المجموع : 3
لا عِزَّ إِلّا بِحَدِّ الصارِمِ الذَكَرِ
لا عِزَّ إِلّا بِحَدِّ الصارِمِ الذَكَرِ / وَضَربِكَ الصّيدَ بَينَ الهامِ وَالقَصَرِ
وَقَودِكَ الخَيلَ تَمضي في أَعِنَّتِها / يُعاجِلُ العَزم أُولاها عَن الخَبَرِ
وَبِالطّوالِ الرُدَينِيّاتِ تُدرك ما / فَوقَ المُنى لا بِطولِ الذَيلِ وَالشَعَرِ
يا طالِبَ المَجدِ لا ينفَكُّ مُجتَهِداً / هَوِّن عَلَيكَ فَكَم وِردٍ وَلا صَدَرِ
فَكَم شَأى شاءٍ العَليا فَأَحرَزَها / أَبو سِنانٍ جَميلُ الذِكرَ وَالسّيرِ
السالِبُ الملِكَ الجَبّارَ مُهجَتَهُ / وَالطاعِنُ الخَيلَ في اللَبّاتِ وَالثَغَرِ
وَالمُمطِرُ الجودَ مِن أَثناءِ راحَتِهِ / فَيضاً إِذا ضَنَّتِ الأَنواءُ بِالمَطَرِ
وَالعابِدُ الزاهِدُ الصَوّامُ إِن حَمِيَت / هَواجِرُ الصَيفِ وَالقَوّامُ بِالسَحَرِ
وَالمُظهِرُ الحَقَّ لا يَبغي بِهِ عِوَضاً / إِذ كانَ طالِبُهُ يَغدو علَى خَطَرِ
وَالطاهِرُ العِرض مِن عَيبٍ وَمِن دَنَسٍ / وَالسالِمُ العُودَ مِن وَصمٍ وَمِن خَوَرِ
ذِكرُ المَظالِمِ وَالآثامِ إِن ذُكِرَت / لَدَيهِ وَالبُخلُ ذَنبٌ غَيرُ مُغتَفَرِ
يا طالِبَ الرَزقِ في حِلٍّ وَمُرتَحَلٍ / يَمِّمهُ تَرضَ عَنِ الأَيّامِ وَالقَدَرِ
بَعيدُهُ لِذَوي الآمالِ مُتَّدَعٌ / كَجَنَّةِ الخُلدِ لا تَخلو مِنَ الثَمَرِ
فَكُلُّ حَيٍّ مِنَ الأَحياءِ يَعرِفُهُ / يدعوهُ بِالمَلِكِ الوَهّابِ لِلبِدَرِ
وَيا مَضيماً أَمضَّ الضَيمُ مُهجَتَهُ / اِنزِل بِساحَتِهِ تَنزِل عَلى الظَفَرِ
وَاِصفَع بِنَعلِكَ رَأسَ الدَهرِ واِسطُ عَلى / أَحداثِهِ سَطوَ ضِرغامٍ عَلى حُمُرِ
وَلا تَخَف عِندَها مِن بَأسِ صَولَتِهِ / فَلَيسَ يَملِكُ مِن نَفعٍ وَلا ضَرَرِ
فَكَم أَجارَ عَلى الأَيّامِ ذا مَضَضٍ / يَبيتُ يَلصِقُ مِنهُ الصَدرَ بِالعَفَرِ
وَكَم أَغاثَ اِمرءاً أَضحى وَمُنيتُهُ / مَوتٌ يُؤَدّي إِلى الفِردَوسِ أَو سَقَرِ
وَكَم مَشى الخَيزَلى في ظِلِّ دَولَتِهِ / مَن كانَ يَنسابُ كَالعِلّوصِ في الخُمُرِ
يا اِبنَ الأُلى شَيَّدُوا بُنيانَ مَجدِهِمُ / بِالجُودِ وَالبَأسِ لا الآجُرِّ وَالمَدَرِ
