المجموع : 4
أما وُحبِيّكِ هذا مُنْتَهى حَلَفي
أما وُحبِيّكِ هذا مُنْتَهى حَلَفي / ليَظْهَرَنَّ الذي أُخْفيهِ منْ شَغَفي
فبَيْنَ جَنْبَيَّ سِرٌّ لا يَبوحُ بهِ / سوى دُموعٍ متى ما تُذْكَري تَكِفِ
أسْتَكْتِمُ القَلْبَ أسْراراً تَنُمُّ بِها / إِلى الوُشاةِ شُؤونُ الأدْمُعِ الذُّرُفِ
وعاذِلٍ مَجَّ سَمْعي ما يَفوهُ بهِ / وقد جعَلْتُ أحاديثَ النّوى شَنَفي
وفي الجوانِحِ حُبٌّ لا يُغيّرُهُ / صَدُّ المُلوكِ وبُعْدُ النّيَّةِ القَذَفِ
وما الحَبيبُ وما أعْني سِواكِ بهِ / ممّنْ يَقِلُّ عليهِ في النّوى أسَفي
ولا أخافُ الرّدى إنْ كُنتِ راضيَةً / بهِ فكَمْ كَلَفٍ أفْضى إِلى تَلَفِ
وإنْ أبَيْتُ فما بالرِّفْقِ يمْلِكُني / مَنْ لا يُلائِمُ أخْلاقي ولا العُنُفِ
ولا الهوى يعطِفُ الإكراهُ شارِدَهُ / ليسَ الفؤادُ إذا ولّى بمُنعَطِفِ
ووَقْفَةٍ لمْ أقُلْ فيها على وَجَلٍ / للدّمْعِ منْ حَذَري عينَ الرّقيبِ قِفِ
بمنزِلٍ يَسْتَعيرُ الظَّبْيُ منْ غَيَدٍ / في حافَتَيْهِ وغُصْنُ البانِ منْ هَيَفِ
والعامريّةُ تَسْقي الوَرْدَ مُجْهِشَةً / بنَرْجِسٍ من سِجالِ الدّمْعِ مُغْتَرِفِ
تَقولُ حتّامَ لا تَلْوي على وَطَنٍ / وكمْ تُعذِّبُ جِسْماً باديَ التَّرَفِ
وكم تَشيمُ بُروقاً غيرَ صادِقةٍ / والآلُ ليسَ بما يُرْوي صَداكَ يَفي
وأنتَ منْ مَعْشَرٍ لولا تأخُّرُهُمْ / جاءَتْ بذكْرِهِمُ الأولى منَ الصّحُفِ
شُمُّ العَرانينِ لا تَدْمى أنوفُهُمُ / عندَ اللّقاءِ ولا تَعْرى منَ الأنَفِ
ولا تَخُبُّ هَوادي الخَيْلِ إنْ رَكِبوا / إِلى الوَغى بمعازيلٍ ولا كُشُفِ
فاسْتَبْقِ نَفْسَكَ لا يُودِ السِّفارُ بِها / فهْيَ الحُشاشَةُ منْ مَجْدٍ ومنْ شَرَفِ
وعِرْضُ مِثلِكَ لا تَغْتالُهُ نُوَبٌ / تَفْتَرُّ عيشَتُهُ فيها عنِ الشّظَفِ
وليسَ يرضى وفي أحشائِهِ غُلَلٌ / رِيّاً بِما يَصِمُ الظّمْآنَ منْ نُطَفِ
يا أُخْتَ سَعْدٍ وسَعْدٌ خَيْرُ مَنْ جَذَبَتْ / إِلى العُلا ضَبْعَهُ الأشياخُ منْ حَذَفِ
كُفّي وغاكِ فَما عودي بمُهْتَصَرٍ / وإنْ أرابَكِ ما تَلقَيْنَ منْ عَجَفي
لا عَيْبَ بالسّيفِ إنْ رَقّتْ مضارِبُهُ / منَ النّحولِ ولا بالرُّمْحِ منْ قَضَفِ
وإنْ تغرَّبْتُ لمْ أفْزَعْ إِلى وَكَلٍ / ولمْ يكُنْ منْ صَرَى الأمْواءِ مُرْتَشَفي
وقد فَلَيْتُ الوَرى حتى قَلَيْتُهُمُ / إلا بَقايا كِرامٍ منْ بَني خَلَفِ
جادَ الزّمانُ بهِمْ والبُخْلُ شيمَتُهُ / فالفَضْلُ في خَلَفٍ منهُمْ وفي سَلَفِ
وهُمْ وإنْ حُسِبوا في أهْلِهِ ولَهُمْ / عُلاً رَعَوْا تالِداً منها بمُطَّرَفِ
كالماءِ والنارِ موجودَيْنِ في حَجَرٍ / والبَدْرِ في سُدَفٍ والدُّرِّ في صَدَفِ
فآلُ صَفوانَ إنْ تُذْكَرْ مَناقِبُهُمْ / يَلْوِ الحَسودُ إليها جِيدَ مُعْتَرِفِ
