المجموع : 45
يا شاهر اللحظ حبي فيك مشهور
يا شاهر اللحظ حبي فيك مشهور / وكاسر الطَّرف قلبي منك مكسور
أمرت لحظك أن يسطو على كبدي / يا صدقَ من قال إن السيف مأمور
وجاوب الدمعُ ثغراً منك متسقاً / فبيننا الدّرّ منظومٌ ومنثور
لا تجعلِ اسميَ للعذَّال منتصباً / فما لتعريف وجدي فيك تنكير
ولا توالِ أذى قلبي لتهدمه / فإنه منزلٌ بالودِّ معمور
هل عند منظركَ الشفاف جوهرة / إني إليه فقير اللحظ مضرور
أو عند مبسمك الغرَّار بارقةٌ / إني بموعد صبري فيه مغرور
أقسمت بالعارض المسكيّ إن به / للمقسمين كتابَ الحسن مسطور
وبالدمع التي تهمي الجفون بها / فإنها البحر في أحشاي مسجور
لقد ثنى من يدَي صبري عزائمه / قلبٌ بطرفك أمسى وهو مسحور
وقد تغير عهدُ الحال من جسدي / وما لحال عهدي فيك تغيير
حبي ومدح ابن شاةٍ شاه من قدم / كلاهما في حديث الدَّهر مأثور
أنشأ المؤيد ألفاظي وأنشرها / فحبذا منشأ منها ومنشور
فلك إذا شمت برقاً من أسرته / علمت أنَّ مرادَ القصد ممطور
مكّمل الذاتِ زاكي الأصل طاهره / فعنده الفضلُ مسموعٌ ومنظور
أقام للملك أراءً معظمة / لشهبها في بروج اليمن تسيير
وقام عنه لسانُ الجود ينشدنا / زُوروا فما الظنّ فيه كالورى زور
هذا الذي للثنا من نحو دولته / وللجوائزِ مرفوعٌ ومجرور
وللعلوم تصانيفٌ بدت فغدت / نعم السوارُ على الإسلام والسور
في كفه حمرُ أقلامٍ وبيض ظباً / كأنها لبرود المدْحِ تشهير
قد أثرت ما يسرّ الدّين أحرفها / وللحروف كما قد قيل تأثير
لله من قلمٍ صان الحمى وله / مال على صفحات الحمدِ منثور
وصارمٍ في ظلام النقع تحسبه / برقاً يشقّ به في الأفق ديجور
تفدي البريةُ إن قلوا وإن كثروا / أبا الفداء فثم الفضلُ والخير
مدت على مجده الأمداح واقتصرت / فأعجب لممدودِ شيءٍ وهو مقصور
وسرّها من أب وابن قد اجتمعا / مؤيد يتلقاها ومنصور
يا مالكاً أشرقت أيامه وزَهت / رياضها فتجلى النورُ والنور
هنئت عيداً له منك اعتياد هناً / فالصبحُ مبتهجٌ والليلُ مسرور
فطَّرْت فيه الورى واللفظ منفق / للوَفدِ فطرٌ وللحساد تفطير
كأن شكل هلال العيد في يده / قوسٌ على مهج الأضداد موتور
أو مخلبٌ مدَّهُ نسرُ السماءِ لهم / فكلّ طائرِ قلبٍ منه مذعور
أو منجلٌ بحصاد القوم منعطف / أو خنجرٌ مرهفُ النصلين مطرور
أو نعل تبر أجادت في هديته / إلى جوادِ ابن أيوبَ المقادير
أو راكع الظهر شكراً في الظلام على / من فضله في السما والأرض مشكور
أو حاجبٌ أشمطٌ ينبي بأن له / عمراً له في ظلال الملك تعمير
أو زورَقٌ جاءَ في العيد منحدراً / حيث الدجى كعباب البحر مسجور
أو لا فقلْ شفةٌ للكأسِ مائلةٌ / تذكر العيش إنَّ العيش مذكور
أو لا فنصف سوار قام يطرحه / كفّ الدجى حين عمته التباشير
أو لاَ فقطعةُ قيدٍ فك عن بشر / أخنى الصيامُ عليه فهو مأسور
أو لاَ فمن رمضان النون قد سقطت / لما مضى وهو من شوالَ محصور
فانعم به وبأمداح مشعشعة / مديرها في صباح الفطر مبرور
نفَّاحةُ المسك من مسودّ أحرفها / ما كان يبلغها في مصر كافور
قالت وما كذبت رؤيا محاسنها / قبول غيري على الأملاك محظور
بعضُ الورى شاعرٌ فاسمع مدائحه / وبعضهم مثلما قد قيلَ شعرُور
