المجموع : 40
أنت الخليلُ وفي الأطلال بردُ لظىً
أنت الخليلُ وفي الأطلال بردُ لظىً / أطلالِ عكَّا ورَفضُ الرُعْبِ والحَذَرِ
كن بالغاً أوجَ سعدٍ ما بهِ ضررٌ / أو غالباً لم يزَل في أوَّل الظفرِ
لكَ الهناءُ بما أوتِيتَ مُعتذِرا
لكَ الهناءُ بما أوتِيتَ مُعتذِرا / قد قَلَّ مبلغُ ما تُعطَى وإنْ كَثُرا
إذا هَنِئْتَ بأمرٍ عزَّ جانبُهُ / فإنهُ بكَ أهنَى فَهْوَ قد ظَفِرا
للهِ شمسُ جَمالٍ أدرَكَتْ قمراً / والشمسُ لا ينبغي أن تُدرِكَ القمَرا
أحلَّها الأسَدُ الميمونُ طالعهُ / بُرجاً لهُ فاكتَسَتْ من سَعدِهِ حِبَرا
يا قاسمَ اللِّمَمِ الشعثاءِ يومَ وَغىً / وقاسِمَ النِّعَمِ البيضاءِ يومَ قِرَى
أنتَ الكريمُ الذي طالتْ مواهبُهُ / على العُفاةِ ولكن وَعدُهُ قَصُرا
القائلُ القولَ مثلَ الفِعلِ عن ثِقةٍ / والفاعلُ الفعلَ مثلَ القولِ قد يَسُرا
ذَلَّتْ لديكَ صِعابُ الأمرِ صاغرةً / فما اُعتِذارُكَ أن لا تركَبَ الخَطَرا
قد علَّمَتنَا الليالي الصَبرَ من قِدَمٍ / وجِئتَنا فكَفيْتَ الصابرَ الضَجَرا
رُكنٌ إليهِ التَجَى الراجي فكان لَهُ / حِصْناً ولم يَضَعِ الباني بهِ حَجَرا
ألزَمتَ نفسَكَ نفعَ النَّاسِ مجتهداً / حتى تُوُهِّمْتَ أن لا تَعرِفَ الضَررَا
تَقضي الحوائِجَ مسروراً كصاحبها / كُلٌّ يُسَرُّ بما يهواهُ كيفَ جَرَى
ما خابَ منك و لا فيكَ الرَّجاءُ فقد / نلت الأماني ونِلنا عندَكَ الوَطَرا
إذا دعا لكَ داعينا فذاكَ لهُ / يدعو فلا فضلَ للداعي إذا اعتَبَرا
طَيفٌ بلُبنانَ من مِصرٍ إليَّ سَرَى
طَيفٌ بلُبنانَ من مِصرٍ إليَّ سَرَى / حتى إذا أنِسَت عيني به نَفرا
وَلّى يَشُقُّ أديمَ الليلِ معُتسفاً / فما عَرَفتُ لهُ عيناً ولا أثَرا
يا مُرسِلَ الطَّيفِ لو علَّمْتهُ كَرَماً / أُنْسَ اللقاءِ كما علَّمتَني السَهَرا
وكيفَ يأنَسُ ضَيفٌ حيثُ ليسَ لهُ / إلاّ سَخينةَ دمعٍ في الظَلامِ قِرَى
ما أنصَفَتْنا الليالي الغادراتُ بنا / دَجَتْ علينا ولم تترُكْ لنا القَمَرا
داءٌ نُعالجُهُ بالصبرِ وَهْوَ لنا / داءٌ وكم عِلَلٍ قد أَبرأت أُخَرا
غاب الحبيبُ فغابَ الأُنسُ عن فِئةٍ / خَيالهُ في سُويداواتِها حَضَرا
إن كانَ قد عَزَمَ الأسفارَ مُغترباً / فإنَّ أشواقَنا لا تَعرِفُ السَّفَرا
غال النَّوى عهدَ من تجلو لطائِفُهُ / سِحرَ البيانِ ويجلو وَجهُهُ السَحَرا
عَرَفتُ فيهِ قُصوري واعتَرَفتُ بهِ / فما أُبرِّئُ نفسي منهُ مُعتذِرا
يا أيُّها الحَسَنُ الميمونُ طالعُهُ / أحسَنتَ حتى ملأتَ السَمْعَ والبَصَرا
ما زلتَ تجلو علينا كُلَّ قافيةٍ / قد شبَّبَتْ بمعاني حُسنها الشُعَرا
يَهُزُّكَ الشِّعرُ إنشاداً فنحنُ بهِ / نَغُوصُ في البحر حتى نجتني الدُّرَرا
هذِهْ رسالةُ مشتاقٍ تذكِّرُكم / عهداً قديماً عساهُ قبلها ذُكِرا
ظمآنُ يحلو إذا اشتَدَّ الظَّماءُ لهُ / ماءٌ ولكنَّ في إفراطِهِ خَطَرا
فِدَى الجلابيبِ والأطمارِ من وَبَرِ
فِدَى الجلابيبِ والأطمارِ من وَبَرِ / ما تَصنعُ الفُرْس من وَشيٍ ومن حِبَرِ
يَزينُ في العَرَبِ الأثوابَ لابسُها / إنْ زانتِ اللاَّبسَ الأثوابُ في الحَضَرِ
ألَذُّ من نَغمِ الأوتارِ في غُرَفٍ / بيتٌ من الشِّعْر في بيتٍ من الشَّعرِ
وفوقَ نَشْرِ دُخَانِ العُود رائحةً / دُخانُ نار القِرَى تُسقَى دَمَ الجُزُرِ
إذا أردتَ الظِبَا اللآلي عهدتَ لها / نوافجَ المسكِ فاطلُبْها من القِفَرِ
هناك من ظَبَيات الوَحشِ ما شَغَلتْ / فؤَادَهُ ظَبَياتُ الأنسِ والخَفَرِ
من كلِّ خَزْراءِ عينٍ لا تُخَازِرُها / كحلاءَ ليسَ بها للكُحلِ من أثَرِ
إنَّ المليحةَ مَن كانت محاسنُها / من صَنعْةِ اللهِ لا من صَنعْةِ البَشَرِ
ما أنسَ لا أنْسَ يوماً دُمتُ أذكُرُهُ / وَوَقْفةً عن يَمين الحَيِّ من مُضَرِ
بِتْنا على الرَمْلةِ الوَعْساءِ نَحسَبُها / بحراً تمَوَّجَ بالأنعامِ والنَّفَرِ
تَقضِي النَّهارَ بسُمْر الخَطِّ فِتْيَتُهُم / على السُرُوجِ وتَقضيِ اللّيلَ بالسَمَرِ
يبيتُ يَرْوي عن الكنِديِّ راويةٌ / لنا ونَرْوي لهُ عن شيخِنا العُمَري
يا أيُّها المَلأُ استَمْلُوا قَصائِدَهُ / وكُنْ منَ السُّكرِ يا صاحي على حَذَرِ