نَماكَ لِلمجدِ آباءٌ أَقَرَّ لَهُم / بِالفَضلِ مَن كانَ ذا سَمعٍ وَذا بَصَرِ
قَومٌ إِذا كانَتِ الأَنباءُ أَو كُتِبَت / صَحائِفُ المَجدِ كانُوا أَوَّلَ السَطَرِ
وَإِن هُمُ كَتَبوا مَجداً بِسُمرِهِمُ / فَخَطُّهُم بِمدَادٍ مِن دَمٍ هَدَرِ
وَالشارِبونَ جِمامَ الماءِ صَافِيَةً / وَيَشرَبُ الناسُ مِن طينٍ وَمِن كَدَرِ
وَالمُوقِدونَ إِذا هَبَّت شَآمِيَةٌ / نارَ الوَغى تَحتَ هامي القَطرِ بِالقِطرِ
أُعيذُ مَجدَكَ مِن عَينِ الجمالِ فَقَد / أَراهُ في التِمِّ يَحكي هالَةَ القَمَرِ
جَمَعتَ شَملَ المَعالي بَعدَ تَفرِقَةٍ / وَصُنتَ وَجهَ العُلا مِن ذَلِكَ القَتَرِ
أَطفَأتَ ناراً يُغَشّي الأَرضَ لاهِبُها / لَولاكَ لَم تُبقِ مِن شَيءٍ وَلَم تَذَرِ
فَأَصبَحَت كُلُّ أَرضٍ خافَ ساكِنُها / تَقولُ دَعني وَسِر قَصداً إِلى هَجَرِ
وَاِجعَلَ بِها دارَ سَكنٍ تَستَقِرُّ بِها / عَمّا يُريبُكَ مِن خَوفٍ وَمِن ذُعرِ
مَتى تَحُلَّ بِها تَحلُل لَدى مَلِكٍ / بِالزُهدِ مُشتَمِلٍ بِالعَدلِ مُتَّزِرِ
تَنامُ أَمناً رعاياهُ وَمُقلَتُهُ / وَقَلبُهُ أَبَداً في غايَةِ السَهَرِ
يَرى البَلِيَّةَ أَن تَغدو رَعِيَّتُهُ / وَأَن تَروحَ بِناديهِ عَلى حَذَرِ
لا يَرهَبُ الريمَ مَن أَمسى بِعقوَتِهِ / وَلا يَمُنُّ عَلَيهِ سابِحُ البَقَرِ
وَلا يُرَوَّعُ ذَو وَفرٍ يُجاوِرُهُ / بِنَكبَةٍ مِن مُقيمٍ أَو أَخي سَفَرِ
لَكِن يَروعُ العِدا مِنهُ بِذي لَجَبٍ / كَاللَيلِ تَلمَعُ فيهِ البيضُ بِالغَدَرِ
الطَعنُ مِنهُ كَأَفواهِ المَزادِ إِذا / غُصَّت وَطَعنُ العِدى كَالوَخزِ بِالإِبَرِ
يا أَيُّها الملكُ النَدبُ الَّذي عُرِفَت / لَهُ المَناقِبُ في بَدوٍ وَفي حَضَرِ
يا زينَةَ المُلكِ يا تاجَ المُلوكِ وَيا / فَخرَ المَمالِكِ بَل يا غُرَّةَ الغُرَرِ
أَنتَ الصَؤولُ بَلا خَيلٍ وَلا دَهَشٍ / أَنتَ القَؤُولُ بِلا عِيٍّ وَلا حَصَرِ
أَنتَ الوَلِيُّ بِلا خَوفٍ وَلا رَهَبٍ / أَنتَ السَخِيُّ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرِ
بِاللَهِ أُقسِمُ لا مُستَثنِياً أَبَداً / لَولاكَ لَم يبقَ لِلعَلياءِ مِن وَزَرِ