في مرشفيه سلاف الراح من عصرَه
في مرشفيه سلاف الراح من عصرَه / ومعطفيه قوام البان من هصرَه
وفي ابتسام ثناياه ومنطقه / مَن نظَّم الدر أسلاكاً ومن نثره
ظبي قضى كل زيدٍ في محبته / وما قضى من ليالي وصله وطره
مطابق الوصل في مرأًى ومختبر / فالخدّ سهل وأسباب الرضا وعره
إذا انثنى شمتَ من أعطافه غصناً / عليه من كل حسن باهر زهره
ذاك الذي خجلت أجفان مقلته / من القلوب فراحت وهي منكسره
بينا يرى جنةً في العين مونقة / حتى يرى جذوةً في القلب مستعره
كيف الخلاص لمطويٍّ على شجن / وقد تمالت عليه أعين السحره
تغزو لواحظها في المسلمين كما / تغزو سيوف عماد الدين في الكفره
ملك إذا نظرت عين الرجاء له / لم يدفع الجود رؤياها إذا نظره
مؤيد النعت والأفعال ذو شيمٍ / لباسة لبرود الحمد مفتخرة
يضيء حسناً ويندي كفه كرماً / فما ترى بدرَه حتى ترى بِدَرَه
إذا تأملت بشراً منه مقتبلاً / عرفت من مبتداه في الندى خبره
لو أنَّ للغيث جزأً من مكارمه / لم يهمل الغيث من سقيا الثرى مدره
لا عيب فيه أدام الله دولته / إلاّ عزائم مجدٍ عندهنَّ شره
وفكرة في العلى والفكر دائبة / ليست على أمدٍ في الفضل مقتصره
طالت إلى الأفق فاستنقت دراريه / وغاصت البحر حتى استخرجت درره
آهاً لها فكراً حدّث بمعرفة / تحديد رُبّ من الألفاظ بالنكره
وهمة في سماء العزّ واضحة / كأنما الشمس من نيرانها شرره
تباشر الحرب هولاً وهي سافرة / وتمنح المال جوداً وهي محتقره
يا حبَّذا منه في عين الثنا رجل / شافٍ إذا الناس في عين الثناء مره
أبهى وأبهر ما يلقاك منظره / إذا نظرت على وجه الوغى قتره
والبيض محنية الأضلاع من قدم / على الطلا وقدود السمر منتظره
والطرف قد نبتت بالنبل جلدته / كأنه بين أنهار الدما شجره
مناقب ما تولى الخبر أحرفها / إلا حسبت على عطف العلى خبره
أقولُ للمِدَح اللاَّتي أنظّمها / ردي حماه على اسم الله مبتدره
ما يخذل الله أوصافاً ولا كلماً / بين المؤيد والمنصور منتصره
أضحى المؤيد للأملاك واسطة / بين الأصول وبين النسل مفتخره
ذاك الذي سترت رؤيا محاسنه / ذنب الزمان فما يشكو امرؤٌ ضرره
مهما أراه رفيع الذكر ممتدحاً / فكل سيئة للدَّهر مغتفره
يا ابن الملوك قضوا أوقات ملكهمُ / سديدةً وتقضُّوا سادةً برره
كم سفرةٍ لي إلى مغناك فائزة / أغنت لهاك يدي فيها عن السفره
ومدحةً ليَ قد أيمنت طائرها / حيث المدائح في أهل الغنى طيره
فعش ودم لذوي الآمال ذا رتب / عليَّةٍ ويدٍ في الفضل مقتدره
يا رُبّ أفنان مدح فيك قد سطرت / فأصبح الجود في أوراقها ثمره
سقى حماك من الوسميّ باكره
سقى حماك من الوسميّ باكره / حتَّى تبسم من عجبٍ أزاهره
يا دارَ لهوِي لا واشٍ أكاتمه / ولا رقيبٌ بمغناها أحاذره
حيث الشبيبة تصبي كلّ ذي حورٍ / سيَّان أسود مرآها وناظره
من كلّ محتكمِ الأجفان يخرجنا / من أرضِ سلوتنا في الحبِّ ساحره
ظبي إذا شمت خدَّيه ومقلته / أذابَ لاهبهُ قلبي وفاتره
يأوي إلى بيت قلبٍ فيه مختربٍ / فأعْجب لمخرِبِ بيتٍ وهو عامره
كأنه بيت شعر في عروض جوى / دارت عليهِ بلا ذنبٍ دوائره
ليهن من باتَ مسروراً بهجعته / إني عليهِ قريحُ الطرف ساهره
