المجموع : 5
الدَهرُ يَفجَعُ بَعدَ العَينِ بِالأَثَرِ
الدَهرُ يَفجَعُ بَعدَ العَينِ بِالأَثَرِ / فَما البُكاءُ عَلى الأَشباحِ وَالصُوَرِ
أَنهاكَ أَنهاكَ لا آلوكَ مَوعِظَةً / عَن نَومَةٍ بَينَ ناب اللَيثِ وَالظُفُرِ
فَالدَهرُ حَربٌ وَإِن أَبدى مُسالَمَةً / وَالبيضُ وَالسودُ مِثلُ البيضِ وَالسُمرِ
وَلا هَوادَةَ بَينَ الرَأسِ تَأخُذُهُ / يَدُ الضِرابِ وَبَينِ الصارِمِ الذكرِ
فَلا تَغُرَّنكَ مِن دُنياكَ نَومَتُها / فَما صِناعَةُ عَينَيها سِوى السَهَرِ
ما لِلَّيالي أَقالَ اللَهُ عَثرَتَنا / مِنَ اللَيالي وَخانَتها يَدُ الغيرِ
في كُلِّ حينٍ لَها في كُلِّ جارِحَةٍ / مِنّا جِراحٌ وَإِن زاغَت عَنِ النَظَرِ
تَسُرُّ بِالشيءِ لَكِن كَي تغرّ بِهِ / كَالأَيمِ ثارَ إِلى الجاني مِنَ الزَهرِ
كَم دَولَة ولِيَت بِالنَصرِ خدمَتها / لَم تُبقِ مِنها وَسَل ذِكراكَ مِن خَبَرِ
هَوَت بِدارا وَفَلَّت غَربَ قاتِله / وَكانَ عَضباً عَلى الأَملاكِ ذا أثرِ
وَاِستَرجَعَت مِن بَني ساسانَ ما وَهَبَت / وَلَم تَدَع لِبَني يونانَ مِن أَثَرِ
وَأَلحَقَت أُختَها طسماً وَعاد عَلى / عادٍ وَجُرهُم مِنها ناقِض المِرَرِ
وَما أَقالَت ذَوي الهَيئاتِ مِن يَمَنٍ / وَلا أَجارَت ذَوي الغاياتِ مِن مُضَرِ
وَمَزَّقَت سَبَأً في كُلِّ قاصِيَةٍ / فَما اِلتَقى رائِحٌ مِنهُم بِمُبتَكرِ
وَأَنفَذَت في كُلَيبٍ حُكمَها وَرَمَت / مُهَلهلاً بَينَ سَمعِ الأَرضِ وَالبَصَرِ
وَلَم تَرُدَّ عَلى الضَليلِ صِحَّتَهُ / وَلا ثَنَت أَسَداً عَن رَبِّها حُجرِ
وَدوّخَت آلَ ذُبيانٍ وَإِخوَتهُم / عَبساً وَغَصَّت بَني بَدرٍ عَلى النَهرِ
وَألحقَت بِعَدِيٍّ بِالعِراقِ عَلى / يَدِ اِبنِهِ أَحمَرَ العَينَينِ وَالشعرِ
وَأَهلَكَت إِبرويزاً بِاِبنِهِ وَرَمَت / بِيَزدجردَ إِلى مَروٍ فَلَم يَحُرِ
وَبَلَّغت يَزدجردَ الصينَ وَاِختَزَلَت / عَنهُ سِوى الفرس جَمع التُركِ وَالخَزَرِ
وَلَم تَرُدَّ مَواضي رُستُمٍ وَقَنا / ذي حاجِبٍ عَنهُ سَعدا في اِبنَةِ الغيرِ
يَومَ القَليبِ بَنو بَدرٍ فَنوا وَسَعى / قَليبُ بَدرٍ بِمَن فيهِ إِلى سَقَرِ
وَمَزَّقَت جَعفَراً بِالبيضِ وَاِختَلَسَت / مِن غيلِهِ حَمزَةَ الظلّامِ لِلجُزُرِ
وَأَشرَفَت بِخبَيتٍ فَوقَ فارِعَةٍ / وَأَلصَقَت طَلحَةَ الفَيّاض بِالعفرِ
وَخَضَّبَت شَيبَ عُثمانٍ دَماً وَخَطَت / إِلى الزُبَيرِ وَلَم تَستَحي مِن عمرِ
وَلا رَعَت لِأَبي اليَقطان صُحبَتَهُ / وَلَم تُزَوّده إِلّا الضَيحَ في الغُمُرِ
