المجموع : 19
أما ترى حركاتِ الريح مُخْبِرةً
أما ترى حركاتِ الريح مُخْبِرةً / أنّ الغمام يَصُوبُ الأرضَ بالمطرِ
فالجوّ ملتحِف بُسْطاً مفوَّفةً / كأنهن اختلافُ الوشي والحَبَر
كأنّ بردَ نسيم الغَيْم حين بدا / ارتشافِ حبيبٍ زار في السَّحَرِ
فأجرِ فيه كؤوسَ اللَّهو دائرةً / بين ارتجاع حنين الناي والوَتَرِ
واعلمْ بأنّ الليالي غيرُ باقيةٍ / فلا تُبَقِّ على لهوٍ ولا تَذَرِ
لا زلت متّصِل الآمال بالظفرِ
لا زلت متّصِل الآمال بالظفرِ / مباركَ السعي عذبَ الوِرد والصَّدَرِ
وقابلتْكَ الليالي وهي لَيِّنة / نواعمٌ لا تشوب الصفَو بالكَدَر
لم يعطِك الله حُسْناً أنت حامِلُه / حتى استخفَّ بنور الشمس والقمر
ولا حبا الله بالمُلْك العزيزَ ولا / أعلاه حتى رآه سيّدَ البشر
لم يخلُ قلبيَ من ذِكرْ العزيز وإن
لم يخلُ قلبيَ من ذِكرْ العزيز وإن / نأي به شُغُلٌ أو عاقه قَدَرُ
يرعاك كُلِّي بكُلِّي رَعْىَ مرتقِب / لا رَعْىَ من قادَه الإطماعُ والحذرُ
قلبي عليك رقيب فيك يكلؤني / يا منتهَى أملي والسمعُ والبصرُ
لا سرَّني العيشُ إلا أن تُسرَّ به / ولا استوى لِيَ إلا عندك العُمُر
لو لاك لم تَحْسن الدنيا لساكنها / طِيباً ولا أشرقت شمس ولا قمر
قالت أغدْر بنا في الحبّ قلت لها
قالت أغدْر بنا في الحبّ قلت لها / لا نال غايةَ ما يرجوه مَنْ غَدَرَا
قالت فلِمْ لَمْ تزرنا قلت زاركُم / قلبي ولم يدر بي جسمي ولا شعرا
قالت كذا يكتم العشّاقُ حبَّهم / فينعَمون ويَجْنون الهوى نَضِرا
قلت اسمحي لي بتقبيلٍ أعيش به / قالت وأيُّ محبّ قبَّل القمرا
بذلّةِ اللين من ألفاظكِ الخفِرة
بذلّةِ اللين من ألفاظكِ الخفِرة / وما تعَقْرَب من أصداغك العَطِرَهْ
إلاّ رحمتِ قتيلاً من هواك ولم / يبق التواصل فيما بيننا نكِره
لا تخبري كيف صبري في نواك فقد / أمسيت بي وبه دون الورى خبره
حاشاكِ من هجر من أضحت محاجِرُه / مما يكفكِف فيِك الدمعَ منفطِره
ولم يجِد ناصراً يقوى عليك به / لمّا غَدَوْتِ بسحر الطرِف منتصِره
يا صُلْبة العينِ مثلي يستهان به / ظلماً ويُقتَل مهجوراً بغير تِره
أمَا ووجنتِك الحمراءِ سافِرةً / وغُنْجِ مقلتك الحوراءِ يا مكِره
لولا هوىً فيك لا يودي الزمانُ به / ولوعةٌ في سواد القلب مستعِره
ما رحتِ مختارةً ظلمِي بلا سببٍ / ولا غدوتِ على قتلِي بمقتدِره
إن يحسُد الصبحُ إشراقي فمعذور
إن يحسُد الصبحُ إشراقي فمعذور / بي تُشِرق الشمسُ والأفلاك والنورُ
أطاعني الحسنُ وانحطَّ الجمال على / سَمْكي وأسعد بنياني المقادير
فساحتي بابن هادِي الخلق مشِرقةٌ / ومنزلي بالعُلا والمجدِ معمور
كأنني بُرْجُ سعدٍ ما يفارِقه / خَفْضٌ وطِيب وتقدِيس وتطهير
يضاحك النيلُ أركاني مغازَلةً / إذا بدت للصَبَا فيه قوارير
ولا تزال تلاقيني بنفحتها / من كلّ وجه رياضٌ أو أزاهِير
ولستُ بالقَفْر والبيداءُ محدِقة / ولا عليَّ غبارُ التُرْب منثور
مَنْ حَلَّني فَهْو صافي العيشِ مُبْتهِج / ومن رآني قريرُ العين مسرور
