المجموع : 4
غوث الوجود أغثني ضاق مصطبري
غوث الوجود أغثني ضاق مصطبري / سر الوجود استلمني من يد الخَطر
نور الوجود تداركني فقد عميت / بصيرتي في ظلام العين والاثر
رُوحَ الوجود حياتي إنها ذهبت / من جهلها بين سمع الكون والبصر
روح الوجود دهي الكرب العظيم وفي / أنفاس روحك روح المحرج الحصر
أنسَ الوجود قد استوحشتُ من زللي / وأنت انسي في وردي وفي صدري
أمنَ الوجود اجرني من مخاوف ما / أحرزتُ نفسي منها في حمى الحذر
عين الوجود ترى بؤسي ونازلتي / وفي محالك انقاذي من الضرر
عزَّ الوجود بعز الله أنتَ لها / فواقر درست أعيانها أثري
وجهت نحو رسول الله نازلتي / وقلتُ يا نفس حُمّ النصر فانتظري
أمنية الفوز منه غير خائبة / ومطمع النجح منه غير منحسر
ونائل الخير منه غير منقطع / وفائض البر منه غير منحصر
بسطتُ كفي إلى فياض رحمته / على يقين بدرك السؤل والظفر
وقمتُ الهجُ والآمالُ صادقة / ٌ يا عصمتي يا حبيب الله يا وزري
حقيقة الصبر استعطي الثواب بها / والفقر يلزمني ما عزّ مقتدري
ولست اعذر هذا الدهر في شظف / ما دام فضلك عندي غير معتذر
ولا أريدك بالأيام تبصرة / لأنت أبصر بالدنيا من البصر
أنت الحياة التي نفس البقاء بها / بل أنت مكنون سر الله في البشر
مولاي من كنت في الأزمان ناصره / فليس يغلبه شيءٌ سوى القدر
تلقني في مهاوي حوبتي فلقد / أوقعت نفسي ييعدي عنك في الخطر
يا مصطفى الله يا مختار نظرته / يا أصل ما أظهر الابداع من فطر
يا رحمة الله يا مبعوثَ رأفته / يا مظهر اللطف في الأرواح والصور
يا أول الكل بعد الله مبتدَعا ً / وأول الكل عند الله في الخطر
يا آخر الرسل لا تأخير مرتبة / وإنما السرّ مطويٌ عن الفكر
يا ظاهرا بكمالات الظهور على / كل الظواهر في سُلطان مقتهر
يا باطنا ً لم تفته الباطنات ولم / يُدرك مقاماته علم من الفطر
أنوار حبك في قلبي قد انطبعت / جبلة ً كانطباع الشمس في القمر
ما زال حبك في روحي يخامرها / حتى تجردت عن عيني وعن أثري
ما للمحبة مقدار اذا اقتصرت / الحق حبك حب غير مقتصر
تجرداً من هنات كلها حجبٌ / لا وصل والحُبّ محجوب بذي الستر
أدعوك خلف حجاب الكون منبسطاً / في بسط حبك لم أخلص من الأثر
ذهلتُ عن كل شيء مذ علقتُ به / فلا أفرق بين الصفو والكدر
لا أحسب الروح الا انها خُلقت / من الهوى فاختفت عن عالم الصور
فلا علاج لها من أصل فطرتها / اذا أصيبت بسهم الحب عن قدر
وجدتُ روحي صريعاً في مصارعه / يا حبُّ لا تُبق من روحي ولا تذر
نار المحبة نار لا يقام لها / لواحة قسماً بالحب للبشر
طارحت أهل الهوى حتى بليت به / ففتهم ومشوا خلفي على أثري
لا يصدُقُ الحب إلا من يموت به / ما للهوى دون حسو الموت من قدر
وليتها موتة في الحب موصلة / بوصلة من حبيب الله في العمر
ولستُ في الحب من نفسي على ثقة / من نصبها للهوى طوراً على وطر
ان كان حبي معلولاً فأنتَ لها / أدرك عليلك قبل الأخذ في الخطر
بقدس نورك أستشفي وقد ضنيت / نفسي بأفات هذا العلم القدر
وأنت طب بصير قد بعثت بما / يشفي العضال فانقذني من الضرر
فداً لك الكون لا أسلو بزهرته / عن فرط حبك يا من حبه وزري
وكيف تفدى بكون أنت علته / لولاك ما أوجدت موجودة الفطر
لو كنت أعلم غير الحب منزلة / تدني اليك لكانت منتهى خيري
لكنني بغرامي فيك لي آمل / من اليقين بأني منك بالنظر
كم نال منك العدى عفوا ونآئلة / ما شأن من روحه بالحب في سُعر
صدق الهوى فيك ينتاط الفلاح به / فاقبل محبك يا سمعي ويا بصري
مضناك مضناك لا ترجئ رجاوته / أطلقت فيك رجاءً غير مقتصر
