المجموع : 3
قِف بالشوارع وانظرْ هل لَهُم أَثَرُ
قِف بالشوارع وانظرْ هل لَهُم أَثَرُ / إني وحقِّ الهوى قَدْ عاقَني النظرُ
آنَ الرحيلُ فما لي عنهمُ بَدَلٌ / كلا ولا عنهمُ يَا صاحِ مُصْطَبَر
رُحماكمُ جِيرتي إني قتيل هوىً / إِذ لَمْ يَطِب بعدَهم عيشٌ ولا سمر
أَبيتَ يومَ النوى أرعى النجومَ أسىً / هيهاتَ لَمْ يُسْلِني نجمٌ ولا قمر
يا سائقاً بالنَّوى مَهْلاً أودِّعُهم / إن كَانَ فِي جمعهم لَمْ يُسْعفِ القدر
لله من ليلةٍ قَدْ طاب مَضْجَعُنا / والأُنسُ يجمعنا والعودُ والوتَر
وشملُنا والهوى يَا صاحِ مجتمعٌ / وبيننا دُررُ الآدابِ تَنْتَثِرُ
لا رَبَّح اللهُ يوماً للفراق دَعا / ولا عَرَا جمعَنا التَّشتيتُ والغِيَرُ
فارجعْ فَدتْك ليالي الأنسِ يَا زمني / من حَيْثُ لا يَعْتري همٌّ ولا كَدر
يا للحِمى وسقيطُ الدمع منتثِر / يومَ الوداعِ سَقاك الطَّلُّ والمطر
إني دعوتُ ودعوى الصَّب من لهفٍ / بأن تعود لنا أيامُنا الغُرر
إن كَانَ قَدْ أزفت أيامُ فرقتِنا / فالويلُ للصبِّ إِن أَفضَى بِهِ السفر
إني وحقِّ الهَوى يَا حيرتِي قَلِق / لَمْ أصطبرْ مَا عن سواد العين مُصطبَر
سفكتُ من أدمعي ماءَ الحياة بكم / إِذ أَوقِدتْ بالحَشا من حبكم سَفَرُ
ودَّعتُكم نظراتٍ مَا شفيتُ بِهَا / لَمْ يَشْفِ ذا الغلَّةِ التوديع والنظر
قَدْ كنتُ فِي مرتعٍ والخِلُّ مُحْتضِر / يعيش كالبانِ تِيهاً زانه الخَفَر
يا ليته كَانَ رِدْفاً فَوْقَ راحلتي / تسير بي وبِهِ الآصالُ والبُكَر
أَُقبِّل الثغرَ منه ثُمَّ ألثِمُه / وأقطف الورد ثُمَّ الغصنُ أَهتصِرُ
وقلْ عسى الدهرُ يُدنِي بالحبيبِ عَسى / فيَذهب من فؤادي الهمُّ والكدر
سَناك أَبهجني فِي الشرقِ يَا قمرُ
سَناك أَبهجني فِي الشرقِ يَا قمرُ / هَلاّ مررتَ عَلَى من زانه الحَوَرُ
إني أراك بنور الحسن مستتِراً / هل أنت من نور ذَاكَ الحسن تستتر
وهل وقفتَ عَلَى الأعتاب ملتمِساً / تقبيلَ أعتابه بالتُّرْب تفتخر
أم شاقك البرقُ من لأْلاء مَبْسَمِه / فظلتَ من بارقِ الألاء تُبتَهر
من ذَاكَ أصبحتُ يَا بدر الدُّجى قلقاً / مشتتاً لوصالِ الحب أنتظر
يا ليتَه من رحيقِ الوصل أنْهَلَني / وعَلَّني من رُضاب الثغر أبتكر
وَلَمْ يكن باللِّقا دهراً يُشَوِّقُني / أُضحِي بكأس عُقارِ السُّقم أعتقِرُ
يُفَرِّح الدمعُ من عيني مجاريَها / فالعينُ من شوقها بالدمع تَهْتَصر
وَلَيْسَ دمعيَ حقاً حين أَنثُره / لكنها النفسُ من عينيَّ تُعْتَصَر
قَدْ حَلَّلوا هجرَ صبٍّ وهْو قاتلُه / وقتلُ أهلِ الهوى فِي الشرع يُهْتَدر
بلغتُ فِي الحب حداً لا أَرى فرجاً / فكيف بي وليالي الهجرِ تعتكِرُ
فنيتُ لولا أنيني مَا اهتدى أحد / لمنظري ساقه من سُقْمِيَ الكدر
أروم أَسلو الهوى والشوقُ فِي كبدي / وجرحُ سيفِ النوى فِي القلب ينفجر
شكوتُ لا أشتكي أشيا أُعدِّدها / فليس حالُ الهوى فِي الحب يَنحصِر
صبرت لَمْ يُجْدِ لي صبري ولا جَلَدي / قَدْ لجَّ بي السٌّقُمُ حَتَّى لاتَ مُصْطَبَر
قَدْ قَطَّع البينُ أسبابَ الوصال بهم / والقلبُ من بعدِهم قَدْ كاد ينفطِر
باللهِ يَا قمرٌ إِنْ جئتَ ساحَتهم / وطاب فِي رَبْعِهم مَسْراك يَا قمر
وفاح رَيّا الكبا من نَشْرهم أَرِجاً / ونام واشي الهوى واستأنس السَّمَرُ
فألقِ العصا بَيْنَهم واغْنَم حديثَهُمُ / من حَيْثُ لا منهمُ خوفٌ ولا حذر
فقل لهم مُغْرَم يُرثى لحالته / قَدْ عاقه عنكم الأَسقام والسهر
خلَّفتُه كاللَّقَى إذ لا حراكَ لَهُ / لعلَّ عن سالف الأيام يَدّكروا
وقَبِّل التُّرْبَ مَهْمَا عَزَّ منظرُهم / فإن تربَ الحِمى من بِشْرهم عَطِر
وعانِق الغصن عن قاماتِهم بَدَلاً / فالقَدُّ تحكي بِهِ أغصانَها الشجر
وإن غدوتَ ليوم النَّفْرِ مبتكِراً / وداعَهم فهمُ للصبِّ يبتكِروا
فانثرْ بوادِرَ دمعٍ منك مبتدِراً / عساهمُ من بُكا عينيك يَبْتدروا
فيسألوا عن كثيبٍ جُلُّ مَقْصِده / يومٌ بذاك الحِمى يرمي بِهِ القَدر
يُحيي بِهِ دِراسات الأُنس من قِدَمٍ / يومٌ تعود بِهِ أيامُه الغُرر
يا حُبَّ ذَاكَ الحمى والشملُ مجتمعٌ / وجمعُنا بنوادي الأُنس معتمِر
ويا رَعَى اللهُ ذَاكَ اليومَ حَيْثُ أَقُلْ / سناك أبهَجني فِي الشرقِ يَا قمر
إِن تكن للعُلى والمجدِ منتظِراً
إِن تكن للعُلى والمجدِ منتظِراً / فاضربْ بزِنْدِك صَلْداً يقدحِ الشَّررا
وادفعْ بعزمك للأهوالِ محتقِراً / لا يمتطي المجدَ من لَمْ يركب الخطرا
ولا ينال العُلى من قَدَّم الحذرا /
ما بالهُوَيْنا ينالُ المجدَ آملُهُ / منيعةٌ صَعْبة المَرْقَى مَنازلُهُ
لا يدركُ المجدَ من لانتْ مآكله / لا تحسبِ المجدَ تَمْراً أنت آكله
لن تبلغَ المجد حَتَّى تَلْعَق الصَّبِرا /