وَأَجزَرَت سَيفَ أَشقاها أَبا حَسَنٍ / وَأَمكَنَت مِن حُسَينٍ راحَتي شَمِرِ
وَلَيتَها إِذ فَدَت عَمراً بِخارِجَةٍ / فَدَت عَليّاً بِمَن شاءَت مِنَ البَشَرِ
وَفي اِبنِ هِند وَفي اِبنِ المُصطَفى حَسَن / أَتَت بِمُعضِلَةِ الأَلبابِ وَالفِكرِ
فَبَعضُنا قائِلٌ ما اِغتالَهُ أَحَد / وَبَعضُنا ساكِتٌ لَم يُؤتَ مِن حَصَرِ
وَأَردت اِبنَ زِيادٍ بِالحُسَينِ فَلَم / يَبُؤ بِشِسعٍ لَهُ قَد طاحَ أَو ظُفُرِ
وَعَمَّمَت بِالظُبى فَودَي أَبي أَنَسٍ / وَلَم تَرُدَّ الرَدى عَنهُ قَنا زُفَرِ
أَنزَلت مُصعَباً مِن رَأسِ شاهِقَةٍ / كانَت بِها مُهجَةُ المُختارِ في وَزَرِ
وَلَم تُراقب مَكانَ ابن الزُبَيرِ وَلا / راعَت عِياذَتهُ بِالبَيتِ وَالحَجَرِ
وَأَعمَلَت في لَطيمِ الجِنِّ حيلَتَها / وَاِستَوسَقَت لِأَبي الذبّانِ ذي البَخَرِ
وَلَم تَدَع لِأَبي الذبّانِ قاضِبهُ / لَيسَ اللَطيمُ لَها عَمرو بِمُنتَصِرِ
وَأَحرَقتُ شِلوَ زَيدٍ بعدَما اِحتَرَقَت / عَلَيهِ وَجداً قُلوبُ الآيِ وَالسُوَرِ
وَأَظفَرَت بِالوَليدِ بنِ اليَزيدِ وَلَم / تُبقِ الخِلافَةَ بَينَ الكَأسِ وَالوَتَرِ
حَبابَة حَبُّ رُمّانٍ أُتيحَ لَها / وَأَحمَرٌ قَطَّرَتهُ نَفحَةُ القطرِ
وَلَم تَعُد قُضُبُ السفاحِ نائِيَةً / عَن رَأسِ مَروانَ أَو أَشياعِهِ الفُجُرِ
وَأَسبَلَت دَمعَةَ الروحِ الأَمينِ عَلى / دَم بِفخٍّ لِآلِ المُصطَفى هَدرِ
وَأَشرَقَت جَعفَراً وَالفَضلُ يَنظُرُهُ / وَالشَيخُ يَحيى بريق الصارِمِ الذَكَرِ
وَأَخفَرَت في الأمينِ العَهدِ وَاِنتَدَبَت / لِجَعفَرٍ بِاِبنِهِ وَالأَعبُدِ الغُدُرِ
وَما وَفَت بِعُهودِ المُستَعينِ وَلا / بِما تَأَكَّدَ لِلمُعتَزِّ مِن مِرَرِ
وَأَوثَقَت في عُراها كُلَّ مُعتَمدٍ / وَأَشرَقَت بِقَذاها كُلَّ مُقتَدِرِ
وَرَوَّعت كُلَّ مَأمونٍ وَمُؤتَمنٍ / وَأَسلَمَت كُلّ مَنصورٍ وَمُنتَصِرِ
وَأَعثَرَت آلَ عَبّادٍ لَعاً لَهُمُ / بِذَيلِ زَبّاءَ لَم تنفِر مِنَ الذُعرِ
بَني المُظَفَّرِ وَالأَيّامُ لا نَزَلَت / مَراحِل وَالوَرى مِنها عَلى سَفَرِ
سُحقاً لِيَومِكُم يَوماً وَلا حَمَلَت / بِمِثلِهِ لَيلَةٌ في غابِرِ العُمُرِ
مَن لِلأَسرَّةِ أَو مَن لِلأَعِنَّةِ أَو / مَن لِلأَسِنَّةِ يُهديها إِلى الثغرِ
مَن لِلظُبى وَعَوالي الخَطِّ قَد عُقِدَت / أَطرافُ أَلسنِها بِالعيِّ وَالحَصَرِ
وَطَوَّقَت بِالمَنايا السودِ بيضَهُمُ / فَاِعجَب لِذاكَ وَما مِنها سِوى الذِكرِ
