مابالُ عَينِكَ فيها عائِرٌ سَهِرُ
مابالُ عَينِكَ فيها عائِرٌ سَهِرُ / مِثلُ الحَماطَةِ أَغضى فَوقَها الشُفُرُ
عَينٌ تَأَوَّبَها مِن شَجوِها أَرَقٌ / فَالماءُ يَغمُرها طَوراً وَيَنحَدِرُ
كَأَنَّهُ نَظمُ دُرٍّ عِندَ ناظِمِهِ / تَقَطَّعَ السِلكُ مِنهُ فَهوَ مُنتَثِرُ
يا بُعدَ مَنزِلِ مَن تَرجو مَوَدَّتَهُ / وَمَن أَتى دونَهُ الصَمّانُ فَالحَفَرُ
دَع ما تَقَدَّمَ مِن عَهدِ الشَبابِ فَقَد / وَلّى الشَبابُ وَزارَ الشَيبُ وَالزَعَرُ
وَاِذكُر بَلاءَ سُلَيمِ في مَواطِنِها / وَفي سُلَيمٍ لِأَهلِ الفَخرِ مُفتَخَرُ
هُمُ بَنو الحَربِ وَالمَوتِ الذُعافِ إِذا / لاقى الكَتائِبَ مِنهُمُ قادَةٌ صُبُرُ
قَومٌ هُمُ نَصَروا الرَحمنَ وَاِتَّبَعوا / دينَ الرَسولِ وَأَمرُ الناسِ مُشتَجِرُ
لا يَغرِسونَ فَسيلَ النَخلِ وَسطَهُمُ / وَلا تَخاوَرُ في مَشتاهُمُ البَقَرُ
إِلّا سَوابِحَ كَالعِقبانِ مُقرَبَةً / في دارَةٍ حَولَها الأَخطارُ وَالعَكَرُ
تُدعى خُفافٌ وَعَوفٌ في جَوانِبها / وَحَيُّ ذَكوانَ لا ميلٌ وَلا ضُجُرُ
الضارِبونَ جُنودَ الشِركِ ضاحِيَةً / بِبَطنِ مَكَّةَ وَالأَرواحُ تَبتَدِرُ
حَتّى تَوَلَّوا وَقَتلاهُم كَأَنَّهُمُ / نَخلٌ بِظاهِرَةِ البَطحاءِ مُنقَعِرُ
وَنَحنُ يَومَ حُنَينٍ كانَ مَشهَدُنا / لِلدينِ عِزّاً وَعِندَ اللَهِ مُدَّخَرُ
إِذ نَركَبُ المَوتَ مُحضَرّاً بَطائِنُهُ / وَالخَيلُ يَنجابُ عَنها ساطِعٌ كَدِرُ
تَحتَ اللِواءِ مَعَ الضَحاكِ يَقدُمُنا / كَما مَشى اللَيثُ في غاباتِهِ الخَدِرُ
في مَأزِقٍ مِن مَجَرِّ الحَربِ كَلكَلُها / تَكادُ تَأفِلُ مِنهُ الشَمسُ وَالقَمَرُ
وَقَد صَبرنا بِأَوطاسٍ أَسِنَّتَنا / لِلَّهِ نَنصُرُ مَن شِئنا وَنَنتَصِرُ
حَتّى تَأَوَّبَ أَقوامٌ مَنازِلَهُم / لَولا المَليكُ وَلَولا نَحنُ ما صَدَروا
فَما تَرى مَعشَراً قَلّوا وَلا كَثُروا / إِلّا قَد أَصبَحَ مِنّا فيهِمُ أَثَرُ