المجموع : 3
لَو جِئتَ نارَ الهُدى مِن جانِبِ الطُورِ
لَو جِئتَ نارَ الهُدى مِن جانِبِ الطُورِ / قَبَستَ ما شِئتَ مِن عِلمٍ وَمِن نُورِ
مِن كُلِّ زَهراءَ لَم تُرفَع ذُؤابَتُها / لَيلاً لِسارٍ وَلَم تُشبَب لِمَقرورِ
فَيضِيَّةُ القَدحِ مِن نورِ النُبُوَّةِ أَو / نورِ الهِدايَةِ تَجلو ظُلمَةَ الزورِ
ما زالَ يُقضِمُها التَقوى بِمَوقِدِها / صَوّامُ هاجِرَةٍ قَوّامُ دَيجورِ
حَتّى أَضاءَت مِنَ الإيمانِ عَن قَبَسٍ / قَد كانَ تَحتَ رَمادِ الكُفرِ مَكفورِ
نورٌ طَوى اللَهُ زَندَ الكَونِ مِنهُ على / سِقطٍ إِلى زَمَنِ المَهدِيِّ مَذخورِ
وَآيَةٌ كَإِياةِ الشَمسِ بَينَ يَدَي / غَزوٍ عَلى المَلِكِ القَيسِيِّ مَنذورِ
يا دارُ دارَ أَميرِ المُؤمِنينَ بِسَف / حِ الطَودِ طَودِ الهُدى بورِكتِ في الدُورِ
ذاتَ العمادينِ مِن عِزٍّ وَمَملَكَةٍ / عَلى الأَساسينَ مِن قُدسٍ وَتَطهيرِ
ما كانَ بانيكِ بِالواني الكَرامَةِ عَن / قَصرٍ عَلى مَجمَعِ البَحرَينِ مَقصُورِ
مَواطِئ مِن نَبِيٍّ طالَ ما وُصِلَت / فيها الخُطى بَينَ تَسبيحٍ وَتَكبيرِ
حَيثُ اِستَقَلَّت بِهِ نَعلاهُ بورِكَتا / فَطَيَّبَت كُلَّ مَوطوءٍ وَمَعبورِ
وَحَيثُ قامَت قَناةُ الدينِ تَرفُلُ في / لِواءِ نَصرٍ عَلى البَرَّينِ مَنشورِ
في كَفِّ مُنشَمِرِ البُردَينِ ذي وَرَعٍ / عَلى التُقى وَصَفاءِ النَفسِ مَفطورِ
يَلقاكَ في حالِ غَيبٍ مِن سَريرَتِهِ / بِعالَمِ القُدسِ مَشهورٍ وَمَحضورِ
تَسَنَّمَ الفُلكَ مِن شِطِّ المَجازِ وَقَد / نُودينَ يا خَيرَ أَفلاكِ العُلا سيري
فَسِرنَ يَحمِلنَ أَمرَ اللَهِ مِن مَلِكٍ / بِاللَهِ مُستَنصِرٍ في اللَهِ مَنصُورِ
يُومي لَهُ بِسُجودٍ كُلُّ مَحرَكَةٍ / مِنها وَيوليهِ حَمداً كُلُّ تَصديرِ
لَما تَسابَقنَ في بَحرِ الزُقاقِ بِهِ / تَرَكنَ شَطَّيهِ في شَكٍّ وَتَحييرِ
أَهزَّ مِن مَوجِهِ أَثناءَ مَسرورِ / أَم خاضَ مِن لُجِّهِ أَحشاءَ مَذعورِ
كَأَنَّهُ سالِكٌ مِنهُ عَلى وَشَلٍ / في الأَرضِ مِن مُهَجِ الأَسيافِ مَقطورِ
مِنَ السُيوفِ الَّتي ذابَت لِسَطوَتِهِ / وَقَد رَمى نارَ هَيجاها بِتَسعيرِ
ذو المُنشَآتِ الجَواري في أَجِرَّتِها / شَكلُ الغَدائِرِ في سَدلٍ وَتَضفيرِ
أَغرى المِياهَ وَأَنفاسَ الرِياحِ بِها / ما في سَجاياهُ مِن لينٍ وَتَعطيرِ
مِن كُلِّ عَذراءَ حُبلى في تَرائِبِها / رَدعان مِن عَنبَرٍ وَردٍ وَكافورِ