مَن لِليَراعَةِ أَو مَن لِلبَراعَةِ أَو / مَن لِلسَماحَةِ أَو لِلنَفعِ وَالضَرَرِ
أَو دَفع كارِثَةٍ أَو رَدع آزِفَةٍ / أَو قَمع حادِثَةٍ تَعيا عَلى القُدَرِ
وَيبَ السَماحِ وَوَيبَ البَأسِ لَو سَلِما / وَحَسرَةُ الدينِ وَالدُنيا عَلى عُمَرِ
سَقَت ثَرى الفَضلِ وَالعَبّاسِ هامِيَةٌ / تُعزى إِلَيهِم سَماحاً لا إِلى المَطَرِ
ثَلاثَةٌ ما أَرى السعدانُ مِثلَهُمُ / وَأَخبَرَ وَلَو عُزّزوا في الحُوتِ بِالقَمَرِ
ثَلاثَةٌ ما اِرتَقى النِسرانِ حَيثُ رَقوا / وَكُلُّ ما طارَ مِن نَسر وَلَم يَطرِ
ثَلاثَة كَذَواتِ الدَهرِ مُنذُ نَأَوا / عَنّي مَضى الدَهرُ لَم يَربَع وَلَم يَحُرِ
وَمَرَّ مِن كُلِّ شَيءٍ فيهِ أَطيَبُهُ / حَتّى التَمَتُّعُ بِالآصالِ وَالبُكَرِ
أَينَ الجَلالُ الَّذي غَضّت مَهابَتهُ / قُلوبنا وَعُيونُ الأَنجُمِ الزُهُرِ
أَينَ الإِباءُ الَّذي أَرسَوا قَواعِدَهُ / عَلى دَعائِمَ مَن عِزٍّ وَمِن ظَفَرِ
أَينَ الوَفاءُ الَّذي أَصفَوا شَرائِعَهُ / فَلَم يَرِد أَحَدٌ مِنها عَلى كَدَرِ
كانوا رَواسِيَ أَرضِ اللَهِ مُنذُ مَضوا / عَنها اِستَطارَت بِمَن فيها وَلَم تَقرِ
كانوا مَصابيحَها فَمُذ خَبَوا عَثَرَت / هَذي الخَليقَةُ يا للَّهِ في سَدَرِ
كانوا شَجى الدَهرِ فَاِستَهوَتهُم خدَعٌ / مِنهُ بِأَحلامِ عادٍ في خُطى الحَضَرِ
وَيلُ اِمّهِ مِن طَلوبِ الثَأرِ مُدرِكِهِ / مِنهُم بِأُسدٍ سُراةٍ في الوَغى صبرِ
مَن لي وَلا مَن بِهِم إِن أَظلمَت نُوَبٌ / وَلَم يَكُن لَيلُها يُفضي إِلى سَحَرِ
مَن لي وَلا من بِهِم إِن عُطِّلَت سُنَنٌ / وَأُخفِيَت أَلسُنُ الآثارِ وَالسِيَرِ
مَن لي وَلا مَن بِهِم إِن أُطبِقَت مِحَنٌ / وَلَم يَكُن وِردُها يَدعو إِلى صَدَرِ
عَلى الفَضائِلِ إِلّا الصَبرَ بَعدَهُم / سَلامُ مُرتَقِبٍ لِلأَجرِ مُنتَظرِ
يَرجو عَسى وَلَهُ في أُختِها أَمَلٌ / وَالدَهرُ ذو عُقَبٍ شَتّى وَذو غِيَرِ
قَرَّطتُ آذانَ مَن فيها بِفاضِحَةٍ / عَلى الحِسانِ حَصى الياقوت وَالدُرَرِ
سَيّارَةٍ في أَقاصي الأَرضِ قاطِعَةٍ / شَقاشقاً هَدَرَت في البدوِ وَالحَضَرِ
مُطاعَة الأَمرِ في الأَلبابِ قاضِيَة / مِنَ المَسامِعِ ما لَم يُقضَ مِن وَطَرِ
ثُمَّ الصَلاة عَلى المُختارِ سَيِّدِنا / المُصطَفى المُجتَبى المَبعوثِ مِن مُضَرِ
وَالآلِ وَالصحبِ ثُمّ التابِعينَ لَهُ / ما هَبَّ ريحٌ وَهَلَّ السُحبُ بِالمَطَرِ
يا نَفحَةَ الزَهرِ مِن مَسراك وافاني
يا نَفحَةَ الزَهرِ مِن مَسراك وافاني / خَلوصُ ريّاكِ في أَنفاسِ آذارِ