وما أناديك عن عذر أحققه / أبوء ويلي بذنب غير منحصر
أوقرت وقر الشقا حتى خذيت له / والنفس من أبحر الغفلات في غمر
في شرة السهو أجري سادرا نزقا / لا أرعوي عن غواياتي لمزدجر
تسوقني نزغة الشيطان منغمسا / في ورطة من غرور الزخرف الوضر
يا سائقا حطما رفقا بسائمة / عشواء تخبط من جهل بمعتكر
نضوبراها الونى ندت بمقفرة / بين السباع بلا ماء ولا شجر
هيهات لا يقلع السواق من ملل / ولا المسوق عن استرسال مؤتسر
الا اذا عصمتني منك عاصمة / تحلني منك في أمن وفي وزر
يا من به سلوتي في كل واقعة / عن كل كائنة في الورد والصدر
أدنى حقوقك تشقيق القلوب واز / هاق النفوس متى تخطر لمدكر
يا من وقته السحاب الحر تابعة / لذاته في حلول الركب والسفر
يا من به بشرتنا الأنبياء كم / شدت به الجن في بدر وفي حضر
يا من به أخبر الكهان وهو على / أرائك الغيب لم يبدر من الستر
يا من تقدم نورا في حظائر نو / ر الله حتى تلقاه أبو البشر
فلم يزل تتلقاه الكرام على / طهارة الشرع حتى حل في مضر
ومنه في صلب الياس فاسمعه / في الصلب لبيك بين الركن والحجر
حتى تهلل في مشكاة آمنة / يا أخت زهرة حزت النور فازدهري
وزارها أنبياء الله قاطبة / فبشروها به في نومة السحر
وكم لها من خصوصات وخارقة / في حمله شاهدتها رؤية البصر
وللخوارق في لوح الوجود له / في برهة الحمل شأن غير مستتر
ما صدع ايوان كسرى في تزلزله / الا لنازلة من معجز القدر
وهي التي طيرت اكليل مفرقه / يا طير قد عشت دهراً قبل لم تطر
وما لساوة غاضت هل تقيلها / وادي سماوة حتى فاض بالقفر
وما هي النار من خطب اذ انظفأت / يا نار في كبد الاشتراك فاستعري
حتى اذا آن اتحاف الوجود به / وان يباشره بالفوز والظفر
تهلل العرش والكرسي والملأ ال / أعلى وزخرفت الجنات بالبشر
وجاء جبريل بالتمجيد مبتدرا / مشاعر الله والأملاك في زمر
وحفت الحور والعذراء مريم وال / غراء آسية في الدل والخفر
ببنت وهب وروح الله يمسحها / بالروح والنور من أنفاسه العطر
والبيت يهتز والأملاك خافقة / شرقا وغربا وكون الله في خبر
تنزلت في غواشي الروح لائحة ال / اذن الالهي بين الفجر والسحر
فأبرزت درة الأكوان ذات صف / ي الله ساجدة لله في العفو
فليتني ذرة من تربة لمست / آرابه في سجود غير مبتكر
في عالم النور لم تفتر مساجده / منه فلا تفتكر في عالم الصور
بالقول مجد عيسى والحبيب أتى / بالقول والفعل في التمجيد بالصغر
مواهب الله في تمجيده وحصرت / له الكمالات في أطواره الزهر
فلا كمال لمخلوق وليس به / وانما فاض منه الفيض للفطر
لا عرش لا فرش لا كرسي لا ملك / لا أنس لا جن لم يمدده بالخير
أب لكل وجود أصله مبدئه / منه ومنه مداد الأنفس الطهر
لا بدع أن تغمر الأكوان رحمته / لأنها منه كالأغصان للثمر
ماذا عسى بالغا اطراء مدحته / دقيقة الأمر لم يخطر على الفكر
أقصى المدائح في تمجيده حسرت / وشأنه في المعالي غير منحسر
وانما يؤخذ التوصيف منه كما / يشتقه الطير وسط البحر من قطر
ما للمعاجز قدر في مراتبه / الشأن أغنى عن التدليل والنظر
مجد الرسالة والشأن المضاف له / شهادة الله أغنته عن العبر
عز المكانة عند الله متصل / بحجة الله لا تسبيحة الحجر
وانما سيقت الآيات تكرمه / له وتبصرة للسيء البصر
بصائر جهرت أبصار جاحدها / يخفى لديهن ضوء الشمس والقمر
لو لم يكن غير أعجاز البلاغة في ال / ذكر الحكيم لطوع الجن والبشر
أتى وللبلغاء اللسن عارضة / فصك ثغر بيان القوم بالحجر
واستيقنوا ان خلقا لا يجيء به / وانه خارج عن طاقة الفطر
