القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ المُقَرَّب العُيُونِي الكل
المجموع : 3
لا عِزَّ إِلّا بِحَدِّ الصارِمِ الذَكَرِ
لا عِزَّ إِلّا بِحَدِّ الصارِمِ الذَكَرِ / وَضَربِكَ الصّيدَ بَينَ الهامِ وَالقَصَرِ
وَقَودِكَ الخَيلَ تَمضي في أَعِنَّتِها / يُعاجِلُ العَزم أُولاها عَن الخَبَرِ
وَبِالطّوالِ الرُدَينِيّاتِ تُدرك ما / فَوقَ المُنى لا بِطولِ الذَيلِ وَالشَعَرِ
يا طالِبَ المَجدِ لا ينفَكُّ مُجتَهِداً / هَوِّن عَلَيكَ فَكَم وِردٍ وَلا صَدَرِ
فَكَم شَأى شاءٍ العَليا فَأَحرَزَها / أَبو سِنانٍ جَميلُ الذِكرَ وَالسّيرِ
السالِبُ الملِكَ الجَبّارَ مُهجَتَهُ / وَالطاعِنُ الخَيلَ في اللَبّاتِ وَالثَغَرِ
وَالمُمطِرُ الجودَ مِن أَثناءِ راحَتِهِ / فَيضاً إِذا ضَنَّتِ الأَنواءُ بِالمَطَرِ
وَالعابِدُ الزاهِدُ الصَوّامُ إِن حَمِيَت / هَواجِرُ الصَيفِ وَالقَوّامُ بِالسَحَرِ
وَالمُظهِرُ الحَقَّ لا يَبغي بِهِ عِوَضاً / إِذ كانَ طالِبُهُ يَغدو علَى خَطَرِ
وَالطاهِرُ العِرض مِن عَيبٍ وَمِن دَنَسٍ / وَالسالِمُ العُودَ مِن وَصمٍ وَمِن خَوَرِ
ذِكرُ المَظالِمِ وَالآثامِ إِن ذُكِرَت / لَدَيهِ وَالبُخلُ ذَنبٌ غَيرُ مُغتَفَرِ
يا طالِبَ الرَزقِ في حِلٍّ وَمُرتَحَلٍ / يَمِّمهُ تَرضَ عَنِ الأَيّامِ وَالقَدَرِ
بَعيدُهُ لِذَوي الآمالِ مُتَّدَعٌ / كَجَنَّةِ الخُلدِ لا تَخلو مِنَ الثَمَرِ
فَكُلُّ حَيٍّ مِنَ الأَحياءِ يَعرِفُهُ / يدعوهُ بِالمَلِكِ الوَهّابِ لِلبِدَرِ
وَيا مَضيماً أَمضَّ الضَيمُ مُهجَتَهُ / اِنزِل بِساحَتِهِ تَنزِل عَلى الظَفَرِ
وَاِصفَع بِنَعلِكَ رَأسَ الدَهرِ واِسطُ عَلى / أَحداثِهِ سَطوَ ضِرغامٍ عَلى حُمُرِ
وَلا تَخَف عِندَها مِن بَأسِ صَولَتِهِ / فَلَيسَ يَملِكُ مِن نَفعٍ وَلا ضَرَرِ
فَكَم أَجارَ عَلى الأَيّامِ ذا مَضَضٍ / يَبيتُ يَلصِقُ مِنهُ الصَدرَ بِالعَفَرِ
وَكَم أَغاثَ اِمرءاً أَضحى وَمُنيتُهُ / مَوتٌ يُؤَدّي إِلى الفِردَوسِ أَو سَقَرِ
وَكَم مَشى الخَيزَلى في ظِلِّ دَولَتِهِ / مَن كانَ يَنسابُ كَالعِلّوصِ في الخُمُرِ