فيها شِفاءٌ وأُنسٌ يستعينُ بهِ / مَن كانَ منكم مرِيضاً أو على سَفَرِ
راحٌ ورَوْحٌ ورَيحانٌ ورائحةٌ / راحت بريح الصَّافي راحة السَحرِ
يَستَوقِفُ الرَكْبَ عن ماءٍ على ظمَأٍ / إنشادُها فيخُيِلُ الوِرْدَ في الصَدَرِ
قُطبُ العِراقِ الذي في الشَّام شُهرتُهُ / إلى الحِجازِ فأرضِ الفُرْسِ والخَزَرِ
إن كانَ يَبعُدُ وَجهُ الأرضِ عن قمرٍ / فليسَ تَبعُدُ أرضٌ عن سَنَى القمرِ
دَلَّت على فضلِهِ السَّامي رسائلُهُ / لَمَّا أتت فعَرفْنا العُودَ بالثَمَرِ
رَضيتُ منهُ على بُعدِ الدِّيارِ بها / والجُهْدُ يُرضِيكَ بَعدَ العينِ بالأثَرِ
يا طالما زارَني طَيفٌ تَعاهَدني / في النَّومِ حَتَّى لقد ألقاهُ في السَّهَرِ
تَبيتُ في جَنَّةٍ من طِيبِ رُؤيتهِ / عيني وقلبي مِنَ الأشواقِ في سَقَرِ
دُونَ الأحِبَّةِ أجبالٌ وأودِيةٌ / ومِثلُ ذلكَ عِندي دُونَ مُصطَبري
تَخُونُني الرِّيحُ في حَمْلِ السَّلامِ لهم / منّي وتَكتُمُ عنّي صادقَ الخَبَرِ
أستودعُ اللهَ رُوحاً في الهَوَى رَضِيَت / دُونَ النَّوَى بِقضاءِ اللهِ والقَدَرِ
يَشُوقُها كُلَّ يومٍ من أَحِبتها / سَمْعٌ وشَتَّانَ بينَ السمْعِ والنَظَرِ
وَيلاهُ من زَمَنٍ دارتْ دَوائِرُهُ / فما نَبِيتُ بهِ إلاّ على خَطَرِ
يَخلُو منَ الصَّفْوِ دَهراً في تَكَدُّرِهِ / فإنْ صَفا ساعةً لم يَخْلُ من كَدَرِ
لا يَستقِيمُ على عَهدٍ لِذي ثِقَةٍ / ولا يُقيمُ على وَصلٍ لِذي وَطَرِ
إذا اجتمعْنا فإنَّ البينَ غايتُنا / كالقَوسِ تَجمَعُ بينَ السَّهْمِ والوَتَرِ
ما بالُ مُوسَى بلا سَمْعٍ ولا بَصَرِ
ما بالُ مُوسَى بلا سَمْعٍ ولا بَصَرِ / فلا يُجيبُ الذي يَدعُوهُ في السَحَرِ
ما بالُهُ مُعرِضاً عَنّا أمِنْ مَلَلٍ / عَراهُ أم شَغَلتْهُ أُهْبَةُ السَّفَرِ
ما بالُهُ اليومَ مغلولَ اليَدينِ وقد / كانتْ يَداهُ كنَصْلِ الصَّارمِ الذَكَرِ
قد كانَ بالأمسِ مُوسَى في مَجالِسِهِ / يُروي صَدَى السَمْعِ أو يجلو صَدا النظرِ
ويَفصِلُ الأمرَ والألبابُ في دَهَشٍ / ويُفصِحُ القولَ والأفواهُ في حَصَرِ
ويلَتقي الوَفْدَ بالتَّرْحابِ مُبتَسِماً / كأنهم وَفَدُوا بالخَيْلِ والبِدَرِ
يا صاحبي زُرْ ثَرَى موسى الكريمِ وقل / يا أكرمَ التُرْبِ هذا أكرمُ البَشَرِ
أظماكَ حَرُّ دُموعٍ قد سُقِيتَ بها / حتى سَقَتْكَ الغَوادي باردَ المَطَرِ
هل كانَ قَبلَكَ من رَمْسٍ برابيةٍ / أضحَى ضَريحاً فأمسَى مَنزِلَ القمَرِ
أتاكَ تابوتُ مُوسى في مَحافلِهِ / يَسعَى كتابوت عَهْدِ اللهِ فاعتبِرِ
من كانَ يعلُو سُروجَ الخيلِ مُذهَبةً / قد زاركَ اليومَ بالألواحِ والدُسُرِ
وباتَ فيكَ فَريداً مَن مَجالِسُهُ / كانَتْ تَضِيقُ عنِ الأخلاطِ والزُّمَرِ
من كانَ أقرَبَ أهلِ الأرضِ مَنفَعةً / وكانَ أبعدَ أهلِ الأرضِ عن ضَرَرِ
وأوسَعَ الناسِ صَدراً في مَضايِقِهِ / وأجمَلَ الناسِ صبراً ساعةَ الضَجَرِ
القائلُ الحقَّ في سِرٍّ وفي عَلَنٍ / والفاعلُ الخيرَ في صَفوٍ وفي كَدَرِ
والمُستزيدُ بجوُدِ اللهِ خَشْيَتَهُ / فكُلَّما ازدادَ أمناً زادَ في الحَذَرِ
وكُلَّما ازدادَ مالاً زادَ مَكرُمةً / كالدَّوحِ ما ازدادَ غُصناً زادَ في الثَمَرِ
وكُلَّما ازدادَ من مَجْدٍ ومن شَرَفٍ / زادَتْ وَداعتُهُ في القَدْرِ والقَدَرِ
قد خُطَّ في قلبهِ ما كانَ مُنتقِشاً / في كَفِّ مُوسى على لَوْحٍ منَ الحَجَرِ
مَشَى على سَنَنِ الخَيراتِ من صِغَرٍ / حتّى استَمرَّ فكانتْ عادةَ الكِبَرِ
ما ذَمَّ قَطُّ ولا ذُمَّتْ خَلائقُهُ / يوماً فماتَ حميدَ العينِ والأثَرِ
كانتْ لنا عِبرةً آدابُ سيرتِهِ / واليومَ ما زالَ في الدُّنيا من العِبَرِ
رُكنٌ تَهدَّمَ في بيروتَ فاندَفَعَتْ / أهوالُ صَعْقَتِهِ في المُدْنِ والجُزُرِ
لَئِن رَثَيناهُ عن خُبْرٍ بمَوضِعِهِ / فكم رَثاهُ بعيدُ الدَّارِ عن خَبَرِ
هَوَى إلى التُرْبِ من أبراجِ عِزّتِهِ / واعتاضَ بالكَفَنِ البالي عن الحِبَرِ
قد كانَ يَقرِي المَلاَ من مالِهِ فغدا / يَقري هَوامَ البِلَى من جِسمِهِ النَضِرِ
هذا الذي تَعِدُ الأُمُّ البَنينَ بهِ / مُنذُ الوِلادةِ قبلَ الرَهْزِ في السُرُرِ
نعيشُ للموتِ إذ كانتْ وِلادتُنا / للموتِ فالعَيشُ في أيَّامنِا الأُخَرِ