مجري الدموع على طرف تألّفها / فاسْتسهلت لمجاريها محاجره
كم ليلةٍ بتُّ أشكو من تطاولها / عليَّ والأفق داجي القلب كافره
وأرقب الشهبَ فيه وهي ثابتةٌ / كأنَّما سمّرتْ منها مسامره
حتَّى بدا الصبح يحكِي وجه سيِّدنا / قاضي القضاة إذا استجداه زائره
لله صبحٌ تجلى للشريعة عن / ذاك الجلال لقد جلَّت مآثره
أفدِي البريد وللتقليد في يدهِ / مخلّق تملأ الدُّنيا بشائره
يكاد يلمعُ مطويّ السطور به / حتَّى ينمّ على فحواي ظاهره
مسرَّة كانَ طرف الشرع يرقبها / ومطلبٌ كانت العليا تحاوره
قاضي القضاة جلال الدِّين قد وضحت / سبل القريض وصاغ القول ماهره
هذي كؤوس الثنا والحمد مترعةٌ / باكر صبوحك أهنى العيش باكره
واسْمع مدائح قد فاه الجمادُ بها / وقد ترنم فوقَ الأيكِ طائره
ما أحسن الدِّين والدُّنيا يسوسهما / والطيلسان فلا تخفى مفاخره
كأن أبيضَ هذا تلو أسوَد ذا / عينُ الزمان الذي ما زاغَ باصره
حيثُ المقاصد في أبوابِه زمراً / فليس للدَّهر ذنبٌ وهو غافره
فاسْتجلِ طلعةَ ذي بشرٍ وذي كرمٍ / كالغيث بارقه الساري فماطره
تصبو لحبر فتاويه لواحظنا / فما عيون المها إلاَّ محابرُه
وينفذ الأمر كالسهم القويم فما / تحيد عن غرض التقوى أوامره
لا شيء أحسن من مرآه مقتبلاً / إلاَّ محاسن ما ضمَّت سرائره
تجلو المهابة في نادِيه رونقها / فما نكادُ بنجوانا نجاهره
ويفهم السرّ من حاجات أنفسنا / فما نطيق على أمرٍ نُساتره
يا حاكماً صانَ سوحَ الدِّين عاضدُه / وفازَ بالشرفِ المأثورِ ظافره
ولّيت بالعلمِ لا بالحظِّ مرتبةً / فاحْكمْ بعلمِك فيما أنتَ ناظره
وانْظر لحالِ غريب الدَّار مفتقر / طال الزمان وما سدَّت مفاقره
نعمَ الفتى أنت قد برَّت أوائله / في المكرماتِ وقد أربتْ أواخره
يممته دلفيّ الأصل منتسباً / تأبى معاليهِ أن تخفى عناصره
لا يستقرُّ بكفَّيهِ الثراء فما / تلك الحظوظ بها إلاَّ معابره
زَكا وأمْكنهُ فعل الجميل فما / في الناسِ لو قصرت جدواه عاذره
ما بعد علياه ركنٌ أسْتجير بهِ / من الخطوبِ ولا بحرٌ أجاوره
لئنْ تفرَّدَ بالعلياءِ سؤدده / لقدْ تفرَّدَ بالآدابِ شاعره
بشراك إن السرى والعود مبرور
بشراك إن السرى والعود مبرور / وإن سعيك عند الله مشكور
وإن حجَّك في عاف بمصر دعا / كمثل حجك بالبطحاء موفور
وإنَّ كلّ حمًى يممت دارُ هناً / وخادم الوقت مختارٌ ومسرور
وأنك الغيث إن تحكم على أفق / فالجدب والخصب منهي ومأمور
لا غَرْوَ إن حجزت محل الحجاز لهاً / بنقط أيسرها المعمور معمور
يسري إلى البيتِ معموراً بوافدِه / بحرٌ بفيض النَّدى والعلم مسجور
في فرقة بولا علياه ضاحية / شموس علمٍ تحامتها الدَّياجير
تموا وصحوا بأبواب العلاء فما / في الاسمِ نقص ولا في الجمع تكسير
يطوون برد الدجى والبيد في طرق / كأنَّهنَّ لجندِ العلم منشور
بكلّ وجناء بسم الله قد برزَت / كأنَّها لأمير العلم مسطور
حرف على صحف البيداء يعرب عن / إعمالها السير مرفوع ومجرور
آثار مبسمها فوقَ الثرى قمرٌ / وعقلها بشعاعِ الحيّ مقمور
يمدُّ آمالها شوقٌ قد اقْتصرت / على هواه فممدود ومقصور
ولابن يحيى الذي تغنَّى المحول به / بروق بشرٍ وَراهَا القطرُ مقطور
من بركة الحبّ حتَّى بئر زمزم لا / محلٌ بنعماه إلاَّ وهو ممطور
