هَل بالمنازِل إن كلّمتها خَرسُ
هَل بالمنازِل إن كلّمتها خَرسُ / أم ما بيانُ أثاف بينَها قَبَسُ
كالكُحل أسودَ لأياً ما تكلمنا / مما عفاه سحابُ الصَيّف الرجسُ
جَرَّت بِها الهَيف أذيالاً مظاهرة / كما تجرُّ ثيابَ الفُوَّة العُّرُسُ
والمالِكيّة قد قالت حكمت وقد / تشقى بك الناقة الوجناء والفرسُ
فقلتُ إن أستفد حلماً وتجربةً / فقد تَردد فيكَ البخلُ والألسُ
وقد يُقصّر عني السير آونةً / بزيزل سَهوة التَبغيل أو سدسُ
وَجناء يصرف ناباها إِذا اعتَمرت / كَما تخمط فحل الصَرمَةِ الهرسُ
لأياً إِذا مَثل الحرباء منتصبا / من الظهيرة يثني جيدها المرسُ
تلقى على الفرج والحاذين ذا خَضَلٍ / كالقِنو أعلق في أطرافه العبسُ
كأنه ناشطٌ هاج الكلابُ به / من وحش خَطمة في عرنينه خنسُ
بانت عليه من الجوزاء أسميَةٌ / وقيل بالسبَط العاميّ يَمترسُ
ثم أتى دف أرطاةٍ بحَنينَةٍ / من الصريمة أواه لها الدّلسُ
منبوذة بمكان لا شعارَ به / وقد يصادف في المجهولة اللمسُ
عَبرته بين أنقاء حنون لها / من الصَريمةِ أعلى تُربها رهسُ
فاجتابها وهو يخشى أن يلطّ به / خوف على أنفِه والسمعُ مُحتَرسُ
يَبري عروقاً ويُبدي عن أسافِلها / كما تليّن للخَرانة الشرسُ
حتى إذا ما انجلت ظلماء ليلته / عند الصباح ولم يستوعب الغلسُ
ومارَ يَنفُضُ رَوقيه ومَتنتَهُ / كما تهزهزَ وقفُ العاجة السَّلسُ
هاجَت به فئةٌ غُضفٌ مُخرَّجَةٌ / مثلُ القداح على أرزاقِها عُبُسُ
وفاجأتهُ سَرايا لا زعيمَ لها / يَقدُمنَ أشعثَ في مارية طَلسُ
مُعصَّباً من صباحٍ لا طعامَ له / ولا رَعيّةَ إِلا الطوفُ والعَسسُ
فكرَّ يَحمي برَوقيه حقيقتَهُ / به عليهنّ إذ أدركنهُ شمسُ
ما إن قليلاً تجلّى النقعُ عن سنَد / وزارع غير ما إن صادَ منبجسُ
ومن دفاف تُحيت الجنب نافذَةً / حمراءُ يخرجُ من حافاتِها النفسُ
ثم تولّي خفيفات قوائمهُ / بالسَّهل يطفو وبالصحراء يمّلسُ
وقد سَبأتُ لفتيان ذوي كرمٍ / قبل الصباح ولَما تُقرع النُقُسُ
صرفاً وممزوجةً كأن شاريها / وإن تشدّد أن يهتابَه هَوَسُ
ثمَّ ظلِلنا تغنّي القومَ داجِنةٌ / لعساءُ لا ثَعَلٌ فيها ولا كَسَسُ
ومُسمعاتٌ وجُرد غيرُ مُقرفةٍ / ثم السنابك في أكتافها قَعَسُ
وجاملٍ كزُهاءِ الّلاب كلّفَه / ذو عَرمَضٍ من مياه القهر أو قُدسُ
ماء قصير رِشَاءِ الدَّلو مُؤتَزِراً / بالخَيزُرَانة لا مِلحٌ ولا نَمسُ
تُوفي الحمامُ عليه كلَّ ضاحيةٍ / وللضفادِع في حافاته جَرَسُ
أَتى الصَريخ وسِربالي مظاهرةٌ / من نسج داود يجلو سكّها اللبسُ
تغشَى البنان لها صوت إذا انبَجست / كما استخفَّ حصيدَ الأبطح اليبسُ