المجموع : 8
ألبستُه خرقةَ التصوُّفِ
ألبستُه خرقةَ التصوُّفِ / وما له نحوها تشوُّف
لعلمه بالذي يراه / من أدبِ الوقت والتظرُّفِ
ألبستَه بعدَما تعالى / عن رُتبة الأخذ والتعطُّف
وحَصَلَ الكونُ في حماه / وأحكم العلم والتصرُّفِ
فمثلُ هذا ألبست ثوبي / إذ كان ثوباً على التعرُّف
يا أيها المؤمنون أوفوا
يا أيها المؤمنون أوفوا / فإنكم في الذراع وقفُ
زينتمُ إذ كتبتوه / لذاك أنتم عليه وقف
إنْ كان في قلبكم سواكم / فهو لما يحتويه ظَرف
والحق بي قد أشار نحوي / فقلتُ ماذا فقال لطف
مني بمن كان لي جليساً / فيه معان وفيه ظرف
ما كنتُ أجني عليَّ إلا / حتى ترى العينُ كيف تغفو
فإنه سيِّدٌ كريمٌ / لذاك نفسي إليه تهفو
لما تألفتِ الأشياء بالألف
لما تألفتِ الأشياء بالألف / أعطاك صورته في كل مؤتلف
فأحرفُ الرقم والألفاظ دائرة / ما بين مؤتلفٍ منها ومختلف
وإنْ تمادتْ إلى ما لا انقضاء له / فإنَّ مَرجع عقباها على الألف
لولا تألُفُها وسِرُّ حكمتِه / لم تدرِ أمراً و لانهياً فقفْ وخفْ
وفي أوامره إن كنت ذا بصر / سِرٌ عجيبٌ ولكن غير منكشفْ
لا يأمر الله بالفحشا وقال لمن / عصاه وعداً له فاركضْ ولا تقفْ
وليس يبدو الذي قلناه من عجبٍ / في أمر امرهمُ إلاّ المعترف
يا رحمةً وسعتْ كلَّ الوجودِ فما / يشذُّ عنها وجودٌ فاعتبر وقِف
ولا يرى الله في شيء يعنُّ له / مما له عنَّ إلاّ صاحبُ الغرف
أو من يجود إذا أثرى بنعمته / أو من يكون من الرحمن في كنف
لذا أقام له عذراً بما صدرت / أوامر منه في القربى وفي الزلَف
من عزَّ ذلَّ إذا طالَ الزمانُ به
من عزَّ ذلَّ إذا طالَ الزمانُ به / وآيةُ الدهر تقليبٌ وتصريفُ
ميزانه ما له عدلٌ يشاهده / وإنما هو نقصانٌ وتطفيف
فليس يفرح شخصٌ باستقامته / إلا ومن حينه يأتيه تحريف
إن الجبالَ وإنْ أصبحن جامدةً
إن الجبالَ وإنْ أصبحن جامدةً / فإنها عند أهل الكشفِ كالصُّوفِ
أو كالبيته أجزاء مفرقة / في كلِّ وجهٍ عن التحقيقِ مصروفِ
كما أتتْ في كتابِ الله صورتُه / وزناً صحيحاً لنا من غير تطفيف
ينزه الأمر عن وضعٍ وعن صفةٍ / وعن مثالٍ وعن كمٍ وتكييف
أما الذي ثقلتْ منا موازِنه / بالخير في منزلٍ بالبرِّ معروف
وثم هذا الذي خفَّت موازِنُه / بالشرِّ في منزل بالدَّخ مسقوف
وثم وزنٌ صحيحٌ أنت صنجته / جاءتْ إليَّ به رسلٌ بتعريف
لا تندَمنَّ على خيرٍ تجودُ به
لا تندَمنَّ على خيرٍ تجودُ به / وإن أغاظك من تعطيه واقترفا
فالله يرزقُ من يعطيه نعمته / سواء أنكرها كفراً أو اعترافا
الله أعظم أن يدري فيعتقدا
الله أعظم أن يدري فيعتقدا / مقيداً وهو بالإطلاقِ معروفُ
وهو الذي تدرك الأبصار في صور / مشهودة فهو للأبصار مكشوفُ
فهو المقَّيد والمحدودُ من صورٍ / وهو الذي هو بالتنزيه موصوف
لذاك نعلمه لذاك نجهله / فالعجزُ في علمه عليه موقوف