وَلا خَلَت باحَةُ البَحرَينِ مِنكَ وَلا / زالَت عِداتُكَ طُولَ الدَهرِ في قِصَرِ
وَعِشتَ في عِزَّةٍ قَعساءَ نائِيَةٍ / مِنَ الحَوادِثِ وَالآفاتِ وَالغيرِ
ماذا بِنا في طِلابِ العِزِّ نَنتَظِرُ
ماذا بِنا في طِلابِ العِزِّ نَنتَظِرُ / بِأَيِّ عُذرٍ إِلى العَلياءِ نَعتَذِرُ
لا الزَندُ كابٍ وَلا الآباءُ مُقرِفَةٌ / وَلا بِباعِكَ عَن باعِ العُلى قِصَرُ
لا عَزَّ قَومُكَ كَم هَذا الخُمولُ وَكَم / تَرعى المُنى حَيثُ لا ماءٌ وَلا شَجَرُ
فَاِطلُب لِنَفسِكَ عَن دارِ القِلى بَدَلاً / إِن جَنَّة الخُلدِ فاتَت لَم تَفُت سَقَرُ
أَما عَلِمتَ بِأَنَّ العَجزَ مَجلَبَةٌ / لِلذُّلِّ وَالقُلِّ ما لَم يَغلِب القَدَرُ
وَلَيسَ تَدفَعُ عَن حَيٍّ مَنِيَّتهُ / إِذا أَتَت عُوَذُ الراقي وَلا النُشرُ
وَلا يجتلي الهُمومَ الطارِقاتِ سِوى / نَصُّ النَجائِب وَالرَوحاتُ وَالبُكَرُ
وَالذِكرُ يُحييهِ إِمّا وابِلٌ غَدِقٌ / مِنَ النَوالِ وَإِمّا صارِمٌ ذَكَرُ
واحَسرَتا لِتَقَضّي العُمرِ في نَفَرٍ / هُمُ الشَياطينُ لَولا النُطقُ وَالصُوَرُ
لا يَرفَعونَ إِذا عَزّوا بِمَكرُمَةٍ / رَأساً وَلا يحسِنونَ العَفوَ إِن قَدِرُوا
يَوَدُّ جارُهُمُ الأَدنى بِأَنَّهُمُ / أَضحَوا وَما مِنهُمُ عَينٌ وَلا أَثَرُ
بُليتُ مِنهُم بِأَجلافٍ سَواسِيَةٍ / قَد صَعَّدُوا بِزمامِ اللُؤمِ وَاِنحَدَرُوا
خُزرِ العُيونِ إِذا أَبصارُهُم نَظَرَت / شَخصي فَلا زالَ عَنها ذَلِكَ الخَزَرُ
وَغَيرُ مُعنِتِهِم لَوماً فَأَظلِمُهُم / الشَمسُ يَزوَرُّ عَن إِدراكِها البَصَرُ
لَهُم سِهامٌ بِظَهرِ الغَيبِ نافِذَةٌ / لَم تُكسَ ريشاً وَلَم يَنبِض لَها وَتَرُ
كَم غادَرَت مِن فَتىً حُلوٍ شَمائِلُهُ / يُمسي وَحَشوُ حَشاهُ الخَوفُ وَالحَذَرُ
إِن يَظفَرُوا بي فَلا تَشمَخ أُنُوفُهُمُ / فَإِنَّما لِعِداهُم ذَلِكَ الظَفَرُ
أَلا فَسَل أَيُّهُم يُغني غِنايَ إِذا / نارُ العَدُوِّ تَعالى فَوقَها الشَرَرُ
وَمَن يَقومُ مَقامي يَومَ مُعضِلَةٍ / لا سَمع يُبقى لِرائيها وَلا بَصَرُ
وَمَن يَسُدَّ مَكاني يَومَ مَلحَمَةٍ / إِذا الغَزالَةُ وارى نُورَها القَتَرُ
