لا أعِذر المرءَ يصبو وهو مختارُ
لا أعِذر المرءَ يصبو وهو مختارُ / الحبُّ يُجمَعُ فيه العارُ والنارُ
فعارُه سَفَه العذَّال إن هَجروا / ونارُه حُرَقٌ إن شطّت الدارُ
لولا كَهانة عينى ما درت كبِدى / أن الخِمارَ سحابٌ فيه أقمارُ
يُهوىَ بياضُ محيّاها وحُمرتُهُ / كما يروقك دِرهامٌ ودينارُ
إيهٍ أحاديث نَعْمانٍ وساكنه / إنّ الحديثَ عن الأحباب أسمارُ
يا حبذا روضُة ألأحوىَ إذا احتجَبتْ / عنّى الثغورُ حكاها منه نُوّارُ
وحبَّذا البانُ أغصانا كَرُمنَ فما / لهنَّ إلا الحمَامُ الوُرقُ أثمارُ
ظلِلتَ مُغْرىً بذي عينينِ تعذُله / وقبلَه قد تعاطى العشقَ بشّارُ
عند العذول اعتراضات ومَعنفةٌ / وفي العتاب جواباتٌ وأعذارُ
لا سنَحتْ بعدهم عُفرُ الظباء ولا / ترَّجحتْ في الغصون الخُضْر أطيارُ
كأننى يومَ سُّلمانَيْنِ قد علِقتْ / بِي من أُسَامةَ أنيابٌ وأظفارُ
أفِّتُش الريحَ عنكم كلَّما نفحتْ / من نحو أرضكم نكباءُ مِعطارُ
وأسأل الركبَ أنباءً فيكتمُنى / كأنّكم في صدورِ القوم أسرارُ
حتى الخيال بدا جنبى ليوهمَنى / قُربا ومن دونكم بيدٌ وأخطارُ
ما تطمئنُّ بكم دارٌ كانّ عَلا / ءَ الدِّين مطلبُه في حيِّكم ثارُ
هو الذي لو حمىَ مَرعىً لما سَرحتْ / سوائم الدهر إلا حيث يختارُ
ولو تُجاوره الأغصانُ ما خطَرت / ريحُ النُّعامىَ عليها وهي مغوارُ
يُحكَى له في المعالى كلُّ مأثُرةٍ / تُصبى القلوبَ وتُروَى عنه أخبارُ
عظَّمتُمُ مَن له في المجد مَكُرمةٌ / وأين ممَّن له في المجدِ آثارُ
أنَّى أقام فذاك الشَّعبُ منتجَعٌ / وكلُّ يومٍ يُحيَّا فيه مختارُ
لولا ضمانُ يديه رىَّ عالَمِهِ / لجاءت السُّحبُ من كفَّيه تمتارُ
يلقَى العُفاةَ ببشرٍ شاغلٍ لهمُ / عن السؤال وللأنواء أنوارٌ
وحظُّته في العطايا أنَّ راحتَه / بين العُفاةِ وبين الرِّفدِ سُمّارُ
أخو المطامعِ بلقاه بِذلَّتها / وينثنِى وهو في عِطفْيه نَظَّارُ
أفنىَ الرجاء فما للخيل ما نحتوا / من السروج ولا للعِيس أكوارُ
لا يَنهَبُ الشكرَ إلا من كتائبِه / يومَ التغاورِ أضيافٌ وزُوّارُ
إذا القِرَى عَقَرت أُمَّ الحُسوارِ له / رأيته وهو للآمال عَقَّارُ
لله مقتبلُ الأيام همّتهُ / لها من البأس والإقبال أنصارُ
ثِقْ بالنجاح إذا ما اجتاب سابغةً / لها الثرّيا مساميرٌ وأزرارُ
لا يتوارى ضميرِّ عن سريرته / كأنما ظنُّه للغيب مِسبارُ
من الورى هو لكن فاقهم كرما / كذلك الدرُّ والحصباءُ أحجارُ
بأىِّ رأىٍ أبو نصرٍ يجاذبه / حبلَ الخلاف وبعضُ النقضِ إمرارُ
أما رأى أنَّ ليثَ الغاب مجتمعٌ / لوثبةٍ وفنيقَ النِّيبِ هَدّارُ
ولا جُناحَ على مُرسٍ كلا كلَه / إذا تقدّم إعذارٌ وإنذارُ
بدأتَهُ بابتسامٍ ظنَّه خَوَرا / فاغتَّر والكوكبُ الصبحىّ غرَّارُ
الآن إذ كشفَتْ عن ساقها ورمت / قناعَها الحربُ والفُرسان أغمارُ
غدَا يمسِّح أعطافَ الردَى ندما / وكيف تنهضُ ساقٌ مُخُّها رارُ
يُغشِى السفائنَ نيرانَ الوغَى سفَها / والنارُ أقواتُها الأخشابُ والقارُ
إن كان للأجَم العادىِّ مدّرعا / فالليثُ بين يراع الخيس مِذعارُ
أو كان يغترُّ بالأمواه طاميةً / فإن بالقاعِ من كَفيْه تيّارُ
إذا ترنَّم حَولىُّ البعوضِ له / ترنَّمت في قسى الترُّكِ أوتارُ
أنجِزْ مواعيدَ عزمٍ أنتَ ضامنُها / ولا يُنهنِهْكَ إِردبٌّ وقِنطارُ
فإنما المالُ رُوحٌ أنت مُتلفُها / والذِّكرُ في فلواتِ الدهر سَياَّرُ
لا تتَّرِكْ نُهزَةً عنَّتْ سلَّمَةً / إلى علاك فإن الدهرَ أطوارُ
وما ترشحَّ يومُ المِهرَجانِ لها / إلا وللسعدِ إيراد وإصدارُ
لما رآك نوى نَذار يقومُ به / حتى أتاك وشهرُ الصوم مِضمارُ
وقد زففنا هداياه مُنمنَمةً / كأنّها في رقاب المجد تِقصارُ
ولستُ أرخصُ أقوالى لسائمها / إلا عليك وللأشعارِ أسعارُ