وحين ابهتهم حادث شكائمهم / بغيا وعدوا إلى الالحاد والأشر
فقال بعضهم سحر وبعضهم / سجع وبعض أساطير من الزبر
تنافروا عن هدى مولاهم وهم / على بصيرة علم نفرة الحمر
وعاندوا اذ تحداهم به حسدا / من عند أنفسهم رميا بلا وتر
فكان جهد حدياهم مساورة ال / بيض القواضب اذ خاموا عن السور
فصكهم سيف جبار بكلمة ج / بار السماء على الأجيال منتصر
فاجتث اثلتهم سلطان سطوته / بصولة من جلال الله في وزر
بصارم في يمين الله قائمة / كأنها صيغ حداه من القدر
كم فيلق جره من تحت رايته / جيوش جبريل فوق الشزب الضمر
مسومين بنور الله يقدمهم / حيزوم والملأ الأعلى على الأثر
يباشرون الوغى بلقا خيولهم / صفرا عمائمهم في قالب البشر
نعم الكتائب روح الحق سيدها / والروح جبريل من فرسانها الذمر
أجلت وغاها وخيل اللات ضاحية / على الظواهر والقيعان كالجزر
اشلاء دفت عليها الفتح وانتهبت / أوصالها السيد بعد البيض والسمر
يا نخوة اللات والعزى خزيت ويا / جبرية الشرك جاء الله فانكسري
ويا بني الجبت والطاغوت حسبكم / من رمية الله في الدنيا وفي سقر
ويا مثلثة اللاهوت قد كسر الله / الصلب بهذا الصارم الذكر
ويا معطلة التكوين قد بهرت / قضية الله شأن الدهر فاندحري
بالهاشمي الذي نادت به الصحف / الأولى مبشرة في سالف العصر
جاء المشفع مالأجيال تعرفه / بنعته عن لسان الرسل والزبر
جاء المشفع جاء النور مبتدرا / لم يأتي الا لمولاه ولم يذر
جاء البشير النذير السيد الصمد ال / بر الكريم المرجي خيرة الخير
يهدي الى الله لا تثنيه كارثة / عن أمره من غموم الأزمة النكر
يدعو الى الله فرداً في عوالمه / بعزم مضطلع لله مصطبر
أتي على فترة والدين مشترك / بين الكواكب والأملاك والحجر
فقام لله لا يألو مجاهدة / فيه حنيفا على السراء والضر
حتى استقامت له في الكون سيطرة / من فطرة الله بين العز والظفر
حنيفة سمحه بيضاء نيرة / إلى القيامة في أمن من الغير
يحمي حماها مليك الأنبياء أب / ى الضيم حيا وميتا منه في وزر
ليث الرسالة صنديد الملاحم سل / طان العوالم مولى سائر الفطر
شمس النبوة إجلالا ومرتبة / لولاه قنديل جنس النور لم ينر
محمد عاصم الكونين فاتح ك / ك الخير قائد كل البر والخير
فتح السعادة في الدارين موهبة / منه وانعاش جد العاثر الذعر
مبارك رحمة للعالمين به / درك الفلاح وكشف البؤس والضرر
مهيئ لاختصاص لا مقام له / في غيرة وكمال غير منحصر
شمس الكمالات الاسمائية انبسطت / منه الكمالات في كنهية الأثر
حقيقة عكفت فيها المحاسن فال / إبداع مندهش من حسنها النضر
عز ترقى بعليين رفعتة / بمشرق المجد والأدوار لم تدر
ولا يزال ترقيه لغير مدى / يسمو المراتب من أولى إلى أخر
ولن تزال على الأعيان فائضة / فيوض رحماه بالاصال والبكر
محمديته البحر المحيط فمن / فياضه رحمة الدارين للفطر
ان غاب شخصا فما غابت شهادته / الكون منه محل السمع والبصر
سرت عنايته في كل ناشئة / وروحه سريان الماء في الشجر
مهاد رأفته عدن ونحن بها / في مقعد الصدق نحيا عند مقتدر
محصنين بحصن من رعايته / مستعصمين به في الصفو والكرد
مخلصين به في عز ملته / مما نحاذر في الدارين من خطر
نصير دعوته يحمي حفائظنا / فنحن من عزة الايمان في وزر
طوبى لنا قد جعلنا أمة وسطا / خيرا شهودا لمولانا على البشر
مباركين بنور الختم تنفحنا / أنفاس أحمد حمادين في الزبر
نمشي على سنة الصدر المبارك من / أصحابه المهتدين السادة الطهر
شعب كريم قديم الذكر باركه / نور الرسالة في الأسرار والسير
