المجموع : 7
المَرءُ يَجمع والدّنيا مفرّقةٌ
المَرءُ يَجمع والدّنيا مفرّقةٌ / والعمرُ يذهب والأيّامُ تُختَلَسُ
ونحن نَخبِطُ في ظلماءَ ليس بها / بدرٌ يضيءُ ولا نجمٌ ولا قَبَسُ
فَكم نرتّقُ خَرْقاً ليس مُرْتَتِقاً / فيها ونحرسُ شيئاً ليس ينحرسُ
وَكَم نَذِلُّ وَفينا كلُّ ذي أَنَفٍ / ونستكينُ وفينا العِزُّ والشَّوَسُ
وَكيفَ يَرضى لبيبٌ أنْ يكون له / ثوبٌ نقيٌّ وعِرْضٌ دونه دَنِسُ
أَم كَيفَ يُطْبَقُ يوماً جَفنُ ذي دَنَسٍ / وَخلفهُ فاغِرٌ لِلمَوتِ مفترسُ
تَقولُ لي وَأَماقيها مُطفّحةٌ
تَقولُ لي وَأَماقيها مُطفّحةٌ / مَن ذا أَبانَ على صبغِ الدُّجى قَبَسا
مَن ذا الّذي عَلَّ مِن فَوْدَيك لونَهما / وَسلّ حسنك فيما سلَّ أو خَلَسا
ما لي أَراكَ ونورُ البدر منكسفٌ / في وجنيتك وخطٌّ فيهما طُمِسا
كَأنَّما أَنتَ رَبْعٌ ضلّ ساكنُهُ / أَو مَنزلٌ عَطَلٌ من أهله دَرَسا
ما ضَرَّ شَيباً وَقَد وافى بِمَنظرهِ / تقذَى النّواظرُ لَو أَبطا أَو اِحتَبسا
أَما عَلمتَ بأنّا معشرٌ جُزُعٌ / نقلِي الصَّباحَ وَنَهوى دونه الغَلَسا
فَقلتُ ما كان مِن شَيءٍ عصيتُ به / رَبّي وإنْ ساءَ منّي القلبُ محترسا
وَما الشّبيبة إلّا لُبْسَةٌ نُزِعَتْ / بُدِّلتُ منها فلا تستنكري اللُّبَسا
وَفيَّ كلُّ الّذي تهوين من جَلَدٍ / فما أبالي أقام الشّيبُ أم جلسا
لا تَطلبي اللّهوَ منّي وَالمشيبُ علا / رأسي فإنّ قعودَ اللّهو قد شَمسا
وَلا ترومي الّذي عُوِّدتِ من مَلَقٍ / فكلُّ ما لان مِن قلبي الغَداة قسا
لَمّا أَتاني ودُرٌّ في مقلَّدِهِ
لَمّا أَتاني ودُرٌّ في مقلَّدِهِ / وَاِفتَرَّ يَبسم عَن مثلِ الّذي لَبِسا
عَطفتُ منهُ عَلى ضَعْفِي فظاظَتَهُ / فَلم يَلِنْ لِي على رِفْقِي به وقسا
فَظلّ يهتك منّي كلّ مُكتتَمٍ / جوىً ويسفح دمعاً كان مُحْتَبَسا
وَقال لي أنتَ مسلولٌ فقلت له / ما كان ذاك ولكنْ ربّما وعسى
صَدّتْ وَما صدّها إلّا على ياسِ
صَدّتْ وَما صدّها إلّا على ياسِ / مِن أَن ترى صِبغَ فَوْدَيها على راسي
أَحبِبْ إِليها بليلٍ لا يضيء لها / إلّا إِذا لَم تَسر فيه بمقباسِ
وَالشّيبُ داءٌ لربّاتِ الحِجالِ إذا / رَأينَهُ وَهْوَ داءٌ ما لهُ آسي
يا قُربَهُنّ وَرَأسي فاحمٌ رَجِلٌ / وبُعدَهنّ وشيبي ناصعٌ عاسي
ماذا يُريبك مِن بَيضاء طالعةٍ / جاءتْ بحلمي وزانتْ بين جُلّاسي
وَما تبدّلتُ إلّا خَير ما بَدَلٍ / عُوِّضْتُ بالشّيبِ أنواراً بأنقاسِ
هَيهاتِ قَلبُك مِن قلبٍ ذهبتِ به / هَذا الضّعيف وَذاكَ الجلمد القاسي
تجزين وَصْلي بهجرٍ منك يمزج لي / كَأسَ المُنى وَهْيَ صِرْفُ الطّعم بالياسِ
