أَطاعَ دمعي وصبري في الغرام عَصى
أَطاعَ دمعي وصبري في الغرام عَصى / والقلبُ جرّعَ من كأس الهوى غصصا
وإنَّ صفو حياتي ما يكدِّره / إلاّ اشتياقي إلى أَحبابيَ الخلصا
ما أَطيبَ العيشَ بالأحباب لو وصلوا / وأَسعدَ القلبَ مِن بلواه لو خللصا
زمُّوا فؤادي وصبري والكرى معهم / غداةَ بانوا وزمُّوا للنّوى القلصا
وقفتُ أُتبِعهم قلبي يسايرهم / وأُرسلُ الدَّمعَ في آثارِهم قَصصا
ومقلة طالما قرَّتْ برؤيتهم / أَضحى السُّهادُ لها من بعدِهم رمصا
لم تحدر الدَّمعَ إلاّ أَنّها رفعتْ / إلى الأحبةِ من كربِ الهوى قصصا
رخصتُ بعدَ غلائي في محبتكم / وربَّ غالٍ عزيزٍ هانَ إذ رخصا
أَرى أَمانيَّ منكم غيرَ صادقةٍ / كذا حديث المنى ما زال مخترصا
يا هل تعودُ ظلالُ العيشِ سابغةً / وكيف يرجعُ عيشٌ ظلُّهُ قلصا
وحبّذا فُرَصٌ للدَّهرِ ممكنةٌ / والدَّهرُ من لم تزلْ أَوقاتُهُ فرصا
لهفي على عُنْفُوانِ العمرِ كيف مضى / عني وشيكاً ولما تمّ لي نقصا
ما كنتُ أَعلمُ ريعانَ الصِّبا حلماً / إذا انقضى أَصبحتْ لذّاته نُغصا
أَيامَ أَخلعُ في اللهوِ العذارَ كما / أَهوى وأَلبسُ من أَطرابهِ قُمصا
أَيامَ لا رَشَئي يعتادُهُ مَلَلٌ / ولا رِشاء الصِّبا من قبضتي ملصا
إذ الليالي بما أَهوى مُساعفتي / تدني إلى النُّجحِ آمالاً إليَّ قصى
أَروحُ ذا مَرَحٍ بالوصل مبتهجاً / أَنالهُ سُؤله من دهره الحصصا
أَطاعت الغانيات الغيد منه فتىً / إذا لحي في هَواهنَّ العذول عصى
ما بالُهنَّ زهدْنَ اليومَ فيه وقد / أَفادَهُ الشَيبُ تجريباً وثقلَ حصى
كرِهْنَ بعدَ سوادِ شيبِ لمّتهِ / لما رأَينَ بياضاً خلْنَهُ بَرَصا
بمهتجي رشأٌ قلبي له قنصٌ / فيا له رشأ للأُسدِ مُقتنصا
تمضي عزائمهُ في قتلِ عاشقهِ / عمداً ويطلبُ في تعذيبهِ الرُّخَصا
يا لائماً بشِباكِ العذلِ يقنصني / ولستُ إلاَّ لأشراكِ الهوى قَنَصا
بغيتَ راحة من تعتاصُ سلوته / وأَتعبُ الناسِ من يبغي الذي عَوِصا
لا تحرصنَّ على ما أَنتَ طالبُه / فربّما حُرمَ المطلوبَ من حرصا
تبغي بقرعِ عصا التقريع لي رَشَداً / كما ينبّأ ذو حلم بقرع عصا
أَقصرْ فلي شَعَفٌ بالمجدِ طالَ له / باعي وطرفُ حسودي دونه بخصا
وأنصفَ الدهر كان الفضل في دَعَةٍ / منه وعاثرُ حظِّ الفضل منتعصا
ربَّى الزَّمانُ بنيه شرَّ تربيةٍ / فالجهلُ ذو بطنةٍ والفضلُ قد خمصا
ولا زمانُ الإمام المستضيء لنا / لما امتحى ذنب أَيامي ولا محصا
مَن أَلزم اللّه كلَّ الخلقِ طاعته / مُخوّفاً منه عصياناً وشقّ عصا
مَن لا خمائلاَ لولا سحبُهُ هطلتْ / ولا مخايلَ لولا برقُهُ وبصا
قد عاشَ في العزَّةِ القعساءِ حامدُهُ / وماتَ جاحدُهُ من ذِلّةٍ قعصا