قد جاءك النصر مقروناً به الظفر
قد جاءك النصر مقروناً به الظفر / عفواً وأرضاك في أعدائك القَدَرُ
لقد سبقْتَ أمير المؤمنين إلى / مفاخرٍ لم يُحزْها قطُّ مفتخِر
ما دام مدحُك فكري حين أطلبه / لا كنت يوماً من التقصير أعتذر
إذا رأيتك والأقوامَ في ملأ / كانوا الظلام وأنت الشمس والقمر
قد سالمتك الليالي سِلم منهزم / لم يستطِع وأراها ذلك النظر
عِداك في كل أرضٍ غير آمِنةٍ / من أن تخافك فهي الدهر تنتظِر
في كل يومٍ فُتوح للعزيز على / أعدائه ورزايا فيهمُ كُبَر
إذا انقضى خَبَر فيه له ظفر / عليهمُ أبداً وافاهُم خبر
حوادث الدهر جيش غير منهزمِ / على أعاديك لا تُبقِي ولا تَذَر
يَهنِيك أسطولُ جيش لم تزل خَدَماً / له الرياحُ بما قد شاء تأتمِر
حتى أتاك بأُسْد في الكريهة لا / يثنِهم الخوفُ عن خَطْبٍ ولا الحَذَرُ
قد حكَّمتهم رِقاق البِيض فاحتكموا / وأنجدتهم طِوالُ السُمْر فانتصروا
وأصبح الشرك للتوحيد منخفِضاً / والروم ليس لهم وِرْد ولا صَدَرُ
لم تدع منهم بِيضُ السيوف سوى / من قد حماها اللمَى والدَلُّ والخَفَر
تخالف الناس في فضل الملوك ولم / يأتِ الخلافُ على تفضِيلك البشر
وكيف يعتادنا فيك الخلاف وقد / أتى بفضلك نصُّ الوحي والسور
أقوله فيك تصريحاً أدِين به / وفي فمِ الصامِت الشاني لك الحَجَر
لا زال ملكك بالإعزاز معتلِياً / فنيا وصفُوك لا يعتاده الكدر
أصبحت أفتك خَلْقِ الله بالنظر
أصبحت أفتك خَلْقِ الله بالنظر / عفَّ الضمير عن الفحشاء والنُكُر
والجِدّ أشبهُ بي فما أحاوله / لولا اكتحالُ جفون الغِيد بالحَوَر
ماءُ المعالي لذيذ في فمي شَبِم / أحلى وأعذب من رِيق الدُمَى العطِر
دم العِدَى في ظُبَا الأسياف يُطرِبني / تطرُّب الشَرْب بالصهباء والوَتَر
إنّي أتيتُ إلى البستان مختارا
إنّي أتيتُ إلى البستان مختارا / ولم أكن في انصرافي عنه مختارا
وكيف أختار بُعْداً عن محلّ عُلاً / يظلُّ فخري به في الناس قد سارا
لكن تصرَّم يومٌ كنتُ آمُلُه / نوراً لعيني فأجدى قلبيّ النارا
ولم يكن لِيَ بَيْت ثَمَّ يمكِنني / فقمتُ مكتئباً لم أقضِ أوطارا
ومثلَ ما قلتُ قال القوم كلّهمُ / نقول ذلك إعلاناً وإسرارا
وسوف تُغرم عَشْراً كي تكون بها / بالذنب من عذرنا بالغُرْم مِعشارا
فمهِّداً عُذْرنا قُدِّمتُ قبلكما / فلم نُصِرّ على الهجْران إصرارا
ونحن عندكما قبل الضّحَاء من ال / إثنين أو قبله في الصبح إسفارا
أحسنتَ إحسان من تمّت فَطانتَهُ
أحسنتَ إحسان من تمّت فَطانتَهُ / ولَوْذَعيَّتُه جهراً وإسرارا
كان انصرافك عنَّا علَّةً قدحتْ / في كل حبَّة قلبٍ عندنا نارا
ولم تَزل من نواك النفس والهةً / والقلبُ مكتئباً والدمع مِدْرارا
حتى وَعدتَ بأن تأتي على طربٍ / حُرّاً يقود إلى اللذَّات أحرارا
واتِ الضَّحَاء من الاثنين في عجلٍ / كذا الكريم إذا لم يستَزر زارا
فاقدَم فِداك بنو الآداب كلّهم / فقد غدوتُ لما تختار مختارا
