بني الكنانةِ هذا صوتُها ارتفعا
بني الكنانةِ هذا صوتُها ارتفعا / لا تُنكروا الحقَّ إنّ الحقَّ قد سطعا
أشقى الشُّعوبِ وأولاها بمرحمةٍ / شَعبٌ تَلقَّفَهُ الغاوونَ فانْخدعا
سلوا الأُلىَ صرَعوا الدُّستورَ ما فعلوا / إذ مالَ قائِمُه بالأمسِ فاضطجعا
هُمُ الجُناةُ على الشّعبِ الذي وصلت / أيديهمو من رباقِ الذُلِّ ما قطعا
يَبغِي السَّبيلَ إلى اسْتقلالهِ ويرى / كيدَ الحُماةِ وتضليلَ العِدى شَرَعا
إذا هُمُ انْتَزعوا الدّستورَ من يدهِ / حَسِبْتَهُ من سَوادِ القلبِ مُنتزَعا
يا مُطفِئَ الفتنةِ الكبرى وقد رجفتْ / أرضُ الكِنانةِ من أهوالها فَزعا
لولا دِفاعُكَ طارتْ نارُها شُعَلاً / واسْترسلَ الدَّمُ في أرجائها دُفَعا
وقفتَ للشرِّ تَنهاهُ وتزجُرُه / حَتى تراجعَ بعد الكرَّ وارْتَدعا
لمّا طلعت على الأحداثِ تدفعُها / تكشّفَ العارضُ المُسودُّ وانْقشعا
قالوا السّلاحُ وهاجوها مُضلَّلةً / عمياءَ تبغي وراءَ الحقِّ مُطَّلعا
لو أنصفوكَ لقالوا ذو مُحافظةٍ / حَمَى البلادَ وصان الشَّعبَ فامتنعا
لقد تورّعتَ حتّى باتَ كلُّ فتىً / من الجُنودِ يُوارِي سَيْفَهُ وَرَعا
لو كنتَ غيرَك لم تَرفقْ بسيِّدِهم / ولم تُبال من الدَّهماءِ ما جمعا
يُصِيبُك الجرحُ يغشى مِن صحابتِه / مَن يشتكيك فتُمسِي مُشفِقاً جَزِعا
أما بكَوْا يَومَ تُسدِي الصُّنعَ منك يدٌ / تَشفِي الجِراحَ وتنفِي الهمَّ والوَجَعا
لو كان للدَّمعِ في آماقِهم عَملٌ / جَرَى على الدَّمِ يُجريه بما صنعا
هاجوا النُّفوسَ فلمّا طاحَ هالكُها / طاروا سِراعاً وعادوا مُهطِعين معا
أين المواثيقُ والأَيْمانُ يَحشُدُها / من لَو رأى الحربَ في أحلامِه هَلَعا
كانت نوازعَ نَفْسٍ ردَّها قَدَرٌ / يَردُّ كلَّ غوِيٍّ للأَذى نَزعا
اللهُ أدركَ شَعبَ النِّيلِ فانصدعتْ / عنه الخُطوبُ ولولا اللهُ لانْصدَعا
أَجرى على يدِ إسماعيلَ رحمَتَهُ / فكان من مُستحبِّ الأمرِ ما وقعا
راح السّلامُ مَصوناً في كِلاءتِه / وبات كلُّ فتىً بالأمنِ مُدَّرعا
فراجع الصّانعُ المذعورُ مَيْعتهُ / بعد الوَنى وسقَى الفلّاحُ ما زرعا
لا الأرضُ زالت بأهليها كما زعموا / ولا السّماءُ هوت أجرامُها قِطَعا
طافوا البلادَ وقالوا كلَّ ما ابتدعوا / فما رأى الشّعبُ من شيءٍ ولا سَمِعا
ما انفكَّ سيِّدهُم في كلِّ مُضطَربٍ / حرّانَ يستصرخُ الأنصارَ والشِّنَعا
يُغرِي السّوادَ بمأمونين ما اعتصروا / دَمَ السَّوادِ ولا زانوا له الشُّنَعا
يَجزيهمُ السُّوءَ أَن بَرُّوا بأُمَّتهم / وأَن أَبَوْا من سبيلِ الغَيِّ ما اتّبعا
يَزدادُ بالحكمِ إمّا ذاقَهُ شَغفاً / كالخمرِ يزدادُ مَن يَعتادُها وَلَعا
يَطغَى فإن راعَهُ إيماضُ بارقةٍ / من جانبِ الغاصِبينَ انْحطَّ واتَّضعا
مُستهلِكٌ يبتغِي من وُدِّهم سَبباً / إذا وَهَى السَّببُ الموصولُ فانقطعا
بثَّ الشكاةَ فلم يَتركْ لِذي شَجَنٍ / يشكو جَوى الحُبِّ من قولٍ وإن برعا
لمّا تبيَّنَ مكدولندُ لوعَتَهُ / تحدّرَ الدَّمعُ من عَينَيْهِ أو همعا
وقال ما بالُ إسماعيلُ يُنكرنا / أما يَرى رأيَ مَن أمسَى لنا تبعا
لقد رمانا بخطبٍ من رسالتِه / ما مسَّنا مثله خطبٌ ولا قرعا
خاضَ البِحارَ فلم نَعجبْ لما وجدت / منه ولم نَلُمِ الأُسْطولَ إذ خشعا
ويحَ الكِنانةِ لا استقلالُها صَدقتْ / فيه الظُّنونُ ولا دُستورُها نَفَعا
ضاقَ الرَّجاءُ فما تُقضَى له سَعةٌ / إن لم تَجِدْ دولةُ الإصلاحِ مُتَّسعا
ما يفعلُ المصلحُ الباني لأُمَّتِه / إن عاجلَ الهادمُ الموتورُ ما رفعا