أُمضي عَلى السَيفِ عَزماً حينَ تُبصِرُهُ / مِثلَ الجِداءِ إِذا ما بَلَّها المَطَرُ
إِذا نَطَقتُ فَلا لَغوٌ وَلا هَذَرٌ / وَإِن سَكَتُّ فَلا عِيٌّ وَلا حَصَرُ
تَجري الجِيادُ وَإِن رَثَّت أَجِلَّتُها / فَلا يُغرّكَ جُلٌّ تَحتَهُ دَبَرُ
إِنّي لَأَعجَبُ مِن قَومٍ رَأَوا عَسَلاً / ظُلمي وَأَسوَغُ مِنهُ الصابُ وَالصَبرُ
أَيَأمنونَ اِنتِقامي لا أَباً لَهُمُ / بِحَيثُ لَيسَ لَهُم مِن سَطوَتي وَزَرُ
إِنّي اِمرُؤٌ إِن كَشَرتُ النابَ عَن غَضَبٍ / لا الخَطُّ يَمنَعُ مِن بَأسي وَلا هَجَرُ
فَلا يَغُرَّنَّهُم حِلمٌ عُرِفتُ بِهِ / قَد تَخرُجُ النارُ فيما يُقرَعُ الحَجَرُ
إِن تَعمَ عَن رُشدِها قَومي فَلا عَجَبٌ / مِن قَبلِها عَمِيت عَن رُشدِها مُضَرُ
مالُوا عَن المُصطَفى وَالوَحيُ بَينَهُمُ / وَفيهمُ تَنزِلُ الآياتُ وَالسُوَرُ
وَقابَلوهُ بِكُفرانٍ لِنِعمَتِهِ / وَكانَ خَيراً مِنَ الكُفرَانِ لَو شَكَرُوا
فَإِن تَغاضيتُ عَن قَومي فَعَن كَرَمٍ / مِنّي وَما ذَنبُ كُلِّ الناسِ يُغتَفَرُ
وَإِنَّ قَومي لِتُؤذيني أَذاتُهُمُ / أَلامَ في ذَلِكَ اللُوّامُ أَم عَذَروا
لا عَيبَ فيهِم سِوى أَنّي شَقيتُ بِهم / وَالذَنبُ لِلحَظِّ وَالخُسران ما خَسِرُوا
وَلَو أَشاءُ لَما ضاقَت مَذاهِبُها / عَنّي وَلا كانَ لِي الإِيرادُ وَالصَدَرُ
وَكُلُّ ذي خَطَرٍ في الناسِ مُحتَقَرٌ / عِندي إِذا لَم يَكُن لِي عِندَهُ خَطَرُ
فَليخشَ بَأسِيَ مَن طالَت حَماقَتُهُ / وَرُبَّ عاجِلِ شَرٍّ قادَهُ أَشَرُ
حَسبي مِن المُكذِبي الآمالَ لَو بَلَغَت / مِنّي اللّيالي وَفي التَجريبِ مُزدَجَرُ
قَومٌ كَأَنَّهُمُ الدّفلى يَبينُ لَها / نورٌ يَرُوقُكَ مَرآهُ وَلا ثَمَرُ
يا شِبهَ بَردِيَّةٍ في الماءِ منبِتُها / وَلا نَداوَةَ فيها حينَ تُعتَصَرُ
لا تُلزِمونيَ ذَنباً في رِحابِكُمُ / فَلَستُ أَوَّلَ سارٍ غَرَّهُ قَمَرُ
ما كُنتُ أَحسبكُم كَالجوزِ لَيسَ يُرى / فيهِ السَماحَةُ إِلّا حينَ يَنكَسِرُ
لَقَد نَأَيتُ فَلَم آسَف لِفَقدِكُمُ / وَلا تَداخَلَني مِن نَأيِكُم ضَجَرُ