تَخالُها بَينَ أَيدٍ مِن مَجاذِفِها / يَغرَقنَ في مِثلِ ماءِ الوَردِ مِن جُورِ
وَرُبَّما خاضَتِ التَيّارَ طائِرَةً / بِمِثلِ أَجنِحَةِ الفُتخِ الكَواسيرِ
كَأَنَّما عَبَرَت تَختالُ عائِمَةً / في زاخِرٍ مِن نَدى يُمناهُ مَعصورِ
حَتّى رَمَت جَبَلَ الفَتحَينِ مِن كَثَبٍ / بِساطِعٍ مِن سَناهُ غَيرَ مَبهورِ
لِلَّهِ ما جَبَلُ الفَتحَينِ مِن جَبَل / مُعَظَّمِ القَدرِ في الأَجبالِ مَذكورِ
مِن شامِخِ الأَنفِ سَحنائِهِ طَلَسٌ / لَهُ مِنَ الغَيمِ جَيبٌ غَيرُ مَزرورِ
مُعَبِّراً بِذَراهُ عَن ذَرى مَلِكٍ / مُستَمطَرِ الكَفِّ وَالأَكنافِ مَمطورِ
تُمسي النُجومُ عَلى إِكليلِ مَفرِقِهِ / في الجَوِّ حائِمَةً مِثلَ الدَنانيرِ
وَرُبَّما مَسَحَتهُ مِن ذَوائِبِها / بِكُلِّ فَضلٍ عَلى فَودَيهِ مَجرورِ
وَأَدرَدٍ مِن ثَناياهُ بِما أَخَذَت / مِنهُ مَعاجِمُ أَعوادِ الدَهاريرِ
مُحَنَّكٌ حَلَبَ الأَيّامَ أَشطُرَها / وَساقَها سَوقَ حادي العِيرِ لِلعيرِ
مُقَيَّدُ الخَطوِ جَوّالُ الخَواطِرِ في / عَجيبِ أَمرَيهِ مِن ماضٍ وَمَنظورِ
قَد واصَلَ الصَمتَ وَالإِطراقَ مُفتَكِراً / بادي السَكينَةِ مُغفَرِّ الأَساريرِ
كَأَنَّهُ مُكمَدٌ مِمّا تَعَبَّدَهُ / خَوفُ الوَعيدَينِ مِن دَكّ وَتَسييرِ
أَخلِق بِهِ وَجِبالُ الأَرضِ راجِفَةٌ / أَن يَطمَئِنَّ غَداً مِن كُلِّ مَحذورِ
كَفاهُ فَضلاً أَنِ اِنتابَت مَواطِئَهُ / نَعلا مَليكٍ كَريمِ السَعيِ مَشكورِ
مُستَنشِئاً بِهِما ريحَ الشَفاعَةِ مِن / ثَرى إِمامٍ بِأَقصى الغَربِ مَقبورِ
ما اِنفَكَّ آمِلَ أَمرٍ مِنهُ بَينَ يَدَي / يَومِ القِيامَةِ مَحتومٍ وَمَقدورِ
حَتّى تَصَدّى مِنَ الدُنيا عَلى رَمَقٍ / يَستَنجِزُ الوَعدَ قَبلَ النَفخِ في الصورِ
مُستَقبِلَ الجانِبِ الغَربِيِّ مُرتَقِباً / كَأَنَّهُ بائِتٌ في جَوِّ أَسميرِ
لِبارِقٍ مِن حُسامٍ سَلَّهُ قَدَرُ / بِالغَربِ مِن أُفُقِ البِيضِ المَشاهيرِ
إِذا تَأَلَّقَ قَيسِيّاً أَهابَ بِهِ / إِلى شَفا مِن مُضاعِ الدينِ مَوتورِ
مَلكٌ أَتى عِظَماً فَوقَ الزَمانِ فَما / يَمُرُّ فيهِ بِشَيءٍ غَيرِ مَحقورِ
ما عَنَّ في الدينِ وَالدُنيا لَهُ أَرَبٌ / إِلا تَأَتّى لَهُ مِن غَيرِ تَعذيرِ
وَلا رَمى مِن أمانِيهِ إِلى غَرَضٍ / إِلا هَدى سَهمَهُ نُجحُ المَقاديرِ
حَتّى كَأَنَّ لَهُ في كُلِّ آوِنَةٍ / سُلطانَ رِقٍّ عَلى الدُنيا وَتَسخيرِ