فيا لهُ محرماً في حجةٍ عبقت / ريَّاه وهو صحيح النسك مسرور
مستقبل الكعبة العظمى له طرب / حيثُ الستور وتمجيد وتطمير
يطوف منكَ على الأركانِ ركن تقى / عالٍ له سند في الفضلِ مأثور
وبيت مكَّة يا ذا البيت من عمر / بذكر نفعك للإسلامِ معمور
في ذب رأيك عنه للملوك هدى / كأنَّما هو للآراء إكسير
محمرة منك بالآلاء ممتلئ / وملء أكمام غاويه الدَّنانير
لله حجر بذاك البيت أو حجر / ما للهنا فيهِ حجر عنك محجور
وسنة لكَ في التَّحليق عالية / وما لمثلك في العلياءِ تقصير
وفي منًى جمراتٌ ما لها ثمن / لكن لها في حشا الشياطين تسعير
أحسن بأيَّام عيش في منًى وصلت / ليالياً فثياب الحسن تشهتير
وحبَّذا سنة في الحجِّ زاهرة / ست كما قيل فيها الخير والخِير
وزورة لمعاني طيبة اقْتبلت / وللصباح بلا شكٍّ تباشير
فيا سرور عليٍّ من محمدها / بالقربِ يرقص بيتاً وهو معمور
وشدوة المدح باك في مسرَّته / فدُرّ حاليه منظومٌ ومنثور
ويا لها من ليالٍ غير قائلة / زوروا فما الظنّ في هذا الحمى زور
لا عيبَ فيهِ سوى الجنح القصير وما / كأنَّ غيهبها بالشهب مسمور
وعودة لحمى ملكٍ يطوف بها / يا كعبة الجود ملهوفٌ ومضرور
يا عارفاً حفظ أسرار الملوك لهُ / عرفٌ من الفضلِ والأقطار مشهور
أمَّا العفاةُ فما تنفكُّ جائرةٌ / على ندَاكَ إذا قال الرَّجا جوروا
للمالِ والجاهِ قد جاروا بها قصصاً / في طيها عبرٌ منهم وتعبير
إن ثقَّلوا فعل جودٍ قد أبرّ فما / في المنِّ منٌّ ولا في الصفو تكدير
لفضَّةٍ كم رجاكَ القومُ أو ذهب / وحبَّبت للمثاقيل القناطير
وأنتَ مبتسمُ الثغر البهيج بهم / وثغرُ مالك بين القوم مثغور
عنوان بشرك يولي اليسر كلُّ يدٍ / معجّلاً فإذا العنوان تيسير
وروض لفظك ريحان القلوب إذا / سجَّعته فإذا الريحان منثور
تغدو لهُ صورُ الأضداد باهتةً / كأنما هيَ من غيٍّ تصاوير
ونظمك الزَّهر لكن بعضه زهرٌ / مع أنه النَّوْر إلاَّ أنَّه النور
يبكي الوليد الذي من بحترٍ قصراً / وعنه يمسي جريرٌ وهو مجرور
وفي يراعكَ سرٌّ من سعادته / قد صحَّ منه لعلمِ الحرف تأثير
في الجودِ غصن جنانٍ غير منقطع / له على الطرسِ توريقٌ وتثمير
وفي اقْتحامِ الوغى رمحٌ يلوحُ له / على عِدا الملك كعب فيه تدوير
محكم فالفنا بالخوف مضطرب / والقوس منه كما قد قيل موْتور
وبعض تدبيره الدُّنيا وما وسعتْ / فالكيمياء على ذا الحكم تدبير
يا ابن الخلافة في البيتِ العتيق له / نفعٌ جديدٌ على الإسلامِ محبور
يا شارعَ الأمر في جودٍ وعادله / فجودهُ حاضرٌ والعدلُ محظور
يا من لتقواه في مسكِ الثنا عبقٌ / مزاجه من بياض العرض كافور
خذها مدائح من حبر ومن حبرٍ / كسوتني لكلا النوعين تحبير
عاملت حبّ عليٍّ والولاء بها / فهي الدَّواوين فيها والمساطير
ما بعد دُرّ معانيها وصنعته / برسمِ جودك عند الفكرِ مدخور
إذا سرت من دمشق الواردون بها / لكلّ مصرٍ فأحداقُ العدى عور
ضمنت قلبي الوفا مع حسنها فوفى / مع أنَّه ضامنٌ بالصدّ مكسور
ماذا ترى في نظامِي لو عطفت فذا / نظمِي وفكري من الأعراض مذعور
لا زلت ما سارت الرُّكبان ممتدحاً / لعمره وبيوت الشعر تعمير
ديارَ شعري سقاكِ السعد ماطرَه
