المجموع : 8
تَنَفَّسَت نَسَماتُ السحر في السَحَر
تَنَفَّسَت نَسَماتُ السحر في السَحَر / وهينمت في ميادين من الزَهَر
فنَبَّهت كلَّ مِرْنام الضحى غَرِدٍ / حالي الطلاَ مخضَب الكفين مستَحِر
وحبّذا شدوات الطير جاوبها / عزفُ القيان على النايات والوَتَر
حيث المزاهر تندى من غضارتها / محاجرُ النور في الآصال والبكُر
وللمعاطف من أغصانها مَيَدٌ / ممزق لجيوب الظل في الغدُر
تحكي لنا بارتجاس الريح في ورق / منها يرفّ على فينانها النضرِ
رقص الدَهاقين ما زالت ترفّ له / معاطفُ الغيد في خُضْر من الأَزُر
تلقى بها الشمس في خدّ الثرى لمعاً / جاءت بها فُرَج الأوراق كالغُرر
كأنّما حُوّة الأفياء تلبَسه / بها ملاءة ما قد حيك للنَمِر
والنهر يصدى بهاتيك الظلال كما / تصدى صفيحة حدّ الصارم الذكر
والزهر يفرش في شطَّيه ما رقمت / فيه السحائب من ريط ومن حِبَر
ربعية الوشي لا ينفكُّ زِبْرجها / يجلو لنا من حُلاها أحسنَ الصور
فقم بنا لابتكار العيش قد شرفت / لهاته بالمنى في رّيق العُمُر
بكل أهيف قد ألوى زرافته / على سنا البدر في مائية الزهر
كأنما خدّه مُذْ راح ممتعناً / من العيون بتضريج من الخَفر
صحيفة ملكت من درة بسطت / جرى بها ذوب ياقوت على قدر
ورقّة السمع بالألحان من فمه / فالسمع في مثلما طوراً أخو النظر
فكم تمتع سمعي والهوى أمم / يوماً بأوصاف شهم طيب الأثر
هو ابنِ خدن المعالي وابن بجدتها / عبد الرحيم إِمام البدو والحضر
مولىً أنافت على العِضَّيْن بهجته / وغادرت قُسَ مَعْ سحبان في حصَرِ
بكل معنى خلوب اللفظ جال به / ماء السلاسة في روض من الفِقَر
طلْق الأعنة في نَهْجِ البلاغة لا / ينفك عن خاطر في البحث مستعر
قد برّزت في رهان الفضل فكرته / وأحرزت قصبات السبق والظفر
أربت على الروضة الغناء شيمته / لطفاً إِذا مازجتها رقة السحَر
مولاي يا مَن سرت تعنو لساحته / نوازع للمنى لولاه لم تَسِر
إِليكها من بنات الفكر غانيةً / عذراء تزهو بحسن الدَلّ والحَورَ
تزدان منك بأوصاف نسقن على / لبَّاتها من حُلاها أنفس الدُرَر
حيّا دمشق فكم فيها لذي وَطَر
حيّا دمشق فكم فيها لذي وَطَر / منازهٌ هي ملء السمع والبَصَر
فإِن توخيت منها طيبَ مختبر / وتجتني عند باكورةَ العُمُر
فاعمد إلى الفيجة الفيحاءِ مرتشِفاً / بها زلال معين رائق خصِر
وأنزل ببسِّيمة الزهراء مُنْتَشِقاً / نسيمها اللّدن في الآصال والبكر
واسلك خمائل وادي أشرفيْتها / بظلّ مشتبك الأغصان والشجر
ثم الجُديِّدةِ الغراء فالوِ بها / عِنان طرفك وانزل جانب النهر
واقصد ربي الهامة الغناء مستمعاً / شدو القيان من الأطيار في السحر
واسرح مدى الطرف من ألفاف دُمَّرها / بين الغياض لدى مستشرف خضر
واصعد ذرى السفح وأنشد فيه مدكراً / عهود أُنس مضت في سالف العمر
يا ليلة السفح هلاّ عدت ثانية / سقى زمانك هطال من المطر
وقف على دير مُرّان التي شخصَت / آثاره تلق فيه مسرح النظر