عناية الله خصتهم بما سبقوا / به البرية من زلفى ومن خير
في الله جدوا فجدوا في مفاخرهم / ومدحه الله فيهم حسب مفتخر
فروا إلى الله واستبقوا بجهدهم / بقية الله ذخرا خير مدخر
وجردوا النفس تجريد السيوف / فلله النفوس وحد السيف للكفر
هبوا لداعي الهدى والنور حشوهم / ما بين ذي هجرة فيه ومنتصر
أسد صناديد في أيدي عزائمهم / طي الخطوب ونشر الفوز والظفر
غر أيامن انضاء العبادة في / وجوهمم من سجود نير الأثر
حتى مضى المصطفى والله يمدحهم / وهم لنا قادة والحق في وزر
نهاية القول فيهم انهم بشر / فازوا بما لم ينله سائر البشر
يا صحب أحمد يا أنصار حجته / والحائزين مقام القرب والنظر
أنتم شفيعي إلى من ليس يجبهكم / بحر الكمال عظيم الشأن والخطر
ما قدر مدحي وقول الله يمدحكم / لولا المحبة واستمداد مفتقر
عساه يشفع عند الله لي فله / شفاعة وسعت ما كان من وطري
يا سيدي با رسول الله قد وصلت / اليك حالي فصلها منك بالنظر
فنظرة منك في حالي يكون بها / فوزي بربي وانقاذي من الضرر
ياسيد الرسل ضاقت كل كائنة / بناصر" فلتكن لي خير منتصر
وأن يضق بي أمري فهو متسع / بوسع جاهك في وردي وفي صدري
هذا الرجاء حبيب الله منبسط / فابسط يمينك بالحسنى إلى ضروري
يا رب صل وسلم عد ما وهبت / يداك من نعمة في السر والجهر
ومثل نورك ملء العرش منبسطا / وملء ما حاطه المقدور من أثر
ومثل حبك أقواما رضيتهم / بمقتضى أزلي العلم والقدر
ومثل حبهم اياك اذ خلصوا / فمالهم غير حب الله من وطر
ومثل اضعاف نور المصطفى رتبا / ومجده ومعاليه على البشر
على رسولك مولانا الحفي بنا / محمدوعلى اولاده الطهر
وآله وجميع الصحب من شهدت / بفضلهم ابديا ألسن السور
أنمى صلاة وأزكاها وأوفرها / موصولة الفيض والامداد في العصر
ترضى بها سيدي عنى وتلهمني / رشدي وتغفر لي يا خير مغتفر
وتجعل الفوز بالجنات جائزتي / بفضلها ونجاتي رب من سقر
ووالدي وأولادي ومقربتي / والمؤمنين وأنصاري ومؤتزري
وكل ماض وآت والمعاصر من / أئمة الدين والقوام بالبشر
واجعل صلاتي له يا رب متصلا / بروحه نورها كالنور بالبصر
واجعل مديحي له ضيفا يلم به / يعود لي عنه بالاكرام والخير
ما خاب راجي رسول الله في أمل / ولا انثنى عنه إلا قاضي الوطر
أشعة الحق لا تخفى عن النظر
أشعة الحق لا تخفى عن النظر / وانما خفيت عن فاقد البصر
وكلمة الله لم تنزل محجبة / عن البصائر بين الوهم والفكر
نادى المنادي بها بيضاء نيرة / حنيفة سمحة لم تعي بالفطر
أقامها الله دينا غير ذي عوج / جاء البشير بها للجن والبشر
والجاهلية في غلواء عارضة / من جهلها ومن الأشراك في غمر
فقام مضطلعا ثقل الرسالة مج / دود العزائم فرداً خيرة الخير
والوحي يأتي نجوما معجزا قيما / والشرك يكبت والإسلام في ظفر
وكلمة الله تعلو فوق جاحدها / وآية الحجر تمحو آية الحجر
حتى تجلى منار الدين منبلجا / بصادع الذكر والصمصامة الذكر
وآمنت برسول الله طائفة / أعطاهم السبق فيه سابق القدر
زكى قلوبهم النور المبين كما / يزكو النبات بما يلقى من المطر
لاقى صدورهم الإيمان فانشرحت / له وقاموا به في عزم منتصر
تأزروا شعب الإيمان وانتبهوا / بين الجهادين منهم أنفس العمر
أحاطهم وأمين الله فانتشئوا / بين الأمينين والقرآن في وزر
غذاهم الوحي في مهد الرسالة من / طور إلى آخر كالماء في الشجر
نور بواطنهم نور ظواهرهم / نور خلائقهم في الفعل والخبر
تضائق الملأ الأعلى مكانتهم / في فطرة الله لا في فطرة البشر
كم جاء جبريل في أحزابه مددا / من السماء على المعتاقة الضمر