وَاللَهِ ما طالَ لَيلي وَحشَةً لَكُمُ / وَلا عَرانِيَ مِن وَجدٍ بِكُم سَهَرُ
وَإِنَّني لَقَريرُ العَينِ مُذ شَحَطَت / بِيَ النَوى عَنكُمُ وَاِخرَوَّطَ السَفَرُ
كَم أَشرَبُ الغَيظَ صِرفاً مِن أَكُفِّكُمُ / وَلا يُرَجّى لِشَرٍّ مِنكُمُ غِيَرُ
لا حِلمَ يَردَعُكُم عَمّا أُساءُ بِهِ / وَلا أُطيعُ بِكُم جَهلي فَأَنتَصِرُ
فَجَنِّبوني أَذاكُم قَبلَ آبِدَةٍ / تَأتي غِشاشاً فَلا تُبقي وَلا تَذَرُ
وَاِستَعصِمُوا بِرِضائي وَاِحذَرُوا سَخَطي / فَجَرحُ مِثلي في أَمثالِكُم هَدَرُ
أَنا الَّذي يَرهَبُ الجَبّارُ سَطوَتَهُ / وَبي يُقَوَّمُ مَن في خَدِّهِ صَعَرُ
أُنمى إِلى الذّروَةِ العُليا وَتُنجِبُني / أَماجِدٌ لَيسَ في عِيدانِها خَوَرُ
سُمحٌ بَهاليلُ عَيّافُو الخَنا صُبُرٌ / يَومَ الكَريهَةِ طَلّابُونَ إِن وُتِرُوا
غُرٌّ مَغاويرُ أَنجادٌ خَضارِمَةٌ / بِمثلِهِم تحسُنُ الأَخبارُ وَالسِيَرُ
لا يُسلِمونَ لِرَيبِ الدَهرِ جارَهُمُ / يَوماً ولا رِفدُ راجي رِفدِهِم غُمَرُ
كَم نِعمَةٍ لَهُم لا يُستَقَلُّ بِها / لا مَنُّ يَتبَعُها مِنهُم وَلا كَدَرُ
لا يَجبُرُ الدَهرُ هَيضاً في كَسيرِهِمُ / وَلا تَهيضُ يَدُ الأَيّامِ ما جَبَرُوا
جِبالُ عِزٍّ مَنيفاتٌ بِحارُ نَدىً / قَلَهذَماتٌ لُيُوثٌ سادَةٌ غُرَرُ
لا يُنكِرُ الناسُ نعماهُم وَأَنَّهُمُ / أَهلُ العَلاءِ وَأَهلُ الفَخرِ إِن فَخَرُوا
أَتعَبتَ سَمعي بِطولِ اللَومِ فَاِقتَصِرِ
أَتعَبتَ سَمعي بِطولِ اللَومِ فَاِقتَصِرِ / ماذا أَهَمَّكَ مِن نَومي وَمِن سَهَرِي
عَدِمتَ رُشدَكَ كَم نَومٍ عَلى ضَمَدٍ / قُل لي أَمِن حَجَرٍ صُوِّرتَ أَم بَشَرِ
يا جاثِماً لِسِهامِ الذُلِّ تَرشُقُهُ / ما أَنتَ إِلّا قَتيلُ العَجزِ وَالخَورِ
ثِب قائِماً وَاِركَبِ الأَخطارَ مُقتَحِماً / فَإِنَّما يَركَبُ الأَخطارَ ذُو الخَطَرِ
وَلا تَكُن مِثلَ ما قَد قالَ بَعضُهُمُ / غَيمٌ حَمى الشَمسَ لَم يُمطِر وَلَم يسِرِ
أَفي القَضِيَّةِ أَن أَبقى كَذا تَبَعاً / وَالقَومُ قَومي وَأَربابُ العُلى نَفَري
كَم ذا اِنتِظاريَ وَالأَنفاسُ في صَعَدٍ / وَالظُلمُ في مَدَدٍ وَالعُمرُ في قِصَرِ