وَنابحٍ بِيَ دلَّتْهُ غَباوتُهُ / حتَّى فَرَتْهُ بأنيابي وأضراسي
عَوى وَلَم يدرِ أنّي لا يُروِّعُنِي / مِن مثلِهِ جَرْسُهُ من بين أجراسي
فَقُل لِمَن ضَلَّ عَجزاً أن يسامِيَنِي / يا بُعْدَ أَرضِكَ من طَوْدٍ لنا راسِ
وَأَينَ فرعُك مِن فَرعي وَمُنشَعَبي / وأين أصلُك من أصلي وآساسي
يا قومُ ما لي أرى عِيراً مُعَقَّلَةً / يُثيرهنَّ اِعتِسافاً نخسُ نخّاسِ
وَالشرُّ كالعُرِّ يُعدي غيرَ صاحبِهِ / وَالكأس يَنزعها من غيره الحاسي
وَقَد عَلِمتمْ بِما جرّتْ وما شعرتْ / على العشائر دهراً كفُّ جسّاسِ
وَأنّه واحدٌ شبّتْ جنايتُهُ / ناراً تَضَرّمُ في كُثْرٍ من النّاسِ
وَإنّما هاج في عَبْسٍ وقومِهُمُ / بني فزارةَ حَرْباً سَبْقُ أفراسِ
وَالزِّبرقانُ اِنتَضى قول الحُطَيئةِ في / أعراضِهِ خدعةً من آلِ شَمّاسِ
كَم تَنبذونَ إِلَينا القولَ نحسِبُهُ / ترمي إِلينا به أعجاسُ أقواسِ
يَحُزُّ في الجلد منّا ثمّ نَحملُهُ / بُقياً عليكمْ على العينين والرّاسِ
فَكم تَدرّون شرّاً كلّ شارقةٍ / وإنّما الشرُّ يُستَدنى بإبساسِ
وَتَحمِلونَ لَنا خَيلاً على جَددٍ / مِنَ الطريقِ على مُستَوعِرٍ جاسِ
وَكَيفَ يصلحُ قومٌ لَم يَصِخُ لهمْ / سمعٌ إلى عَذْلِ قُوّامٍ وسُوّاسِ
ضلّوا كما ضلّتِ العَشْواءُ يُركِبُها / جُنْحُ الدُّجى ظهْرَ أجراعٍ وإرهاسِ
لمّا حماها سوادُ الليل عن نظرٍ / يهدي الطّريقَ تقرّتْهُ بأنفاسِ
أما علمتُمْ بأنّا معشرٌ صُدُقٌ / وأنّنا في التّلاقي غيرُ أنكاسِ
وإنْ مشينا نجرّ الزَّغْفَ تحسَبُنا / آسادَ بِيشَةَ تمشي بين أخياسِ
وَأنّنا لا يَمَسُّ الذّمُّ جانبَنا / ولا يَهُمُّ لنا ثوبٌ بأدناسِ
وَتَحسب الجارَ فينا من نزاهتِهِ / مُعرِّساً في الثريّا أيَّ إعراسِ
إِنّي أَخافُ وَقد لاحتْ دلائلُهُ / طلوعَ يومٍ بوَدْقِ الموتِ رجّاسِ
يُلْفى حَليمكُمُ غيرَ الحليم به / وَكيّسو القوم فيهِ غيرَ أكياسِ
والرُّمحُ يَنْطِفُ في خدّ الثّرى عَلَقاً / نَطْفَ المزابرِ في حافاتِ قِرطاسِ
يومٌ يَرى منكُمُ فيه عدوُّكُمُ / ما شاء من قَطْع أرحامٍ وأَمراسِ
لا تطرحوا النُّصْحَ مِنِّي وهْو مُتَّبَعٌ / طَرْحَ المُبِنِّ بأرضٍ سُحْقَ أحلاسِ
وَلا تَكونوا كَمَن لَم يدرِ في مَهَلٍ / مِن ساعةِ الأمن عُقْبى ساعةِ الباسِ
فَإنّما يذكر الإنسانُ حاضرَهُ / وكلُّ أمرٍ بما يمضِي به ناسِ
قَد زرتَ لَيلةَ هوّمنا عَلى العيسِ
قَد زرتَ لَيلةَ هوّمنا عَلى العيسِ / ونحن نطوِي الفَلا من غير تعريسِ
زِيارةً إِنْ تكنْ زوراً فقد نفعتْ / ونفَّسَتْ من خِناقٍ أيِّ تنفيسِ
وَمُتعةٍ لم يسر فيها الملامُ ولا / أُطيعَ أمرٌ بها يوماً لإبليسِ