خير القرون قرين المصطفى وكذا / حكم القرينين لا ينفك من أثر
فمات عنهم رسول الله عدتهم / كالأنبياء عدول الحكم والسير
وكلهم أولياء غير مقترف / كبيرة لم يتب منها فمنه بري
ومن مصوب ذي بطل لدى فتن / لا واقف جاهلا من بالصواب حري
وعالم الحق في حزن توقف عن / علم فذاك وقوف غير مغتفر
تشهيا أو رجوعا عن بصيرته / فالحكم يبرأ من هذا بلا حذر
وهم وإن شرفوا من أجل صحبته / فحكم تكليفهم كالحلم في البشر
ومدحه لهم فرع استقامتهم / في طاعة الله لا مدحا على الغير
وللموفين في الإيمان متجه / ما جاء من مدحهم في محكم السور
وفي البراءة من أبقى ولاية ذي / بطل المحض عموم المدح في الزبر
والحب والبغض فرضان استحقهما / خصمان في الله من بر ومن فجر
والأمر يبنى على الأعمال كيف جرت / والمدح والذم بحتا غير معتبر
وأكرم الخلق أتقاهم فليس إذا / للمدح والذم بالأهواء من أثر
فيم المحاباة ما قربي بمزلقة / من دون تقوى ولا بعدي على خطر
لا نسل لا أهل لا أصحاب يفرقهم / دينا عن الخلق حكم ما من الصور
نادى العشيرة في رأس الصفا علنا / وصاح فيهم رسول الله بالنذر
فأنظر إلى حكمة التخصيص كيف أتت / للأقربين من أهل البدو والحضر
ليعلموا أنه التكليف لا نسب / يغني ولا فيه دون الله من وزر
لو كان بالشرف التكليف مرتفعا / إذا تعطل عدل الله في الفطر
وحجة الله بالتكليف لازمة / سيان في الأمر مفضول وذو الخطر
للرسل والملأ الأعلى وأشرفهم / بالاستقامة تكليف بلا عذر
الكل في قرن التكليف مؤتسر / ما بال من ليس معصوما من الغير
لا نبخس الناس بالأهواء حقهم / ولا نبالي بقدح الخاتر الأشر
قد جاءنا الله بالقرآن بينة / وسنة الحق والاجماع والأثر
فما وجدنا بحكم الله عاصية / لمحض قرباه معدودا من البرر
ولا تقيا لأمر الله متبعا / بالحب حكما لأجل البعد غير حري
كمال توحيد ربي حب طائعه / وبغض أعدائه في السر والجهر
يا من أعاب على الأبرار نحلتهم / اعيت ويلك دين الله عن بصر
هم حجة الله أهل الاستقامة ما / خامت عزائمهم عن آية الزمر
متى جهلت أبا السبطين خطته / وأنت أعلم أهل الطين والوبر
حاكمته بعد ما ألحمته قرما / بعقر سبعين ألفا عقرة الجزر
حاكمته بعد عمار وروحته / إلى الجنان وبعد السادة الطهر
حاكمته بعد حكم الله فيه بما / يشفي الغليل وقد أيقنت بالظفر
أقمت في البغي حد الله أولها / ففيم تستن بالتحكيم في الأخر
أصبت في حربك الباغين ثغرتها / بحكم ربك لم تضلل ولم تجر
قبلت عوراء من عمرو يفت بها / سواعد الدين فت العصف بالحجر
ولم تعر نصحاء الدين واعية / وليت للأشعث الملعون لم تعر
فأصرف أعنتها صوب العراق فقد / سدت عليك ثغور الشام بالبدر
فطالبو الدين قد نابذت عصمتهم / والأمر من طالبي الدنيا على ضرر
فيم الحكومة أخزى الله ناصبها / لم يترك الله هذا الحكم للبشر
ولست في ريبة مما عنيت به / ولا القضاء قياسي على صور
فما قتالك بعد الحكم راضية / وما قتالك من لم يرض بالنهر
قد ارتكبت أبا السبطين في جلل / وفاتك الحزم واستأسرت للحذر
وما قتال ابن صخر بعدما انسكبت / خلافة الله في بلعومه البحر
حكمته في حدود الله ينسفها / نسف العواصف مندوفا من الوبر
بأي أمريك نرضى يا أبا حسن / تحكيم قاسطهم أم قتلة البرر
أم بانقيادك عزما خلف أشعثها / يفري أديمك لا يألو بلا ظفر
أرضعته درة الدنيا فما مصحت / وأنت من دمها ريان في غمر
ما زال ينقب خيل الله مشئمة / فاعرقت صهوات الخيل بالدبر
ألم تقاتله مرتدا فمذ علقت / به البراثن ألقى سلم محتضر
