ألُؤلُؤٌ دَمْعُ هذا الغيْثِ أم نُقَطُ
ألُؤلُؤٌ دَمْعُ هذا الغيْثِ أم نُقَطُ / ما كان أحْسنَنَهُ لو كان يُلتَقَطُ
بينَ السّحابِ وبينَ الريحِ مَلحمَةٌ / قعاقِعٌ وظُبىً في الجوِّ تُخْتَرَطُ
كأنّهُ ساخِطٌ يَرضى على عَجَلٍ / فما يدومُ رِضىً منه ولا سَخَط
أهْدى الرّبيعُ إلينا روضةً أُنُفاً / كما تَنَفّسَ عن كافورهِ السَّفَط
غمائمٌ في نواحي الجوِّ عاكفَةٌ / جَعْدٌ تَحَدَّرَ منها وابلٌ سَبِط
كأنّ تَهْتانَها في كُلِّ نَاحِيَةٍ / مَدٌّ من البحرِ يعلو ثم ينهبط
والبَرْقُ يَظهرُ في لألاءِ غُرَّتِهِ / قاضٍ من المُزْنِ في أحكامه شَطط
وللجَديدَينِ من طُولٍ ومِن قِصَرٍ / حَبْلانِ منُقَبضٌ عنّا ومُنبَسط
والأرْضُ تبسُطُ في خدِّ الثرى وَرَقاً / كما تُنَشَّرُ في حافاتها البُسُطُ
والرّيحُ تَبعَثُ أنفاساً مُعَطَّرَةً / مثلَ العبيرِ بماءِ الوَرد يختلطِ
كأنّمَا هي أنفاسُ المعِزِّ سَرَتْ / لا شُبْهَةٌ للنّدى فِيهَا ولا غَلَط
تاللّهِ لو كانتِ الأنْواءُ تُشْبِهُهُ / ما مَرَّ بُوسٌ على الدّنْيا ولا قَنَط
شَقّ الزمانُ لنا عن نورِ غُرّتِهِ / عن دولةٍ ما بها وَهْنٌ ولا سَقَط
حتى تسلَّطَ منْهُ في الورى مَلِكٌ / زينَتْ بدولتِهِ الأملاك والسُّلَط
يخْتَطُّ فوقَ النٌّجوم الزُّهْرِ مَنزِلَةً / لم يَدْنُ منها ولم يُقْرَنْ بها الخِطَط
إمامُ عدْلٍ وفَى في كلِّ ناحِيةٍ / كما قضَوْا في الإمامِ العدلِ واشترطوا
قد بانَ بالفضلِ عن ماضٍ ومُؤتَنِفٍ / كالعِقدِ عن طرَفَيْه يفضُلُ الوسَط
لا يغتدي فَرِحاً بالمالِ يجمعُهُ / ولا يبِيتُ بدُنْيا وهو مغتبط
لكنّهُ ضِدُّ ما ظَنَّ الحسُودُ بهِ / وفوقَ ما ينتهي غالٍ ومُنبسِط
يُزْري بفَيض بحارِ الأرض لو جُمعتْ / بنانُ راحتهِ المُغلَولِبُ الخَمِط
وجْهٌ بجَوْهَرِ ماء العرْشِ مُتّصِلٌ / عِرْقٌ بمحض صريحِ المجد مرتبط
شمسٌ من الحقّ مملوءٌ مطالِعُها / لا يهتَدي نحوها جَورٌ ولا شَطَط
يُرَوِّعُ الأُسْدَ منه في مكامنِها / سيْفٌ له بيمِينِ النّصْرِ مخترَط
خابتْ أُمّيةُ منه بالّذي طلبَتْ / كما يَخيبُ برأسِ الأقْرَعِ المُشُط
وحاولوا من حضيض الأرض إذ غضِبوا / كواكباً عن مرامي شأوِهَا شَحَطوا
هذا وقد فَرّقَ الفُرقانُ بينكما / بحيْثُ يفترِقُ الرِّضْوانُ والسَّخَط
الناسُ غيركُم العُرقوبُ في شَرفٍ / وأنْتُمُ حيْثُ حَلَّ التّاجُ والقُرُط
ولستُ أشكُو لنفْسي في مودَّتِكُم / لأنّكُمْ في فؤادي جِيرةٌ خُلُط
يا أفضلَ الناس من عُرْبٍ ومن عَجَمٍ / وآلِ أحمدَ إن شبّوا وإن شَمِطوا
لِيَهْنَكَ الفَتْحُ لا أنّي سمِعتُ بهِ / ولا على اللّهِ فيما شاءَ أشْتَرِط
لكن تفاءلْتُ والأقدارُ غالِبَةٌ / واللّهُ يَبْسُطُ آمالاً فتنبسِط
ولستُ أسألُ إلاّ حاجَةً بَلَغَتْ / سُؤلَ الإمام بها الرُّكّاضَةُ النُّشُط
من فوْقِ أدهَمَ لا يَجتازُ غايَتَهُ / نجمٌ من الأفُقِ الشمسيِّ منخرط
يَحْتَثُّهُ راكبٌ ضاقَتْ مذاهبُهُ / بادي التشحُّبِ في عُثْنُونِه شَمَط
إنّ الملوكَ إذا قِيسوا إليكَ معاً / فأنتَ من كثرةٍ بحرٌ وهم نُقَط