مولى لراحةِ أَهلِ الأَرضِ راحتهُ / وكم يُفرِّج عنّا الحادث اللَّحصا
بالجودِ للمعتفي حلو الجنى سلساً / بالبأْسِ للمعتدي مُرُّ الإبا عفصا
يا سَيِّدَ الخلفاءِ الأَوصياءِ ومَن / نَبْتُ المنى منه في روضِ النّجاح وصى
يا مُحكاً كلَّ نظمٍ للزَّمان وهَى / وجابراً كلَّ عظمٍ للمُنى وهصا
بالحقِّ إن دانتْ الدُّنيا له ودنا / سحابُ معروفهِ الهامي إذا نشصا
أَنمتَ عدلاً عيونَ العالمينَ بما / أَذهبتَ عنها القَذَى والرَّينَ والغمصا
عدوكم واقعٌ في الرُّعبِ طائرُهُ / حتى لقد حسبَ الدُّنيا له قفصا
وحسبُ كلّ حسودٍ أَنَّ ناظره / إلى مهالكه من حيرة شخصا
يا خيرَ مَنْ حجَّ وفدُ اللهِ كعبتَهُ / على المطيِّ الذي في سيرِهِ قمصا
وما توجَّه ذو عزمٍ إلى أملٍ / إلاّ لدى بابهِ عن حَجِّهِ فحصا
سأَجتدي وابلاً من جودِه غَدِقاً / وأَمتري حافلاً من خِلْفهِ لَخصا
وإنَّ عنديَ ذا التوحيد من شَكَرَ ال / نعمى لديكَ وذا الإشراك من غمصا
من ذا الذي سارَ سيري في ولائكمُ / غداةَ قالَ العدا لا سيرَ عند عصا
بعثي على الحقِّ أَصفى مصر من رَنقٍ / بها وأَخرس منها باطلاً نبصا
ونالَ عبدُكَ محمودٌ بها ظفراً / ما زالَ يرقُبهُ من قبلُ مرتبصا
كلبُ الفرنجِ عوى من خوفِ صولته / وقيصرُ الرُّومِ مِن إِقدامهِ معَصا
سطا فكم فِقْرَةٍ للكفرِ قد وُقمتْ / وكم وكم عيقٍ للشّركِ قد وقصا
من خوفِ سطوته أَنَّ العدوَّ إذا / أَمَّ الثُّغورَ على أَعقابهِ نكصا
ورُبَّ معتركٍ رحب الفضاءِ به / أَضحى على مَسعريهِ ضيّقاً لقصا
لما انتشى الهامُ مِن كأسِ النّجيعِ به / غَنَى المهنّد والخطيُّ قد رقصا
وللكُماةِ على أَهوالها نَهَمٌ / نامٍ كأنَّ بها نحو الرَّدى لعصا
والحربُ عضّتْ بأنيابٍ لها عُصُلٍ / والصَّفُّ أَحكم من أَضراسها لصصا
والبِيضُ فيه بقدِّ البيضِ ماضيةٌ / والسَّمرُ تخترقُ الماذيّة الدُّلُصا
وكلُّ نفسِ مشيحٍ رهنُ ما كسبتْ / والسّامريُّ رهينٌ بالذي قبصا
ومن دماءِ مساعيرِ الهياجِ نرى / على سوابغها مِن نضحها نُفَصا
أعادَ عبدُكَ نورُ الدِّين منتصراً / ما كان يغلو من الأراحِ مُرتخصا
وكم أخافَ العِدا بالأولياء كما / أَخافت الأسد في إصحارها النُّحصا
والمبطلونَ متى طالتْ رقابُهمُ / أَبدى من الهُون في أَعناقها الوقصا
أَعدى نَداكَ أَمير المؤمنينَ على / حظٍ تعدَّى ودهرٍ ريبُهُ قَرَصا
نعشتَ فضلي بإفضالٍ حَلَلْتَ به / من عَقدهِ ما لواهُ الحظُّ أو عَقَصا
تَملُّ مدحَ وليٍ فخرُ ناظمهِ / أنَّ القريضَ إلى تقريظكم خلصا
لا يصدقُ الشِّعرُ إلاّ حينَ أَمدحكُم / وكلُّ مدحٍ سوى مدحيكُمُ خرصا
وكيف أحصي بنطقي فضلَ منتسبٍ / إلى الذي في يديهِ نطقُ كلِّ حصى