يلقى شراشره مكرا عليك وما / ينضم من حنق الأعلى سعر
أصبحت في أمة أوترت معظمها / بهيمة الله بين الذيب والنمر
تسدد الرأي معصوما فتنقضه / بطانة السوء مركوسا إلى الحفر
تنافرت عنك أوشاب النفاق إلى / دنيا بني عبد شمس نفرة الحمر
محكمين براء من معاوية / ومن علي يا ليت الأخير بري
والقاسطين أبي موسى وصاحبه / عمرو اللعين فتى قطاعة البظر
وقاسطي الشام والراضي حكومتهم / من أهل صفين والراضي على الأثر
ليت الحكومة ما قامت قيامتها / وليتها من أبي السبطين لم تصر
ملعونة جعلتها الشام جنتها / من ذي الفقار وقد أشفت على الخطر
عجت بتحكيم عمرو بعدما حكمت / همدان فيما بحكم البيض والسمر
تبا لها رفعت كيدًا مصافحها / ومقتضاهن منبوذ على العفر
مهلا أبا حسن إن التي عرضت / زوراء في الدين كن منها على حذر
ضغائن اللات والعزى رقلن بها / تحت الطليق وعثمانية الأشر
لا تلبسن أبا السبطين مخزية / فذلك الثوب مطوي على غرر
لم تنتقل عبد شمس من نكارتها / دم الكبود على أنيابها القذر
فما صحيفة صفين التي رقمت / إلا صحيفة بين الركن والحجر
نسيت بدرا واحدا يا أبا حسن / وندوة الكفر ذات المكر والغدر
ويوم جاءك بالأحزاب صخرهم / فاندك بالريح صخر القوم والذعر
وفتح مكة والأعياص كاسفة / وأنت حيدرة الإسلام كالقدر
والقوم ما أسلموا إلا مؤلفة / والرأي في اللات بين السمع والبصر
متى ترى هاشم صدق الطليق بها / وثغرة الجرح بين النحر والفقر
ما لابن هند بثار الدار من عرض / له مرام وليت الدار في سقر
لقد تقاعد عنها وهي محرجة / حتى قضت فقضى ما شاء من وطر
تربص الوغد من عثمان قتلته / فقام ينهق بين الحمر والبقر
ينوح في الشام ثكلى ناشرا لهم / قميص عثمان نوح الورق بالسحر
حتى إذا لف أولاها بآخرها / بشبهة ما تغطى نقرة الظفر
أتاك يقرع ظنبوب الشقاق له / روقان في الكفر من جهل ومن بطر
تعك عك نفاقا خلف خطوته / كأنها ذنب في عجمه الوضر
يدير بين وزيريه سياسته / عمرو وابليس في ورد وفي صدر
وعزك الجد والتوفيق فانصدعت / سياسة الدين صدعا سيء الأثر
قد كنت في وزر ممن فتكت بهم / أحسن عزاءك لست اليوم في وزر
ما ذنب عيبة نصح الدين إذ عصفت / بهم رياحك لا تبقى ولم تذر
بقية الله قد هاضت عظائمهم / عرارة الحرب أو هوان في السحر
اقعصتهم في صلاة لا بواء لهم / هلا مشابرة والقوم في حذر
قد حكموا الله لم يفلل عزيمهم / عن نصرة الله قرع الصارم الذكر
رميت سهمك عن كبداء في كبد / حرى من الذكر والتسبيح والسور
إن القلوب التي ترمي تطير بها / مصاحف الذكر والإيمان لم يطر
ما علقوها على أعناقهم غرضا / فاكفف سهامك واكسرها عن الزبر
أعظمتها يوم أهل الدار ترفعها / واليوم ترمي كرمي العفر والبقر
هانت عليك جباه ظلت ترضخها / لطالما رضختها سجدة السحر
لم تقتل القوم عن سوء بدينهم / وانما الأمر مبني على القدر
قتلتهم بروايات تقيم بها / عذر القتال وليست عذر معتذر
ماذوا الثدية الا خدعة نصبت / للحرب توهم فيها صحة الخبر
وما حديث مروق القوم معتبر / فيهم لمن سلك الإنصاف في النظر
خلصت نفسك بالتحكيم منخدعا / وأنت أولى بها من سائر الفطر
فحكموا الله واختاروك أنت لها / فكان قولهم نوعا من الهذر
وقلت قد مرقوا اذ هم على قدم / صدق من الحق لم يبطر ولم يجر
مضوا به قدما جريا على سنن / للمصطفى وأبي بكر إلى عمر
ما بدل القوم في دار ولا جمل / وهم على العهد ما حالوه بالغير
شفيت نفسك من غيظ بها بدم / من مهجة الدين والإيمان منفجر
دم ابن وهب وحرقوص وحبرهم / زيد ابن حصن خيار الأمة الطهر