يا اِبنَ الأُلى شَيَّدُوا بُنيانَ مَجدِهِمُ / بِالجُودِ وَالبَأسِ لا الآجُرِّ وَالمَدَرِ
نَماكَ لِلمجدِ آباءٌ أَقَرَّ لَهُم / بِالفَضلِ مَن كانَ ذا سَمعٍ وَذا بَصَرِ
قَومٌ إِذا كانَتِ الأَنباءُ أَو كُتِبَت / صَحائِفُ المَجدِ كانُوا أَوَّلَ السَطَرِ
وَإِن هُمُ كَتَبوا مَجداً بِسُمرِهِمُ / فَخَطُّهُم بِمدَادٍ مِن دَمٍ هَدَرِ
وَالشارِبونَ جِمامَ الماءِ صَافِيَةً / وَيَشرَبُ الناسُ مِن طينٍ وَمِن كَدَرِ
وَالمُوقِدونَ إِذا هَبَّت شَآمِيَةٌ / نارَ الوَغى تَحتَ هامي القَطرِ بِالقِطرِ
أُعيذُ مَجدَكَ مِن عَينِ الجمالِ فَقَد / أَراهُ في التِمِّ يَحكي هالَةَ القَمَرِ
جَمَعتَ شَملَ المَعالي بَعدَ تَفرِقَةٍ / وَصُنتَ وَجهَ العُلا مِن ذَلِكَ القَتَرِ
أَطفَأتَ ناراً يُغَشّي الأَرضَ لاهِبُها / لَولاكَ لَم تُبقِ مِن شَيءٍ وَلَم تَذَرِ
فَأَصبَحَت كُلُّ أَرضٍ خافَ ساكِنُها / تَقولُ دَعني وَسِر قَصداً إِلى هَجَرِ
وَاِجعَلَ بِها دارَ سَكنٍ تَستَقِرُّ بِها / عَمّا يُريبُكَ مِن خَوفٍ وَمِن ذُعرِ
مَتى تَحُلَّ بِها تَحلُل لَدى مَلِكٍ / بِالزُهدِ مُشتَمِلٍ بِالعَدلِ مُتَّزِرِ
تَنامُ أَمناً رعاياهُ وَمُقلَتُهُ / وَقَلبُهُ أَبَداً في غايَةِ السَهَرِ
يَرى البَلِيَّةَ أَن تَغدو رَعِيَّتُهُ / وَأَن تَروحَ بِناديهِ عَلى حَذَرِ
لا يَرهَبُ الريمَ مَن أَمسى بِعقوَتِهِ / وَلا يَمُنُّ عَلَيهِ سابِحُ البَقَرِ
وَلا يُرَوَّعُ ذَو وَفرٍ يُجاوِرُهُ / بِنَكبَةٍ مِن مُقيمٍ أَو أَخي سَفَرِ
لَكِن يَروعُ العِدا مِنهُ بِذي لَجَبٍ / كَاللَيلِ تَلمَعُ فيهِ البيضُ بِالغَدَرِ
الطَعنُ مِنهُ كَأَفواهِ المَزادِ إِذا / غُصَّت وَطَعنُ العِدى كَالوَخزِ بِالإِبَرِ
يا أَيُّها الملكُ النَدبُ الَّذي عُرِفَت / لَهُ المَناقِبُ في بَدوٍ وَفي حَضَرِ
يا زينَةَ المُلكِ يا تاجَ المُلوكِ وَيا / فَخرَ المَمالِكِ بَل يا غُرَّةَ الغُرَرِ
أَنتَ الصَؤولُ بَلا خَيلٍ وَلا دَهَشٍ / أَنتَ القَؤُولُ بِلا عِيٍّ وَلا حَصَرِ
أَنتَ الوَلِيُّ بِلا خَوفٍ وَلا رَهَبٍ / أَنتَ السَخِيُّ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرِ
بِاللَهِ أُقسِمُ لا مُستَثنِياً أَبَداً / لَولاكَ لَم يبقَ لِلعَلياءِ مِن وَزَرِ
وَلا خَلَت باحَةُ البَحرَينِ مِنكَ وَلا / زالَت عِداتُكَ طُولَ الدَهرِ في قِصَرِ
وَعِشتَ في عِزَّةٍ قَعساءَ نائِيَةٍ / مِنَ الحَوادِثِ وَالآفاتِ وَالغيرِ
ماذا بِنا في طِلابِ العِزِّ نَنتَظِرُ
ماذا بِنا في طِلابِ العِزِّ نَنتَظِرُ / بِأَيِّ عُذرٍ إِلى العَلياءِ نَعتَذِرُ
لا الزَندُ كابٍ وَلا الآباءُ مُقرِفَةٌ / وَلا بِباعِكَ عَن باعِ العُلى قِصَرُ
لا عَزَّ قَومُكَ كَم هَذا الخُمولُ وَكَم / تَرعى المُنى حَيثُ لا ماءٌ وَلا شَجَرُ
فَاِطلُب لِنَفسِكَ عَن دارِ القِلى بَدَلاً / إِن جَنَّة الخُلدِ فاتَت لَم تَفُت سَقَرُ
أَما عَلِمتَ بِأَنَّ العَجزَ مَجلَبَةٌ / لِلذُّلِّ وَالقُلِّ ما لَم يَغلِب القَدَرُ
وَلَيسَ تَدفَعُ عَن حَيٍّ مَنِيَّتهُ / إِذا أَتَت عُوَذُ الراقي وَلا النُشرُ
وَلا يجتلي الهُمومَ الطارِقاتِ سِوى / نَصُّ النَجائِب وَالرَوحاتُ وَالبُكَرُ
وَالذِكرُ يُحييهِ إِمّا وابِلٌ غَدِقٌ / مِنَ النَوالِ وَإِمّا صارِمٌ ذَكَرُ
واحَسرَتا لِتَقَضّي العُمرِ في نَفَرٍ / هُمُ الشَياطينُ لَولا النُطقُ وَالصُوَرُ
لا يَرفَعونَ إِذا عَزّوا بِمَكرُمَةٍ / رَأساً وَلا يحسِنونَ العَفوَ إِن قَدِرُوا
يَوَدُّ جارُهُمُ الأَدنى بِأَنَّهُمُ / أَضحَوا وَما مِنهُمُ عَينٌ وَلا أَثَرُ
بُليتُ مِنهُم بِأَجلافٍ سَواسِيَةٍ / قَد صَعَّدُوا بِزمامِ اللُؤمِ وَاِنحَدَرُوا
خُزرِ العُيونِ إِذا أَبصارُهُم نَظَرَت / شَخصي فَلا زالَ عَنها ذَلِكَ الخَزَرُ
وَغَيرُ مُعنِتِهِم لَوماً فَأَظلِمُهُم / الشَمسُ يَزوَرُّ عَن إِدراكِها البَصَرُ
لَهُم سِهامٌ بِظَهرِ الغَيبِ نافِذَةٌ / لَم تُكسَ ريشاً وَلَم يَنبِض لَها وَتَرُ
كَم غادَرَت مِن فَتىً حُلوٍ شَمائِلُهُ / يُمسي وَحَشوُ حَشاهُ الخَوفُ وَالحَذَرُ
إِن يَظفَرُوا بي فَلا تَشمَخ أُنُوفُهُمُ / فَإِنَّما لِعِداهُم ذَلِكَ الظَفَرُ
أَلا فَسَل أَيُّهُم يُغني غِنايَ إِذا / نارُ العَدُوِّ تَعالى فَوقَها الشَرَرُ
وَمَن يَقومُ مَقامي يَومَ مُعضِلَةٍ / لا سَمع يُبقى لِرائيها وَلا بَصَرُ