لا يَترُكُ البَينُ عيناً غيرَ باكيةٍ / وليسَ يَترُكُ قلباً غيرَ مُنكسرِ
إذا وَرَدْنا حِياضَ العَيْشِ صافيةً / فأقَصرُ الوَقتِ بينَ الوِرْدِ والصَدَرِ
لا عينَ تَثبُتُ في الدُنيا ولا أثَرُ
لا عينَ تَثبُتُ في الدُنيا ولا أثَرُ / ما دامَ يَطلُعُ فيها الشَمسُ والقَمَرُ
يُبِقي لنا الخُبْرُ فيها بعدَهُ خَبَراً / إلى زَمانٍ فيمضي ذلكَ الخَبَرُ
يا طالمَا طالَ حِرصُ الناسِ في حَذَرٍ / على الحَياةِ فَضاعَ الحِرصُ والحَذَرُ
قد غَرَّهم زُخرفُ الدُنيا وبَهجتُها / نِعمَ الغُصونُ ولكنْ بِئسَما الثَمَرُ
معشوقةٌ في هَواها باتَ كلُّ فتىً / يَهيمُ والشيخُ عنها ليسَ يزدجِرُ
هيهاتِ لا يَنتهي عن جَهلِهِ أبداً / مَن لم يكن قد نَهاهُ الشَيبُ والكِبَرُ
مضى الزَّمانُ على هذا الغُرُورِ فلم / يفطَنْ لهُ بَشَرٌ مذ قامتِ البَشَرُ
ما زالَ يَدفِنُ هذا الحَيُّ مَيِّتَهُ / ويَدفِنُ الذِكرَ معهُ حيثُ يَحتَفِرُ
الناسُ في جِنحِ لَيلٍ يخَبِطونَ بهِ / جهلاً ويا وَيلَهم إذ يَطلُعُ السَحَرُ
لا تَنقضي ساعَةٌ حتى تَقولَ لهم / يا أيُّها القومُ هُبُّوا قد دَنا السَّفَرُ
ماذا نُرَجِّي منَ الدُنيا التي طُبِعَتْ / على الدَّمارِ فلا تُبقي ولا تَذرُ
تُبدِي لنا كلَّ يومٍ في الوَرَى عِبَراً / لكن بلا يَقظةٍ لا تَنفَعُ العِبَرُ
هيهاتِ لا صاحبٌ في الدَهرِ وا أسفَا / يَبقى ولا عاشقٌ يُقضَى لهُ وَطَرُ
قد ماتَ عبد الحميدِ اليومَ منقطعاً / عنا كما شاءَ حكُمُ اللهِ والقَدَرُ
مَضَى الشقيقُ لرُوحي فَهْيَ موحشَةٌ / وبانَ شَطرُ فُؤَادي فَهْوَ منفطِرُ
قد كنتُ انتظرُ البُشرَى برُؤْيتهِ / فجاءَني غيرُ ما قد كنتُ انتظرُ
إن كانَ قد فاتَ شَهدُ الوَصلِ منهُ فقد / رضيتُ بالصَّبرِ لكنْ كيفَ اصطبرُ
أحَبُّ شيءٍ لعيني حينَ أذكُرُهُ / دَمعٌ وأطَيبُ شيءٍ عِندَها السَّهَرُ
هذا الصَّديقَ الذي كانت مَوَدَّتُهُ / كالكَوثَرِ العَذْبِ لا يَغتالُها الكَدَرُ
صافي السريرةِ مَحْضُ الوُدِّ لا مَلَقٌ / في لفظهِ لا ولا في قلبهِ وَضَرُ
عَفُّ الإزارِ حَصيفٌ زاهدٌ وَرِعٌ / لا تزدهيهِ بُدُورُ الأُفقِ والبِدَرُ
يَغَشى المَساجِدَ في الأسحارِ مُعتكِفاً / وقد طَوَتْ لَيلَهُ الأورادُ والسُّوَرُ
هوَ الكريمُ الجوادُ ابنُ الجَوادِ لهُ / بالفَضلِ يَشهَدُ بَدْوُ الأرضِ والحَضَرُ
يبكيهِ نظمُ القَوافي والصَحائفُ وال / أقلامُ والخُطَبُ الغرَّاءُ والسَمَرُ
لا غَرْوَ إنْ أحزَنَ الزَوراءَ مَصرَعُهُ / فخُزُنهُ فوقَ لُبنانٍ لهُ قَدَرُ
وإنْ يكنْ فاتَهُ نهرُ السّلامِ ففي / دارِ السّلامِ لهُ الأنهارُ تَنفجِرُ
مَضَى إلى الله حيّا اللهُ طَلعتَهُ / بالمَكرُماتِ وحيّا تُربَهُ المَطَرُ
لَئِن سَلاهُ فُؤَادي ما بَقِيتُ فقد / رَكِبتُ في الحُبِّ ذَنباً ليسَ يُغتَفرُ
لا أفلحَ البينُ ما أمضَى مَضاربَهُ / كالبرقِ يُخطَفُ من إيماضِهِ البَصَرُ
نَسعَى ونَجمَعُ ما نَجنِي فيَسلُبُهُ / منَّا جُزافاً ويَمضِي وَهْوَ مُفتَقِرُ
إنَّ الحياةَ كظلٍّ مالَ مُنتقِلاً / إلى حَياةٍ بِدارِ الخُلدِ تُنتظَرُ
هي الطريق التي تُفضي إلى خطرٍ / وحَبَّذا السيرُ لولا ذلكَ الخطرُ
نُمسِي ونُصبحُ في خَوفٍ يطولُ بها / فلا يَطيبُ لنا وِرْدٌ ولا صَدَرُ
إذا انجلتْ غَمْرةٌ قامت صَواحِبها / فليسَ تَنفكُّ عن تأريخها الغُمَرُ
لا تَبكِ إن جَدَّ بعضُ القومِ في السَفَرِ
لا تَبكِ إن جَدَّ بعضُ القومِ في السَفَرِ / إذا تَيقَّنتَ أنَّ الكلَّ في الأثَرِ
واعجَلْ إذا قُمتَ للتوديعِ في غَلَسٍ / فرُبما فاتَكَ التوديعُ في السَحَرِ
تَعدوُُ المنايا على الأرواحِ خاطفةً / منَ الأجِنَّةِ حتى الشيخِ في الكِبَرِ
تُرَى أيَذهبُ يَومٌ لا يُقالُ بهِ / قد ماتَ زيدٌ وماتتْ هِنْدُ في الخَبَرِ
يا يومَ يوسُفَ في الأيامِ نَحسَبهُ / نَظيرَ صاحِبهِ المشهورِ في البَشَرِ
يومٌ بهِ الناسُ قد شَحَّتْ قُلوبُهمُ / بالصَبرِ إذْ جادتِ الأجفانُ بالدُرَرِ
يومٌ تزَعزَعَ رُكنُ المَكرُماتِ بهِ / واكمَدَّتِ الشمسُ من حُزنٍ على القَمرِ
يومٌ بهِ العُجْمُ قبلَ العُرْبِ نادِبةٌ / تقولُ أينَ كريمُ البَدْوِ والحَضَرِ