وَالأَرضُ في حُلَلٍ قَد كادَ يُحرِقُها / تَوَقُّدُ النورِ لَولا ماؤُها الجاري
وَالطَيرُ في وَرَقِ الأَشجارِ شادِيَةٌ / كَأَنَّهُنَّ قِيانٌ خَلفَ أَستارِ
يا دَهرُ ذَنبُكَ عِندي غَيرُ مَكفورِ
يا دَهرُ ذَنبُكَ عِندي غَيرُ مَكفورِ / عَلامَ عوّضتَ مِن مِسكي بِكافورِ
هَل عَمَّروا الأُفقَ بِالآرامِ وَالعَفَرِ
هَل عَمَّروا الأُفقَ بِالآرامِ وَالعَفَرِ / أَم كَحَّلوا الشُهبَ بِالتَفتيرِ وَالحورِ
وَالنَقعُ قَد مَدَّ جُنحَ اللَيلِ فَوقَهُم / أَم عَينُهُم لا تَرى التَضفيرَ في الشَعرِ
يا لَيلُ هَل صاحِبٌ في البيدِ غَيرُكَ لي / فَالنَجمُ مُعيٍ عَنِ الإِدلاجِ وَالسَهَرِ
أسري وَأسربُ لا مُستَصحباً أَحَداً / وَالناسُ عميانُ لَولا الخُبرُ عَن خَبَرِ
أَدورُ فيهِم وَعمرانُ يُخاطِبُهُم / مِنّي وَهُم فِيَّ مِن رَوحٍ وَمِن زُفَرِ
شادٍ وَلَيسَ لِسانُ الرَعدِ ذا لَسَنٍ / هادٍ وَما ناظِرُ الإيماضِ ذا نَظَرِ
كَأَنَّما اللَيلُ زارَ الأَرضَ ذا شَغَفٍ / فَأَكبَرَت وَصلَ أَحوى اللَونِ ذا عَوَرِ
كَأَنَّها عبلةٌ وَاللَيلُ عَنتَرَةٌ / في جَمعِ أَشتاتِهِ لَو كانَ ذا بَصَرِ
وَالأَرضُ قَد لَبِسَت أَدراعَ أَبحُرِها / وَجَرَّدَت فَوقَ أَيديها ظُبا الغدرِ
مِن كُلِّ درعٍ نَسيمُ الريحِ غَضَّنَها / وَصارِمٌ بِالحبابِ اِعتاضَ مِن أَثَرِ
ما كانَ في هَيئَةِ الأَرضِ القِيامُ لَنا / بِاللَيلِ لَولا مَزيدٌ مِن سَنا عُمرِ
مَن مَجدُهُ خَصَّ قَحطاناً وَأَنعُمُهُ / عَمَّت رَبيعَةَ وَالحَمراءَ مِن مُضَرِ
أَكسى مِن الكَعبَةِ الزَهراء مِن نَشَبٍ / أَعرى عَلى لبسِهِ العَليا مِنَ الحَجَرِ
بِسَيفِهِ اِنتاشَ سَيفٌ جَدُّهُ يَمَناً / لا سَيف وَهرزٍ المَحدود بِالنَفَرِ
أَنتُم عَنى مُسلِمٌ يا آلَ مَسلَمَةٍ / بِالجودِ إِذ لَم يُنازِعهُ بَنو مَطَرِ
وَلَم يُرِد مَطَراً جَدَّ اليَزيد وَلا / كِن مِن نَدى جَدِّكُم سَمّاهُ بِالمَطَرِ
لَولاكُم أَهلَكَ الناسَ اِستِواؤُهُم / وَلَم يَكونوا سِوى دُهمٍ بِلا غُرَرِ
كَم في سُرادِقكُم مِن ماجِدٍ عَمِمٍ / يُعطي الجَزيلَ وَمَأوى الخائِفِ الحَذِرِ
لَمّا رَأَوا أَنَّهُ لا عَيبَ يُدرِكُهُ / عابوهُ وَهوَ الكَبيرُ القَدرِ بِالقصرِ
وَالصُبحُ مُبدي رُبى نَجدٍ وَإِن صَغُرَت / وَاللَيلُ يَستُرُ لبناناً عَلى الكِبرِ
ثارَت إِلَيهِ المَنايا مِن مَكامِنها
ثارَت إِلَيهِ المَنايا مِن مَكامِنها / سِرّاً عَلى غَفلَةِ الحُرّاسِ وَالسُمُرِ
أولى لَهُنَّ وَأولى لَو هَمَمنَ بِهِ / وَالمَنعُ ذو راحَةٍ وَالدَفعُ ذو حَذَرِ