المجموع : 3
كم ذا تَذِلّ بهذا الأمر أرؤُسُنا
كم ذا تَذِلّ بهذا الأمر أرؤُسُنا / وما لنا فيه إلّا الرِّيُّ والشِّبَعُ
لم يَبعُد المرءُ فِتْراً مِن مَذَلَّتِهِ / بين الرّجالِ وفي حَيْزومِهِ الطَّمعُ
لا تَطلب النَّفْعَ في الدّنيا فكم طلب الر / رجالُ نفعاً من الدّنيا فما اِنتَفَعوا
إنْ لم يكنْ في طلابِ الوَفْرِ مُنْتَجعٌ / ففي طِلابِ جميل الذِّكرِ مُنتَجَعُ
واِنظر إلى النَّاسِ قاضٍ لا يُطيق لما / عراهُ دفعاً وماضٍ ليس يُرتَجَعُ
كأنَّهمْ بعد أنْ شطّ الفراقُ بهمْ / لم يلبثوا بيننا يوماً ولا اِجتَمعوا
تقاسَمَ اللّيلُ والإصباحُ بينهما
تقاسَمَ اللّيلُ والإصباحُ بينهما / عمري فمن حاصدٍ طوراً ومن زَرِعِ
أعطى نَهاري وليلي جُلَّ صُنعِهِما / فنسجُ أيدي الدُّجى ثمّ الضّحى خِلَعِي
لِلّيلِ سودِي وللصّبحِ المنيرِ إذا / جَلاهُ شيبي فلُومِي فيه أوْ فَدَعِي
فَنَوبةُ اللّيل قد ولَّتْ كما نَزَلتْ / ونوبةُ الصّبحِ من هذا المشيبِ معي
مَن ذا الطّبيبُ لأدْوائي وأوجاعي
مَن ذا الطّبيبُ لأدْوائي وأوجاعي / أو الرّفيق على همّي وأزماعي
قد كنتُ جَلْداً ولكنْ رُبَّ أقضِيَةٍ / خَلَطْن جَلْداً على البلوى بمُلتاعِ
يا صاحبي يوم رام الدّهرُ منقصتِي / وراع منّي جَناناً غيرَ مرتاعِ
قم سلِّ قلبِيَ عمّا في بَلابِلِهِ / ففيه ما شئتَ من سَقْمٍ وأوجاعِ
ليس اللّسانُ وإن أوْفَتْ براعتُهُ / مترجماً عن جوىً ما بين أضلاعي
إِذا سقَى اللّهُ أجزاعاً على ظمأٍ / فلا سقَى اللّهُ هذا العامَ أجزاعي
ولا رَمَيْنَ على جَدْبٍ بأَنْدِيةٍ / ولا صَبَبْنَ على مَحْلٍ بإمراعِ
إنّي مُقيمٌ على كُرهٍ بناحيةٍ / غرثَى المسالك من طِيبٍ وإمتاعِ
في معشرٍ ما لجانٍ منهمُ أدبٌ / كهَجْمَةٍ ما لها في القاعِ من راعِ
كم حمّلونِيَ ثِقْلاً لا نهوضَ به / وكلّفونِيَ فعلاً غيرَ مُسطاعِ
بدّلْ بلادَك إِمّا كنتَ كارهها / داراً بدارٍ وأجراعاً بأجراعِ
كم ذا المقامُ على هُونٍ ومَهْضَمَةٍ / وقارصٍ من يدِ الأقوامِ لذّاعِ
وأسهُمٍ من مقالٍ ما يحصّنُ مِن / خدوشهنّ بجلدي نسجُ أدراعي
أأحملُ الضّيمَ والبيداءُ مُعْرِضَةٌ / وفي قَرا النّابِ أقتادي وأنساعي
ومِلْءُ كفّي طويلُ الباع معتدلٌ / أو مِقبَضٌ لرقيقِ الحدّ قطّاعِ
إنْ لم أثِرْهنّ عن وادي الخنا عجلاً / فلا دعاني إلى يوم الوغى داعِ
لِمَنْ خَبَأْتُ إذا لم أنجُ عن سَعَةٍ / ما في النّجائبِ من حثٍّ وإيضاعِ