وَمَن يَسُدَّ مَكاني يَومَ مَلحَمَةٍ / إِذا الغَزالَةُ وارى نُورَها القَتَرُ
أُمضي عَلى السَيفِ عَزماً حينَ تُبصِرُهُ / مِثلَ الجِداءِ إِذا ما بَلَّها المَطَرُ
إِذا نَطَقتُ فَلا لَغوٌ وَلا هَذَرٌ / وَإِن سَكَتُّ فَلا عِيٌّ وَلا حَصَرُ
تَجري الجِيادُ وَإِن رَثَّت أَجِلَّتُها / فَلا يُغرّكَ جُلٌّ تَحتَهُ دَبَرُ
إِنّي لَأَعجَبُ مِن قَومٍ رَأَوا عَسَلاً / ظُلمي وَأَسوَغُ مِنهُ الصابُ وَالصَبرُ
أَيَأمنونَ اِنتِقامي لا أَباً لَهُمُ / بِحَيثُ لَيسَ لَهُم مِن سَطوَتي وَزَرُ
إِنّي اِمرُؤٌ إِن كَشَرتُ النابَ عَن غَضَبٍ / لا الخَطُّ يَمنَعُ مِن بَأسي وَلا هَجَرُ
فَلا يَغُرَّنَّهُم حِلمٌ عُرِفتُ بِهِ / قَد تَخرُجُ النارُ فيما يُقرَعُ الحَجَرُ
إِن تَعمَ عَن رُشدِها قَومي فَلا عَجَبٌ / مِن قَبلِها عَمِيت عَن رُشدِها مُضَرُ
مالُوا عَن المُصطَفى وَالوَحيُ بَينَهُمُ / وَفيهمُ تَنزِلُ الآياتُ وَالسُوَرُ
وَقابَلوهُ بِكُفرانٍ لِنِعمَتِهِ / وَكانَ خَيراً مِنَ الكُفرَانِ لَو شَكَرُوا
فَإِن تَغاضيتُ عَن قَومي فَعَن كَرَمٍ / مِنّي وَما ذَنبُ كُلِّ الناسِ يُغتَفَرُ
وَإِنَّ قَومي لِتُؤذيني أَذاتُهُمُ / أَلامَ في ذَلِكَ اللُوّامُ أَم عَذَروا
لا عَيبَ فيهِم سِوى أَنّي شَقيتُ بِهم / وَالذَنبُ لِلحَظِّ وَالخُسران ما خَسِرُوا
وَلَو أَشاءُ لَما ضاقَت مَذاهِبُها / عَنّي وَلا كانَ لِي الإِيرادُ وَالصَدَرُ
وَكُلُّ ذي خَطَرٍ في الناسِ مُحتَقَرٌ / عِندي إِذا لَم يَكُن لِي عِندَهُ خَطَرُ
فَليخشَ بَأسِيَ مَن طالَت حَماقَتُهُ / وَرُبَّ عاجِلِ شَرٍّ قادَهُ أَشَرُ
حَسبي مِن المُكذِبي الآمالَ لَو بَلَغَت / مِنّي اللّيالي وَفي التَجريبِ مُزدَجَرُ
قَومٌ كَأَنَّهُمُ الدّفلى يَبينُ لَها / نورٌ يَرُوقُكَ مَرآهُ وَلا ثَمَرُ
يا شِبهَ بَردِيَّةٍ في الماءِ منبِتُها / وَلا نَداوَةَ فيها حينَ تُعتَصَرُ
لا تُلزِمونيَ ذَنباً في رِحابِكُمُ / فَلَستُ أَوَّلَ سارٍ غَرَّهُ قَمَرُ
ما كُنتُ أَحسبكُم كَالجوزِ لَيسَ يُرى / فيهِ السَماحَةُ إِلّا حينَ يَنكَسِرُ
لَقَد نَأَيتُ فَلَم آسَف لِفَقدِكُمُ / وَلا تَداخَلَني مِن نَأيِكُم ضَجَرُ