ديارَ شعري سقاكِ السعد ماطرَه / ما أحسن الحيّ عادَ الأنس زائره
يا عائدين بمغناهم إلى أفقٍ / عوْدَ النجوم جلت عن دياجرَه
محبّكم جامع الأشواق مالئةً / أشواقه في صميم القلب فاطرَه
يا رُبَّ ليلٍ بطيءِ الصبح بعدكم / قد باتَ فيه صريع الجفن ساهره
أبلى له السقمُ لمَّا طالَ بعدكم / جسماً أبى العهدُ أن يبلي سرائره
حتَّى غدا بخمارِ القربِ في طربٍ / بعد البعاد الذي قد كان خامره
يا حبَّذا القلب خفَّاقاً بعشقتكم / ما كانَ أيمنَ في العشَّاق طائره
ما كان أولى بسبقِ الدَّمع يذكر لو / قد أخطرت لمعاتُ البرق خاطره
عشْ يا وزير التقى والبرّ محتوياً / في الأجرِ والدكر أولاهُ وآخره
ويا سليمانَ ملكٍ في سيادته / لا ينبغي لسريٍّ أن يسايره
لو صوَّر الشام شخصاً كنت صاحبه / وجامع الشام وجهاً كنت ناظره
عمرت من ذا وذا صرحين قد شكرا / يقظان من ذا الذي لم يمس شاكره
فمن رآكَ وآثاراً ظهرت بها / رأى سليمانَ واسْتجلى عمائره
في جامع الشام أركانٌ مصدرةٌ / تملي الثنا واردَ المعنى وصادِرِه
سعادة لحظت أركان مستلمٍ / قد كادَ بعدك أن تدمي محاجره
وفي المحاريب من نص التقى سيرٌ / كادت ترنح من عجب منابره
وفي أعاليه سرجٌ من محامدكم / قبل القناديل تستعلي منائره
وفي حمى الشام والدُّنيا لواحدها / ذكرٌ يعرّف عرف المسك ذاكره
أرضى بها الله والسلطان ذو قلم / بالخير أعيى ابن سهل أن يحابره
حيث الرَّعية والديوان قد مدحا / ممدَّحاً خصَّت العليا مآثره
شمْ في العلى فضله والجود جعفره / والنسك عمَّاره والعزم عامره
كم باب نصرٍ وكم باباً إلى فرجٍ / فتحت يا فائزَ المسعى وظافرَه
زكت عناصر مولانا وأردفها / فضلٌ فأول ما زكى عناصره
تقوى مخافتها لله خوَّف من / ذكراه أسدَ الفيافي أن تجاوره
وهمَّة ركبت شهب النجوم فما / يسطاع بهرام أفق أن يسايره
وجود كفَّين في سرٍّ وفي علنٍ / لا تجسر المزنُ أيضاً أن تكاثره
ثنى عن العرضِ الأدنى به بصراً / ثنى إلى الجوهرِ الأعلى بصائره
فليهنه الذكر سيار المديح له / إن قيلَ ما اخْترتَ منه قلتُ سائره
والأجر كم جائع عار يقولُ لقد / أصلحتَ باطنَ ملهوفٍ وظاهره
وكم صنائع معروفٍ تقول ألا / ما كانَ أربحَ في الصنفين تاجره
فلتهنه خلعٌ دامت مبشرة / بيمنه منصباً أضحى مباشره
بيضاً وخضراً كأنَّ الطيلسان بها / غيمٌ سقى الرَّوضَ فاسْتجلى أزاهره
شعار نعم وزير قد دعوه إلى / نعم البيوت فوفَّاه شعائره
مدَّ البنان بأقلامٍ لها نعمٌ / لمثلها يعقد المثني خناصره
أغصان رزق لديه أو نجوم هدًى / فقل أزاهره أو قل زواهره
يا فائض البحر من جودٍ ومن كرمٍ / أن شئت كامله أو شئت وافره
يا ذا البراعة من أسعفت مدحته / لقد أعدْت إلى بحرٍ جواهره
يا من تقول البرايا حين أمدحهُ / قد أفردَ الله ممدوحاً وشاعره
خذها عجالة منْ نوَّرت في مدحٍ / بالنورِ أسطرَه والنوْر خاطره
لئن نشرت على دهرِي قصائده / لقد طويت على حبٍّ ضمائره
أطلق دموعك إن القلب معذور
أطلق دموعك إن القلب معذور / وإنه بيد الأحزان مأسور
وخلّ عينيك يهمي من مدامِعها / دُرٌّ على كاتب الإنشاء منثور
يسوءني ويسوء الناس أجمع يا / بيت البلاغة إن البيت مكسور
