القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي محمود طه الكل
المجموع : 6
يا قاهرَ الموتِ كم للنفسِ أسرارُ
يا قاهرَ الموتِ كم للنفسِ أسرارُ / ذلَّ الحديدُ لها واستخْذت النَّارُ
وأشفَقَ البحرُ منها وهو طاغيةٌ / عاتٍ على ضرباتِ الصَّخرِ جَبَّارُ
حواكَ أُحدوثةً مُثْلى وتضحيةً / لم تحوِها سِيرٌ أو تروِ أخبارُ
رماكَ في جَنَباتِ اليمِّ محترِبٌ / خافي المقاتل عند الرَّوعِ فرَّارُ
ترصَّدتكَ مراميهِ ولو وقَعَتْ / عليهِ عيناكَ لم تُنقذهُ أقدارُ
يَدِبُّ في مسبحِ الحيتانِ منسرباً / والغورُ داجٍ وصدرُ البحرِ موَّارُ
كدودةِ الأرضِ نورُ الشمس يقتلها / وكم بها قُتِلتْ في الروضِ أزهارُ
هوى بكَ الفُلْكُ إلَّا هامةً رُفِعتْ / لها من المجدِ إعظامٌ وإكبارُ
واستقبلَ البحرُ صدراً حين لامسَهُ / كادتْ عليهِ جبالُ الموجِ تنهارُ
وغابَ كلُّ مشيدٍ غيرَ قُبَّعةٍ / ذكرى من الشَّرفِ العالي وتذكارُ
ألقيتَها فتلقَّى الموجُ مَعْقَدها / كما تلَقَّى جبينَ الفاتحِ الغَارُ
ولو يُرَدّ زمانُ المعجزاتِ بها / لانشقَّ بحرٌ لها وارتدَّ تيَّارُ
كأنَّها خطبةٌ راعَتْ مقاطعُها / لها العوالمُ سُمَّاعٌ ونُظَّارُ
تقولُ لا كانَ لي ربٌّ ولا هتفتْ / بذكرِه الحربُ إنْ لم يُؤخذِ الثارُ
يا ابنَ البحار وليداً في مسابحها / ويافعاً يؤثرُ الجُلَّى ويختارُ
ما عالمُ الماءِ يا رُبَّان صفهُ لنا / فما تحيطُ به في الوهم أفكارُ
وما حياةُ الفتى فيه أتسليةٌ / وراحةٌ أم فُجاءاتٌ وأخطارُ
إذا السفينةُ في أمواجهِ رَقصَتْ / على أهازيجَ غنَّاهنَّ إعصارُ
وأشجتِ السُّحْبَ موسيقاهُ فاعتنقتْ / وأُسدِلتْ من خدور الشُّهبِ أستارُ
وأنتَ ترنو وراءَ الأُفق مبتسماً / كما رَنا نازحٌ لاحتْ لهُ الدارُ
غرقانَ في حُلمٍ عَذْبٍ تُسلسلهُ / من ذروةِ الليل أنواءٌ وأمطارُ
يا عاشِقَ البحر حَدِّثْ عن مفاتنِه / كم في لياليهِ للعشَّاقِ أسمارُ
ما ليلةُ الصيف فيه ما روايتُها / فالصيفُ خمرٌ وألحانٌ وأشعارُ
إذا النسائمُ من آفاقه انحدرتْ / وضوَّأتْ من كُوَى الظلماءِ أنوارُ
وأقبلتْ عارياتٍ من غلائلها / عرائسٌ من بناتِ الجنِّ أبكارُ
شُغلُ الربابنةِ السارينَ من قدَمٍ / تُجلى بهنَّ عشِيَّاتٌ وأسحارُ
يُترِعْنَ كأسَك من خمرٍ مُعَتَّقَةٍ / البحرُ كهفٌ لها والدهرُ خمَّارُ
وأنت عنهنَّ مشغولٌ بجاريةٍ / كأنَّ أجراسَها في الأُذن قِيثارُ
صوتُ الحبيبةِ قد فاضتْ خوالجُها / ورنَّحتْها من الأشواق أسفارُ
وألهفَ قلبكَ لما اندكَّ شامخُها / والنوءُ مصطرعٌ والموجُ هدّارُ
بوغِتَّ بالقدَرِ المكتوب فانسرَحَت / عيناكَ تقرأ والأمواجُ أسطارُ
نزلتما البحرَ قبراً حين ضمَّكما / رفّتْ عليه من المرجان أشجارُ
نام الحبيبانِ في مثواهُ واتّسَدا / جنباً لجنبٍ فلا ذلٌّ ولا عارُ
مصارعٌ للفدائيين يعشقها / مستقتلونَ وراءَ البحر أحرارُ