أينَ الذي كانَ يُستَسقَى الغمامُ بهِ / يوماً إذا ضَنَّتِ الأنواءُ بالمَطَرِ
أينَ الذي كانَ يَقضِي حَقَّ خالقِهِ / في حالةِ الصفوِ أو في حالةِ الكَدَرِ
أينَ الذي كانَ غَوْثَ العائِذينَ بهِ / وعِصمةَ الجارِ عِندَ الضَنْكِ والضَرَرِ
أمسى وليسَ لهُ سَمْعٌ ولا بَصَرٌ / مَنْ كانَ في الناسِ ملءَ السَمْعِ والبَصَرِ
مَنْ لم تَسَعْهُ القُصورُ الشُمُّ باذخةً / قد باتَ منحصِراً في أضيقِ الحُفَرِ
قد كانَ يَصدَعُ ريحُ الطِّيبِ مَفرِقهُ / وكانَ يُؤْذي يديهِ ناعمُ الحِبَرِ
مُبارَكُ الوَجهِ محمودُ الخِصالِ لهُ / قلبٌ سليمٌ من الأدرانِ والوَضرِ
قد عاشَ فينا سعيداً بالغاً وَطراً / وماتَ عنَّا سعيداً بالغَ الوَطَرِ
سارَتْ لَدَى نَعشِهِ الأشرَافُ ماشيةً / تحتَ السَناجقِ ذاتَ الوَشْيِ والصُوَرِ
يبكي عليهِ بدَمعٍ فاضَ مُنسجماً / من ليسَ يبكي لوَقْعِ الصارِم الذَكرِ
ويلاهُ من فَتْكِ دُنيانا الغَرُورِ بنا / وَهيَ الحبيبةُ نَهواها من الصِغَرِ
شِبْنا وشابَتْ وما شابَتْ صبَابَتُنا / بِها ولا انتَبهَتْ عينٌ إلى السَهرِ
هذا الطَريقُ إلى دارِ البَقاءِ لنا / فلا تَفاوُتَ بينَ الطُولِ والقِصَرِ
وهو السَقامُ الذي عزَّ الدَواءُ لهُ / وليسَ تَنفَعُ منهُ شِدَّةُ الحَذَرِ
يا غافلينَ استفيقوا اليومَ واعتَبِروا / بما تلاقونَ في الدُنيا منَ العِبَرِ
الموتُ أعظَمُ شيءٍ عندَنا خَطَراً / والموتُ أيسرُ من عُقباهُ في الخَطَرِ
أَهدت لَنا نَفَحَاتِ الرَوضِ في السَحَرِ
أَهدت لَنا نَفَحَاتِ الرَوضِ في السَحَرِ / خريدةٌ من ذَواتِ اللُطفِ والخَفَرِ
خاضَتْ إلينا عُبابَ البحرِ زائرةً / فليسَ بِدْعٌ بما أَهدَتْ من الدُرَرِ
كريمةٌ من كريمٍ قد أَتَت فلها / حَقُّ الكَرامةِ فَرْضاً عِندَ مُعتَبرِ
أهدَى إلينا بها رَبُّ القريضِ كما / أَهدى السَّحابُ إلينا صَيِّبَ المطرِ
محمدُ العاقلُ الشَهمُ الذي اشتهرتْ / أَلطافُهُ بينَ أهلِ البدو والحَضَرِ
في طِيبِ مَجلِسِهِ عِلمٌ لمُقتبِسٍ / وفي رَسائِلِهِ جاهٌ لمُفتَخِرِ
رَحْبُ الذِراعِ طويلُ الباعِ مُقتدِرٌ / قد نال أَسرارَهُ من فضلِ مُقتَدِرِ
كأنهُ النيلُ في فيضٍ وفي سَعَةٍ / لكنَّ مَورِدَهُ صفَوٌ بلا كَدَرِ
ماضي اليَراعِ يوشّي الطِرسَ عاملُهُ / فيُبرِزُ الحْبِرَ في أَبهَى من الحِبَرِ
تَجري على الصُحُفِ الأَقلامُ في يَدِهِ / فتُحسِنُ الجمعَ بينَ البِيضِ والسُمُرِ
أَصَبْتُ من بحرِ عِلمٍ لُجَّةً طَفَحَتْ / فكُنتُ من غَرَقٍ فيها على خَطَرِ
تَخُوضُ فيها الجواري المنشآتُ بِنا / من النُّهَى لا منَ الأَلواحِ والدُسُرِ
أَهلاً بزائرةٍ غَرَّاءَ قد نَزَلَتْ / في القلبِ مرفوعةً منهُ على سُرُرِ
أَحيتْ كليمَ فُؤَادٍ لي فقُلتُ لهُ / أُوتِيتَ سُؤْلكَ يا مُوسى على قَدَرِ
رَبيبةٌ من ذَواتِ الغُنجِ والحَوَرِ
رَبيبةٌ من ذَواتِ الغُنجِ والحَوَرِ / سَبَتْ فُؤَادي فلم تُبقي ولم تَذَرِ
قد هاجتِ الشَوقَ مني نحو مُرسِلِها / فأَصبَحَ السَمْعُ محسوداً من البَصَرِ
أَهدَى بها حَمَدُ المحمودُ مَكرُمةً / منهُ فكانَ جليلَ العينِ والأَثَرِ
هو الكريمُ الذي تَسمُو مَواهِبُهُ / عن النُضارِ فيُهدِي أَنفَسَ الدُرَرِ
أَفادني من عطاياهُ بِنافلةٍ / جاءَت على غيرِ مِيعادٍ ولا خَبَرِ
خَيرُ الكرام الذي يُعطيكَ مُبتدِئاً / وأَبهَجُ الرفد رِفْدٌ غيرُ مُنتَظَرِ
اللَوْذعي الذي في مِصرَ مَجلِسُهُ / وذِكرُهُ لا يَزالُ الدَّهرَ في سَفَرِ
جِهادُهُ في سبيلِ العِلم مُلْتَزَمٌ / وهَمُّهُ الدَّرسُ في الآياتِ والسُوَرِ
قد جاءَني مدحُهُ عَفواً فحمَّلَني / شُكراً ثقيلاً عظيمَ القَدْرِ والقَدَرِ
لَبِستُ حُلَّةَ فخرٍِ منهُ زاهرةً / بالحُسنِ لكنَّها طالَتْ على قِصَري
راقَتْ بعَينَيهِ أَبياتٌ قد انتشرَتْ / في مصرَ كالحشَفِ المطروح في هَجَرِ
هاتيكَ أسعدُ أبياتٍ ظفرتُ بها / فإنَّها جعلَتني أسعدَ البشَرِ
عينٌ قدِ استَحسنَتْ مَرْأىً فطابَ لها / واللهُ يَعلَمُ سِرَّ العينِ في الصُوَرِ
أَخافُ إنْ قُلتُ لم يَصدُقْ لهُ نَظَرٌ / مَن كان في كلِّ أَمرٍ صادقَ النَظَرِ
إلى المَغاربِ تَسعَى الشَّمسُ والقَمَرُ