لأِربعُ جادهنّ الغيثُ مبتكِراً / حتَّى كساها أزاهيرا وأنوارا
تميسُ تحت الصبا أغصانها غَيَدا / ونَعْمَة ويناغي الطيرُ أطيارا
يضوع فيها فَتِيقُ المِسك منتثِراً / وعنبرُ الشِّحْر آصالاً وأسحارا
وقد رضِيتكُمُ شَرْباً بها ولها / كما رضيتُ بها قِدْماً لكم دارا
فأعطوا التذاكر والصَّهباء حقّهما / فيها وقَضُّوا من اللذّات أوطارا
لَهْفِي على مَن أقمت عُذْرَهْ
لَهْفِي على مَن أقمت عُذْرَهْ / في الهجر لمّا أطال هَجرَهْ
أَذابَنِي فاقتصْصتُ منه / بأنْ أذاب اللثام ثَغْرَه
فلو ترى ضِحْكَه ودَمْعي / وذِلّتي في الهوى وكِبْرَهْ
رأيتَ مستصحبَين راحَا / وحُزْن هذا لذا مَسَرَّه
لو سكن الأُفْقَ مَنْ جفاني / لخِلْتَهُ شمسَه وبدرَهْ
قد لاح نجمك بين العِزّ والظَّفَر
قد لاح نجمك بين العِزّ والظَّفَر / وحاز وجهُك نورَ الشمس والقمِر
يا طالعَ السعدِ من بعد السقوطِ وقد / وافَى بلا عائقٍ فيه ولا كَدَر
لانَتْ بدولتك الدنيا لطالبها / كأنّ أمرَك فيها سابقُ القَدر
وأشرق المُلْكُ مذ أُلبِستَ خِلْعَتَه / وأصبح الدهرُ عذبَ الورد والصَّدَر
أنت العزيزُ الذي لو لا خلاَفَتُهُ / ما أصبحَ العدلُ منشوراً على البشر
كأنّ عَصْرَكَ من إشراقِ بَهْجَتِه / تفتُّحُ الْوَرْدِ بين الروض والزهرَ
يا عمِّ لا زلتَ في النعماء محبوراً
يا عمِّ لا زلتَ في النعماء محبوراً / سامي المحلّ قريرَ العين مسرورا
أبلغْ فديتُك مولانا وسيِّدَنا / ومن غدا آمرا والدهرُ مأمورا
وقل له ظَفِرَتْ كفّاك واعترضَتْ / لك السعودُ ولا لاقيتَ تكديرا
يا خيرَ مستخلَف ما زال منذ بدا / من البريَّة ممدوحاً ومشكورا
إن الخلافَة مذ أُلبِسْت حُلَّتها / عَزَّت ولم تَلْقَ من مَسْعاك تقصيرا
تأويلُ ما أنا مُهديه ومُرْسلُه / ودّي وشكريّ منظوماً ومنثورا
إذ كلّ ما رحتُ مهْديه فمنك بدا / وإن أَعَدْناه ترديدا وتكريرا
بعثتُ شِبْهَ النهود البارزات وما / تحكي خدودَ الدمى حسناً وتحميرا
من كلّ تفّاحة زهراءَ مُذْهَبة / كأنها حشيت مسكاً وكافورا
كأنهنّ خدود قَدْ لُثمن فقد / أَبْقَى اللثام بها نقشاً وتأثيرا
وكلّ ليمونة تحكي بظاهرها / لونَ المحبِّ إذا ما بات مهجوراً
فاسْلَمْ سَلِمتْ على الأيام مرتفعاً / تَزِينُها وعلى الأعداء منصورا
إني وإن كان لي قلب أراك به
إني وإن كان لي قلب أراك به / في القرب والبعد يا بن السادة الغُرَرِ
فليس يُقنعني رؤياكَ منفرِدا / بالفكْر إن لم تكن رؤياك بالبصر
عينُ المحبّ على ما في جوانحه / دليلهُ فاختبْر ما شئتَ بالنظر
مَن كان في قلبه أو حبّه كَدَرٌ / فإنّ حُبَّك في قلبي بلا كَدَر
فامنُن برؤياك مشكوراً لتطفئ بالتْ / تِذكار ما في الحشا من لَوْعة الفِكَر
آلَى يميناً على قتلِي مردَّدةً
آلَى يميناً على قتلِي مردَّدةً / وجاء بالزُور فيما قال يعتذرُ
وقال لَحْظِي ضعيف حين أُرسله / ووَجْنتي وجنةٌ بالوَهْم تنفطر
وكَيْف أقتل مَن أمسى النبيّ له / أَباً ومن بكتاب الله يَنتصِر
