَرَّب تَكتَسِب شَرَفاً / فَالدُرُّ ما عَزَّ حَتّى فارَقَ الصَدَفا
أَأَترُكُ البَحرَ دوني سائِغاً غَدَقاً / وَأَجتَدي وَشَلاً بِالجَوِّ مُنتَزِفا
أَبَت عَطايا عَلِيٍّ أَن أَمُدَّ إِلى / يَدي يَداً كَفَّني مَعروفُهُ وَكَفا
كَم رَدَّ عَنّي سِهامَ الدَهرِ طائِشَةً / وَلَم أَزَل لِمَرامي صَرفِهِ هَدَفا
وَكَم دَعَوتُ أَبا نَصرٍ لِحادِثَةٍ / جَلَّت فَما خارَ عَن نَصري وَلا صَدَفا
أَحَلَّني مِن جَميلِ الرَأيِ مَنزِلَةً / غَدَوتُ مِنها لِظَهرِ النَجمِ مُرتَدِفا
تَبدو لَهُ عَورَةٌ مِنّي فَيَستُرُها / وَإِن دَعَوتُ بِهِ في غَمَّةٍ كَشَفا
يا مَن إِذا قالَ أَعيى القائِلونَ لَهُ / وَمَن إِذا جادَ أَعطى الجِلَّةَ الشَرَفا
فَداكَ كُلُّ قَصيرِ الباعِ مُنسَلِخٍ / مِنَ المَكارِمِ مَهجُوٍّ إِذا وَصِفا
لا تَعرِفُ العُرفَ كَفّاهُ وَلا هُوَ إِن / حاوَلتَ تَعريفَهُ في مَحفَلٍ عُرِفا
فَاِسمَع دُعاءَ وَلِيٍّ باتَ مُبتَهِلاً / فيهِ وَظَلَّ عَلى الإِخلاصِ مُعتَكِفا
مَدحاً مَلَأتُ بِهِ قَلبَ الحَسودِ جَوىً / كَما مَلَأتُ بُطونَ الكُتبِ وَالصُحُفا
سَرى فَما عَرَّسَ الرُكبانُ في طَرَفٍ / إِلّا رَأوا فيهِ مِن مَدحي لَكُم طَرَفا
فَاِفنِ اللَيالِيَ وَالأَيّامَ ساحِبَ أَذ / يالِ السَعادَةِ ما كَرّا وَما اِختَلَفا
يا مَن إِذا ضَنَّتِ الأَيّامُ جائِرَةً
يا مَن إِذا ضَنَّتِ الأَيّامُ جائِرَةً / عَمَّ البَرِيَّةَ إِسعافاً وَإِنصافا
وَمَن أَمِنتُ بِهِ دَهري وَحادِثَهُ / وَلَستُ أَخشاهُ إِن داجى وَإِن صافا
تُعطي الأُلوفَ إِذا الجَعدُ اليَدينِ غَدا / يُعطي الدَراهِمَ أَثلاثاً وَأَنصافا
لا زِلتَ تُبلي جَديدَ الدَهرِ مُغتَبِطاً / صَوماً وَفِطراً وَأَعياداً وَأَنصافا
لا بارَكَ اللَهُ في قَومٍ صَحِبتُهُمُ
لا بارَكَ اللَهُ في قَومٍ صَحِبتُهُمُ / فَما رَعَوا حُرمَتي يَوماً وَلا عَرَفوا
وَلا وَصَفتُ قَبيحاً مِن فِعالِهِمُ / إِلّا وَعِندَهُمُ بي فَوقَ ما أَصِفُ
لَأَصبُرَنَّ عَلى إِدمانِ ظُلمِهِمُ / عَسى اللَيالي تُواتيني فَأَنتَصِفُ