وَاللَهِ ما طالَ لَيلي وَحشَةً لَكُمُ / وَلا عَرانِيَ مِن وَجدٍ بِكُم سَهَرُ
وَإِنَّني لَقَريرُ العَينِ مُذ شَحَطَت / بِيَ النَوى عَنكُمُ وَاِخرَوَّطَ السَفَرُ
كَم أَشرَبُ الغَيظَ صِرفاً مِن أَكُفِّكُمُ / وَلا يُرَجّى لِشَرٍّ مِنكُمُ غِيَرُ
لا حِلمَ يَردَعُكُم عَمّا أُساءُ بِهِ / وَلا أُطيعُ بِكُم جَهلي فَأَنتَصِرُ
فَجَنِّبوني أَذاكُم قَبلَ آبِدَةٍ / تَأتي غِشاشاً فَلا تُبقي وَلا تَذَرُ
وَاِستَعصِمُوا بِرِضائي وَاِحذَرُوا سَخَطي / فَجَرحُ مِثلي في أَمثالِكُم هَدَرُ
أَنا الَّذي يَرهَبُ الجَبّارُ سَطوَتَهُ / وَبي يُقَوَّمُ مَن في خَدِّهِ صَعَرُ
أُنمى إِلى الذّروَةِ العُليا وَتُنجِبُني / أَماجِدٌ لَيسَ في عِيدانِها خَوَرُ
سُمحٌ بَهاليلُ عَيّافُو الخَنا صُبُرٌ / يَومَ الكَريهَةِ طَلّابُونَ إِن وُتِرُوا
غُرٌّ مَغاويرُ أَنجادٌ خَضارِمَةٌ / بِمثلِهِم تحسُنُ الأَخبارُ وَالسِيَرُ
لا يُسلِمونَ لِرَيبِ الدَهرِ جارَهُمُ / يَوماً ولا رِفدُ راجي رِفدِهِم غُمَرُ
كَم نِعمَةٍ لَهُم لا يُستَقَلُّ بِها / لا مَنُّ يَتبَعُها مِنهُم وَلا كَدَرُ
لا يَجبُرُ الدَهرُ هَيضاً في كَسيرِهِمُ / وَلا تَهيضُ يَدُ الأَيّامِ ما جَبَرُوا
جِبالُ عِزٍّ مَنيفاتٌ بِحارُ نَدىً / قَلَهذَماتٌ لُيُوثٌ سادَةٌ غُرَرُ
لا يُنكِرُ الناسُ نعماهُم وَأَنَّهُمُ / أَهلُ العَلاءِ وَأَهلُ الفَخرِ إِن فَخَرُوا
أَتعَبتَ سَمعي بِطولِ اللَومِ فَاِقتَصِرِ
أَتعَبتَ سَمعي بِطولِ اللَومِ فَاِقتَصِرِ / ماذا أَهَمَّكَ مِن نَومي وَمِن سَهَرِي
عَدِمتَ رُشدَكَ كَم نَومٍ عَلى ضَمَدٍ / قُل لي أَمِن حَجَرٍ صُوِّرتَ أَم بَشَرِ
يا جاثِماً لِسِهامِ الذُلِّ تَرشُقُهُ / ما أَنتَ إِلّا قَتيلُ العَجزِ وَالخَورِ
ثِب قائِماً وَاِركَبِ الأَخطارَ مُقتَحِماً / فَإِنَّما يَركَبُ الأَخطارَ ذُو الخَطَرِ
وَلا تَكُن مِثلَ ما قَد قالَ بَعضُهُمُ / غَيمٌ حَمى الشَمسَ لَم يُمطِر وَلَم يسِرِ
أَفي القَضِيَّةِ أَن أَبقى كَذا تَبَعاً / وَالقَومُ قَومي وَأَربابُ العُلى نَفَري
كَم ذا اِنتِظاريَ وَالأَنفاسُ في صَعَدٍ / وَالظُلمُ في مَدَدٍ وَالعُمرُ في قِصَرِ
