المجموع : 3
جَلا الكؤوسَ فجلّى ظلمةَ السَدف
جَلا الكؤوسَ فجلّى ظلمةَ السَدف / بدرٌ كلِفتُ به حاشاه من كَلَفِ
سمت وقد أَشرَقت راح براحتهِ / كأَنَّها الشَمسُ حلَّت منزلَ الشَرَفِ
وَضاعَ نشرُ شذاها وهيَ في يده / كأَنَّها وردةٌ في كفِّ مُقتَطفِ
بكرٌ تحلَّت بدُرٍّ من فواقعها / وأَقبلت وهيَ في وشح وفي شَنَفِ
يا سحبَ نيسان روّي الكرم من كرم / فَفي الحَباب غنىً عَن لؤلؤ الصَدفِ
شتّانَ ما بين دُرٍّ راح مُرتَشَفاً / رشفَ الثغور ودرٍّ غير مُرتَشفِ
لَم أَنسَ ليلة أُنسٍ بتُّ معتنقاً / فيها الحَبيبَ اِعتناق اللام للألفِ
أَمنتُ من رَيب دَهري في خفارته / وَمن يَبت في ضَمان الحبِّ لم يَخفِ
وَرحتُ فيها من الهجران مُنتصِفاً / من بعد ما كُنتُ منه غير مُنتصفِ
أَسطو عليهِ برمحٍ من مَعاطِفِهِ / وَصارمٍ من ظُبى أَجفانِه الوُطُفِ
لِلَّه طيب وصالٍ نلتُ من رشأ / بالحسن متَّسمٍ بالطيب متَّصفِ
إِذا ضَممت إلى صَدري ترائبَه / كادَت تَذوبُ تَراقيهِ من التَرفِ
يا محسنَ الوصف إِن رمت النسيبَ فصِف / لنا محاسنَ هَذا الشادن الصَلِفِ
أَو رمتَ تنسبُ يوماً سيِّداً لعُلاً / فاِنسب إِلى مُنتَهاها سادَة النَجفِ
واِخصُص بني شرفِ الدين الألى شرفت / بهم بيوتُ العُلى وَالمَجدِ وَالشَرَفِ
قوم يحلُّونَ دون الناسِ قاطبةً / بحبوحةَ المجد والباقون في طَرفِ
القائلونَ لدى المعروف لا سرفٌ / في الخير يَوماً كما لا خيرَ في السرفِ
رَووا حديثَ المَعالي عن أَبٍ فأَبٍ / وَساقَه خلفٌ يرويه عن سلفِ
هُمُ نجومُ الهدى لَيلاً لمدَّلجٍ / وهم بحارُ الندى نَيلاً لمغترفِ
منهم حسينٌ أَدام اللَهُ بهجتَه / وأَيُّ وصفٍ بإحسان الحسين يَفي
هو الشَريفُ الَّذي فاق الورى شرفاً / سل عن مفاخره من شئت يعترفِ
كَم من جَميلٍ له في الخلق مُجملُه / يَلوح كالكَوكب الدرّيّ في السدفِ
فالخَلقُ من خلقه في نزهةٍ عجبٍ / ومن خلائقه في روضةٍ أُنفِ
أَمسى النَدى وَالهُدى وَالمجد مكتنفاً / به وأَصبح منه الدين في كنفِ
سَعى إلى الغاية القُصوى الَّتي وقفت / عنها الورى فتعدّاها ولم يَقِفِ
فَحازَ ما حازه أَقرانُه وَحَوى / ما شذَّ عن سَلفٍ منهم وعَن خلفِ
نأى ففرَّق بين الطَرف والوسن
نأى ففرَّق بين الطَرف والوسن / وَأَلَّف البينُ بين القَلب والحزنِ
فَيا رفيقيَّ لا أَعداكما شجني / بِاللَه ربِّكما عُوجا على سكني
وَعاتباه لعلَّ العتبَ يعطفُهُ /
وأَنشدا من نسيبي أَو نسيبكما / وكنّيا عن غَرامي في نشيدكما
فإن صَبا فاِذكراني لا رُزئتكما / وعرِّضا بي وقولا في حديثكما
ما بالُ عبدك بالهجران تُتلفُهُ /
اِرحَمه من عبرات فيك واكفةٍ / ومهجة بغليل الوَجدِ لاهفة
شَوقاً لأَيّام أنس منك سالفةٍ / فإن تبسَّم قولا في ملاطفَة
ما ضرَّ لو بوصالٍ منك تسعفهُ /
وَهُوَ الَّذي بك طولَ الدهر مكتئبُ / وَقَلبُه بسعير الهجر يلتَهِبُ
فإن تعطَّف فهو القصد والأربُ / وإِن بدا لكما من وجهه غَضَبُ
فغالِطاهُ وَقولا لَيسَ نعرفُهُ /
أَهَكَذا دَوحةُ العَلياء تَنقصِفُ
أَهَكَذا دَوحةُ العَلياء تَنقصِفُ / وَهَكَذا الشَمسُ في الآفاقِ تنكسِفُ
وَهَكَذا ظُبَةُ الماضي تُفلُّ شَباً / من بعد ما زانَها الإمضاءُ والرَهفُ
وَهَكَذا بهجةُ العليا وَنضرَتها / يزري بمُشرقِها الإظلامُ والسَدَفُ
وَهَكَذا دُرَّةُ المجد الأثيل غَدَتِ / يضمُّها بعدَ حُسنٍ الحليةِ الصَدفُ
لِلَّه أَيَّةُ روحٍ فارقَت جَسَداً / وأَيُّ جثمانِ عزٍّ ضمَّه جَدَفُ
يا قُرَّةً لعيونِ المجد قد سَخنَت / بَكى لَها الأَشرَفان المَجدُ والشرفُ