المجموع : 7
تَذكَّرَ المُنْحَنَى فانْهَلَّ مَدمَعُهُ
تَذكَّرَ المُنْحَنَى فانْهَلَّ مَدمَعُهُ / صَبابةً وانحَنَتْ للشَّوقِ أضلُعُهُ
وباتَ من وَلَهٍ يَرعَى النُجومَ فما / دَرى أفي الأرضِ أم في الأُفقِ مَضجَعُهُ
صَبٌّ مَضَى النَومُ من أجفانِهِ فجَرَتْ / في إثرِهِ عَبرةٌ منها تُشيِّعُهُ
إذا سَرَتْ نَسَماتُ الغَورِ خَرَّ لها / وَجداً فكانَ نَسيمُ الرِّيح يَصرَعُهُ
يا لابساً كُلَّ يومٍ ثوبَ زَخرفَةٍ / ألبَستَ مُضناكَ ثوباً ليسَ يَخلَعُهُ
لئِن تَكُنْ نَظْرةٌ جَرَّتْ لهُ ضَررَاً / مُنذُ القديمِ فتلكَ اليومَ تَنفَعُهُ
إذا تَعمَّدَ أنْ ييسلوكَ عارَضَهُ / قلبٌ إليهِ بذاكَ الحِينِ تَرجِعُهُ
وكُلَّما أطبَقَتْ للنَّومِ مُقلَتُهُ / جَفناً بَعَثْتَ خيالاً منكَ يَقرَعُهُ
ما كانَ يَرضَى حديثاً منكَ عن طَمَعٍ / فَصارَ يَرَضى حديثاً عنكَ يَسمَعُهُ
إن كانَ لا يَملِكُ الظَمْآنُ نهلتَهُ / مِن المياهِ فقطرُ الماءِ يُقنعُهُ
آمنتُ بالله ما هذا الهوى فلقد / أذابَ ما ليسَ حَرُّ النَّارِ يلذَعُهُ
لا تَلَبَسِ الدِّرعَ يا شاكي السِّلاحِ إذا / زُرتَ الحِمى فلِحاظُ الغِيدِ تقطَعُهُ
كُلُّ البُدورِ التِّي في الشَّرقِ مَطلِعُها / تَفدِي الأميرَ الذي في الغَربِ مَطلعُهُ
في غَربِ لُبنانَ من أرضِ المَشارِقِ لا / في مَغرِبِ الأرضِ مَنْشاهُ ومَرْبَعُهُ
لهُ الشُّوَيفاتُ بُرجٌ حَلَّهُ قَمَرٌ / لذاكَ كانَ تُجاهَ البَحرِ مَوقِعُهُ
شَهْمٌ يَغارُ على الآدابِ يَجمَعُها / ولا يَغارُ على الدِّينارِ يجمَعُهُ
يسطُو على شَمْلِ بيتِ المالِ مُقتَطِعاً / كأنَّهُ بيتُ شِعرٍ إذْ يُقطِّعُهُ
ردَّ الزَّمانُ لهُ المَجدَ القدِيمَ كما / رُدَّتْ على عَقِبِ الكِندِيِّ أدرُعُهُ
ومَن وَفَى النَّاسَ في ما كان مؤتَمناً / وَفَى لهُ الدَّهرُ في ما كان يُودِعُهُ
تُرَى مَتَى تَشتفي الحُسَّادُ من رَجُلٍ / تُرِيدُ خَفضاً لهُ واللهُ يَرفَعُهُ
إذا قضَى اللهُ أمراً لا يُرَدُّ وإنْ / أجرَى عَطاءً فمنْ في الأرضِ يمَنعُهُ
مَلائِكُ العرشِ تغدو بالسَّلامِ على / مُحمَّدٍ ورِضَى الرَحْمنِ يَتبَعُهُ
هذا الذي بَعَثَ اللهُ الكرِيمُ بهِ / للناسِ حتى يقولوا جَلَّ مُبدِعُهُ
لا تَعجَبوا من سَقامٍ قد تَعَوَّدَهُ / فَمنْ رآهُ يَدُمْ فيهِ تَوَلُّعُهُ
مَنْ كانَ يَشفِي منَ الأوجاعِ مَنظَرُهُ / ولُطُفُهُ كيفَ هذا الدَّاءُ يُوجِعُهُ