مَنيَّةٌ كحياةٍ كلما ذُكِرَتْ / تجدّدَتْ لك في الأجيالِ أعمارُ
هيَ الفخارُ لشعبٍ من خلائقهِ / خَلْقُ الرجالِ إذا هاجَتهُ أخطارُ
له البحارُ بما اجتازتْ شواطئها / وما أجنّته خلجانٌ وأغوارُ
رواقُ مجدٍ على جدرانهِ رُفِعَتْ / للخالدين أماثيلٌ وآثارُ
دخلتَ من بابهِ واجتزتَ ساحتَه / وسِرتَ فيهِ على آثارِ من ساروا
يتيهُ باسمكَ في أقداسهِ نُصُبٌ / رخامهُ الدهرُ والتاريخُ حَفّارُ
ماذا قدومهُما والغيثُ مِدرارُ
ماذا قدومهُما والغيثُ مِدرارُ / لا صاحبُ الدَّارِ طلاَّعٌ ولا الدارُ
هذي البحيرةُ وسْنى حُلمُ ليلتها / لمّا تُفِقْ منه شطآنٌ وأغوارُ
والأرضُ تحت سحابِ الماءِ أخيلةٌ / مما يُصوِّرهُ عُشبٌ ونُوّارُ
والصبحُ في مهده الشرقيِّ ما رُفِعتْ / عن ورْدِه من نسيج الغيم أستارُ
حتّى الجبالُ فما لاحتْ لها قممٌ / ولا شدا لرُعاة الضأن مزمارُ
فمن هما القادمانِ الريحُ صاغيةٌ / لوقع خطوهما والأرضُ أبصارُ
أعاد من زمَنِ الأشباح سامرُهُ / فالليلُ والغاب أشباحٌ وأسمارُ
أم البحيرةُ جِنّياتُها طلعتْ / فهبَّ موجٌ يناديها وتيَّارُ
أم راصدا كوكبٍ ضلاَّ سبيلهما / لما خَبَتْ من نجوم الليل أنوارُ
أم صاحبا سفَرٍ مال الضَّنَى بهما / حوَتهما جنّةٌ للفنِّ معطارُ
أم عاشقان تُرى أم زائران هما / وهل مع الفجر عشَّاقٌ وزوَّارُ
ما ذلك الصوتُ شاجي اللحن سحَّارُ
ما ذلك الصوتُ شاجي اللحن سحَّارُ / يُجرِيهِ نبعٌ من الإِلهام زَخَّارُ
فيه تنفَّسُ فوق السحب آلهةٌ / وآدميون فوق الأرض ثُوَّارُ
وفيهِ تهْمسُ أرواحٌ وأفئدةٌ / منهن عانٍ ورَحمنٌ وجبَّارُ
له مذاقٌ له لونٌ له أَرجٌ / خمْرٌ أباريقُها شتّى وأثمارُ
أشتفُّهُ وأنادي كلَّ ناحيةٍ / مَنِ المُغَنِّي وراءَ الغاب يا دارُ
السمفونيةُ هذي أم صدى حُلُمٍ / كما تَجاوبُ خلف الليل أطيارُ
أعاد لِلمِعْزَفِ المهجور صاحبُهُ / فعربدتْ في يديه منه أوتارُ
أظلُّ أُصغِي وما من شُرْفةٍ فُتِحت / ولا أراح رِتاجَ الباب ديَّارُ
حتى الحديقةُ لَفَّتْ كوخَ حارسها / بِصمتها فهما نَبْتٌ وأحجارُ
تواضعتْ بجلال الفنِّ ما ارتفعتْ / مثلَ البروج لها في الجوِّ أسوارُ
تُصْغِي إلى همسات الريح شيِّقةً / كأنما همسات الريح أخبارُ
قد باح بالنّغَمِ الموعودِ قيثارُ
قد باح بالنّغَمِ الموعودِ قيثارُ / فالفجرُ أحلامُ عُشّاقٍ وأسرارُ
صحا يُفَضِّلُ رؤياهُ ويَعْبرها / موجٌ على الشاطئِ الصخريِّ ثرثارُ
وزحزحتْ ورَقَ الصفصاف حانيةً / على البحيرة أعشابٌ وأزهارُ
تُسائلُ الماءَ هل غنَّتهُ أو عَبرتْ / شهبٌ به مستحماتٌ وأقمارُ
يا صاحبَ اللحن إنَّ الغابَ مُصغِيةٌ / فأين من سجْفرِيدَ السيفُ والغارُ
ما زال فوق نديِّ العشب مضجعُهُ / ومن يديهِ على الأغصانِ آثارُ
هذا النشيدُ نشيدُ الحبِّ تعزِفُهُ / له عرائسُ مِثلُ الورد أبكارُ
