المجموع : 7
يا مَنْ أضَرَّ بحُسنِ الشّمسِ والقَمَرِ
يا مَنْ أضَرَّ بحُسنِ الشّمسِ والقَمَرِ / ولم يدعْ فيهِما للناسِ من وطَرِ
نفْسي فِداؤُكَ من بدرٍ على غُصُنٍ / تكادُ تأكلهُ عينايَ بالنَّظَرِ
إذا تفكّرتُ فيه عند رؤيته / صدّقتُ قولَ الحُلوليينَ في الصُّوَرِ
تَعَجّبَ الصّبرُ من صَبْري فصارَ لهُ / أُحدوثَةً يتحلاّها ذوو السَّمَرِ
إنْ كان جسمي بريّاً من نحافَتِهِ / فإنّ قلبي لا يأتي من الخَوَرِ
أجِلْ لِحاظَكَ في سيفٍ من القَدَرِ / يحويهِ غِمدٌ كَحَدِّ الصارمِ الذَّكَرِ
وخَلِّني وبني الدُّنيا فإنّ لهمْ / يوماً أصُوغُ لهُ ليلاً من المَدَرِ
تاللّه ما جادتِ الأيّامُ مُذْ خُلِقَتْ / بالذّكرِ عند فتىً ما جادَ بالعُمُرِ
لم يبقَ فيها خفيٌّ لستُ أعرِفُهُ / فكيفَ لا أعرِفُ الصافي من الكَدَرِ
مَنْ مبلغٌ صاعِداً في النّاسِ مدحتَهُ / الواحدَ المجدِ والتحجيلِ والغُرَرِ
يا مُشرِقاً تَغتَدي للشّمسِ طلعتُهُ / شمساً وتَمطُرُ كفّاهُ على المَطَرِ
يَغدو إلى الموتِ مسروراً برؤيتِهِ / كأنّهُ عندهُ أحلى من الظّفَرِ
مالي أزورُكَ منْتاباً ومنْصَرِفاً / فلا أُفرّقُ بينَ الوِرْدِ والصَّدَرِ
هبْ لي من العيشِ يوماً منكَ أذكرُهُ / وكيفَ أرضَى بيومٍ منكَ في الذّكَرِ
لو زيدَ عندكَ عُمرُ الدّهْرِ في عُمُري / ما كان إلاّ كلمْحِ الطَرفِ في القِصَرِ
للّهِ دَرُّكَ والأبْصارُ شاخِصَةٌ / والنّقْعُ يتركُ رأيَ العينِ كالخَبَرِ
كأنّ رمحَكَ في الأصْلابِ مُعترضاً / مثلُ الرّكوعِ بها أوْ سَطوةُ الكِبرِ
فُتَّ الظّنونَ فما نَدري أمِنْ شَجَرٍ / صيغَتْ سِهامُكَ أمْ صيغَتْ من القَدَرِ
أنأى مقاصدَ سهمٍ منكَ تُرسِلُهُ / أدنى إلى قَلبِ مَذعورٍ من الحَذَرِ
أمَا تَرى الدّهرَ أعطى حَظّهُ نَفَراً / أرقُ من فيهِم أقْسى من الحَجَرِ
فاغمسْ سِنانَكَ في تامور دولَتِهم / إنّ الزّمانَ بِها أعْمى بلا بَصَرِ
فأنتَ أشْجَعُ مَنْ يَمشي على قَدَمٍ / قَلْباً وأعظَمُ من يَسْمو إلى خَطَرِ
أنتَ الذي لو نُؤدّي بعضَ واجِبهِ / قلنا لهُ أنتَ مولى الجنِّ والبَشَرِ
لتأتينّكَ ألفاظٌ مُشَهّرَةٌ / لا يَركَبُ الليلَ راويها على غَرَرِ
كأنّما الفَلَكُ الدّوّارُ جازَ بِها / فاستَأسَرَتْ منه بيضَ الأنْجُمِ الزّهرِ
مالي أُخوفُ محتومَ المقاديرِ
مالي أُخوفُ محتومَ المقاديرِ / وسَعيُ كلِّ غُلامٍ رهنُ تَغريرِ
لا يبلُغُ الغايةَ القُصوى بهمّته / إلاّ المقَسَّمُ بين السَّرجِ والكُورِ
فُؤادُهُ بالرّزايا غيرُ مكترثٍ / وجُرْحُهُ في الحَوايا غيرُ مَسْبورِ
