المجموع : 7
ما لكَ عندَ الحبيبِ عذرٌ
ما لكَ عندَ الحبيبِ عذرٌ / وكلُ يومٍ نوىً وهجرُ
إذا تناءيتَ لا يبالي / وإن تقربتَ لا يسرُّ
يأبى عليِهِ الدلالُ أن إلا / يزالُ فيهِ عليكَ كبرُ
ليسَ سوى الحبُّ من جنونٍ / وليسَ غير العيونِ سحرُ
تشكو إلى البدرِ من جفاهُ / كلاهما لو علمتَ بدرُ
وترقبُ الفجرَ في الدياجي / وهل لليلِ المحبِ فجرُ
قد عرفَ الناسُ ما تعاني / وليسَ للعاشقينَ سرُّ
فلا تطعْ من يلومُ فيهِ / ولا يغرنكَ ما يغرُّ
ولا تكن للوشاةِ عبداً / فليسَ بينَ الوشاةِ حرُّ
واصبر على اللغوِ صبرَ قومٍ / مروا كراماً غداةَ مروا
وهونِ الخطبَ كم عسيرٍ / أعقبهُ في الأمورِ يسرُ
ماذا على الدهرِ إن تمادى / وكلُّ يومٍ عليكَ دهرُ
وكيفَ ترضاهُ وهو حلوٌ / وتجزعُ اليومَ وهو مرُّ
واصبرْ لها ما دهاكَ خطبٌ / إن دواءَ الهمومِ صبرُ
تفنى الليالي وليسَ يبقى / ما ينفعُ المرءَ أو يضرُّ
يا من تعذبتُ في هواهُ / أما لصبري الطويلِ أجرُ
بي حسراتٌ عليكَ ما إن / يقوى على مسهنَّ صدرُ
نسيتني والزمانُ بؤسٌ / وكنتَ لي والزمانُ نضرُ
إذا رضينا فما علينا / إن ليسَ يرضى زيدٌ وعمرو
أما كفاكَ الفراقُ غدرا
أما كفاكَ الفراقُ غدرا / وبعدَ هذي الديارِ هجرا
أسائلُ البدرَ عنكَ حيناً / وأسألُ الشمسَ عنكَ طورا
وكلما غردتْ حمامٌ / في الأيكِ طارَ الفؤادُ طيرا
قضى علينا الغرامُ أنا / نتخذُّ الليلَ فيهِ سترا
فمن عيونٍ تبيتُ عبْرى / ومن عيونٍ تبيتُ سَكْرى
وكلُّ يومٍ يخلفُ يوماً / أراهُ دهراً يعقبُ دهراً
يا أحسنَ الفاتنينَ قدّاً / وارفعَ المالكينَ قدرا
فتنتَ مصرا فهل تولى / يوسفُ يا ذا الدلالِ مصرا
لو عشقَ الشمسَ فيكَ قومٌ / لكانَ هذا الجمالُ عذرا
ما إن حسبتُ الزمانَ يوماً / يتركُ نفسي عليكَ حسرى
إذ تتثتَّى جوىً وحسناً / وإذ تجنَّى هوىً وكبرا
نقتسمُ العيشَ لا نبالي / أكانَ حلواً أم كانَ مُرّا
وقد تركنا زيداً وعَمْرا / يضربُ زيدٌ هناكَ عَمْرا
وقد أبانتْ لنا الليالي / أن لهذي الحياةِ سرّا
بينا يكونُ الزمانُ عُسْرا / إذا تراهُ استحالَ يُسرا
ما بال ألأنفكَ هذا قد شمختَ بهِ
ما بال ألأنفكَ هذا قد شمختَ بهِ / إلى السمواتِ حتى جاوزَالقدرا
لولا خشيتُ إذا ما كنت رافعهُ / من أجلِ واحدةٍ أن يقفأ الأخرى
يا فاجعَ القومِ ماذا ينفعُ الحذرُ
يا فاجعَ القومِ ماذا ينفعُ الحذرُ / وقد عهدناكَ لا تبقي ولا تَذَرُ
جنتْ أناملكَ الأرواحَ فانتثرتْ / كما تناثرَ من أوراقهِ الزَّهَرُ
وما بمانعهم ما قدَروا وقضوا / وقبلَ كلِّ قضاءٍ في الورى قدرُ
من يتعظ فصروفُ الدهرِ موعظةٌ / وما مواعظِ دهرٍ كلّهُ عبرُ
يا لهفَ كابلَ ما فاجأتَ كافلها / حتى درى كلُّ قلبٍ كيفَ ينفطرُ
فجعتها وفجعتَ العالمينَ بها / حتى النجومُ وحتى الشمسُ والقمرُ
وجئت ضيغمها لكن بمخلبهِ / فما استطاعكَ ذاكَ الضيغمُ الهصِرُ
قد كانَ يزجي المنايا للعدا زمراً / واليومَ جئنَ لهُ من ربِّهِ الزمرُ
وكانَ يأتيهِ ريبُ الدهرِ معتذراً / واليومَ عنهُ صروفُ الدهرِ تعتذرُ