فيكلِّ يوم برغمي عن منازلكم / ينأى ويذهب محمود ومشكور
خبا الشهاب فقلنا الشمس فاعْترضت / أيدي الردَى فزمان الأنس ديجور
آهاً لمنظر شمس لا يدوم له / بالسعي في فلك العلياء تيسير
كانت تفتح نورَ اللفظ فكرته / حتَّى استجنَّ فلا نورٌ ولا نور
مطهّر الذات مطويًّا على كرمٍ / ينسي عهودَ الغوادِي وهو مذكور
لهفي عليهِ لودٍّ لا يغيره / رفعُ المحلّ وللسادات تغيير
لهفي عليه لجودٍ لا تكدّره / قضيةٌ ولبعض الجود تكدير
لهفي عليه لأخلاقٍ مهذَّبةٍ / سعي الثناءُ بها والأجر مبرور
لهفي عليه لأقلامٍ ثوتْ ولها / يمنٌ على صفحاتِ الملك مشهور
تواضعٌ لاسْمهِ منه ازدياد علىً / وفي التكبُّر للأسماءِ تصغير
وهمَّةٌ بين خدَّام العلى نشأت / فاللفظ والعرض ريحان وكافور
لا عيبَ فيه سوى فكرٍ عوائده / للحمدِ رقٌّ وللألفاظ تحرير
حتَّى إذا لاح مرفوعاً مدائده / وراحَ ذيل علاهُ وهو مجرور
تخيَّرته أكفّ الموت عارفةٌ / بنقدِه وتنقته المقادير
ما أعجب الدهر في حالي تقلّبه / وصلٌ وصدٌّ وتعريفٌ وتنكير
كأنما نحنُ والأوقات في حلمٍ / مخيل وكأن الموت تعبير
بين الفتى راتعٌ في الأمنِ إذ برزتْ / من المنون له غلبٌ مغاوير
والمرء في الأصلِ فخارٌ ولا عجب / إن راحَ وهو بكفِّ الدهر مكسور
جادتْ ضريحك شمس الدِّين سحب ندى / يمسي صداك لديها وهو مسرور
إن يمس شخصك مطوياً بملحدِه / فإن ذكرك بالإحسانِ منشور
أو يغد بيتك يشكو للزمان وغىً / فإنه ببقاء السيف منصور
لو لم تفه برثاءٍ فيك أشعارِي
لو لم تفه برثاءٍ فيك أشعارِي / رثاك بالدّرّ عني دمعيَ الجاري
يا ساكنَ الخلد أورثت الورى حرَقاً / فأنتَ في جنَّةٍ والقوم في نار
جاورتَ ربَّك في الجنَّاتِ مقترباً / لقد عوَّضت عن جارٍ وعن دار
أرقد هنيئاً فلا سهد بممتنعٍ / منَّا عليك ولا قلبٌ بصبَّار
ما أنسَ برك للقصَّاد متَّصلاً / أيامَ لا قاصدٌ يحظى بأنصار
ما أنسَ رفدَك للزوَّار محتفلاً / حيثُ الغريب على أيامه زاري
ما أنسَ شخصك في الحفل العليّ كما / أرْبت ذُكاءٌ على شهبٍ وأقمار
ما أنسَ يمناك تسدِي الفضل كاتمة / للفضلِ حتَّى كأنَّ الفضل كالعار
ما أنسَ أقلامك اللاتي بها ابتدرت / على الحقيقة تهوى طاعة الباري
لهفي عليك لملهوفٍ ومغترب / سلاَّه قربك عن قومٍ وعن دار
لهفي عليك لألفاظٍ موشعةٍ / يشدو بها الحيّ أو يحدو بها الساري
بكى لفقدك محرابٌ كأنَّ سنا / مصباحه في حشاه نارُ تذكار
ومصحف باتَ يشكو قلبه أسفاً / مقسَّماً بين أجزاءٍ وأعشار
ومدْرجٌ كانَ فيه الدّرّ منتظماً / على ترائب أسماعٍ وأبصار
وقصة كان فيها غوثُ مرتقبٍ / على يديك ويسر بعد إعسار
ومجمعٌ كنت فيه من ندًى وتقى / أحقُّ أن تتسمَّى بابن دينار
لا تبعدَنَّ فكم أبقيت منقبةً / كالغيث ولَّى وأبقى فضل آثار
إن ارْتحلت فبرٌّ جدّ مقترب / وإن ثويت فذكرٌ جدّ سيَّار
ما أغفل الناس عن هذا وأذهلهم / عن موردٍ ما له عهدٌ بإصدار
قبرٌ يُشاد وآجالٌ محكمةٌ / وا قلةَ الحول في حجرٍ وأحجار
وطالبٌ من غريم الموت يرصدنا / ونحنُ في همِّ إقلالٍ وإكثار
بين الفتى راتعٌ بالأمن إذ برزت / أهلةٌ بالمنايا ذات أظفار
كأنَّ كلّ هلال في مطالعه / قوسٌ يطالب أرواحاً بأوتار