بعثتهنَّ من الأنغام أجنحةً / هزيزهنّ مع الأفلاكِ دوَّارُ
في صدر قيثارةٍ أودعتَهُ نغَماً / مِزاجُهُ الماءُ والإعصارُ والنارُ
تُفْضِي بما شئتَ من أسرار عالمها / فيهِ ليالٍ وأيامٌ وأقدارُ
حتى الطبيعةُ من ناسٍ وآلهةٍ / تمازجتْ فهيَ أَلحانٌ وأشعارُ
هنَّأتُ باسمكِ تحت الشمس أحرارا
هنَّأتُ باسمكِ تحت الشمس أحرارا / يَنْدَى هواك على هاماتهم غارا
دمَشْقُ يا بلدَ الأحرارِ أيُّ فتىً / لم يَمْتشقْ فيك سيفاً أو يخُضْ نارا
ذوداً عن الوطن المعبود من دمه / للمجد يبنيه آطاما وأسوارا
زَكتْ أُميَّةُ في أعراقه وجرتْ / دماً يُروِّي الثرى أو يغسلُ العارا
عيدُ الجلاءِ أُسمِّيهِ وأعرفه / يومٌ تَباركَ أنداءً وأسحارا
جلا عن الشرق ليلَ البغي حين جلا / عروبةً فيكِ تلقى الأهل والدارا
لولا مصابٌ دهى الوادي فشبَّ به / ناراً وهاج النسيم العذب إعصارا
وروَّعَ الأمة الغلباءَ في رَجُلٍ / شدَّتهُ قوساً وسلَّتْ منه بتَّارا
من النوابغ أعماراً إِذا قصرتْ / مُدَّ النبوغُ لهم في الخلدِ أعمارا
أحرارُ مملكة في الرأي ما أثموا / سمَّاهمو الغاصبُ الظَّلَّام ثُوّارا
ثاروا على القيد حتى انحلَّ واقتحموا / على الطواغيتِ حِصنَ الظلم فانهارا
لولاهُ كان إِليك البرقُ راحلتي / أطوي به الجو آفاقاً وأقطارا
وجئتُ فيحاءُ أُزجي الشعرَ مُفتقِداً / تحت الصفائح مقداماً ومغوارا
والمفتدون شُراةُ الخلد قل لهم / ما ينظم المدح ألحاناً وأشعارا
عكّاءُ في الساحلِ الشرقيّ شامخةٌ
عكّاءُ في الساحلِ الشرقيّ شامخةٌ / تطاولُ النجمَ أبراجاً وأسوارا
كم غرّرت بالغزاة الصيد والتفتَت / إلى جحافلهم هزوا وإصغارا
وخلّفَت نارها أقوى سفائِنِهِم / يلهو بها الموجُ أنقاضا وأطمارا
مشى لها من ضفافِ السين مقتتل / دانوا به قيصرا في الحرب جبّارا
تساءل العرب من هذا وأيّ فتىً / يلقى الكماة شديدَ البأس قهّارا
وما سفائنُه في البحر منشَئَةً / رُعنَ الحديد وهجنَ النار إعصارا
كأنّ قرطاجةً ثارت ملاحِمُها / تنازعُ الغربَ أقواما وأمصارا
ذاك الذي راع ذئب البحر مخلبُه / وقلّمَ الدبّ أنيابا وأظفارا
تعوّدَ الحرب إقبالاً فما برَحَت / تغريه بالشرق حتى ارتدّ إدبارا
ألقتهُ عكّاء عن أبوابها ورمَت / به شراعا على الدأماء منهارا
حتى أتاها فتىً من مصر تعرفهُ / في الروعِ مقتحما في النقع كرّارا
أباح سدّتها واجتاحَ ساحتَها / فسلّمت كفّهُ الزيتونَ والغارا
وقبّلت في لواءٍ تحت إمرَتهِ / من فتيةِ النيلِ مقداماً ومغوارا
سمرٌ لهم بالشموس الغرّ واشجةٌ / تضيءُ أنسابهم شهباً وأقمارا
من كلّ رامٍ كما تنقضّ صاعقةٌ / يرمي العداة حديد الظفر عقّارا
وكلّ ليثٍ غضوبٍ مثل عاصفة / منه يطيرون ألباباً وأبصارا
لم يتركوا في مجال النصر متسعاً / للاحقٍ أو لباغي السبقِ مِضمارا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025