هذا وجدِّي رسولِ الله وجنتُه / مخضوبةٌ بدمي يا قوم فاعتبروا
تشيَّع الحُسن فيه إذ ألمَّ به / وقلبه ناصِبيّ ليس يغتفر
أبكي على ظالم لي غير مغتفر
أبكي على ظالم لي غير مغتفر / لم يُبق لي حبُّه صبراً ولم يَذَرِ
إذا تسلِّيت عنه ضاق متَّسِعي / وإن تهيَّمت في قلّ مصطبَري
وليس يهجرني إلاّ بمعرفة / أنّي على الهجر منه غيرُ مقتدر
والله لولا سهامٌ في لواحظه / وخمرةٌ ظهرتْ في ثَغْرهِ الخَصِر
لما أراق دمي ظُلماً بلا سبب / ولا تمكَّن من نفعي ومن ضرري
إن تُعْزَ للغُصن الميَّاس قامتُه / فإنّ للدِّعص منه ثِقْلَ مؤتزرِ
اعْجَبْ لعينيَ إذْ لم تَجرِ أدمُعها / دماً عليه وقلبي كيف لم يطر
ويح المحبِّين ما أقوى قلوبَهُمُ / على الجوى والأسى والشوقِ والذِكَرِ
تشوقُني لحظَات الغيد فاترةً / ولينُ لفظ ذوات الدّلِّ والخَفَر
وكلُّ مجدولةٍ في جِيدها جَيَدٌ / كأنها من ظباء المَرْخ والعُشَر
ولست أُغضي على عارٍ أُعابُ به / ولا أُسِرّ على غَدر ولا نُكُرِ
يا دهر ما بال جَبْري فيك منكسِراً / أعَمى لديك وكَسِرى غير منجبِر
شاخ الزمان زمانُ السوء واكتهلت / أيَّامه فاعترته غَفْلة الكِبَر
فصار أعجزَ من مَيْت وأبعدَ من / فَوْت وأصمتَ من عُود بلا وَتَر
وكان أوثبَ من لَيْث على نَعَمٍ / فينا وأَشْرَهَ من أنثَى بلا ذكر
لولا العزيزُ أمينُ الله ما لَجَأَتْ / نفسي إلى ملجأ منه ولا وَزَر
إمامُ عدلٍ إذا استمطرتَ راحتَه / وجدت أَنملها أَنْدَى من المطر
يا بن الأئمَّةِ والهادين متّصلاً / بصفوة الله أهِل الوحي والسُّوَر
لا تجهد النفس في جمع السلاح ولا / في عُدّة الحرب والرَّوْحات والبُكَر
فقد كفاك أذى الأعداءِ كلّهم / نصرُ الإله وسيف الدهر والقَدَر
أنت المقيم إذا سافرتَ مُرْتحِلاً / وكلّ من غِبتَ عنه فهو في سفر
ضرورة كان تأخيري زيارَتكم / وقد عفا الله قِدْماً عن أولى الضرر
لو لم يكنْ ليّ عذرٌ أنت تعلمه / لجئت أسعى بلا عذر على بصري
مودّةُ العين لا يزكو الوفاءُ بها / والودُّ بالقلب ليس الودُّ بالنظر
لا زلتُ في فكرة تفضي إلى تعب / إن كنتَ تسقط مِن همّي ومن فِكَرِي
مودتي لك طبع غير منتقل / وطاعتي لك طول غير مختصَر
وودّ غيريَ مكسوب ومصطنَع / والوسم في الجِلْد غير الوسم في الشَعَر
يكفي عدُّوك أنّ الله يلعنه / وأنه لا يُرَى إلا على حذر
وأنّ كل فؤاد عنه منقبض / وكل قلب له أقسى من الحجر
جئت الخلافة لمَّا أن دعتك كما / وافى لميقاته موسى على قَدَر
كالأرض جاد عليها الغيث منهملاً / فزانها بضروب الرّوض والزَهَر
ما أنت دون ملوك العالمين سوى / روح من القدس في جِسم من البشر
نور لطيف تناهى فيك جوهره / تناهياً جاز حدَّ الشمس والقمر
معنىً من العلَّة الأولى التي سبقتْ / خَلْق الهيولىَ وبسَطْ الأرض والمَدَرِ
فأنت بالله دون الخلق متّصل / وأنت لله فيهم خيرُ مؤتمر
وأنت آيته من نسل مرسَله / وأنت خيرته الغرّاء من مضر
لو شئت لم ترض بالدنيا وساكنها / مَثْوىً وكنتَ مليك الأنجم الزهُرِ