إلى المَغاربِ تَسعَى الشَّمسُ والقَمَرُ / فذاكَ فَخرٌ بهِ تَزهُو وتَفتَخِرُ
أرضٌ مُبارَكةُ الأقطارِ صالحةٌ / إذا أتَى الرِّيحُ منها أقبَلَ المَطَرُ
سل أرضَ مصرَ إذا ما جئتَ ساحتَها / من أينَ فيضُ مياهِ النِّيلِ يُنتَظرُ
إن كان في مِصرَ نَهرٌ شابَهُ كَدَرٌ / فضمِنَ تُونُسَ بَحرٌ ما بهِ كَدَرُ
هُوَ الوزيرُ الذي أضحَى يُشَدُّ بهِ / أزْرُ الكرامِ ويُرجَى عِندَهُ الوَطَرُ
تَهْوي على ذَيلِهِ الأفواهُ لاثِمةً / كأنَّهُ رُكنُ بيتِ اللهِ والحَجَرُ
مُحمَّدُ الأحمَدُ المحمودُ نائلُهُ / وسَعْيُهُ حيثُ يَرضَى اللهُ والبَشَرُ
الباسِمُ الثغَرِ والأبطالُ عابِسةٌ / والثابتُ القلبِ والأكبادُ تَنفطِرُ
إذا انتَضَى يوم حربٍ صارماً ذَكراً / فلَيسَ أفتَكَ منهُ الصَّارِمُ الذَكَرُ
أعَزُّ شيءٍ عليهِ مَتْنُ سابحةٍ / تَجرِي وأهوَنُ شيءٍ عندَهُ البِدَرُ
مُؤَيَّدٌ بِيَمينِ اللهِ مُقتدرٌ / يَرعَى العِبادَ بعينٍ نَومُها السَّهَرُ
لو لَمْ يكن صدرُهُ بحراً لما بَرزتْ / لمشهدِ النَّاسِ من ألفاظِهِ الدُّرَرُ
كَرامةٌ في بِلادِ الغربِ مُشرِقةٌ / ونِعمةٌ للرَّعايا ساقَها القَدَرُ
تُهدَى إليهِ القوافي وَهْيَ سافرةٌ / مِن مَشرِقِ الأرْضِ يجلوَ وَجهْهَا السَفَرُ
يا ناسِخَ الظُّلمِ مِن أقطارِ دَولتِهِ / كظُلمةِ الليل يمحو جِنْحَها السَحَرُ
قد قُمتَ بالبِرِّ والعدلِ القويمِ بها / كأنَّما أنتَ عبدُ اللهِ أو عُمَرُ
لَكَ التهانِي بما أوتيتَ من ظَفَرٍ / بل للرَعايا التي أولَى بِها الظَفَرُ
أنَلْتُهمْ زَهرةَ الدُنْيا فكانَ لهُمْ / عَرْفُ النَّسيمِ وفي الأُخرَى لَكَ الثَمَرُ
قد عاهَدَ الدهرُ أهليهِ فما غَدَرا
قد عاهَدَ الدهرُ أهليهِ فما غَدَرا / أنْ لا يُديمَ لَهُم صَفْواً ولا كَدَرا
دَهرٌ يُقلِّبُ أحوالَ العِبادِ ومَن / رأى تَقلُّبَهُ في نفسِهِ عَذَرا
شمسٌ تغيبُ ويَبدُو بَعدَها قمَرٌ / وتارةً لا نَرى شَمساً ولا قَمَرا
والناسُ بين نزيلٍ إثْرَ مُرتحلٍ / وراحلٍ يَقتفي الباقي لهُ أثَرا
يا ذاهباً حيثُ لا نَدري لهُ خَبَرا / تَفِدي لنا ذاهباً نَدرِي لهُ خَبَرا
قد أوحشَ الشَرقَ لَمَّا غابَ عنهُ كما / ألقَى على الغَربِ أُنساً حيثُما حَضَرا
هو الحبيبُ المُحِبُّ الصادقُ الثِّقَةُ ال / وافي الذي بين أهلِ الحُبِّ قد نَدَرا
فُؤَادُهُ الماءُ لِيناً غيرَ أنَّ بهِ / عهداً كنَقشٍ قدِ استَوْدَعْتَهُ حَجَرا
يَزيدُ مَرُّ الليالي في مَوَدَّتِهِ / كالغُصنِ يوماً فيوماً طالَ وانتَشَرا
وإن غَفَلتُ لضُعفي هَبَّ مُنتبِهاً / وإن نَسيتُ مواثيقَ الهَوَى ذَكرا
جاءت رِسالتُهُ الغرَّاءُ يَحمِلها / فُلكُ الدُخانِ كغيمٍ يَحِملُ المَطَرا
أرْوَت ظَمَا القلبِ لكنّي غرِقتُ بها / في بحرِ مِنتَّهِ الطامي الذي زَخرا
هيَ الكتابُ الذي سَمَّيتُهُ صَدَفاً / فيها الكَلامُ الذي سَمَّيتُهُ دُرَرا
قامت تُمثِّلُ لي أُنسَ اللقاءِ بهِ / من حيثُ كانت تَسُرُّ السَّمْعَ والبَصَرا
يا أيُّها الرَّاحِلُ الميمونُ طائِرُهُ / أَرَى وِدَادَكَ لا يَستَعمِلُ السَّفَرا
لكَ المُطَوَّلُ من شَوقِ المُحِبِّ وإِنْ / كانَ الكِتابُ الذي يُهدِيهِ مُختَصَرا
رضيتُ من عينِ ذاك الحَيِّ بالأثَرِ
رضيتُ من عينِ ذاك الحَيِّ بالأثَرِ / حتى رَضيتُ بسَمْع الذِّكرِ والخَبَرِ
وهامَ قلبي بما يَحْويهِ مُنشغِفاً / حتى بما فيهِ من تُرْبٍ ومن حَجَرِ
أستقبِلُ الرِّيحَ من واديهِ مُعتنِقاً / كأنَّها لي صَديقٌ جاءَ من سَفَرِ
ويُؤْنِسُ البرقُ عيني إذْ يَلوحُ لها / منَ الكثيبِ فتجني لَذَّةَ النَّظَرِ
يا حَبَّذا أرضُ عُسفانَ التي شَرَقَتْ / بالبيضِ والسُّمْرِ بينَ البيضِ والسُّمُرِ
وحَبَّذا القُبَّةُ الزَّرقاءُ من فَلَكٍ / فإنَّها اشتَمَلَتْ ليلاً على القَمَرِ
رَبيبةٌ في بُرُودِ البَدْوِ طالعةٌ / تُغنِي مَحاسِنُها عن زِينةِ الحَضَرِ
تَرنُو بطَرْفٍ غَضيضِ الجَفْنِ مُنكسرٍ / فلا نَراها بقلبٍ غيرِ مُنكسِرِ
بِتنا على خَطَرٍ من سُخطِها ولَقد / تأتي السَلامةُ أحياناً منَ الخَطَرِ
إذا تَكَدَّرَ ماءُ النِّيلِ مُضطرِباً / فإنَّ صفوَ الوَرَى في ذلكَ الكَدَرِ
وفي زِيارةِ مِصرٍ لو ظَفِرتُ بها / مَشَقَّةٌ تُعقِبُ الأتعابَ بالظَفَرِ