دماء عشرين ألفا وقت جمعتهم / وسط الصلاة همت كالوابل الهمر
ليهنك الدم يا منصور قد رجفت / منه السموات والارضون من حذر
لو ان رمحك في حرقوص اشتركت / فيه الخليقة أرادهم إلى سقر
يا فتنة فتكت بالدين حمتها / تذوب من هولها ملمومة الحجر
ما ساءني أن أقول الحق أنهم / قوم قتلتهم بغيا بلا عذر
وانهم أولياء الله حبهم / فرض وبغضهم من أفظع النكر
صلى الإله على أرواحهم وسقى / أجداثهم روحه بالأصل والبكر
علمت ربي ولا عين ولا أثر
علمت ربي ولا عين ولا أثر / ولا ظروف ولا شرط ولا صور
ما فات علمك موجود ولا عدم / جار بعلمك ما تأتي وما تذر
وليس علمك موقوفاً على حدث / ما كان أو لم يكن يجري به قدر
والاستحالة والامكان حكمها / وفق المشيئة أن شئت مقتصر
قدرت شيئاً محالاً ثم تجهله / سبحان سبحان حق القدر ما قدروا
ما للطبيعة تنزو فوق مركزها / ومالها في الذي تنزو له أثر
أليس نفس الهيولي لا يحركها / إلا المعلل والمعلول مقتسر
والحد والرسم والأشكال والصور / والحل والعقد والابرام والغير
والكل والجزء مما كان ممتنعاً / وغير ممتنع في اللوح مستطر
وكل ما كان موجوداً ومنعدماً / فمن ارادته لا شك مؤتمر
أيجهل اللّه أمراً نحن نعلمه / إن ليس تحصره من جنسه صور
من أمره اللم يكن واللا يكون وكن / فكيف يجهل ما يستحصل البشر
من ذا أفاض علينا ما نحصله / من العلوم وما تستدرك الفكر
هب القوى أدركت فالمدركات لها / قيودها العلم والادراك والنظر
ومن أمد القوى حتى يحصل في / من كان هيأها حتى بدا الأثر
وهل معارفنا إلا مواهبه / والكسب في ضغطة التكوين منحصر
أنحن نعلم بالتعقيل منعدماً / وخالق العقل عنه الأمر مستتر
إن شاء شيئاً فذاك الشيء يعلمه / أو لم يشأه انطوى عن علمه الخبر
من أوجد الشيء من لا شيء يجهله / كيف استقام له الايجاد والأثر
والجهل بالصنع عجز لا تقوم به / على كمالاتها الأكوان والفطر
إن كان يجهل شيئاً قبل موقعه / فإنه قبل ذاك الشيء مفتقر
ما الشأن في الذات قبل الخلق في أزل / قد عزها العلم لا سمع ولا بصر
استغفر اللّه هذا الكون علة عل / م اللّه أم كيف هذا العلم يعتبر
قد قف شعرى من خطب خذيت له / تكاد منه السما والأرض تنفطر
آها على فلتة جاء البصير بها / قد خاصمته عليها الآي والسور
أقول للعقل والبرهان في يده / هلا حكمت وأنت الفيصل الذمر
سلبته صفة ذاتية وجبت / لذاته حيث لا كون ولا فطر
فحينً أوجدها صنعاً أضفت له / علماً يساوق ما يجري به القدر
هلا حكمت بأن الذات عالمة / بنفي أضدادها من قبل أن ذكروا
هلا حكمت بأن الذات فاعلة / بالاختيار لما تأتى وما تذر
لو لم يكن علمه بالشيء يسبقه / لكان بالطبع أو بالجبر يقتدر
لو كان يختار أمراً ليس يعلمه ان / حل الوجود لما تأتى به الخير
يدبر الأمر مطوياً على غرر / إن كان يغرب عن إدراكه الغرر
ما كان أغناه عن تدبير صنعته / إن كان يجهل قبل الصنع مالخبر
سبحان ربي تقديساً لعزته / في علمه النفي والاثبات منحصر
بالذات للذات معلوماته انكشف / ماثم واسطة في الذات تعتبر
وكونه النفي والاثبات حكمته / يقضي بادراكه المنفي لو نظروا
أأوجبت علمه آثار قدرته / فيلزم الجهل لو لم يظهر الأثر
لو كان ذاك لمست ذاته علل / إذ الصفات إلى الأحداث تفتقر
أو يلزم الدور فيها أو مرادفه / أو ليس يعلم إلا حين يقتدر
هب أنه لم يشأ شيئاً فاعدمه / أكان ما شاء نفياً عنه يستتر
أم كان ما لم يشأه الحق منفعلاً / لذاته قادر في نفسه قدر
أو كون ما كان معدوماً تقدمة / أم صده جل عنه العجز والخور