ولو تفاطنت الألباب منك درت / بأنها عنك في عَجْز وفي حَصَرِ
إن جَلّ شخصُك عن حَدّ العِيان فقد / جلَّت مساعيك عن مِثْل وعن خَطَر
لا مشبهٌ لك في الأملاك نعرفه / الهَزل في النوم غير الجِدّ في السهَر
إن العيون اسمها والجنس يجمعها / والحُول غير ذوات الكُحْل والحَوَرِ
يا حاسداً يتمنَّى أن يساويَني / فيما لديك تمنِّي الكاذب الأشِر
وما تقاصرتُ عن طُول فيلحقني / ولا تطاولْتُ بعد الصُغْر والقِصَر
إنا جميعاً تشارَكْنا دماً وأبا / كما تشاركتِ الأغصانُ بالثمر
فكيف يبلغ شَأوِي أو يطاولني / وأنت لي دونه كالصارم الذَكَر
أُنصر أخاك فإن القوم قد نصروا / غِلْمانهم واسمُ في تأخير منتصِر
فأنت ما زلت لي يُسْراً بلا عُسُر / ومورداً صافياً عذباً بلا كدر
دنَوا وغبتُ ولو أني حضرتهمُ / جرَّعتُهم غُصَصَّاً في الوِرْد والصَدَر
لا زلتَ مقتدراً ما بين ألوية / خفّاقة لك يوم الروع بالظفر
شكري لفضلك شكرٌ غيرُ منصرمٍ / ومَنْ أحقُّ وأولَى منك بالشكُر
كتبتُ يا واحدَ الأَملاِك والبَشَرِ
كتبتُ يا واحدَ الأَملاِك والبَشَرِ / والراحُ لم تُبْقِ لي لبَّاً ولم تَذَرِ
وقد بدا النايُ في شكوى صبابتِهِ / مجاوِباً لأَنِين الطَّبْلِ والوَتَرِ
ونحن في طَرَبٍ ما مثلُه طربٌ / يستصحِبُ اللهوَ في مستقبلِ العُمُرِ
وفي غِناءٍ إذا حُثَّتْ أوائلُه / أغنَى النَّدامَى عن الأنوارِ والزهَرِ
ومُرَّةِ الطعم بِكرٍ في معاصِرها / قذَّافةٍ في نواحي الكأس بالشّررِ
تسعى بها غَضَّةُ الأطرافِ ناعمةٌ / كأنها قمرٌ في ناظِرِ القمر
إذا ذكرناك أومأنا بأوجهِنا / مقبِّلين بها للتُرب والمَدَر
فهذه حالنا مذ لاح مُنْصَلِتاً / سيفُ الصباح وولَّت ظلمةُ السَّحَرِ
فَمُرْ بأمركَ وانْظُر شِعْرَ عَبْدِكَ هَلْ / يطيقه أحد من ذلك النفرِ
وسوف آتِي إذا بمغرِبها / شمسُ النهارِ وجاء الليلُ في زُمَرِ
أحثُّ نحوك آداباً مكلَّلَةً / بجوهرِ اللَّفْظِ فاشْرَبْها بلا كَدَرِ
يا أيها الملِك الميمونُ طائره
يا أيها الملِك الميمونُ طائره / ومن بِغُرَّته قد أخجل القمرا
إني بعثت إليك الزهر ناعمة / تُرضِي من الندماء الشمَّ والنظرا
شمّامة حُسنت مَرْأىً ومختبَراً / كأنها نَشْرُ محبوبٍ إذا خطرا
ولست أهدي على قدر الإمام ولو / طلبتُ ذلك رُمْت الزُور والأَشَرا
لكنني رُحتُ أُهديها صفاءَ هوى / وقد أطاعك مَن أعطاك ما قدرا
يا أيها القمر المنسوب للبشر
يا أيها القمر المنسوب للبشر / لا تلتفت خجلاً عن عَيْن ذي بصر
لا تحجبي عن عيون الناظرين سَنَا / هذا الجبينِ ولا ظلماء ذا الشعرِ
قالت أصون بديعَ الحسن قلت لها / لا ينقص الحسنَ يوماً كثرةُ النظرِ
لم يسفر البدر عن عينٍ ممرّضة / كما سفرِت ولا عن مبسِم خِصر
قد شبَّهوه بنصف الحان معترِضا / وبالقُلاَمة قد قُدّت من الظُفُر
ولستِ مشبِهة ما شبُّهوه به / حاشاك من شبه الأظفار والغِير
يزيد نورا مكانٌ أنتِ نَيِّره / على ضياءِ مكانِ الشمس والقمر