إن قلت ذا قال حكمُ العقلِ ليس كذا / فلا تقل ليس إن الأمر مصروف
وقل بليس فإنَّ الله قال بها / في آية وهو قول فيه تعريف
وقل بليس ولكن في أماكنها / على الذي قاله ما فيه تحريف
في عين تنزيهه عين مسبهةٌ / والكل حقٌّ فإن الأمر تصريف
ما الحق خلق فيدريه خليقته / ولا الخلائق حقٌ فيه تكييف
إني وزنت ُ لكم أعلامَ خالقكم / وزناً وما فيه خسرانٌ وتطفيفُ
إني نظمته لكم ما قال خالقكم / والنظم تدريه موزون ومرصوف
إني بنيتُ علمي باسلافي
إني بنيتُ علمي باسلافي / ومن صحبت من أشيخي وآلافي
فما أصلّي بهم إلا قرأت لهم / من القرآن لما فيه لأيلافِ
فالا فانَّ الذي في العبد من صفة / عين الحبيبِ فهذا عين إنصافِ
نفسي تنازعني إذا أطهرها / والخف في قدمي من نزع أخفافي
وكيف أنزعها وقد لبستهما / على طهارةِ أقدامي بأوصافي
إن اتصافي بنعت الحقِّ بعدني / منه وقربني بنعتِ أسلافي
عجز وفقر إلى ربي ومسكنة / إلى سؤالٍ بإلحاح وإلحاف
إلى رفيق لطيف مشفق حذر / وما أنا بالعتل الجمعص الجافي
إلى ذكرت الذي عليه معتمدي / سبحانه كنت فيه المثبت النافي
فالنفي تنزيهه عن كلِّ حادثة / من الصفات التي فيهنّ إتلافي
ولست أثبت للرحمن من صفة / إلا التي قالها في قوله الكافي
لله ميزانُ عدل في خليقته / فإن وزنت فإني الرجحُ الوافي
أنا مريضٌ ودائي ليس يعرفه / إلا العليم بحالي الراحم الشافي
إن التستر بالعاداتِ من خلقي / فما أنا علمٌ كبشرٍ الحافي
إنَّ التخلقَ بالأسماء يظهر ما / يكون حليته بالمشهد الخافي
العبد يرسب يبغي أصلَ نشأته / والغيرُ متصفٌ بالمدعي الطافي
ثوبي قصير كما جاء الخطاب به / وثوبُ ديني ثوبٌ ذيله ضافي
مياه أهل الدعاوى غير رائقة / وماء مثلي ذاك الرائق الصافي
ديار أهل القوى في الخلق عامرة / ودار أهل المعالي رسمها عافي
يجود عند سؤالي كل مكرمة / ربي عليَّ بإنعام وإسعافِ
لقد علمتُ بأنَّ الله ذو كرم / وأن فينا له خفيَّ ألطافِ
أثنيت بالجودِ عن فقر وعن ضرر / على الإله فجازاني بإسعافي
كما وردٍ إذا الداريّ يمرجه / بما يطيبه من ماءِ خلاف
فبالأكفِّ جيادُ الخيل إن سبقتْ / نمسِ منها بأجيادٍ وأعرافِ
لا تفرحن باستواءِ الكفين إذا / أعمالكم وزنت من أجل أعراف
وأكثر الذكر للرحمن في ملأ / من الملائك سادات وأشرف
واحذر قبولك رفداً قد أتيت به / عن التشوُّق منكم أو عن إسرافِ
إن الغريبَ مصون في تقلبه / كلؤلؤِ صينَ في أجوافِ أصداف
إنَّ الكريمَ تولاه بجائزةٍ / تترى عليه وإنعامٌ وإرداف
لو جاء من أسهم البلوى على حذرٍ / من المصابِ لجاءته بآلافِ
إنَّ العبيد أولي الألباب قد نصبوا / لرمي أسهمٍ بلواه كاهدافِ
الله عاصمهم من كلِّ نازلةٍ / بما يجن من ألطاف وأعطافِ
من عند ربٍّ خفيّ بي ومكتنفٍ / وعاصمٍ بالذي يسدي وعطاف
من الجميلِ الذي ما زال يرفده / بمثله ليعمّ الخير أكنافي