يَطوي حشاهُ إذا ما النومُ ضاجعَه / على وشيجٍ من الخَطيِّ مكسورِ
ترفعَ الهمُ بالفتيانِ يومَ مِنى / ونحنُ ننقلُ مأثورَ الأخابيرِ
ركوبَ قيسٍ على أحياءِ ذي يمنٍ / وغارةً جَدَعَتْ في رَهَطِ منطورِ
فقلتُ حلّوا الحِبى لأنامَ جدكم / وشَمِّروا إنّها أيامُ تَشْمِيرِ
قد سوّمَ الملكُ المنصورُ رايتَهُ / للطعنِ تَخفِقُ في ظِلِّ المَحاضيرِ
وجَرّدَ الحزمَ في يُمنى عزائِمِهِ / فما يُصَمِّمُ إلاّ بعدَ تَدبيرِ
يُهدي إلى كلِّ أرضٍ من عَجاجَتِهِ / جِنحاً من اللّيلِ في طيِّ الأعاصيرِ
نصرتَ سيفكَ بالرّي الذي علمت / به المواردُ أعقابَ المصاديرِ
وكنتَ كاللّيثِ غرته فريستُهُ / فضيعَ النابَ منه بالأظافيرِ
إذا توسّدَ للأقرانِ ساعدُهُ / فلا مَحالَةَ من عقرٍ وتَعفيرِ
لا يُبعِدُ اللهُ فتياناً رميتَ بهم / قلبَ الكريهةِ عن نزعِ وتوتيرِ
رَدّوا صدورَ الغُضَينيات عاطفةً / على الأسنّةِ من ناجٍ ومَعقورِ
قد ثقّفَ الغزوُ منها فهي مُخطَفَةٌ / خُصورهنّ كأوساطِ الزّنابيرِ
لا يعرِفونَ صدوداً عن عدوّهم / والطّعنُ يهتِكُ منهم كلَّ مستورِ
مواقعُ النبلِ في ضاحي جلودِهِمُ / مثلُ الدّنانيرِ في قَدٍّ وتَدويرِ
في جَحفلٍ سَجَدَتْ شمّ الحصونِ له / وبحثرتْ فيهِ انفاقُ المَطاميرِ
ما بينَ رُوميّةَ القصوى وأنقرةٍ / روعٌ تقلقلُ في أحشاءِ مَذعورِ
أعطاكَ عنها مليكُ الرومِ جِزيتَه / وكان قد حلَّ فيها غيرَ مقمورِ
ما أدركوا ورُقاهُم فيكَ نافِثةٌ / غيرَ الأماني من ظَنٍّ وتقديرِ
وأهلُ جُرزانَ والأملكُ قاطبةً / ما بينَ مُنطلقٍ منهم ومَحصورِ
لم يتركِ اللهُ غِشّاً في صدورِهمُ / إلاّ جَلاهُ بتاجِ الملةِ النّورِ
مَنْ لا يُتَبّعُ جَدواهُ ببائقَةٍ / ولا ينغصُ نعماهُ بتكديرِ
قدْ قوّمَ الزيغَ من أعطافِ مجلِسِهِ / بكلِّ منتقدِ الأخلاقِ مَخْبورِ
جَروا على أدَبٍ منهم فكلّهم / يأتي السّدادَ مُصيباً غيرَ مأمورِ
إنّ القِلاعَ التي نيلتْ ذَخائرُها / من قبلِ كَيدكَ لم تُقدَر لمقدورِ
من بعدِ ما دميتْ أيدي الخُطوبِ بها / وحاذَرَ الدهرُ منها سِنَّ مَغرورِ
ويومَ جاشتْ جيوشُ التركِ مُعلَمَةً / جاءَ النفيرُ فلم يقعدْ عنِ العِيرِ
لم يشكروكَ وقد نفستَ كربَهُمُ / وربَّ حامل عزمٍ غيرُ مشكورِ
ومُنهَلينَ بقَصرِ الجُصِّ زادُهُمُ / دراكُ ضربٍ على الهاماتِ ممطورِ
رَضوا من الُنْمِ إنْ كَرّتْ جيادُهُم / يعدو إلى أهلِ مصرٍ بالمَعاذِيرِ
فعلَ المُضجَّعِ خانتْهُ عزيمتُه / فطوّقَ العزمُ أعناقَ المقاديرِ