أمسكتُ نفسي بها والهمُّ يَحفزُها / حَفْزَ الرّياح ثرى البِيدِ الأماليسِ
ماذا أَردتَ بما أولَيْتَنِيهِ فقدْ / أنِستُ من جَزْعِ وادٍ غير مأنوسِ
وَكَيفَ عاجَ شبابٌ لا اِزوِرارَ بهِ / وَلا اِعوِجاجَ على شَيْبٍ وتقويسِ
وَما ظَننتُ طَليقاً ما لَهُ أرَبٌ / يأتي بجُنْحِ اللّيالي رَبْعَ محبوسِ
حَلفتُ بِالبيتِ مَلْقى اللّائذين بهِ / هُناكَ ما بينَ تَسبيحٍ وتقديسِ
أَتَوْه مثرِيَّةً ذنباً أكفُّهُمْ / وفارقوه بأَيْمانٍ مفاليسِ
والمَوْقِفَين ومن ضحّوا على عجلٍ / عند الجمِار من الكُوم المقاعيسِ
وما أراقوه من جاري دمٍ بمنىً / وأنشروا من نَجيعٍ ثَمَّ مَرْموسِ
للمالُ أبذُلُهُ للطّالبين له / جزءٌ من المال مغموماً به كيسي
والذّكرُ منّي وإنْ رُحِّلْتُ تنقله / نجوىَ الرّجال وأسطارُ القراطيسِ
وَإنْ بقيتُ فَللعلياءِ أَركبها / وَالمَجد ما بين تصبيحٍ وتغليسِ
وَلِلمآربِ وَالحاجاتِ أَبلغُها / في المَأثُراتِ عَلى رَغمِ المَعاطيسِ
وَإِنْ هُدِمْتُ كما شاءَ العدا بردىً / فما تهدّم بنيانِي وتأسيسي
وإنْ فُقِدْتُ فلم يُفقَدْ كما علموا / قهري الأساودَ والآسادَ في الخِيسِ
فَلَيسَ تَعريسُ مَن يرمي به قدرٌ / قعرَ الحَفيرةِ إلّا كالتّعاريسِ
وَما حَنينِيَ إلّا لِلعَلاءِ إِذا / حنّ الرّجالُ إلى هذي الطّراميسِ
وَسيّرتْ سيرتي صحفُ الرُّواة وكم / من الأحاديث ملقىً غير مطروسِ
أغدو وعِرْضيَ محروسٌ بلا أَمَلٍ / يَسمو إليه ومالي غيرُ محروسِ
عَزَّ الّذي لا يبالي أين مسكُنُه / ولا يفرّق بين الخَفْضِ والبوسِ
يا للرّجالِ لهمٍّ باتَ يَصحَبُني / أَنّى أَقمتُ وفي سيري وتعريسي
كَأنّني راكبٌ منهُ عَلى حَذَرٍ / قَرا طريقٍ خفيّ الأثْرِ مطموسِ
لَم يُعيِني بعد أن أعيا الرّجال معاً / من بين شُمٍّ كنجم الأُفق أو شُوسِ
ولم يَرُعْنِي وقد راعت صواعقُهُ / وسْط العرينِة أحشاءَ العنابيسِ
وَلا مزيّةَ لَولا ما يَجيء بهِ / فضلُ الفتى بين مسعودٍ ومنحوسِ
ولم أكنْ قبلُ في فضلٍ بمتَّبِعٍ / ولم أكنْ قطُّ في حيٍّ بمدموسِ
سَلْ عن ضِرابي وَعَن طَعني لدَى رَهَجٍ / نحرَ الكميِّ وهاماتِ الكراديسِ
وَالسُّمرُ تترك في كفّي نحورَهُمُ / مقسومةً بين معضوضٍ ومنهوسِ
وَالبيضُ تُسْمِعُ في هام الرّجال وفي / أعضائهمْ مثلَ أصواتِ النّواقيسِ
جاؤوا صحاحاً بلا جُرحٍ ولا أثرٍ / ثُمّ اِنثنَوا بين مضروبٍ ومدعوسِ
وإِنَّنِي كلَّ من شاغبتُ أفرِسُهُ / ولم أزلْ في الأعادي غيرَ مفروسِ
لا أَوحشَ اللّهُ منّي كلَّ مُضطَجَعٍ / منَ الفخارِ ولا رَحْلي ولا عِيسي
وَلا رأَتْنِيَ عينٌ قطّ مرتدياً / عاراً ولا كان من شنعاء ملبوسي
بُخِسْتُ دونَ الورى ظلماً وما نظرتْ / عينايَ ذا مأثُرَاتٍ غيرَ مبخوسِ