عَلى حُسامي وَعَزمي لا عَدِمتُهُما / وِردي وَلَكِن عَلى رَبِّ العُلى صَدَري
وَكَيفَ أَرهَبُ مَوتاً أَو أَخافُ رَدىً / وَحامِلُ المَيتِ مَحمولٌ عَلى الأَثَرِ
وَلَستُ مِمَّن إِذا نابَتهُ نائِبَةٌ / أَحالَ عَجزاً وَإِشفاقاً عَلى القَدَرِ
يا ضَيعَةُ العُمرِ في قَومٍ تَخالُهُمُ / ناساً وَلا غَيرَ أَثوابٍ عَلى صُوَرِ
لَو أَنَّ ذا الحِلمِ قَيساً حَلَّ بَينَهُمُ / لَوَدَّ مِنهُم ذَهابَ السَمعِ وَالبَصَرِ
وَلَو يُعَمِّرُ نُوحٌ فيهمُ سَنَةً / لَقالَ يا رَبِّ هَذا غايَةُ العُمُرِ
فَآهِ مِنّي بِحَجّاجٍ يزُولُ بِهِ / ما كانَ مِن عُجَرٍ عِندي وَمِن بُجَرِ
أَدنِ النَجيبَةِ لِلتِرحالِ واِرخِ لَها / زِمامَها وَاِخلط الرَوحاتِ بِالبُكَرِ
وَخَطِّها الخَطَّ إِرقالاً وَأَولِ قِلىً / أَوالَ لا نادِماً وَاِهجُر قُرى هَجَرِ
أَماكِناً لَعِبَت أَهلُ الفَسادِ بِها / فَدَمَّرُوها بِلا فِكرٍ وَلا نَظَرِ
لَم يَبقَ في خَيرِها فَضلٌ وَلا سَعَةٌ / عَنِ العَدُوِّ لذي نَفعٍ وَلا ضَرَرِ
أَما وَلَولا اِبن عَبدِ اللَهِ لا كَذِبا / لاِستُهلِكَت بَينَ نابِ الشَرِّ وَالظَفُرِ
لَولا الهُمامُ اِبنُ عَبدِ اللَهِ لاِنقَلَبَت / حَصّاءَ نابٍ بِلا هُلبٍ وَلا وَبَرِ
لَكِنَّهُ لَم يَزَل يَجلو بِهِمَّتِهِ / عَنها غَياهِبَ مِن ذُلٍّ وَمِن قَتَرِ
كَم نارِ شَرٍّ عَلَت فيها فَأَخمَدَها / مِن بِعدِ أَن عَمَّتِ الآفاقَ بِالشَرَرِ
وَكَم أَخي ثَروَةٍ أَودى بِثَروَتِهِ / تَحامُلٌ مِن صُروفِ الدَهرِ وَالغِيَرِ
أَهدى إِلَيهِ الغِنى مِن غَيرِ مَسأَلَةٍ / كَذا يَكونُ فِعالُ السادَةِ الغُرَرِ
وَكَم مِن مَضيمٍ تَمَنّى مِن مَضامَتِهِ / مَوتاً يُؤَدّي إِلى الفِردَوسِ أَو سَقَرِ
أَغاثَهُ وَأَزالَ الضَيمَ عَنهُ فَما / يَخشى سِوى اللَه في بَدوٍ وَلا حَضَرِ
فَحَبَّبَ العَيشَ وَالدُنيا إِلَيهِ وَقَد / تَحلو الحَياةُ لِفَقدِ الخَوفِ وَالضَرَرِ
وَكَم غَشومٍ شَديدِ البَطشِ ذي جَنَفٍ / بِالكِبرِ مُشتَمِلٍ بِالتِّيهِ مُؤتَزِرِ
لا يَذكُرُ اللَهَ إِلّا عِندَ رابِيَةٍ / يَرقى وَعِندَ اِرتِجاسِ الرَعدِ وَالمَطَرِ