مَن لي بِزَورةِ هاتيكَ الدِّيارِ لكي / أقضِي الحُقوقَ التي يُقضَى بها وَطَري
مَوَدَّةٌ بَيننا بالأمسِ قد غُرِسَت / واليومَ طالَبتُ ذاكَ الغَرْسَ بالثَّمَرِ
عليَّ حَقٌّ لمن يُغضِي بمنَّتِهِ / عن القُصُورِ ويعفو عَفْوَ مُقْتَدِرِ
الطَّاهرُ القلبِ لا عيبٌ يُدنِّسُهُ / والرَّاشدُ السَّعَيِ عِندَ اللهِ والبَشَرِ
إذا استطاعتْ يداهُ في الوَرَى ضَرَراً / فإنَّ في قلبه عَجْزاً عنِ الضَّرَرِ
وحَيثُ لا يَتَّقِي في النَّاسِ من حَذَرٍ / يكونُ من رَبِّهِ في غايةِ الحَذَرِ
إن كُنتُ قَصَّرْتُ في مَدحي لهُ سَلَفاً / فالقَطْرُ يأتي قليلاً أوَّلَ المَطَرِ
ورُبَّ مُختَصَرٍ في اللَّفظِ نَحسَبُهُ / مُطوَّلاً في المعاني غيرَ مُختصَرِ
نالَ الإمارةَ من لاقَتْ بمَنصِبهِ / من دولةٍ نَقَدَتْهُ نَقْدَ مُختبِرِ
قد أعطَتِ القوسَ باريها على ثِقَةٍ / لكنَّها غيرُ ذاتِ السَّهمِ والوتَرِ
قُلْ للكريمِ الذي سادَ الكِرامَ لَقْد / أسرَفْتَ إذ لم تَدَعْ فخراً لمُفتخِرِ
ما زِلتَ تَرقَى إلى أنْ نِلتَ منزِلةً / تُعَدُّ من طَبَقاتِ الأنجُم الزُّهِرِ
يا عُمدةَ الدَولةِ العُظمَى التِّي بعَثَتْ / إلى المشارقِ منها كوكبَ السَّحَرِ
قد ناظرَتْكَ على قَصدٍ مراتِبَها / فهُنَّ يَكبُرْنَ مَهْما ازدَدْتَ في الكِبَرِ
هذِهْ هيَ الدَولةُ الغَرَّاءُ نَنظُرُها / ما طال تأريخُها جاءَتكَ بالغُرَرِ
عُوجا على غَرْبِ لُبنانَ الذي اشتَهرَا
عُوجا على غَرْبِ لُبنانَ الذي اشتَهرَا / فذلكَ الغَرْبُ شَرْقٌ أطلَعَ القَمَرا
قد مَدَّ للبَرِّ كَفاً فاجتَنَى ثَمَراً / ومَدَّ للبحرِ كَفاً فاجتَنَى دُرَرَا
لئن تَكُنْ أرضُهُ أدنَى بِلادِكما / فتِلكَ أُسٌّ عليهِ البيتُ قد عَمَرا
والأصلُ أدنَى منَ الأغصانِ مَنزلةً / وَهْوَ الذي يُرفِدُ الأغصانَ والثَمَرا
إذا بَدا لَكُما وجهُ الأميرِ بهِ / فسَبِّحا اللهَ إرغاماً لِمَنْ كَفَرا
لا تَصرِفا طَيِّباتِ الشِّعرِ في غَزَلٍ / بحُبِّ ظبيٍ وشَكوَى صاحبٍ هَجَرا
إذا رأينا بديعَ اللُّطفِ مُنفرِداً / عن رُتبةِ النَّاسِ عِفْنا مَذَهبَ الشُّعَرا
وناظِمُ الشِّعرِ نسَّاجٌ يَحوكُ بهِ / لكُلِّ قومٍ على مقدارِهْم حِبَرَا
لَقد مدَحتُ أباهُ قَبلهُ فسَطَتْ / على يَراعي دُيونُ المَدحِ فانكَسَرا
فصارَ عندي لهُ مدحٌ يَحِقُّ لهُ / كسباً ومَدحٌ بحقِّ الإرثِ قد غَبَرا
من للشُيُوخِ بأنْ يُعطَوا فُؤَادَ فتىً / كأنَّهُ قَلبُهم في الدَّهرِ قد فُطِرا
نالَ الكمالَ الذي عِندَ الشُّيُوخِ وقد / خَلَّى لهم بعد ذاكَ الشَيْبَ والكِبَرا
أستغفِرُ اللهَ إنّي لَستُ أمدحُهُ / كما زَعمتُ أطالَ القَولُ أم قَصُرا
هُوَ الذي نالَ ما قد نالهُ وأنا / أُذيعُ للنَّاسِ عن أخلاقهِ خَبَرا
لَقد طَلَبتُ لهُ مِثلاً فأجَهَدني / هذا الطِّلابُ فمنْ يُلقي معي نَظَرا
ومَن تُرى عِندَنا مثلُ الأميرِ فَمنْ / سألتَهُ قالَ من مِثلُ الأمير تُرَى
يزورُهُ الشِّعرُ مُلتاحاً على خَجَلٍ / فيَستظِلُّ بطَيِّ الصُحْفِ مُستَتِرا
في كلِّ يومٍ على وَجهٍ نُقلِّبُهُ / لَفظاً ومَعنىً ولا نَقضي بهِ وَطَرا
يا ابنَ الأمينِ الذي أعطْتكَ شيِمتُهُ / خَمْساً فَزِدْتَ علَيهِنَّ اثنَتَيْ عَشَرا
ليسَ اللَّبيبُ الذي يأتيكَ مُمتدحاً / إنَّ اللَّبيبَ الذي يأتيكَ مُعتذِرا
قد فُقتَ من كانَ فوقَ النَّاسِ مَكرُمَةً / فأنتَ قد صِرتَ فوقَ الفَوقِ مُقتدرِا
كأَنَّما الدَّهرُ فينا شاعِرٌ فَطِنٌ / وأنتَ في نفسِهِ مَعنىً قَدِ ابتُكِرا
زُرْ تُربةً في الحِمَى يا أيُّها المَطَرُ
زُرْ تُربةً في الحِمَى يا أيُّها المَطَرُ / وقُلْ عليك سلامُ اللهِ يا عُمَرُ
إن كنتَ تُنبِتُ زَهراً حولَ مَضجَعِهِ / فليسَ تَكثُرُ فيهِ الأنجُمُ الزُهُرُ
هذا الذي كانَ رُكناً يُستعانُ بهِ / على الخُطوبِ ويُرجى عِندَهُ الظَفَرُ
وكانَ بحراً ولكنْ غيرَ مُضطربٍ / وكانَ فخراً ولكنْ ليسَ يَفتَخِرُ
في شَخصِهِ الدِّينُ والدُّنيا قدِ اجتَمَعا / وذاك يَندُرُ أنْ تحظَى بهِ البَشَرُ
يَرعَى إذا اتَّفقَا هذا وتِلكَ فإنْ / تَخالَفا فَلِهذا عِندَهُ النَّظَرُ