واذكر مقالة صبّ فيه ممتَحِن / يا ديرَ مُرّان لا عُرّيتَ من سكر
واقصر مدى الخطو واعبر صالحيتَها / ترَ القصور بها تسمو على الزُّهُر
حيث الحدائق تجلى من مطارفها / عرائس السرو في موشية الحُبُر
واذكر مقالة من ظلت خواطره / تربى على السحر في أوصافها الغرر
مُذْ راح ينشد فيها والمنى أمَمٌ / خيّم بجلّق بين الكأس والوتر
ومَتّعِ الطرفَ في مرأى محاسنِها / بروض فكرك بين الروض والزَهَر
وانظر إلى ذهبيات الأصيل بها / واسمع إلى نغمات الطير في السحَر
وعد إلى الربوة الغناء تلقَ بها / محاسِناً تجتلى في أحسن الصُوَر
ظلٌّ ظليل وماء راح مُطّرداً / بين الغصون وطير جد مستحِر
وعج على نَيْرَبيها كم بها فَنَنٌ / من المحاسن قد دقت عن الفِكَر
حيث النسيم تمشّى في جوانبها / تستعطف البانَة الغناء في البكر
حيث الجداول من تحت الظلال غَدَتْ / تنساب ما بين ميّال ومُنْحَدر
واعطف على المرجة الميثاء تلقَ بها / داعٍ إلى اللهو معواناً على الوَطَر
من كلِّ مستشرفٍ ظلت أَزاهره / تندى فتهدي لنا من نَشْرها العطِر
وادٍ به للمنى أغصان مُهْتَصِرٍ / تَهدّلَتْ بفنونِ الزهر والثمر
حيّا الإِلهُ بصوب الودْق غوطته / وصانها من عيون الزهر والبَشَر
أحْسِنْ بمجلسِ أنُسٍ يانعِ الزَهَرِ
أحْسِنْ بمجلسِ أنُسٍ يانعِ الزَهَرِ / أبانَ عن كلِّ معنىً فيه مُبْتَكَرِ
وانظر إلى بُرْكةٍ تجلو مشاربها / عرائس الورد في مَوْشِيّة الحِبَر
تناظرت حولها والزهر منعكفٌ / تناظر الحُور قد قامت على سُرُرِ
وقد علا بعضها بعضاً فلاحَ لنا / خلالها فُرَجٌ تدعو إلى النَظَر
مثل القصور وقد أفضت مناظرها / إلى قرارة جوّ زاهر الزَهر
أبدت تماثيل ما حاكَ الربيعُ لنا / ودبّجته يدُ الأنواء في السَحَر
فتحتَ أحمرَ قانٍ أبيضٌ يقَقٌ / على اصفرٍ فاقع في أخضر نَضِرِ
وياسمين حبانا طيبَ منظرِه
وياسمين حبانا طيبَ منظرِه / وقد تبدَّتْ من الصبح التبَاشِيرُ
كأنّه مذ تبدّا في مطالعِه / فوقَ العروش تناغيه الأزاهيرُ
لآليء بسطتْ منها لنا غُرَرٌ / جرى بها من يواقيتٍ أساريرُ
لقد سقاني الحبيبُ كأساً
لقد سقاني الحبيبُ كأساً / لم أرْوَ منها ورمتُ أخرى
فقال خُذْ ما بقى بكأسي / سُؤراً وأحسن بذاك سؤرا
فعندما جادَ لي بما في / أواخِر الكأس مُتُّ سُكرا
واضيعتي بعد ما جَدَّ النِفار ضحىً
واضيعتي بعد ما جَدَّ النِفار ضحىً / عن ذي هوىً حظه الممزوج بالكَدَرِ
رَشَا تعلقتُه راجٍ مقاطعتي / حتى تقطعت الأسباب من قَمَري
واهاً لأيامنا بالجزع كنتُ بها / نشوانَ منَ سكَرٍ والآن من فِكَر
الشِعْرُ ضَرْبٌ من التصوير قد كشفت
الشِعْرُ ضَرْبٌ من التصوير قد كشفت / منه القرائِحُ عن شَتّى من الصُوَرِ
فاعْمَدْ إِلى قالبٍ عون تُدَمِّثهُ / وافرغ بهِ أَيَّ مَعْنىً شِئْتَ مُبْتكَر
وللثريا ركودٌ فوقَ أرْحلِنا
وللثريا ركودٌ فوقَ أرْحلِنا / كأنَها قِطْعَةٌ من فَرْوَةِ النَمرِ