لو شاء عرّضَ يومَ الروعِ ثغرته / لوادقٍ كلسانِ النّارِ مَطرورِ
وهَبْ عليْهِ رياحُ النصرِ قد حُظرتْ / هلِ الحِمامُ على ساعٍ بمحظورِ
لا يعلُ شوقُك يا بنَ التغلبي إذا / هبتْ يمانيةُ من جانبِ الدورِ
وعللِ الهمّ إنْ عنّاكَ طارقُهُ / بباردٍ من عصيرِ الكرمِ مقرورِ
إذا المزاجُ جلاهُ قلتَ من طَربٍ / ليتَ الجزيرةَ تَغلي بالمغاويرِ
فلن تُحاذِر بالحَصْباءِ معترضاً / مُردَ الكماةِ على جُردِ المضاميرِ
ولن تَرى جبلَ الجوديِّ ترمقُهُ / دونَ المجرةِ غيظاً أعينُ القورِ
ولا الجزيرةَ ما ناحتْ مطوقةٌ / هيهاتَ ذلكَ كسرٌ غير مجبورِ
حيتكَ يا ملكَ الأملاكِ قافيةٌ / تزورُ مجدَكَ من نسْجي وتبريري
أعليتَ كفّي وأقذيتَ النّواظرَ بي / في موقفٍ مثل حدِّ السيفِ مشهورِ
تلكَ السياسةُ من بِرٍّ وتكرُمةٍ / مزجتها بنوالٍ غيرِ منزورِ
فالآنَ لا أقبلُ الميسورَ من زَمني / إنّ المشيعَ لا يرضى بمَيسورِ
شَدَدْتُ في صَبواتي شِدَةَ الشّاري
شَدَدْتُ في صَبواتي شِدَةَ الشّاري / ثم انتهيتُ وما قضيتُ أوطاري
يا حبّذا أرضُ نجدٍ كيفَما سمِحتْ / بها الخطوبُ على يُسرٍ وإعسارِ
وحبّذا دَمِثٌ من تربِها عبِقٌ / هبّتْ عليهِ رياحٌ غبَّ أمطارِ
أُحِبُّها وبلادُ اللهِ واسعةٌ / حُبَّ البخيلِ غِناءُ بعد أقتارِ
ما كنتُ أوّلَ من حَنّتْ ركائبُه / شوْقاً وفارقَ إلفاً غيرَ مُخْتارِ
إنّي غنيٌّ بنفسي يا بَني مَطَرٍ / عنكُم وأنتم على الأعداءِ أنصاري
حتى أُنَفِّرَها عَشواءَ خابطَةً / لا تَعرفُ الحقَّ إلاّ بعدَ إنكارِ
إذا أطاعتْ بُغاةُ الخيرِ نهّشَها / دُعاءُ كلِّ فتىً بالشّرِّ أمّارِ
يدُ المسائلِ عنها فوقَ وَفْرَتِهِ / كأن في أذنِهِ قُرْطاً من النّارِ
فإنْ جَنيتَ على الأيامِ فاقرةً / فإنّ ذا التّاجِ من أحداثِها جارِ
رأى الزمانَ صَغيراً في مآربِهِ / وما على الأرضِ من تُربٍ وأحْجارِ
فَنافَرَ الفلكَ الدوارَ معترضاً / سَيراً بسيرٍ وأقدراً بأقدارِ
لا يَنقضُ الدهرُ فَتلاً باتَ يبرمُهُ / وشيمةُ الدهرِ نَقضٌ بعدَ إمرارِ
ولا تُعرِّسُ في الظّلماءِ يقظتُه / حتى يُعرسَ فيها بَدْرُها السّاري
أعلى على قِمَمِ الأقوامِ أخْمَصَه / نِزاعُ هَمٍّ إلى الغاياتِ سَوّارِ
وعزمةٌ كذبابِ السّيفِ مُصلَتَةٌ / كانت نتيجةَ آراءٍ وأفكارِ
كبا يقينُ رجالٍ في مَعارفِها / وكان ظنّكَ فيها القادِحَ الواري
ومثلُ سعيكَ أعْيا من يحاولُه / وقصّرَ المرءُ عنه بعدَ أعذارِ
وإنْ ساعتكَ الطولى على أزمٍ / تَناهبَ الناسُ عنها رجمَ أخبارِ
ألصقتَ ميسمَها الحامي على عجلٍ / بكلّ مُنْدَلِقِ الحدّينِ مِغوارِ