ما للعقول على أقوى بساطتها / ضلت فلم تفنها الآيات والنذر
تحكمت في صفات اللّه جاعلة / حقيقة الذات للعلات تأتمر
قضية أثمرت تعطيل منشئها / ليت القضية ما كانت ولا الثمر
ليت التنور بالاسلام ينبذها / إلى الذين برسل اللّه قد كفروا
كم في القرآن ولو شئنا تدل على / إن الذي لم يشأ في العلم منحصر
لو شاء إذهاب ما أوحى لأذهبه / أو شاء جمعهم بالحق لابتدروا
أكان يجهل ما لو شاء أوجده / قبل الوجود وعنه تنبىء السور
لو كان ما يلزم المشروط يجهله / فعن حقيقة ماذا يصدق الخبر
ماذا دهى الزيغ من خطب الكليم لو / أن العقول إلى الأنصاف تبتدر
انظر فسوف تراني كيف أبرزها ال / علم الحقيقي إن لم يخطىء النظر
ترى التعلق بالحال التي فرضت / على المحال بصدق الحال تعتبر
أكان يجهل دك الطور وهو على / مرساه لم ينتقض من بينه حجر
ألم يحط قبل تكليم الكليم له / أن ليس يدركه عقل ولا بصر
المستحيل ومتروك الإرادة وال / مخصوص بالفعل مما رجح القدر
معلومة حسب ما هيأتها وعلى / ما اختارها مالها في نفسها خير
وعلمه ذاته والذات سابقة / والما سوى مطلقاً للعلم محتظر
هذا هو الحق لا أبغي به بدلاً / بأي حال ولو عادتنى العصر
إني لأنصر ذا حق يقوم به / والمؤمن الحق للايمان ينتصر
بدع من الأمر إذ حلت جلالته
بدع من الأمر إذ حلت جلالته / تلك السراية في الأفلاك لم تطر
نعم لها العذر كرسي له قدر / لو فارق الأرض لم تثبت على قدر
سراية حسدتها الشمس في شرف / حتى الكواكب حساد لذي خطر
قد حلها العالم الأعلى بأجمعه / تجوهرت نفسه في قالب البشر
خليفة من رجال الله تشمله / سيما الملائك في أطواره الزهر
محاسن الدهر من إحسانه فرط / وما بدا فشعاع الشمس في القمر
أسائل الدهر عن معنى فضائله / فيعرب الدهر معنى غير منحصر
لو صور الدهر منطيقاً لأعجزه / ما في حقائق معناه من الصور
يفارق العقل فيه نور فطرته / فمدرك العقل منه موقف النظر
ظواهر الحمد تستوفي الثناء له / ما الشأن في حمد ما يخفى على الفكر
وجوهر من صميم الحمد عنصره / فذاك للحمد منا غير مفتقر
مقام مقداره من ذكر مادحه / مقام ذات الضحى من رؤية البصر
ما ينشر القول ذكراً من محامده / إلا ويصدر مطوياً على غرر
تهوى البلاغة أن تطوي له مدحاً / وأبلغ القول فيه مثل مقتصر
خليفة الله هل أبقيت من شرف / إلا وعندك منه أشرف الأثر
تناقلتك من الأصقاع أشرفها / سجية الشمس في الأبراج والقمر
حبوت ملكك حظاً من مشاهدة / فشاهد العين واستغنى عن الخبر
وظل يرفل والأيام شاخصة / وسط الممالك بين العز والظفر
كم بلدة بدلتها منك عارفة / مرعى النضار بمرعى الماء والشجر
يخضر دارس قطر حيث تنزله / كأن رجلك فيه راحة الخضر
باركت أفريقيا لما سفرت بها / أنت المبارك في حل وفي سفر
فما تركت شقياً غير مستعد / ولا تركت كسيراً غير منجبر
وأنت بين هضاب المجد منبسط / تصرف الدهر في ورد وفي صدر
لا يفقد الدهر جداً منك مرتحل / ولا سكون لهم منك في حضر
إذا ترحلت عن قطر وجدت به / لما تقيم به من صالح الأثر
كأن نفسك في الأكوان سارية / والجوهر الفرد قالوا غير منشطر
وكوكب الشمس فرد في حقيقته / وليس عن سائر الدنيا بمستتر
ولو مكثت ولم ترحل لما قعدت / سياسة منك عزت حيطة الفطر
تحشو الليالي ما يبقى ولو بليت / من المفاخر حتى لات مفتخر
نازعتني الدر والياقوت أنظمة / مدحاً وتنثره في كف مفتقر
كأن شعري في أخشاء مبغضكم / ومبغضي مثل حد الصارم الذكر
ولن أفارق نهجي في مدائحكم / أو يفرق الله بين الأرض والمطر