أَمّا وقد شُرِّدَتْ تلك اليعافيرُ
أَمّا وقد شُرِّدَتْ تلك اليعافيرُ / فالنومُ حِجرٌ على الأجفانِ محجورُ
لا يسكنُ القلبُ من ذُعْرٍ تَغَلْغلَهُ / وربربُ الحيِّ بالتَّرحالِ مذعور
خفَّ القطينُ فعزِّ النفسَ بعدهم / جُرْحُ النوى بِعَزاءِ النفسِ مسبور
باتت تلوم وتُصْفي مِنْ نصيحتها / كُفِّي أُمامُ فبعضُ الصفوِ تكدير
ما مَنْ حَشاهُ كحرِّ النارِ مُضطرِمٌ / كَمَنْ حَشاهُ كبردِ الماءِ مَقْرُور
لو تَخْبُرينَ جَواهُ لالْتَقى بكما / على الهوى عاذرٌ منهُ ومعذور
لا تحسبيه طليقاً مثلَ عبرتهِ / إنَّ الطليقَ بحكم الوجدِ مأسور
أيا ابنةَ القومِ كم يُعْزى السماحُ لكمْ / ونيلُ وصلكُمُ المرجوُّ محظور
إنْ أَجْرَعِ الذلَّ من كأسٍ سُقيتُ بها / فَرائِدُ العزِّ إدلاجٌ وتهجير
لتُغْنِيَنِّي العلا عن كلِّ غانيةٍ / مَنْ يعشقِ المجدَ لم تَسْتَغْوِهِ الحور
وربَّ داجيةٍ طخياءَ عابسةٍ / تفترُّ عن عزمتي فيها الدياجير
وما سجيريَ فيها غيرُ مُنْصَلِتٍ / عَضْبِ السِّطامِ وبحرُ الليل مسجور
واقفتُ منه على الأهوالِ ذا ثقةٍ / نعم الرفيقُ حسامُ الحدِّ مطرور
إنّي فزعتُ بأطوادي إلى نُجُبٍ / تنازعتْ سيرَها الآكامُ والقور
وكم أناسٍ ينالونَ الحظوظَ وما / لهمْ مع الركبِ إنجاد وتغوير
قد يُدْرِكُ العاجزُ النأناءُ حاجَتَهُ / بالجَدِّ إنْ لم يكن جِدٌّ وتشمير
سأُعمِل العيسَ والظلماءُ عاكفةٌ / لعلَّ معسورَ ما أرجوهُ ميسور
أَيقعُدُ العجزُ بي عن خَوْضِ مُظلِمةٍ / ومَقعَدُ الكُرماءِ السَّرْجُ والكُور
لا يجتبي المجدَ غَضَّاً غيرُ مُضطَغِنٍ / تَرْدِي به الجُرْد أو تُحدَى به العير
أو لائذٌ ببني داودَ يَكْنُفُهُ / بيتٌ لهم بذوي التيجانِ معمور
من آلِ حميرَ لا عُزْلٌ ولا كُشُفٌ / إذا عَدَتْ بهم الجردُ المحاضيرُ
قَوْمٌ رماحهمُ في الحربِ ناهلة / والتُّرْبُ منْ فِعْلها رَيَّانُ مَمْطُور
صِيانةً وفَرُوا في الجودِ مَجْدَهُمُ / والمجدُ عند ابْتذالِ الوفرِ موفور
يُصادِمونَ الليالي وهي مُقْدِمَةٌ / إنَّ اللياليَ فرسانٌ مغاوير
وربَّما خَضَدوا بالصبرِ شَوْكَتَها / والصبرُ وَقْفٌ على الأحزان مقصور
راشُوا المساعي وقد قُصّت قوادِمُها / إنَّ الكسيرَ مع الأيامِ مجبورُ
وذللوا الدهرَ حتى انقادَ مُعْترِفاً / وذنبُ مُعترفٍ بالذنب مغفور
أَحْيَيْتَ يا بنَ أبي بكرٍ عُصورَهُمُ / وطيُّ من أنجَبَ الأبناءَ منشورُ
لا ينكرُ الناسُ ما أُوتيتَ من كَرَمٍ / وكيف يُنكِرُ فضلَ الصُّبْح ديجور
لا يُحمَدُ البخلُ أنْ دانَ الأنامُ به / وحامدُ البخلِ مذمومٌ ومَدْحور
عَلَوْتَ كلَّ عظيمِ الشانِ مرتبةً / إنَّ الخلاخيلَ تَعْلُوها التقاصير
لم تَبْقَ مكرمةٌ إلا سعيتَ لها / وسعيُ كلِّ كريمِ النَّجْر مشكور
مآثرٌ شَيَّدَ المأثورُ أكثرَها / خيرُ المآثر ما تَبْنِي المآثير
لك القَنا والظُّبا مخضوبةً عَلَقَاً / والأُسْدُ داميةٌ منها الأظافير
أيَّامنا وليالينا أبا حسنٍ / مُرْها بما شئتَ لنْ يَعْصِيكَ مأمور
يهنيكَ أنّكَ ما تنفكُّ قامِرَها / وكلُّ مَنْ قامرَ الأيامَ مقمور
لا زلتَ والدهرُ مغْفٍ والمنى أمَمٌ / تهوى أموراً فتهواها المقادير