ما شبَّ في غيرِ الأحداثِ فكرتهُ / إلا أضاءت لهُ الأحداثُ والغيرُ
ولو روى الفلكُ الدوارُ حكمتهُ / لامستِ الشهبُ فيهِ كلها سورُ
والدهرُ يومّانٌ يومٌ كلهُ كَدَرٌ / لا صفوَ فيهِ ويومٌ بعضهُ كدرُ
وما تبسمَ للأيامِ مختبلٌ / إلا تفجَّعَ بالأيامِ مختبرُ
سلوا المآثرَ عنهُ فهي باقيةٌ / في كلِ قلبٍ لهُ من حبهِ أثرُ
واستخبروا الأرضَ ما للشمسِ كاسفةٌ / فما جهينةُ إلا عندها الخبرُ
يا شامخاً دكَّهُ ريبُ المنونِ أما اه / تزَّ الحطيمُ وركنُ البيتِ والحجرُ
هذي المدافعُ والأسيافُ ناطقةٌ / في الغربِ والهندِ بالأفغانِ تفتخرُ
طارت بنعيكَ في الإسلامِ بارقةٌ / فانهلَّ دمعُ بني الإسلامِ ينهمرُ
خطبُ قلوبِ الورى من حرِّ جاحمهِ / كأنَّ نار الوغى فيهنَّ تستعرُ
فما لأنباءِ هذا السلكِ خائنةٌ / حتى المدامعُ خانت سلكها الدررُ
على السماءِ وفوقَ الشمسِ أشعاري
على السماءِ وفوقَ الشمسِ أشعاري / وتحتَ أصدافِ هذا اللُّجِّ أفكاري
وبينَ تلكَ وهاتا جرى قد قلمي / بمعجزِ الوصفِ من درٍّ وأنوارِ
أرى جمالاً تعالى أن أُلِمَ بهِ / وجلَّ خالقهُ من مبدعٍ باري
كأنما الكون غيداءٌ محجبةٌ / تطلُّ مشرقةً من خلفِ أستارِ
فالبحرُ مقلتها والبرُّ حاجبها / من فوقهِ جبهةٌ زينتْ بأقمارِ
أو كانَ ذا البحرُ ديباجُ السما وقد انْ / حلَّ الوشاحُ فها صدرُ السما عاري
أو هذهِ لبستْ من ليلها حُللاً / ومن كواكبها زرتْ بأزرارِ
أو إنما الشمسُ ظنتْ أنها خَطفتْ / بالحسنِ أبصارَ قومٍ دونَ أبصارِ
وحالتِ الأرضُ داراً للسما فلذا / أقامتِ البحرَ مرآة بذي الدارِ
يا مسكنَ الشُّهبِ الزهراء كم عجبٍ / بمعدنِ الدررِ الغرَّا وأسرارِ
إن تحملي فلكاًَ قد دارَ دائرهُ / فدونكَ اللجُّ دوَّارٌ بدوَّارِ
كلاكما حسنٌ والحسنُ بينكما / كالروضِ يأرجُ من أشتاتِ أزهارِ
إني ارى الشمسَ تحتَ البحرِ مطفأةً / والماءُ ما زالَ ذا بأسٍ على النارِ
كأنما هو كفُّ الأرضِ قد بسطتْ / إلى السماءِ فجادتها بدينارِ
أو غاصتِ الشمسُ تحتَ اللجِّ هاربةً / فما على الناسِ من همٍّ وأكدارِ
ألستَ تبصرها صفراءَ جازعةً / وفد خبا زندُ تلكَ الشعلةِ الواري
تشبهَ الناسُ طهراً بالملائكِ من / خبثِ لضميرِ وكانوا غيرَ أبرارِ
والبحرُ أفقهم من إفكهم وكذا / لا تحمل الأرضَ إلا كلّ غرّا رِ
لو أنصفوا لرأوهُ في تلججهِ / على البسيطةِ كالمستأسدِ الضاري
لكنَّ من ألفَ الأنغامَ مسمعهُ / يخالُ كلَّ زئيرٍ نفخُ مزمارِ
ما للخضّمِّ أراهُ كاشراً فزعاً / يخدّشُ لأرضَ من لجٍّ بأظفارِ
مجرداً في تدجيهِ صفيحتهُ / مستوفزاً بينَ بتّارٍ وتيارِ
يقيمهُ الموجُ حرداً ثمَّ يقعدهُ / ما بينَ منسحبٍ منهُ وجرَّارِ
والأفقُ مكتئبٌ حيناً ومبتسمٌ / ما بنَ ليلٍ دجوجيٍّ وأسحارِ
يا أيها الناسُ إنَّ البحرَ موعظةٌ / وضجّةُ البحرِ ليستْ غيرَ إنذارِ
فكم عليكم بهِ للهِ من حججٍ / هل يغفرُ الذنبَ إلا بعدَ أعذارِ
البحرُ ألين شيءٍ ملمساً فإذا / خاشنتموهُ بلوتمْ أيَّ جبَّارِ