أينَ الأولى أدركوا ما أدركوا وثوَوْا / رهائناً بين أجداثٍ وأطمار
أينَ العلاء الذي كانتْ مآثرهُ / بين الملائك تستملى بأسمار
أينَ الذي كنت آوي من عواطفه / إلى ظلالٍ من النعمى وأثمار
أصبحت أرتع من آثار نعمته / وأدمعي بين جنَّاتٍ وأنهار
يا ابن النبيّ عزاءً إن بدا كدرٌ / فإنها عادةٌ من هذه الدَّار
للماء والطِّين أصلُ المرء منتسبٌ / فكيف ننكر أن يرثى بأكدار
أقول هذا كأني عنه مصطبرٌ / والله يعلم ما في طيّ إضماري
يا سيدي لكَ نظمٌ في محاسنه
يا سيدي لكَ نظمٌ في محاسنه / لمحٌ من الزُّهر أو نفحٌ من الزَّهر
وصحبةٌ ما تأملنا فضائلها / إلاَّ روينا حديثَ الفضل عن عمر
من كلِّ بحرٍ قريضٍ أنت وارده / تجلو على الناس أنواعاً من الدُّرر
وكلُّ أفقٍ ودار أنتَ طالعه / تضيء ما شئت من شمسٍ ومن قمر
لكنَّني أشتكي حالاً يبيت بها / فكرِي على الهمِّ أو جفني على السهر
أخجلتني بقريضٍ كان غايته / إن أخبر الناس عن فقري وعن حصري
لا ثروة المال في كفّي قاضيةٌ / حقًّا ولا ثروة الأشعار في فكري
فاصْرفه عني على الأكفَّاء وابْق على / ما بيننا من صفاء الودّ واقْتصر
يا طرسُ قبّل ثرى الباب العليّ وقل
يا طرسُ قبّل ثرى الباب العليّ وقل / مولايَ لا زلت تولي الخيرَ مستورا
جاهاً ومالاً كما عوّدتَ من قدمٍ / إنسانَ من لم يكن من قبلُ مذكورا
جاءَ العيال وذات البين قالبة / بالبعد تجعل بيت القلب مكسورا
وكل من شئت أو من لم أشأ بعثت / لهم صِلاتكَ مخفياً ومشهورا
حتى الأجانب زادوا ضعف عائلتي / وربة البيت أضحت بينهم بورى
وكنت أرجو صواب القصد يحضرها / لا هم فباليَ قلب ليس مسرورا
وأخر البعد إنهاء الشكاة حياَ / وربما زاد سوءُ الحظّ تأخيرا
في دَعة الله سرْ وعدْ في
في دَعة الله سرْ وعدْ في / بشارة تجتلي بشاره
واحْيى كما شئت يا ابن يحيى / في رُتبِ البرّ والإشاره
مكان عبد الرَّحيم قدماً / لا ترتضي النعت بالوزاره
لي قصة والسؤال سكني / بيتٍ ويحتاج للعبارَه
سكنتُ داراً لصاحبٍ لي / وقصده يستعير داره
ذو حجرٍ نسبةً وغيظاً / أنا وقومي نخاف ناره
فيا لها في الصفات ناراً / وقودها الناس والحجارة
عود ببيتٍ على الأفلاك معمور
عود ببيتٍ على الأفلاك معمور / ملوك بيتٍ بنصرِ الله مغمور
ما بين منصور ملكٍ ثمَّ ناصره / وبين ناصر ملكٍ ثمَّ منصور
يسري من السعد حتَّى حلَّ أشرفه / وزالَ ما كانَ لا حلَّ ولا سير
تغنى عساكر مصر الشام طالعة / طلاَّبها بوجوهٍ كالدنانير
في ظلِّ ملكٍ تسرّ السيف نضرته / فهو الرشيد لديه سيف مسرور
بالرعب ينصر قبل السيف مطلعاً / فاعجب لذلك أيضاً سيف مقدور
لا زال ملك صلاح الدين مصرٌّ على / إرث من العمر ماشي العدل بالنور
خلفت بالقلب بيتاً منك معمورا
خلفت بالقلب بيتاً منك معمورا / لقد هجرت وقلبي ليس مهجورا
لا تجعلنْ بيتَ قلب المستهام ولا / بيتَ التغزُّل باللمياءِ مكسورا
ليجبر الحسن لي قلباً مضى عمرٌ / له بحسنِ ابن فضلِ الله معمورا
يا سيد البلغاء الأقدمين بلا / خُلفٍ وأبدع تحبيراً وتحريرا
دستور كتاب مولانا بمصر طوى / عني وأعمدهُ بالشامِ منشورا
فإن رسمت بمصر أو دمشق حمى / فأعطِ عبدَكَ في الحالين دستورا