لا بُدَّ للضِّيقِ أنْ يَمضي إلى فَرَجٍ / لكنْ لَعلَّ أشَدَّ الضِّيقِ أسرَعُهُ
إذا كَسا اليومُ نَصْلَ السَّيفِ ثوبَ صَدَا / رَجَوتُ أنَّ غَداً لا بُدَّ يَنزِعُهُ
يستجمعُ الشملُ في الدُّنيا وينصدِعُ
يستجمعُ الشملُ في الدُّنيا وينصدِعُ / حتَّى يَليهِ افتِراقٌ ليسَ يجتمِعُ
فخُذ لنفسِكَ حظّاً من احِبَّتِها / من قبلِ ما حَبلُ هذا العيشِ ينقطعُ
نستخدمُ الصُّحْفَ فيما بيننا رُسُلاً / تمضي أحاديثُنا فيها وتُرتَجَعُ
بُعْدُ المنازلِ مع قُربِ القلوبِ لَنا / يُعَدُّ قُرْباً بهِ نحظَى ونَنتَفِعُ
وأوحشُ النَّاسِ بُعداً من نُجاوِرُهُ / دهراً وليسَ لنا في أُنسهِ طَمَعُ
هيَّا ابتدِرْ يا كتابي اليومَ منتجِعاً / ديارَ مصرَ التي تُرجَى وتُنتَجَعُ
وابشِرْ بخيرٍ إذا التقيتَ بها / بِشارَةَ الخيرِ مَن للخير يَصطَنِعُ
يا حَبَّذا مِن أراضيها التي خَصِبَتْ / رِيفٌ ويا حَبَّذا من نيلها تُرَعُ
دارُالحبيبِ حبيبٌ لي أُسَرُّ بهِ / والدَّارُ للأهلِ في حُكمِ الهَوَى تَبَعُ
أهوى زِيارتَها شوقاً وتَعرِضُ لي / دونَ انصرَافِيَ أسبابٌ فأَمتنِعُ
فيها الصَّديقُ الذي يَسقي مَوَدَّتُهُ / طولُ الزَّمانِ فتنمو وهي ترتفِعُ
طالت بهِ فَحسبناهُ لها صِلَةً / كالثَّوبِ قد وَصَلَتْ أطرافَهُ قِطَعُ
طَلْقُ الجبينِ كريمُ النَّفسِ ليسَ لهُ / من كُلِّ مَكرُمةٍ رِيٌّ ولا شِبَعُ
في قلبهِ سُنَنُ التَّقوَى قد اُنطبعت / كالختم في صَفحةِ القِرطاسِ ينطبعُ
حال النَّوَى بين دارَينا وليسَ لهُ / بينَ القلوب مَجالٌ فيهِ يَتَّسِعُ
إن لم أنَلْ نَظرةً من وجههِ فأنا / برُؤيةِ الخطِّ منهُ اليومَ اقتنِعُ
ضاقَ الرِّثاءُ بنا من فرطِ ما اتَّسعا
ضاقَ الرِّثاءُ بنا من فرطِ ما اتَّسعا / كالماءِ طالَ عليهِ الوِرْدُ فانقَطَعا
الموتُ يَنبُعُ يوماً بعدَ ليلتهِ / وليسَ تَنبُعُ ألفاظٌ كما نَبَعا
في كلِّ يومٍ يُقالُ الصُّبحَ وا أسفا / قد ماتَ زيدٌ وعمروٌ في المسا تَبِعا
فوقَ التُّراب جِبالٌ من حِجارتهِ / وتحتهُ مثلُها مِنَّا قدِ اجتَمَعا
النَّاسُ للموتِ صيدٌ ظلَّ يأكلُهُم / نَهْماً ولكنهُ لا يَعرِفُ الشِّبَعا
والأرضُ تبتلِعُ الأجسامَ قاطِبةً / وجوفُها ليسَ يَملاهُ الذي ابتَلَعَا
هَوِّنْ على القلبِ غمَّا فيهِ أو فَرَحا / كلاهما عن قريبٍ يَذهبانِ مَعَا