إِنْ لم يُنجّك سعيٌ عن مقرّ أذىً / فَيا لَحا اللَّهُ ما يَسعى له السّاعي
قالوا قنعتَ بدون النَّصفِ قلت لهمْ / هَيهات ما باِختياري كان إقناعي
ما زال صرفُ اللّيالِي بي يطاولني / حتّى رخصتُ على عمدٍ لمبتاعِ
خيرٌ من الذّلِّ في قصرٍ نمارِقُهُ / مبثوثةٌ منزلٌ للعزّ في قاعِ
إنْ كنتَ حرّاً فلا تَدنَسْ بذي طمعٍ / ولا تَبِتْ بين آمالٍ وأطماعِ
ولا تَعُجْ بيسارٍ دونه مِنَنٌ / تَجنيه من كفّ إخضاعٍ وإضراعِ
لا أَشبعَ اللَّه مَن أُلْهُوا وما علموا / عن المعالِي بإرواءٍ وإشباعِ
غُرّوا بحبلٍ من السَّرّاء مُنْتَكِثٍ / وبارقٍ من غِنَى الأيّامِ لمّاعِ
وكلّما طمِعوا في النَّيلِ أو حذروا / تطارحوا بين ضرّارٍ ونفّاعِ
حلفتُ بالبيت طافتْ حوله زُمَرٌ / جاؤوه أنضاءَ إعجالٍ وإسراعِ
وبالمُحَصَّبِ حطّ المُحْرِمون به / والبُدْنُ ما بين إلقاءٍ وإضجاعِ
ومَن بجَمْعٍ وقد ألقى الكلالُ بهمْ / هناكَ أجسادَ طُلّاحٍ وضُلّاعِ
والقومُ في عرفاتٍ يُرسلون إلى / محو الجَرائِرِ منهم دعوةَ الدّاعي
لأُمْطِرنّ على الآفاقِ عن كَثَبٍ / من عارضٍ بدمِ الأجوافِ لمّاعِ
بكلِّ نَدْبٍ عن العَوْراءِ منقبضٍ / نزاهةً وعلى الأهوالِ طَلّاعِ
يهوي إلى الذِّكرِ ولّاجاً مخارِمَهُ / هوِيَّ نجمٍ من الخضراء مُنصاعِ
قلْ للعِدا قد مضى رفقي بهمْ زمناً / فحاذروا الآن غِبَّ الحكم إيقاعي
لم تشكروا من نسيمي ما هببتُ به / وليس بعد نسيمي غيرُ زَعزاعِ
أبَعدَ حيٍّ على الجَرْعاء كنتُ به / مَلآنَ من دافعٍ سوءاً ومنّاعِ
عُميٌ عن الفحش صُمٌّ عن مقالتهمْ / على ثواقب أبصارٍ وأسماعِ
طاروا فطالتْ بهمْ كفّي إلى وَطَرِي / ونال ما لم ينله قبله باعي
أُمنى بمن ليس من عِدِّي ولا ثَمَدي / ولا يكيل بمُدّي لا ولا صاعي
لولا اِحتقارِيَ فيه أن أُعاقبه / أطَرْتُهُ بين تيّاري ودفّاعي
حتّى متى أنتَ يا دهري تُسابقني / بعاثِرٍ وتسامينِي بدَعْدَاعِ
من كلّ عارٍ من المعروفِ منكبُهُ / هاعٍ إذا غِرْتَ في تفتيشه لاعِ
أَستودعُ اللَّهَ مَنْ شطّ الفراقُ به / عنّي ولم يقضِ تسليمي وتَوْداعي
لَولا المصيبة فيه ما اِهتدتْ أبداً / هذِي الخطوبُ لإحزاني وإجزاعي
تقول مِن بعده عينِي وقد أرِقَتْ / يا قومُ أين مضى غُمضِي وتَهجاعي
يا نفسُ إمّا مَقِيلٌ رأسَ شاهقةٍ / أو قَعْصَةٌ بالعوالِي فوق جَعْجَاعِ
خافي ملاماً بلا عذرٍ لصاحبهِ / ولا تخافي الّذي ينعى به النّاعي
فإنّما المرءٌ في الأيّامِ مُحتَبَسٌ / على الرّدى بين أطباقٍ وأنساعِ