يَظُنّ أنّ العوالي ليس تُبصرُهُ / إذا تسرْبَلَ درْعاً ذاتَ أزْرارِ
كأنّما نسجتها فوقَ منكبه / ريحٌ تُعارِضُ متنَ الجدولِ الجاري
أعمى أسنّةَ سعدٍ عن مقاتله / قيد النواظِرِ والأبصارِ كالقارِ
وا لَهْفَتا لو أعارَ الصبحُ بردتَه / ليلَ الثّنيةِ نامت مقلةُ الثّارِ
حتى استظلّ وقد لجّ الفرارُ بهِ / بهائلٍ كهيامِ الرّملِ منهارِ
لا يدفع الضيمَ عن حوباءِ مهجتِه / من ليس يَدْفَعُهُ عن مهجةِ الجارِ
أبلغْ نِزاراً وأبلغْ من يبلّغهُ / من الرجالِ على شَحطٍ من الدّارِ
إن شئتَ أن لا ترى في النّاسِ مُضطَهَداً / فسالِم النبعَ واغمزْ كلّ خَوّارِ
فقد رمى بك قولٌ كنتَ قائلَه / على فَقارَةِ صعبٍ ظهرُهُ عارِ
تأبى وعيدَك أنيابٌ مُسَمّمَةٌ / عند الحفاظِ وأيدٍ ذاتُ أظفارِ
إنّ الأسنةَ زانتْ كُلَّ مارِنَةٍ / والأعوجيةَ فاتت كلَّ مِضْمارِ
وأصبحَ الأفُقُ الشّرقيُّ مبتسماً / تبسُّمَ البرقِ عن بيضٍ وأمهارِ
لو كنتَ تقبلُ نُصحي غيرَ متهمٍ / ملأتُ سمعَك من وعظٍ وإنذارِ
ألقى على شركِ الموماةِ كَلْكَلَه / وساعدَيْهِ سَليلُ الغابة الضّاري
غضبانُ ما لم يجدْ قِرناً يُشاورهُ / كأنّهُ طالبٌ قوماً بأوتارِ
تكاد تُنبت عيداناً يوافقها
تكاد تُنبت عيداناً يوافقها / شادٍ يوافقُه في نطقهِ الوترُ
دَرَى الاصولَ وأَداها بنَغمتِهِ / انَّ الاصولَ عليها يَنبتُ الشَّجَرُ
غَنى على العودِ شَادٍ سهمُ ناظرهِ
غَنى على العودِ شَادٍ سهمُ ناظرهِ / أَمسى به قَلبىَ المُضْنى على خَطَرِ
دنا الىَّ وجستْ كفه وتراً / فَراحت الروحُ بين السهمِ والوترِ
عَرِّجْ على حرمِ المحبوبِ منتصباً
عَرِّجْ على حرمِ المحبوبِ منتصباً / لقِبلة الحُسْنِ واعذرنى على السهرِ
وانظر الى الخال فوق الثغرِ دون لمىً / تجد بِلالا يراعى الصبحَ في السَّحَرِ
رقت لنا حينَ همَّ السفرُ بالسفرِ
رقت لنا حينَ همَّ السفرُ بالسفرِ / وأَقبلتْ في الدُّجى تَسعى على حَذَرِ
راضَ الهَوى قلبَها القَاسي فجادَ لنا / وكان أَبخلَ من تموز بالمَطَرِ
رأَت غَدَاة النوى نارَ الكليمِ وقد / شبَّتْ فلم تُبقِ من قلبي ولم تَذَرِ
رشيقةُ لو تراها عندما سَفرَتْ / والبدرُ ساهٍ اليها سهوَ معتَذر
رأَيتُ بدرينِ من وجهٍ ومن قمرٍ / في ظِلَّ جِنحينِ من ليلٍ ومن شَعَرِ
رشفتُ دَرَّ المحّيا من مقبّلها / اِذْ نَبهْتني اليها نسمةُ السَّحَرِ
رنتْ نجومُ الدُّجى نحوي فما نظرت / مَنْ يرشفُ الراحَ قبلي من فمِ القَمَرِ
راقَ العتابُ وأَبدتْ لي سَراَئرهَا / في ليلةِ الوصلِ بل في غُرّةِ الغمرِ