عَلى حُسامي وَعَزمي لا عَدِمتُهُما / وِردي وَلَكِن عَلى رَبِّ العُلى صَدَري
وَكَيفَ أَرهَبُ مَوتاً أَو أَخافُ رَدىً / وَحامِلُ المَيتِ مَحمولٌ عَلى الأَثَرِ
وَلَستُ مِمَّن إِذا نابَتهُ نائِبَةٌ / أَحالَ عَجزاً وَإِشفاقاً عَلى القَدَرِ
يا ضَيعَةُ العُمرِ في قَومٍ تَخالُهُمُ / ناساً وَلا غَيرَ أَثوابٍ عَلى صُوَرِ
لَو أَنَّ ذا الحِلمِ قَيساً حَلَّ بَينَهُمُ / لَوَدَّ مِنهُم ذَهابَ السَمعِ وَالبَصَرِ
وَلَو يُعَمِّرُ نُوحٌ فيهمُ سَنَةً / لَقالَ يا رَبِّ هَذا غايَةُ العُمُرِ
فَآهِ مِنّي بِحَجّاجٍ يزُولُ بِهِ / ما كانَ مِن عُجَرٍ عِندي وَمِن بُجَرِ
أَدنِ النَجيبَةِ لِلتِرحالِ واِرخِ لَها / زِمامَها وَاِخلط الرَوحاتِ بِالبُكَرِ
وَخَطِّها الخَطَّ إِرقالاً وَأَولِ قِلىً / أَوالَ لا نادِماً وَاِهجُر قُرى هَجَرِ
أَماكِناً لَعِبَت أَهلُ الفَسادِ بِها / فَدَمَّرُوها بِلا فِكرٍ وَلا نَظَرِ
لَم يَبقَ في خَيرِها فَضلٌ وَلا سَعَةٌ / عَنِ العَدُوِّ لذي نَفعٍ وَلا ضَرَرِ
أَما وَلَولا اِبن عَبدِ اللَهِ لا كَذِبا / لاِستُهلِكَت بَينَ نابِ الشَرِّ وَالظَفُرِ
لَولا الهُمامُ اِبنُ عَبدِ اللَهِ لاِنقَلَبَت / حَصّاءَ نابٍ بِلا هُلبٍ وَلا وَبَرِ
لَكِنَّهُ لَم يَزَل يَجلو بِهِمَّتِهِ / عَنها غَياهِبَ مِن ذُلٍّ وَمِن قَتَرِ
كَم نارِ شَرٍّ عَلَت فيها فَأَخمَدَها / مِن بِعدِ أَن عَمَّتِ الآفاقَ بِالشَرَرِ
وَكَم أَخي ثَروَةٍ أَودى بِثَروَتِهِ / تَحامُلٌ مِن صُروفِ الدَهرِ وَالغِيَرِ
أَهدى إِلَيهِ الغِنى مِن غَيرِ مَسأَلَةٍ / كَذا يَكونُ فِعالُ السادَةِ الغُرَرِ
وَكَم مِن مَضيمٍ تَمَنّى مِن مَضامَتِهِ / مَوتاً يُؤَدّي إِلى الفِردَوسِ أَو سَقَرِ
أَغاثَهُ وَأَزالَ الضَيمَ عَنهُ فَما / يَخشى سِوى اللَه في بَدوٍ وَلا حَضَرِ
فَحَبَّبَ العَيشَ وَالدُنيا إِلَيهِ وَقَد / تَحلو الحَياةُ لِفَقدِ الخَوفِ وَالضَرَرِ
وَكَم غَشومٍ شَديدِ البَطشِ ذي جَنَفٍ / بِالكِبرِ مُشتَمِلٍ بِالتِّيهِ مُؤتَزِرِ
لا يَذكُرُ اللَهَ إِلّا عِندَ رابِيَةٍ / يَرقى وَعِندَ اِرتِجاسِ الرَعدِ وَالمَطَرِ