مُهذَّبُ الخُلقِ ما في خُلقِهِ أَوَدٌ / مُطهَّرُ القلبِ ما في قلبِهِ وَضَرُ
أرضَى الإلهَ فأرضاهُ بِمِنَّتِهِ / منذُ الحَداثةِ حتى مَسَّهُ الكِبَرُ
كانت مَنِيَّتُهُ للناسِ مَوعِظةً / إذ كانَ طَوْداً عظيماً دَكَّه القَدَرُ
لم يحْمِهِ الشَرَفُ الأعلى بجُرمتِهِ / والآلُ والصَّحْبُ والأملاكُ والبِدَرُ
ساروا بهِ فوقَ نعشٍ بلَّ حامِلَهُ / من ماءِ دَمعٍ عليهِ كانَ يَنحدِرُ
حتى أفاضوا إلى أرضٍ مباركةٍ / تُتْلَى بها فوقَهُ الأورادُ والسُّوَرُ
حديقةٌ طَبَّقَتْها النَّاسُ من بَلَدٍ / خلا فلم يبقَ في أبياتِهِ نَفَرُ
طافوا بتابوتِهِ مثلَ الحجيجِ بها / كأنَّها حَرَمٌ في وَسْطهِ الحَجَرُ
مضى إلى رَبِّهِ الغَفَّارِ مُعتصِماً / بلُطفِهِ تحتَ ذيلِ العَفْوِ يَستترُ
وأقفَرَتْ منهُ دارٌ أظلَمتْ كَمَداً / حتى استَوَى في ذَراها الليلُ والسَحرُ
يا أيُّها النَّاسُ قد طالَ الرُّقادُ على / عينٍ لَقد حانَ أنْ يَنتْابَها السَهَرُ
لا تَغفُلوا طَمَعَاً في العيشِ وانتَبِهوا / إنَّ المنايا على الأبوابِ تنتظِرُ
في كلِّ يومٍ منَ المَوتى لنا عِبَرٌ / تبدو ويا حَبَّذا لو تَنفْعُ العِبَرُ
قُمنا على سَكْرَةِ الدُّنيا الغَرُورِ فما / نُفيقُ إلاّ وداعي الموتِ يَنتهِرُ
كلٌّ منَ النَّاسِ يَهْواها فَتَخْدعُهُ / حتى يَموتَ ولا يُقضَى لهُ وَطَرُ
شابَ الزَّمانُ وشِبنا وَهْيَ يافعةٌ / لم يَبدُ للشَّيبِ في فَرْعٍ لها أثَرُ
يا مُغرَمينَ بها إن لم يكُنْ لكُمُ / خُبْرٌ فهل لم يأتِكم خَبَرُ
كلُّ الغَرامِ مُضِرٌّ قالَ مُزدَوجاً / تأريخُهُ هل غَرامٌ ما لهُ ضَرَرُ
ماذا شُعوبُ بني عُثمانَ تَنتَظِرُ
ماذا شُعوبُ بني عُثمانَ تَنتَظِرُ / قد عادَ مُنتَصِباً في مُلكِهِ عُمَرُ
وجَدَّدَ اللهُ في أيَّام دَولتِهِ / عهدَ الصحابةِ حيثُ العَدلُ ينتشِرُ
هذا هُوَ المَلِكُ المُحيي العِبادَ كما / يُحيِي البِلادَ ويُعطِي خِصبَها المَطَرُ
ما قامَ في أرضناِ من قَبلهِ مَلكٌ / يَرْضَى بهِ اللهُ والأملاكُ والبَشَرُ
في الأرضِ عبدُ العزيزِ اليومَ زِينتُها / ومِثلُهُ في السَّماءِ الشَّمسُ والقَمرُ
إن كانَ قد أظْلَمَتْ أيَّامُنا قِدَماً / فَقُلْ لها استَبشري قد أشرَقَ السَّحَرُ
خليفةُ اللهِ ظِلٌّ في خَليقتِهِ / ظَلَّت بهِ تَتَّقِي الدُنيا وتَسْتَترُ
لا تَرتضي غيرَهُ الدُّنيا لها مَلِكاً / لو كانَ جِبريلُ يأتيها أو الخَضِرُ
مُهذَّبُ النَّفسِ صافي القلبِ طاهِرُهُ / مُؤَيَّدُ العزمِ ماضي الأمرِ مُقتدِرُ
يَنالُ بالصُّحْفِ والأقلامِ حاجَتَهُ / منَ الجُيوشِ فتِلكَ البيضُ والسُّمُرُ
لا يَلحقُ الفِعلَ من أفعالِهِ نَدَمٌ / ولا يُلامُ على أمرٍ فيَعتَذِرُ
ولا يُعابُ لهُ سِرٌّ ولا عَلَنٌ / ولا يَزيغُ له سَمْعٌ ولا بَصَرُ
مُقلَّدٌ فوقَ أثوابٍ مُضاعَفَةٍ / من خَشْيةِ اللهِ سيفاً صاغَهُ القدَرُ
مُذَّربُ النَّصْلِ مكتوبٌ بصَفحتِهِ / إذا دَنَا أجَلٌ لا يَنفَعُ الحَذَرُ
كلُّ السَلاطينِ في أجيالِها شَجَرٌ / عبد العزيزِ على أغصانِها ثَمَرُ
ملائكُ العَرشِ تَرعاهُ وتَخدِمُهُ / والسَّعدُ في بابِهِ يُمسي ويَبتكِرُ
تُثني عليهِ بأقلامٍ وألْسِنةٍ / لكنْ مُطَوَّلُها في الحقِّ مُختَصَرُ
إذا طَلَبْنا منَ الباري لنا وَطَراً / فليسَ إلاّ بَقاهُ عِندَنا وَطَرُ
يا أيُّها النَّاسُ هذا مَولِدُ القَمَرِ
يا أيُّها النَّاسُ هذا مَولِدُ القَمَرِ / في نِصفِ شَعبانَ يُهدي البِشْرَ للبَشَرِ
قد أولَدَ اللهُ سَعداً يومَ مَولِدِهِ / لنا كما تَقتَضيهِ حِكمةُ القَدَرِ
يومٌ جَرَى منهُ نحوَ المُلكِ صاحبُهُ / جَرْيَ البُدُورِ إلى نُورٍ منَ الغُرَرِ
قد أوجَدَ اللهُ فيهِ رحمةً ظَهَرَتْ / في كلِّ أرضٍ ففاقَتْ رَحمةَ المَطَرِ
عيدٌ لعبدِ العزيزِ اليومَ قد ضُرِبتْ / فيهِ البشائرُ بينَ السَّمْعِ والبَصَرِ
كَسا الجِبالَ بأثوابِ البَياضِ كما / كَسا السُّهولَ بثَوْبِ الخُضرةِ النَضِرِ
عيدٌ به قامتِ الأنوارُ ساطِعةً / في ليلةِ البَدْرِ حتى مَطلِعِ السَّحَرِ
نابَتْ عنِ الشَّمسِ فاستخَفَى ببَهْجتِها / ما كانَ للبَدْرِ من ضوءٍ عن النَّظَرِ
قد صارَتِ الأرضُ فيها كالسَّماءِ بها / بَرْقٌ ورَعدٌ وشُهبٌ ضَخْمةُ الشَّرَرِ