سترت بالشامِ تقصيرِي وتسترهُ / بمصرَ لا زلتَ تولي الجود مستورا
إلى مقرّك تسري همَّة الساري
إلى مقرّك تسري همَّة الساري / معزَّزاً بين أوطانٍ وأوطار
نادت سعود الحمى العذري تنشدهُ / عزٌّ يدومُ لقصَّادي وزوَّاري
يا صاحب السيف والأقلام قد جمعت / لطاعة الملك جمعاً طاعة الباري
يا معمل الرأي مخدوماً بأربعة / يُمن ونصرٍ وإقبال ومختار
ليهنك الفضل في دنيا وآخرة / والذكر والأجر من جاريهما جارِي
فقلْ لمن دارَ أقطار البلاد على / دوائه من ضنى ذُلٍّ وإقتار
سر للأمير فما خابت خطى رجلٍ / على الدوا دار في باب الدوا داري
حجبت بالدَّمعِ أجفاني عن النظرِ
حجبت بالدَّمعِ أجفاني عن النظرِ / إلى سواكَ وقلبي الصبّ بالفكرِ
وزادَ دمعيَ عمَّا كنت أطلبه / فلا تسلْ ما جرَى منه على صبرِي
يا باسماً قلت للاَّحي أمبسمه / أبهى أم العقدُ قال الكلّ من دُرَرِ
سهرت في الوصلِ غنماً والجفا أسفاً / سبحان فاطر أجفاني على السهرِ
يا خير من تبسط المساعي
يا خير من تبسط المساعي / له ومن تعقد الخناصر
ويا أميراً على قديمٍ / سما وأربى على المعاصر
أوصل بخيرِ البدور مدحاً / يبقى إذا بادت العناصر
وحسبه أنه قريضٌ / أنتَ له قوة وناصر
يا أقرب الناس من مدحٍ ومن كرمٍ
يا أقرب الناس من مدحٍ ومن كرمٍ / وأبعدَ الناس من عابٍ ومن عار
أقسمتُ لولا أياديكَ التي اشْتهرتْ / ناداني الزمن المودي بأشعاري
دَعِ المكارم لا ترحل لبغيتها / واقعدْ فإنَّكَ أنتَ الجامع العاري
وأغيد كلَّما تجنى
وأغيد كلَّما تجنى / وَرَّثَ بين القلوب جمرا
يميل تيهاً كأنما قد / سقته تلك العيون خمرا
تالله لا فاتني لِقاه / وعين كيسي عليه حمرا
جلّ الإمام عن الأشعار يعرضها
جلّ الإمام عن الأشعار يعرضها / فكلنا بالدعا مشغول أفكار
وفضله يقتضينا أن نقول فما / نعني سواه إذا فهْنا بأشعار
ذو النفس تاقت لعليا دارها فجرت / ومن جنانِ غدٍ تاقت إلى دار
واهْنأ بعيدك في نعماء معرفة / عن حزم أمر يليه رفع مقدار
ودُمْ غياث الورى يا غيث رائدهم / ونصر محوجهم يا نجل أنصار
إن ينج من نار بؤس من لحظت ففي / ولاء مثلك ما يُنجي من النار
ثوبٌ من الحب أودى بي مشهره
ثوبٌ من الحب أودى بي مشهره / فالجسم أصفره والدَّمع أحمره
يا من يغيِّر جسم الصبّ من سقم / كن كيف شئت فهذا لا يغيّره
طوى هواكَ بقلبٍ تلك عادته / وإنما علميّ المدح ينشره
من لا خلا من نداه البيت نسكنه / ولا خلا من ثناه البيت نشعره
يا صاحباً لم يُضع قصد الوفود له / وضاعَ نشر الغوالي حين نذكره
تهنَّ بالعيد إما المرتجى نبدي / أو الحسود بأنكاد تفطره
وأمر بنشرِ سماطٍ منك يجبرنا / ونحنُ في رسمنا بالأكل نجبره
صبّ تغنى وجنح الليل معتكر
صبّ تغنى وجنح الليل معتكر / فضاء قبل ضياء الصبح ينتشر
يا ساكن البيت من شعري وقلبي إذ / هذا صحيح وهذا منه منكسر
إن كان إفراطُ حبي فيك أصبح لي / ذنباً فأهلاً بذنب ليس يغتفر
يا من أهنيه بالأعيادِ مقبلة / فطراً ونحراً وقلبي فيه منفطر
وغاب ذهنيَ في الأضحى فها أنا ذا / كأنني التيسُ من شكواه منتحر
هذا وقلبي كشعري أنت ساكنه / والبيت بيتك والمعروف ينتظر
يبكي اشتياقاً إليكم صائغٌ مدَحاً / فالدّرّ منتظمٌ منه ومنتثر