وقد أظَلَّ أبا أرْوى ذُرا نَسَبٍ / بسُؤْدَدٍ كَجَبينِ الصُّبْحِ مُلتَحِفِ
ذو همّةٍ لنْ تَنالَ الشُّهْبُ غايَتَها / عَلَتْ وما احْتَفَلَتْ مِنها بمُرْتَدِفِ
جَمُّ التّواضُعِ والأقْدارُ تَخدُمُهُ / ولا يُصعِّرُ خدّيْهِ منَ الصّلَفِ
كالبَحْرِ لوْ أَمِنَ التّيّارَ راكِبُهُ / والبَدْرِ لوْ لمْ يَشِنْهُ عارِضُ الكَلَفِ
طَلْقٌ مُحيّاهُ للعافي وراحَتُهُ / في الجودِ تُزْري على الهطّالَةِ الوُطُفِ
رقّتْ وراقَتْ سَجاياهُ فنَفْحَتُها / تَشي إليكَ بِرَيّا الرّوضَةِ الأُنُفِ
ويَنْتَضي الحِلْمُ منهُ عَفْوَ مُقْتَدِرٍ / عنْ كلِّ مُعْتَرِفٍ بالذّنْبِ مُقْتَرِفِ
بَثَّ المَواهِبَ حتى ضمَّ نائِلُهُ / منَ المَحامِدِ شَمْلاً غيرَ مُؤْتَلِفِ
ولم يَذَرْ في الندى إسْرافُهُ كَرَماً / وإنّما شَرَفُ الأجْوادِ في السّرَفِ
لبّيْكَ يا جُمَحيَّ المَكْرُماتِ فقدْ / نادَيْتَ شِعْري وعِزُّ الياسِ مُكْتَنِفي
فازْوَرَّ عنْ كُلِّ نِكْسٍ لا يُهابُ بهِ / إِلى الثّناءِ عنِ العَلْياءِ مُنْحَرِفِ
إذا تجاذَبْتُما أهْدابَ مَكْرُمَةٍ / حَلَلْتَ في الصّدْرِ منها وهْوَ في الطّرَفِ
لَئِنْ جَحَدْتُكَ نُعْمى مدَّ رَيّقُها / إِلى النّوائِبِ مني باعَ مُنْتَصِفِ
فلا تلَقّيْتُ خِلّي حينَ تُزْعِجُهُ / فَظاظَةُ الدّهْرِ بالمَعْروفِ منْ لَطَفي
وَخُطَّةٍ مِنْ بُيوتِ الحَيِّ زُرْتُ بِها
وَخُطَّةٍ مِنْ بُيوتِ الحَيِّ زُرْتُ بِها / بِيضاً يَهُزُّ الصِّبا مِنْهُنَّ أَعْطافَا
هِيفاً تَخِفُّ إِذا حَاوَلْنَ مُنْتَهَضاً / خُصُورُهُنَّ وَيَسْتَثْقِلْنَ أَرْدافا
وَهُنَّ يَبْسِمْنَ عَنْ غُرٍّ كَشَفْنَ بِها / عَنِ اللَّآلِئِ لِلرَّائِينَ أَصْدافا
وَيَرْتَمينَ بِنَبْلٍ يَتِّخِذْنَ لَها ال / قُلوبَ عِنْدَ اسْتِراقِ اللَّحْظِ أَهْدافا
وَالشَّيْبُ خَيَّطَ في فَوْدي كَما نَشَرَتْ / يَدُ الصَّبا لِرياضِ الحَزْنِ أَفْوافا
فَلَمْ يَرُعْني سِوى أَيْدٍ أَنامِلُها / مَخْضُوبَةٌ مِنْ دَمِ العُشّاقِ أَطْرافا
بَسَطْنها لِوَداعِي حينَ فارَقَني / لَيْلُ الشَّبابِ وَصُبْحُ الشَّيبِ قَدْ وافَى
لَمْ يَعْرِفِ الدَّهْرُ قَدْرِي حينَ ضَيَّعَنِي
لَمْ يَعْرِفِ الدَّهْرُ قَدْرِي حينَ ضَيَّعَنِي / وَكيفَ يَعْرِفُ قَدْرَ اللَّؤْلُؤِ الصَّدَفُ
بَكى عَلى حُجَّةِ الإِسلامِ حينَ ثَوى
بَكى عَلى حُجَّةِ الإِسلامِ حينَ ثَوى / مِن كُلِّ حَيٍّ عَظيمِ القَدرِ أَشرَفُهُ
وَما لِمَن يَمتَري في اللَهِ عَبرَتَهُ / عَلى أَبي حامِدٍ لاحٍ يُعَنِّفُهُ
تِلكَ الرَزيَّةٌ تَستَوهي قُوى جَلَدِي / وَالطَّرفَ تُسهِرُهُ وَالدَّمعَ تَنزِفُهُ
فَما لَهُ خُلَّةٌ في الزُّهدِ تُنكِرُها / وَما لَهُ شَبَهٌ في العِلمِ يَعرِفُهُ
مَضى وَأَعظَمُ مَفقودٍ فُجِعتَ بِهِ / مَن لا نَظيرَ لَهُ في الخَلقِ يَخلُفُهُ