مابينَ يومٍ وليلٍ نحنُ بينَهُما / تمضي ألوفٌ وننسى كلَّ ما وقعا
قد يزرَعُ الزَّرعَ منا غيرُ حاصدهِ / ويحصُدُ الزَّرعَ منَّا غيرُ من زَرعا
ويَجمعُ المالَ من بالكدِّ حصلَّهُ / دهراً ويُنفِقُهُ غيرُ الذي جَمَعا
اليومَ قد فاتَ إبراهيمَ منزِلَهُ / وضاعَ ما قد بَنى فيهِ وما صَنَعا
وخَلَّفَ الدَّارَ تشكو فَقْدَ صاحِبِها / والمالَ والأهلَ والأصحابَ والتَّبَعا
كانت لياليهِ كالأعيادِ حافلةً / بأوجُهِ الناس مُصطافاً ومُرتَبَعا
تَعشُو الوُفودُ إلى بابٍ لمنزلهِ / لا يَطلُعُ الفجرُ إلاّ وَهْوَ قد قُرِعا
قد كان في طِبِّهِ للنَّاسِ منفعةٌ / فإذا أتى الموتُ ذاك الطِّبُّ ما نَفَعا
وكان يُبرِي مِن النَّاسِ الجِراحَ فهل / يُبري جِراحَ فُؤَادٍ بعدهُ انصَدَعا
مَضَى إلى ربِّهِ الغفَّارِ مُعتمِداً / قُربَ الطريقِ التي فيها إليهِ سَعَى
ما زال سَبَّاقَ غاياتٍ بهمَّتِهِ / حتَّى لقد سبقَ الوقتَ الذي وُضعا
سارت إلى الله تلكَ النَّفسُ تاركةً / جسماً ثَوى في تراب الأرض مُضطَجِعا
كلٌّ إلى أصلهِ قد عاد مُنقلباً / فانحطَّ هذا وهذا طارَ مُرتفِعا
هذا الأميرُ السَّعيدُ الحظِّ تَخدِمُهُ
هذا الأميرُ السَّعيدُ الحظِّ تَخدِمُهُ / مَلائكُ اللهِ حولَ العرشِ تجتمعُ
تقولُ أحرُفُ تأريخٍ تُحيطُ بهِ / إنَّ الشِّهابَ على الأفلاكِ يرتفعُ
يا ليلةً مِن ليالي الطَيِّباتِ بِها
يا ليلةً مِن ليالي الطَيِّباتِ بِها / في دارِ عَبَّاسَ نورُ الحُسنِ قد طَلَعا
قد غابَ فيها ضِياءُ الشَّمسِ عن فَلَكٍ / لكن بتأريخِهِ في أرضِنا لَمعَا
أعطى الأميرُ المجيدُ اليومَ تُربتَهُ
أعطى الأميرُ المجيدُ اليومَ تُربتَهُ / فخراً بهِ افتخرَت لمَّا بها وُضِعَا
قد حلَّ بالجسمِ فيها حينَ جادَ بهِ / لها وبالنَّفسِ أبوابَ السَّما قَرَعا
هذا الشِّهابُ الذي قد كانَ مرتفِعاً / في الأرضِ واليومَ في أوج العُلَى اُرْتَفَعَا
فاكتُبْ على قبرِهِ يا مَن يُؤَرِّخُهُ / قد غابَ عنا شِهابٌ في السَّما طَلَعَا
صبراً بني سَكَزانَ الأَكرَمينَ عَلَى
صبراً بني سَكَزانَ الأَكرَمينَ عَلَى / خَطْبٍ لديهِ فُؤَادُ الصَّخرِ ينَصدِعُ
لقد فَقَدتم كريماً كانَ جوهرةً / بالرُّوحِ تُفدَى ولكنْ ذاكَ يمتَنِعُ
قد سارَ عنَّا مقيماً حيثُ لا كَدَرٌ / ولا بُكاءٌ ولا حزنٌ ولا وَجَعُ
فصافَحَ اللَّحد تأْريخٌ نقولُ بهِ / بين الملائِكِ ميخائيلُ مرتفِعُ