يَلقى الرِياحَ إِذا هَبَّت بِساحَتِهِ / مُجَرَّدَ السَيفِ مِن جَهلٍ وَمِن أَشَرِ
يَتلوهُ كُلُّ غَوِيٍّ حينَ تَندُبُهُ / أَجرى مِنَ السَيلِ بَل أَشرى مِنَ النَفَرِ
لا يَعرِفُ المَنعَ في شَيءٍ يُحاوِلُهُ / وَلا يُراجِعُ في عُرفٍ وَلا نُكرِ
قَد عَوَّدَتهُ ذوُو الأَمرِ النُزولَ عَلى / ما شاءَ عادَةَ مَقهورٍ لِمُقتَهِرِ
أَرادَ مِنهُ الَّذي قَد كانَ يَعهَدُهُ / مِنهُم فَصادَفَ أَلوى طامِحَ البَصَرِ
مُماحِكاً لِلعِدى عَقّادَ أَلوِيَةٍ / أَقضي وأَمضي مِنَ الصَمصامَةِ الذَكَرِ
فَعافَ مَن كانَ منَّتهُ مَطامِعُهُ / وَاِنقادَ بَعدَ طُموحِ الرَأسِ وَالصَعَرِ
لَو غَيرُهُ وُلِّيَ البَحرَينِ لاِنتُهِكَت / وَخبِّرَ القَومُ عَنها أَسوَأَ الخَبَرِ
فَقَد تَوَلَّت رِجالٌ أَمرَها وَسَعَت / فيها فَلَم تُبقِ مِن شَيءٍ وَلَم تَذَرِ
وَأَيُّ سائِسِ مُلكٍ وَاِبنُ سائِسَةٍ / وَأَيُّ عُدَّةِ أَملاكٍ وَمُدَّخَرِ
أَغَرُّ ينمِيهِ مِن شَيبانَ كُلُّ فَتىً / حامي الذِمارِ جَوادٍ ماجِدٍ زَمِرِ
سَمحٍ يَعُدُّ وَفُورَ المالِ مَنقَصَةً / عِندَ الكِرامِ إِذا ما العِرضُ لَم يَفِرِ
لَو لَم يَكُن لِبَني شَيبانَ مَنقَبَةٌ / إِلّا أَبوهُ لَطالَت كُلَّ مُفتَخِرِ
وَلَم يَمُت مَن صَفِيُّ الدِينِ وارِثهُ / إِنَّ الغُصونَ لَقَد تُنمى عَلى الشَجَرِ
جُودُ الأَكارِمِ إِخبارٌ وَجُودُهُما / شَيءٌ تَراهُ وَلَيسَ الخُبرُ كَالخَبَرِ
يَفديكَ يا ذا العلى وَالمَجدِ كُلُّ عَمٍ / عَنِ المَكارِمِ بادي العِيِّ والحَصَرِ
إِذا يُلِمُّ بِهِ خَطبٌ ذكَرتَ بِهِ / تِلكَ النَعامَةَ لَم تَحمِل وَلَم تَطِرِ
فإِنَّهُ وَالَّذي تَعنُو الوُجُوهُ لَهُ / لَولاكَ لَم يَبقَ لِلعَلياءِ مِن وَزَرِ
قالوا نُهَنِّيكَ بِالعيدِ الكَبيرِ فَقَد / وافى وَتَركُ الهَنا مِن أَعظَم الكبَرِ
وَهَل تهَنّا بِعيدٍ أَنتَ بَهجَتُهُ / لَولاكَ لَم يَحلُ في سَمعٍ وَلا بَصَرِ
بَقيتَ ظِلّاً عَلى كُلِّ الأَنامِ وَلا / زِلتَ المَؤَيَّدَ بِالإِقبالِ وَالظَفَرِ
وَلا خَلَت مِنكَ دُنيا أَنتَ زَهرَتُها / حَتّى يُقارَن بَينَ الشَمسِ وَالقَمَرِ