المجموع : 3
أيامُ مُلْكِك أَعيادٌ وأَعراسُ
أيامُ مُلْكِك أَعيادٌ وأَعراسُ / فيها المَسرّاتُ أنواعٌ وأَجْناسُ
للهِ هِمّتُك العَلْياء كم جَمَعت / من خَلةٍ عاش منها الفضلُ والباس
تمكَّنَ النُّجْحُ من آمالِ سائلها / كما تأكدَ من حُسّادها الباس
ما يَرفع اللهُ في اَعْلى العُلى شَرَفا / إلا وَقْدْرُك فيه القلب والراس
آياتُ شكرِك في الأفواهِ جائلةٌ / كأنها لنفوسِ الخَلْقِ أنفاس
مَحاسنٌ كلما مَرّتْ على بصرى / ومِسْمَعي فَعلتْ ما تفعل الكاس
تُلْهِي المُحدِّثَ عن أَوْلَى الحديثِ به / كأنها لعقولِ الناس أَمْراس
ضاقتْ بها الكُتْب فالأيامُ ناسِخةٌ / والبحرُ نِقْس ووجه الأرض قرطاس
هذا على أن كُتْب الفضلِ قاطبةً / في بعضِ سِيرتِك العَلْياء كُرّاس
أجملتُ في كل فضلٍ ذِكْرَ سادتِه / فمدحُ غيرِك فيما بعدُ وَسْواس
وجُدْتَ بَدْءاً وعَوْدا غيرَ مُتَّئدٍ / كأنّ مالَك للقُصّاد أَحْباس
جودَ يَبيعُك ساداتِ الملوك بما / تُوليهمُ فهْو جَلاَّب ونَخّاس
وسار عدلُك في الدنيا فلو لَحِقتْ / أيامَه وائِلٌ ما عاش جَسّاس
عدلٌ به بان وجهُ الحَقِّ فهْو له / في كل فنٍّ مَدَى الأيامِ قسطاس
وهيبة تَتَنزَّى من مخافتِها / أُسْدٌ في قلوب الأُسد أَخْياس
يا روضَ فضلٍ جُيوشيٍّ له ثَمَرٌ / بالمرتضَى مُجْتَناهُ الجودُ والباس
روضٌ له أَرَجٌ يَسْرى الثناء به / فيَخْجل الوردُ والنَّسْرين والآس
أنوارُ شمسِ المَعالي فيه ظاهرةٌ / في الضوء شمسٌ وفي الإظلامِ مقْباس
غصنٌ سَما فرعُك العالي المُنيفُ به / في الروع صُلبٌ وعند الجود مَيّاس
فراسة لك فيه غيرُ خائبةٍ / وخاطرٌ في فنون الفضل هَجّاس
أَدنيتَه منك تقريباً فكان له / به جمالٌ وإجلال وإيناس
أَلبستَه حُلةً صِينتْ مَحاسُنها / له وحَسْبُك ملبوسٌ ولَبّاس
قَرَنْتَ في فَلك التوفيق بَدْرَك ذا / بالشمس حيث نجومُ الأُفْق جُلاّس
وعَرَّس الفخرُ في العُرْس الذي عَظُمت / أوصافُه وجَرتْ لي فيه أَفْراس
من كل قافيةٍ ذلتْ صعوبتُها / لخاطرِي وهْي بالألبابِ مِشْماس
ضَمّنتُها مدحَ شاهِنْشاهَ فهْو بها / دُرٌّ حَوتْه من الدِّيباج أكياس
لم يبق في الأرض قُطْرٌ لا يُعطِّره / كأنما لمَطايا الريحِ أَحْلاس
يا أفضلَ الناس قولا فاقَه عملٌ / وكلُّ قولٍ له الأفعال آساس
بقيتُما كبقاءِ الدهرِ في دعةٍ / ومن يُعاديكما للضُّرِّ بُرْجاس
حتى تسوسَ بَنُوه كل مملكةٍ / وأنت سائُسهم في كلِّ ما ساسوا
قُمْ نَصْطِبح عند نَقْرات النَّواقيسِ
قُمْ نَصْطِبح عند نَقْرات النَّواقيسِ / واشربْ على حسنِ ألحانِ الشَّمامِيس
فدير شَهْران مشهور الجمال على / ما فيه من عُظْمِ تقديسٍ وتنكيس
قد قلتُ لما تَبدَّت لي هَيا كلُه / كالروض من كل شَمّاس وقِسّيس
أغاب رضوانُ أم كَلَّت عزيمتُه / عن غلق أبواب جَنات الفَراديس
فاخلعْ عِذارَك معْ من لا عِذارَ له / ما دام حظُّك فيه غيرَ منحوس
رقَّتْ حواشيّ هذا اليوم وابتسمتْ / لأهله بِيعةٌ من كل قِسيس
على الغصون قيامٌ من حمائمه / وما اقترحتَ عليها غيرُ محبوس
وللنَّواعيرِ نَعْراتٌ عَلَتْ فحَكتْ / على الجداولِ أحداقَ القَواديس
والطلُّ يَنْفَحُ مسكا من أزاهره / والأرضُ تفتح أذنابَ الطواويس
فلو تَصاممت عن داعي السرور به / أجاب دونَك سكان النواويس
وليلةٍ مثل عين الظْبيِ سرتُ بها / في راحةٍ مثلِ ظهر الطِّرس مطموس
حتى اهتديتُ إلى دير القَصير فما / قَصَرتُ دمعي بشيء غير تَعْريس
وقلت للقس جُدْ لي من مُعتَّقةٍ / بها اهتديتُ عليها في الحَناديس
ولا تَجُدْ بمدامٍ غيرِ قانيةٍ / في جنة الخلد كانت شرب إبليس
فنَفَّس الدنّ عن صهباءَ صافيةٍ / عن القناديل أَعنتْ والفوانيس
حتى أتى بعد يأسٍ وهْي في يده / كأنه أسد في جوف عرّيس
وإنْ أتْتك عروس الدنِّ مُسِفرةً / فانثرْ على الكأس فيها فَضْلةَ الكيس
كم قد رأيتُ بهذا القصر من مَلِكٍ
كم قد رأيتُ بهذا القصر من مَلِكٍ / دارتْ عليه صروفُ الدهر فاخْتُلِسا
كأنه والذي قد كان يجمعه / طيفٌ تَصوَّر للرائي إذا نَعَسا