وسَبَّحَتْ خُطَباءُ الناسِ حاكيةً / مَلائكَ العَرْشِ في الآصالِ والبُكَرِ
للهِ دَرُّ بني عُثمانَ من فئةٍ / جَلَّتْ فما تَرَكَتْ فخراً لمُفتَخِرِ
إذا مَضَى كوكبٌ منها أتى قَمَرٌ / وإن مَضَى قَمَرٌ فالشَّمسُ في الأثَرِ
قد قامَ من أصلِها عبدُ العزيزِ لنا / فَرْعاً كريماً عظيمَ الخُبْرِ والخَبَرِ
إذا ذَكرنا مُلوكَ العَصرِ كانَ لهم / صَدْراً كفاتحةٍ في أوَّلِ السُورِ
يدعو لهُ كلُّ من صَلَّى لخالقِهِ / بالسَّعدِ والعزِّ والإقبالِ والظَفَرِ
فلا يزَالُ بحَولِ اللهِ مُقتدراً / وطالما أرَّخوهُ بالغَ الوَطَرِ
عبدُ العزيزِ رَوَى جاهاً مُؤِرِّخُهُ
عبدُ العزيزِ رَوَى جاهاً مُؤِرِّخُهُ / يُهدِي حِسابَ جَميلِ البِشْرِ للبَشَرِ
فَرْعاً لعُثمانَ مُلكُ الآلِ عزَّ بهِ / لا زالَ بالخيرِ يُهدَى كامِلَ الوَطَرِ
الشمسُ والبدرُ في أُفقِ العُلى افتَرَقا
الشمسُ والبدرُ في أُفقِ العُلى افتَرَقا / وههنا اجتمَعَا للنَّاسِ في دارِ
شمسٌ عَلَتْ عن كُسوفٍ أَنْ يُلِمَّ بها / وبدرُ تِمٍّ علا عن خَسفِ أقمارِ
فَرعٌ على أَصلِهِ دَلَّت شمائِلُهُ / والأَصلُ نَعرِفهُ من طِيبِ أَثمارِ
سِرٌّ سَرَى من أبيهِ فيهِ مُندرِجاً / في نفسِهِ كَدَمٍ في جِسمِهِ سارِ
أعطاهُ مولاهُ من فضلٍ على صِغَرٍ / ما ليسَ تُعطَى شُيوخٌ ذاتُ أدهارِ
مواهبُ النَّاسِ مِثلَ النَّاسِ باطلةٌ / فلا عَطيَّةَ إلاَّ مِنْحةُ الباري
تنَّبهوا يا عِبادَ الله واعتبروا
تنَّبهوا يا عِبادَ الله واعتبروا / فالموتُ بالبابِ والأرواحُ تنتظرُ
ما بينَ لحظةِ عَينٍ في تَرَدُّدها / تأتي المَنايا ويَمضي السَمْعُ والبَصَرُ
الرِّيحُ أفضلُ من أرواحنا مَدَداً / نَعَمْ وأفضلُ من أجسادنا الحَجْرُ
هاتيكَ تَرِجعُ إذ هبَّتْ نسائِمِها / وذاكَ يبقَى فلا يُمحى لهُ أثَرُ
أستغفرُ اللهَ من دهرٍ مضى عَبَثاً / في اللَّهوِ والسَّهْوِ نُمسي حيثُ نَبتكرُ
ندري بغُربةِ دارٍ نازلينَ بها / وليسَ يخطُرُ في بالٍ لنا السَّفرُ
دُنياكَ مِثْلُ خَيال الظِلِّ مُنبسِطاً / والنَّاسُ في طيِّهِ الأشباحُ والصُّورُ
نأتي ونذهبُ مِن أُنثَى ومن ذَكَرٍ / كأنمَّا لم يَكُن أُنثَى ولا ذَكَرُ
يمشي الفَتَى مِثْلَ ليثِ الغابِ مفترِساً / وكالفريسةِ يغدو وَهْوَ مُنكَسِرُ
قد باتَ كالبُرجِ عبدُ اللهِ ثمَّ غدا / مثلَ الهَباءِ الذي في الرِّيحِ يَنتثِرُ
لفُّوهُ ويلاهُ بالأكفانِ مندرِجاً / كما يُلّفُّ بغيمٍ في الدُّجَى القَمرُ
وسارَ في نعشِهِ عالي المقامِ كما / بالأمسِ كانتْ تُعلِّي قَدْرَهُ البَشَرُ
قد سابَقَ البينُ فيهِ الشيَّبَ مُختطِفاً / من قبلِ أن يَعتريهِ الشَّيبُ والكِبَرُ
رامَ الطَّريقَ إلى مَوْلاهُ مُختصراً / كسالكِ الطُّرِقِ يَستدني ويَختصِرُ
قد كانَ للنَّاسِ منهُ كلُّ مَنفَعةٍ / ممَّا استطاعَ ولم يُعرَفْ لهُ ضَرَرُ
وكانَ للنَّاسِ حَظٌّ من غِناهُ فقد / كانَ الغِنَى عندَهُ غُصناً لهُ ثَمَرُ
مُهذَّبُ النَّفسِ في قَوْلٍ وفي عَمَلٍ / لهُ على نفسهِ من قلبهِ سَهَرُ
بَني شُقَيرٍ خُذوا بالصَّبرِ واعتصِموا / إنَّ اللَّبيبَ على الأحزانِ يَصطَبِرُ
ربٌّ دعا عبدَهُ يوماً فبادَرَهُ / وكلُّ عبدٍ إلى مَولاهُ يبتَدِرُ
تُصرِّفُ النَّاسُ في الدُّنيا الأمورَ ولا / يَتمُّ فيها سِوَى ما صرَّفَ القَدَرُ
ورُّبما حَذِروا ما لا يُصادِفُهم / فيها وصادَفَهم غيرُ الذي حذِروا
للمرءِ في الدَّهرِ يومٌ لا مَساءَ لهُ / يرجو لِقاهُ وليلٌ ما لهُ سَحَرُ
يُعِدُّ للعَيْشِ من أموالهِ صُرَراً / شتَّى فيضحَكُ منهُ المالُ والصُرَرُ
كم ماتَ من شاربٍ والكأسُ في يدِهِ / فكانَ بينَ حواشي وِردِهِ الصَّدَرُ
ومُخبرٍ قبلَ أن تَمَّتْ عبارَتُهُ / بكلْمةٍ قد جَرَى عن مَوْتِهِ الخَبَرُ
النَّاسُ للموتِ لا للعيشِ قد وُلِدوا / فَهْوَ الحياةُ التي تُرْجَى وتُعْتَبَرُ
يا ويلَ أيَّامِنا الأولى التي رَبِحتْ / في الأرضِ إن خَسِرتْ أيَّامُنا الأُخَرُ
قَلْبُ الخليفةِ يَقْظانٌ يُجرّدُهُ
قَلْبُ الخليفةِ يَقْظانٌ يُجرّدُهُ / ممَّا يَعافُ الرِّضَى من واجبِ النَّظَرِ
مُظَفَّرٌ نائبٌ في أرضِ واقِفِهِ / مُبارِزٌ غالِبٌ دُنياهُ بالظَّفَرِ