يا أَنفَ عيسى جَزاكَ اللَّهُ صالِحَةً
يا أَنفَ عيسى جَزاكَ اللَّهُ صالِحَةً / وَزادَكَ اللَّهُ إِشراقاً وَمُتَّسَعا
نَعَم وَلا زِلتَ تَجري فيكَ أَودِيَةٌ / مِنَ المُخاطِ رواء يطرِدنَ مَعا
حِصنٌ حَصينٌ وَعِزٌّ لَو تَناوَلَهُ / كِسرى المُلوكِ أَنو شروانَ لامتَنَعا
تَرَكتُ عيسى فَما عِندي مُخاطبَةٌ / لَهُ وَخاطبتُ أَنفاً طالَ وَاِرتَفَعا
عيسى غُلامٌ وَلكِن أَنفُهُ رَجُلٌ / وَالقَرنُ يَحسُن مِنهُ كُلّ ما صَنَعا
رَأَيتُ أَنفاً وَلَم أَعلَم بِصاحِبِهِ / فَقُلتُ مَن صاحِبُ الأَنفِ الَّذي طَلَعا
قالوا فَتىً غابَ فيهِ قُلتُ وَاعَجَبي / ما إِن رَأى مِثلَ ذا راء وَلا سَمِعا
يا وَيلَكُم أَخرِجوهُ قالَ ناطِقُهُم / هَيهاتَ ما إِن نَرى في نَيلِهِ طَمَعا
الجبُّ أَبعَدُ غوراً حينَ تَطلُبُهُ / مِن أَن تَنالَ حِبالَ القَومِ مَن ضَرعا
فَلَو تَراني عَلى أَنفٍ أَنوحُ بِهِ / عَلى فَتىً زَلَّ في خَيشومِهِ قِطَعا
بَينا كَذلِكَ إِذ جالَت غَوارِبُهُ / بِمَخطِهِ فَإِذا عَيسونُ قَد رَجَعا
فَقُلتُ خَيرٌ فَقَد عايَنتَ ما رَجِعَت / عَنهُ العُيونُ وَقَد أَبعَدتَ مُنتَجَعا
فَقال ما زِلتُ في لَيل وَفي لَثَقِ / وَفي أُمورٍ أَذاقَتني الرَّدى جُرَعا
فَقُلتُ يا أَهلَ عيسى إِنَّني رَجُلٌ / أَبدى النَّصيحَةَ إِنّي مُشبَعٌ وَرَعا
لا يَبرَحَنَّ لَكُم حَبلٌ يُشَدُّ بِهِ / وَسط الغُلامِ قَريباً كانَ أَو شَسَعا
لِتَجذِبوهُ بِهِ مِن جَوفِ مَنخِرِهِ / فَتُخرِجوهُ بِهِ يَوماً إِذا وَقَعا