وَقَد قبستُ جميلاً دونَهم بيَدي / وأيُّ خيرٍ لفضلٍ غير مقبوسِ
كُن مالِكاً قمَم السّاداتِ كلِّهمُ / أو لا فكن مفرداً في قِمّة القُوسِ
إِنْ كانَ بَيتُك خِلْواً لا جميلَ به / فإنّ بيتِيَ منه غيرُ مكنوسِ
وَإِن تَكُن في مَلامِ القومِ منغمساً / فإنّني في ملامٍ غيرُ مغموسِ
وَإِنْ تَوقّفتَ عَن مَغْنَى العُلا فعلى / وادي الفَضيلة تَوقيفي وتَحبيسي
وَما دَنِستُ بعارٍ في الرّجال وما / لَمْسُ الكَواكب إلّا دونَ تَدنيسي
لا تُسكِننّي وكَيْسي أنتَ تعرفُهُ / إلّا جوارَ المناجيب الأكاييسِ
كَأنّ أَوجههمْ مِن نورها غَصَبَتْ / ضوءَ الصّباح وأنوارَ المقاييسِ
ولا تُعجْ بِي على وادي الخمول ولا / شِعْبِ اللّئامِ وأجزاعِ الضَّغابيسِ
فَليسَ منكَ جَميلاً أنْ تجاورَ بِي / مع الطّهارةِ أبياتَ الأراجيسِ
لَولايَ لَم يهتد الأَقوام كلُّهُمُ / سُبْلَ الكلامِ ولا طُرْقَ المقاييسِ
درستُهُ فهْو مِلْءُ العين تُبصره / غضّ النّواحي جديداً غيرَ مدروسِ
وبِتُّ أُوضحُهُ حتّى جعلتُ بما / كشفتُ ما كان مظنوناً كمحسوسِ
فَما مَشوا فيه إلّا تُبَّعاً أثري / ولا جنوا غيرَ أشجاري ومغروسي
وَكانَ مِن قبل أن محّضتُ صفوتَهُ / مردّداً بين تلبيسٍ وتدليسِ
وَبائراً لا يزالُ الدّهرِ حِليَتهُ / وعاثِرَ الحظّ لولا فَرْطُ تحبيسي
قلْ للألى أطمعوني في وصالِهُمُ
قلْ للألى أطمعوني في وصالِهُمُ / حتّى طمعتُ فألقوني على الياسِ
وقد غُرِرْتُ بهمْ دهراً بلا سببٍ / وأغبنُ النّاسِ مَن يغترّ بالنّاسِ
همْ عوّضونِيَ هجراً من مواصلةٍ / وأبدلونِيَ إيحاشاً بإيناسِ
ولو علمتُ بما لي في صدورهُمُ / قطعتُ منهمْ قُبيلَ اليوم أمراسي
فما قرعتُ لهمْ باباً لأدخلَهُ / ولا رفعتُ إليهمْ مرّةً راسي
لكنْ جنيتُ على نفسي بذاك وكم / تجني اليدان على العينين والرّاسِ
قد كان لِي غَلَسٌ لا فجرَ يمزِجُهُ
قد كان لِي غَلَسٌ لا فجرَ يمزِجُهُ / فالآن فجري بلا شيء من الغَلَسِ
قالوا تَسلَّ فشيباتُ الفتى قَبَسٌ / فقلت ذاك ولكنْ شرُّ ما قبسِ
وزارنِي لم أردْ منه زيارتَهُ / شيبٌ ولم يُغنِ أعواني ولا حرسي
يضيءُ بعد سوادٍ في مطالعِهِ / لفاغرٍ من ردَى الأيّامِ مفترسِ
طَوى قَناتيَ وَاِغتالَت أَظافرهُ / نَحضي وَردّ إِلى تَقويمِهِ شوسي
وَصدّ عَنّي قُلوبَ البيضِ نافرةً / وَساقَني اليومَ مِن نُطقٍ إِلى خرسِ
إِن كانَ شَيبي نقاءً قبلهُ دنسٌ / فَقَد رَضيت بذاكَ المَلبسِ الدنسِ
فَغالَطوني وَقالوا الشيبُ مَطهرةٌ / وَما السوادُ بِهِ شَيءٌ مِنَ النجسِ
وَالعمرُ في الشيبِ مُمتدٌّ كَما زَعَموا / لَكنّه لَم يَدَع شَيئاً سِوى النفسِ