ولو تساندَ كلُّ الخلقِ ما قدروا / أنْ يحبسوا موجةً من موجةِ الجاري
فكيفَ يُجحدُ ربُّ البحرِ قدرتهُ / وذلكم أثرٌ من بعضِ آثارِ
آمنتُ باللهِ ما شيءٌ أراهُ سدى / لكنها حكمٌ تجري بأقدارِ
يومٌ بهذي الليالي يشبهُ القمرا
يومٌ بهذي الليالي يشبهُ القمرا / فإن رأى حلكاً في أفقها سفرا
تخالها ورقاً إن خلته ثمراً / والعامُ غصنهما والأزمنُ الشجرا
ما زالَ فيهِ بريقُ التاجِ من قِدَمٍ / واللحظُ يزدادُ سحراً كلما فترا
يومٌ جلا غرّةً في المجدِ سائلةً / تناظرُ الشمس إن قاسوا بها الغُرَرا
مرآةُ فكرِ مليكٍ فوقها انعكستْ / أنوارهُ كغديرٍ مثَّلَ القمرا
يضاحكُ التاجُ منها لمعةٌ سطعتْ / من الجلالةِ يغشى ضؤُها البهرا
عبدُ الحميدِ بهرتَ الخافقينِ فما / ندري أبرقاً نرينا أم نرى قكرا
إن تغرسِ الرأيَ فالتسديدُ زهرتُهُ / وإن هززتَ القنا أَجْنَيْنَكَ الظفرا
ما بينَ سلمٍ وحربٍ أنتَ ربُّهما / تركتَ هذا الورى في مأمنٍ حذِرا
فلو تشاءُ أمرتَ النارَ فانطفأتْ / ولو تشاءُ زجرتَ الماءَ فاستعرا
ومن يكنْ قلبهُ في كلِّ حادثةٍ / عيناً لفكرتِهِ لا يخطئُ النظرا
يا ضارباً بشبا السيفِ الذي ارتعدتْ / لهُ الممالكُ أطعم سيفكَ الجزرا
لا تخشَ زلزالها إن عصبةٌ رجفتْ / فمن يكنْ معولاً لا يرهبُ الحجرا
إذا سيوفكَ ظنوها صوالحةً / فإنَّ أرؤسهم كانتْ لها أُكرا
غرستَ عندهم نعماكَ في سبخٍ / ومن يلومُ على ريِّ الثرى المطرا
وزارعُ الحبِّ لا ينفكُّ يبذرهُ / وليسَ في وسعهِ إنباتُ ما بذرا
أرى على الأرضِ جرَّاراً لهُ لجبٌ / تخالهُ الأرضُ أطواداً إذا انحدرا
كأنّهُ يوم يرتجُّ الوغى شهبٌ / تساقطَ الجو منها يرجمُ البشرا
من كلِّ ليثٍ إذا حفزتهُ قطرتْ / أنيابهُ واستطارتْ عينهُ شررا
يلقى صدى الموتِ في الآذانِ من فزعٍ / كأنما ثارَ يدعوهُ إذا زأرا
أرى العناية صفت جيشهم كلماً / حروفها قرئتْ ما زالَ منتصرا
أراهُ في الأرضِ معنى لا نظيرَ لهُ / فما أكذبُ أن أدعوهُ مبتكرا
يا عرشَ يلدزَ أنتَ النجمُ لا عطلتْ / منكَ السماءُ التي أفلاكها الوزرا
غدا بكَ الملكُ وجناتٍ موردةٍ / وأعيناً ملئتْ أجفانها حورا
لا زلتَ تشرقُ بالنورِ الذي اقتبستْ / منهُ العروشُ نجومَ الحكمةِ الزُّهرا
كذاكَ يلقي شعاعُ الشمسِ بهجتهُ / على القواريرِ حتى تشبهُ الدُّرَرَا
نصبت لي في الكرى حباله
نصبت لي في الكرى حباله / اصطاد صيداً من الصور
رايت جسمي انتهى لحاله / تضيء كالشمس والقمر
فطرت في النور أجتليه / محاسناً تملأ السما
ولا ضوء بلا شبيه / إلا حبيبي تبسما
فقلت هل بي يا قلب فيه / لعلني أطفئ الظما
ناجيت قلبي بذي المقاله / فدمدم الأفق بالشرر
صرخت ما للفضاء ما له / فقال في قلبك الخطر
يا أُفق هل خفت من شراره / تحت الضلوع اسمها الفؤاد
أم سعر الهجر فيك ناره / توقد من يابس الوداد
أم يوم حب قضى نهاره / وحل من بعد السواد
فقال وجه نرى خياله / في قلبك الحامل الضرر
ارجع فلو أن ذي الغزاله / تغازل النجم لانفجر