يَلقى الرِياحَ إِذا هَبَّت بِساحَتِهِ / مُجَرَّدَ السَيفِ مِن جَهلٍ وَمِن أَشَرِ
يَتلوهُ كُلُّ غَوِيٍّ حينَ تَندُبُهُ / أَجرى مِنَ السَيلِ بَل أَشرى مِنَ النَفَرِ
لا يَعرِفُ المَنعَ في شَيءٍ يُحاوِلُهُ / وَلا يُراجِعُ في عُرفٍ وَلا نُكرِ
قَد عَوَّدَتهُ ذوُو الأَمرِ النُزولَ عَلى / ما شاءَ عادَةَ مَقهورٍ لِمُقتَهِرِ
أَرادَ مِنهُ الَّذي قَد كانَ يَعهَدُهُ / مِنهُم فَصادَفَ أَلوى طامِحَ البَصَرِ
مُماحِكاً لِلعِدى عَقّادَ أَلوِيَةٍ / أَقضي وأَمضي مِنَ الصَمصامَةِ الذَكَرِ
فَعافَ مَن كانَ منَّتهُ مَطامِعُهُ / وَاِنقادَ بَعدَ طُموحِ الرَأسِ وَالصَعَرِ
لَو غَيرُهُ وُلِّيَ البَحرَينِ لاِنتُهِكَت / وَخبِّرَ القَومُ عَنها أَسوَأَ الخَبَرِ
فَقَد تَوَلَّت رِجالٌ أَمرَها وَسَعَت / فيها فَلَم تُبقِ مِن شَيءٍ وَلَم تَذَرِ
وَأَيُّ سائِسِ مُلكٍ وَاِبنُ سائِسَةٍ / وَأَيُّ عُدَّةِ أَملاكٍ وَمُدَّخَرِ
أَغَرُّ ينمِيهِ مِن شَيبانَ كُلُّ فَتىً / حامي الذِمارِ جَوادٍ ماجِدٍ زَمِرِ
سَمحٍ يَعُدُّ وَفُورَ المالِ مَنقَصَةً / عِندَ الكِرامِ إِذا ما العِرضُ لَم يَفِرِ
لَو لَم يَكُن لِبَني شَيبانَ مَنقَبَةٌ / إِلّا أَبوهُ لَطالَت كُلَّ مُفتَخِرِ
وَلَم يَمُت مَن صَفِيُّ الدِينِ وارِثهُ / إِنَّ الغُصونَ لَقَد تُنمى عَلى الشَجَرِ
جُودُ الأَكارِمِ إِخبارٌ وَجُودُهُما / شَيءٌ تَراهُ وَلَيسَ الخُبرُ كَالخَبَرِ
يَفديكَ يا ذا العلى وَالمَجدِ كُلُّ عَمٍ / عَنِ المَكارِمِ بادي العِيِّ والحَصَرِ
إِذا يُلِمُّ بِهِ خَطبٌ ذكَرتَ بِهِ / تِلكَ النَعامَةَ لَم تَحمِل وَلَم تَطِرِ
فإِنَّهُ وَالَّذي تَعنُو الوُجُوهُ لَهُ / لَولاكَ لَم يَبقَ لِلعَلياءِ مِن وَزَرِ
قالوا نُهَنِّيكَ بِالعيدِ الكَبيرِ فَقَد / وافى وَتَركُ الهَنا مِن أَعظَم الكبَرِ
وَهَل تهَنّا بِعيدٍ أَنتَ بَهجَتُهُ / لَولاكَ لَم يَحلُ في سَمعٍ وَلا بَصَرِ
بَقيتَ ظِلّاً عَلى كُلِّ الأَنامِ وَلا / زِلتَ المَؤَيَّدَ بِالإِقبالِ وَالظَفَرِ
وَلا خَلَت مِنكَ دُنيا أَنتَ زَهرَتُها / حَتّى يُقارَن بَينَ الشَمسِ وَالقَمَرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025