مُمَيَّزُ الجَيشِ مُلتَفّاً مَواكِبُهُ / مِن كُلِّ مَثلولِ عَرشِ المُلكِ مَقهورِ
مِنَ الأُلى خَضَعوا قَسراً لَهُ وَعَنَوا / لِأَمرِهِ بَينَ مَنهِيٍّ وَمَأمورِ
مِن بَعدِ ما عانَدوا أَمراً فَما تَرَكوا / إِذ أَمكَنَ العَفوُ مَيسوراً لِمَعسورِ
بَقِيَّةُ الحَربِ فاتوها وَما بِهِمُ / في الضَربِ وَالطَعنِ سيماءٌ لِتَقصيرِ
لا يُنكِرُ القَومُ مِمّا في أَكُفِّهِمُ / بيضٍ مَفاليلَ أَو سُمرٍ مَكاسيرِ
إِذا صَدَعتَ بِأَمرِ اللَهِ مُجتَهِداً / ضَرَبتَ وَحدَك أَعناقَ الجَماهيرِ
لا يَذهَلَنَّ لِتَقليلٍ أَخو سَبَبٍ / مِنَ الأُمورِ وَلا يَركَن لِتَكثيرِ
فَالبَحرُ قَد عادَ مِن ضَربِ العَصا يَبَساً / وَالأَرضُ قَد غَرِقَت مِن فَورِ تَنّورِ
وَإِنَّما هُوَ سَيفُ اللَهِ قَلَّدَهُ / أَقوى الهُداةِ يَداً في دَفعِ مَحذورِ
فَإِن يَكُن بِيَدِ المَهدِيِّ قائِمُهُ / فَمَوضِعُ الحَدِّ مِنهُ جَدُّ مَشهورِ
وَالشَمسُ إِن ذَكَرَت موسى فَما نَسِيَت / فَتاهُ يُوشَعَ قَمّاعَ الجَبابيرِ
وَأَرضُ شِلبٍ وَما شِلبٌ وَإِن وَلَدَت
وَأَرضُ شِلبٍ وَما شِلبٌ وَإِن وَلَدَت / غِمارَ ناسٍ فَناسٌ غَيرُ أَغمارِ
عُرفُ التَحاوُرِ مِن تِلقاءِ أَلسُنِهِم / كَأَنَّما نَشَأوا في غَيرِ أَمصارِ
يُلقُونَ بِالقَولِ مَوزُوناً وَما قَصَدوا / كَأَنَّ ذلِكَ مِنهُم عَقدُ إِضمارِ
إيهٍ وَهَل مَعَ إيهٍ يا أَبا عُمَرٍ / مِن تُحفَةٍ غَيرِ إِعظامٍ وَإِكبارِ
وَغَيرِ عَقدِ صَفاءٍ قَد قَسَمتُ لَكُم / مَعينَهُ بَينَ إِعلانٍ وَإِسرارِ
عَجِبتُ مِن مَعشَرٍ تُمطي مَآثِرَهُم / مِنَ الثَناءِ عَلَيها ظَهرَ طَيّارِ
ما بالُهُم رَقَدوا في لِينِ عَيشِهِمُ / عَن جارِهِم وَهوَ مَحبوسٌ بِإِقتارِ
ما كانَ أَقدَرَهُم أَن يَأخُذوا لَكُمُ / عَلى البَديهِ مِنَ الأَيّامِ بِالثارِ
وَالحُرُّ أَكثَرُ ما يُزري بِحاجَتِهِ / تَوَسُّطٌ مِن خَبيثِ النَفسِ خَوّارِ
صَونُ الفَتى وَجهَهُ أَبقى لِهِمَّتِهِ / وَالرِزقُ جارٍ عَلى حَدٍّ وَمِقدارِ
قَنِعتُ وَاِمتَدَّ مالي فَالسَماءُ يَدِي / وَنَجمُها دِرهَمي وَالشَمسُ ديناري
هذي مَساعي اِبنِ حَربون وَكَيفَ بِها
هذي مَساعي اِبنِ حَربون وَكَيفَ بِها / فَبارِها شَرَفاً يا نَجمُ أَو سارِ
فَهَل نَسائمُ مِسكٍ تَنثُرونَ مَعي / أَم تَقطِفونَ مَعي أَكمامَ أَزهارِ
حَتّى لَقَد خِلتَني شَعشَعتُ بَينَهُم / خَمراً فَمِن بَينِ مَخمورٍ وَخَمّارِ