رُدُّوا إلى اليأسِ ما لم يَتَّسع طَمَعا
رُدُّوا إلى اليأسِ ما لم يَتَّسع طَمَعا / شَرٌّ من الشرِّ خوفٌ منه ان يقَعا
شَرٌّ من الأمَلِ المكذوبِ بارقُه / ان تحمِلَ الهمَّ والتأميلَ والهَلَعَا
قالوا " غدٌ " فَوَجَدتُ اليَومَ يفضُلُه / و " الصبر " قالوا : وكان الشَهمُ من جَزعاً
ولم اجدْ كمَجالِ الصَبرِ من وَطَنٍ / يَرتادُه الجُبْنُ مصطافاً ومُرتْبَعَا
وأنَّ من حَسَناتِ اليأس أنَّ له / حَدّاً اذا كَلَّ حَدُّ غيرهُ قطَعَا
وأنَّه مُصحِرُ الارجاءِ لا كَنَفاً / لمن يَلَصُّ ولا ظِلاً لمنْ رَتعا
وَجَدْتُ أقتَلَ ما عانَت مصايُرنا / وما التَوَى الشَيبُ منه والشَبابُ معا
أنَّا رَكِبِنا إلى غاياتِنا أمَلاً / رَخواً إذا ما شدَدْنا حَبلهُ انقطعا
نسومُه الخَسْف ان يَطوي مراحلَنا / وإن تشَكَّى الحَفَا والأينَ والضلعا
هذا هو الأمَلُ المزعومُ فاقتَرِعُوا / واليأسُ أجدَرُ لو انصَفْتَ مُقتَرعا
اليأسُ أطعَمَ بالأشْلاءِ مِقصَلةً / عَدْلاً وطوَّحَ " بالبستيل " فاقتَلَعا
وطارقٌ منه اعطَى النصرَ كوكَبُه / نَزْراً وعَدَّى إلى الاسبانِ فانَدفَعَا
يا نادِبينَ " فِلَسطينا "وعِندَهُمُ / عِلْمٌ بانَّ القضاءَ الحتمَ قد وَقعا
كم ذا تُلحُّون ان تَستَوقِدوا قَبَساً / من الرَمادِ ومِمَّن ماتَ مُرتَجَعا
كَفَى بما فاتَ مما سميت " املا " / من " الحُلول " التي كيلتْ لكُم خُدعا
جيلٌ تَصَرَّمَ مذ أبْدَى نَواجذَه / وعدٌّ لبلفورَ في تهويدِها قَطعا
نَمَا وشَيبَّ بأيدي القَوم مُحتَضنَاً / ومن ثُدِيِّ النتاج المَحضِ مُرتَضعا
والساهرونَ عليه كلُّ " منتخَبٍ " / يبني ويهدِمُ إن اعطى وان مَنعا
تهوِي " العروشُ " على أقدامهم ضَرَعا / وتحتمي ساسةُ الدنيا بهم فَزَعا
وعندَنا ساسةٌ سؤنا لَهُم تَبَعاً / ذُلاً وساؤوا لنا في الهدي مُتَّبعا
من كل مُرتَخَصٍ إن عبَّسَت كُرَبٌ / او كشَّرَ الخطبُ عن شدقيهِ فاتَّسَعا
ردَّ المصيبةَ بالمنديلِ مفتخراً / مثلَ الصبايا – بانَّ الجفن قد دَمعا
او عابث ٍ من فِلَسطينٍ ومحنتِها / ألفى مَعيناً فالقى الدَلوَ وانتزَعا
او سارقٍ لا لقَعر السِجنِ مَرجِعهُ / لكنْ إلى الجاهِ وَثّاباً ومُرْتفِعا
شَدُّوا بذيل غُرابٍ امَّةً ظُلِمَت / تطيرُ ان طارَ او تَهوي إذا وقَعَا
وَخوَّفوها ب " دُبٍ " سوف ياكلُها / في حين " تسعون عاما " تألفُ السَبُعا
وضيَّقوا أفقَ الدنيا باعينِها / مما استجدُّوه مِن بغيٍ . وما ابتُدعا
و اودَعوا لغلاظٍ من " زَبانيةٍ " / حَمْقى حراسة قِرطاسٍ لهم وُضِعا
وذاك معناهُ أنْ بيعوا كرامَتكُم / بيعَ العبيد بتشريعٍ لكم شُرِعا
يا نادبينَ فلسطيناً صدعتُكُمُ / بالقول لا مُنكَراً فَضْلاً لكم صَدعا
ولا جَحوداً بان الليلَ يُعقبه / فَجرٌ تفجَّّرُ كمه الشمس مُطَّلَعا
ولست أنكِرُ أن قد قارَبَتْ فُرَصٌ / واوشكت مثقلاتُ الدَهر ان تَضَعا
لكن وَجْدتُ القوافي تَشْتَكي عَنتاً / والمنبرَ الحُرَّ يشكو فَرطَ ما افترعا
إن تحمَدوا او تذُمُّوا أنَّ شافعتي / أنّي رأيتُ وما راءٍ كمَن سَمِعا
مررت بالقوم " شُذّاذاً " فما وقعت / عيني على مُستمنٍّ غيره ضَرعا
ولا بمُلْقىً واهليه بقارعةٍ / ولا بحاملة في الكُور مَن رضَعا
ولا بمن يحرِس " الناطورُ " ارجلَهُم " / مهروءة سَهَّلت للكلب منتزَعا
وعندنا " سِلعةٌ " تُصفي البنينَ لنا / نُغلي – ونُرخصها – في الأزمة السِلعا
وجدتُها عندَهم زهواً منورةً / البيتَ والبحرَ والاسواقَ والبِيَعا
بينا تُراقص بالانغام صاحبَها / اذا بها تُوسِع ( الالغامَ ) مُزدَرَعا
ونحن ما نحن قطعانٌ بمَذْأبَةٍ / تساقَطت في يدَي رُعيانِها قِطَعا
في كل يومٍ " زعيمٌ " لم نجدْ خَبَراً / عنه ولم ندر كيف اختيرَ واختُرِعا
اعطاهموا ربُّهم فيما اعدَّ لهُم / من الولائم صَفّوا فوقَها المُتَعا
كأسَينِ كاساً لهم بالشُهد منزعةً / وللجماهير كأساً سَمُّها نَقَعا
قتالةً خوف ان لا تُستَساغَ لهم / اوصاهُمُ ان يُسَّقَوهم بها جُرَعا
وان يَصُبّوا عليها من وُعودِهُمُ / كالشِعر مكتمِلا – سهلاً ومُمتنِعا
من ذا يرُدُّ لنا التاريخَ ممتلِئاً / عِزاً وإن لم نُرِدْ ردّاً ومرتَجَعا
كانوا يذمُّون ( ربّاً ) بالعصا قُرِعا / ويغضَبون لأنفٍ منهم جُدِعا
ويبعثَون قِتالاً أنَّ " قُبَّرةً " / ضيمَت وأن " بَسوساً " ذيلُها قُطِعا
وكانَ من فتْحِ عمّوريةٍ مَنَعت / حُماتَها حَوَّمَ العقبان أنْ تَقَعا
نداءُ صارخةٍ بالرومِ " معتصِماً " / لم يألُ ان ادركَتْها ( بُلْقُه ) سَرعَا
حميَّةٌ لو اخذناها ملطَّفةً / بالعلم طابَت لنا رِدءاً ومُدَّرَعا