المجموع : 47
نَفسي الفِداءُ لِبيضٍ خُرَّدٍ عُرُبٍ
نَفسي الفِداءُ لِبيضٍ خُرَّدٍ عُرُبٍ / لَعِبنَ بي عِندَ لَثِمِ الرُكنِ وَالحَجَرِ
ما تَستَدَلُّ إِذا ما تَهتَ خَلفَهُمُ / إِلّا بِريحِهِمُ مِن طَيِّبِ الأَثَرِ
وَلا دَجا بِيَ لَيلٌ ما بِهِ قَمَرٌ / إِلّا ذَكَرتُهُمُ فَسِرتُ في القَمَرِ
وَإِنَّما حينَ أُمسي في رِكابِهِمُ / فَاللَيلُ عِندِيَ مِثلُ الشَمسَ في البُكَرِ
غازَلتُ مِن غَزَلي مِنهُنَّ واحِدَةً / حَسناءَ لَيسَ لَها أُختٌ مِنَ البَشَرِ
إِن أَسفَرَت عَن مُحَيّاها أَرَتكَ سَناً / مِثلَ الغَزالَةِ إِشراقاً بِلا غَبَرِ
لِلشَّمسِ غُرَّتُها لِلَّيلِ طُرَّتُها / شَمسٌ وَلَيلٌ مَعاً مِن أَعجُبِ الصُوَرِ
فَنَحنُ بِاللَيلِ في ضَوءِ النَهارِ بِها / وَنَحنُ في الظُهرِ في لَيلٍ مِنَ الشَعَرِ
السرُّ ما بين إقرارٍ وإنكار
السرُّ ما بين إقرارٍ وإنكار / في المشتريّ وهمِّ المُدلجِ الساري
لم لا يقول وقد أودعت سرّهما / أنا المعلم للأرواح أسراري
أنا المكّلم من نارٍ حجبتُ بها / نوراً فخاطبتُ ذاتَ النور في النارِ
أنا الذي أوجد الأكوان مظلمةً / ولو أشاءُ لكانتْ ذاتَ أنوار
أنا الذي أوجد الأسرار في شجِ / مجموعة لم ينلها بؤسُ أغيار
يا ضارباً بعصاه صلد رابيةَ / شمس وبدر وأرض ذات أحجار
فاعجب إلى شجرٍ قاصٍ على حجر / وانظر إلى ضاربٍ من خلف أستار
لقد ظهرتَ فما تخفى على أحدٍ / إلا على أحدٍ لا يعرفُ الباري
قطعتَ شرقاً وغرباً كي أنالهم / على نجائبَ في ليلٍ وأسحار
فلم أجدكم ولم أسمع لكم خبراً / وكيف تسمع أذن خلف أسوار
أم كيف أدرك مَنْ لا شيءَ يدركه / لقد جهلتك إذ جاوزتَ مقداري
حجبتَ نفسك في إيجاد آنية / فأنت كالسرّ في روح ابنة القاري
أنت الوحيد الذي ضاق الزمان به / أنت المنزه عن كون وأقطار
إن اللسانَ رسولُ القلبِ للبشر
إن اللسانَ رسولُ القلبِ للبشر / بما قد أودعه الرحمنُ من دُررِ
فيرتدي الصدق أحياناً على حذر / ويرتدي المين أحياناً على خطرِ
كلاهما علم في رأسه لهب / لا يعقلُ الحكمَ فيه غيرُ مُعتبر
وانظر إلى صادقٍ طابت مواردُه / وكاذبٍ رائحٍ غادٍ على سفر
مع اتحادهما والكيفُ مجهلةٌ / مِن سائلٍ كيفَ حكم الحقِّ في البشر
قلبُ المحققِ مِرآةٌ فمَن نظرا
قلبُ المحققِ مِرآةٌ فمَن نظرا / يرى الذي أوجد الأرواحَ والصُّورا
إذا أزال صدى الأكوان واتّحدتْ / صفاتُه بصفات الحقُّ فاعتبرا
من شاهد الملأ الأعلى فغايته / النورُ وهو مقامُ القلب إن شكرا
ومن يشاهد صفاتِ الحقِّ فاعلةً / لكلِّ شيء يكن في الوقتِ مفتكرا
ومن يشاهد مقام الذات يحظ بها / قي الوقت من سلب الأوصاف ِمفتقرا
فكلُّ قلبٍ تعالى عن أكنَّتِه / لم يدرِ في الملأ الأعلى ولا ذكرا
وكيف يدرك قلبٌ بات محتجباً / عن الوجودِ فما صلّى ولا اعتمرا
ما يعرف العينَ إلا العينُ فَاستمعوا / ما قلبُ عينٍ كقلبٍ قلَّد الخبرا
عجبتُ من رجمِ نارٍ يحرقُ النارا
عجبتُ من رجمِ نارٍ يحرقُ النارا / والله يظهرهُ في العين أنوارا
لابدَّ منه له حفظاً لشُرعِتنا / ولو تسرَّبَ أنفاقاً وأغواراً
يشوِّه الوجه منه عند رؤيتِه / وثم يخطَفُ أسماعاً وأبصارا
إذا بدتْ سبحاتُ الوجه فاستتر
إذا بدتْ سبحاتُ الوجه فاستتر / فالنورُ يذهبُ بالأعيان والأثر
وانظر إلى من وراءَ النورِ مستتراَ / ترى الضياءَ فأمعن فيه بالبصر
وقل لقلبك أمسكْ عنه شاهدَه / فعند ردّك تلقى لذة النظر
قد تاه غلمانُنا علينا
قد تاه غلمانُنا علينا / فما لنا في الوجودِ قدرُ
أذنابُنا صُيرت رؤوساً / ما لي على ما أراه صبرُ
قد أوذي الله مثل هذا / فالوقتُ حلو وقتاً ومرّ
هذا هو الدهر يا خليلي / فمن يقاسيه فهو دهر
أُلبستُ من هوى ذاتي خِرقة الخَضَر
أُلبستُ من هوى ذاتي خِرقة الخَضَر / ما بين زمزم والركنين والحجرِ
على التزيُّن بالمرضيِّ من صفةٍ / محمودةٍ بين أهل الشَّرعِ والنظر
ولا تزال مع الأنفاسِ قائمةً / به إلى منتهى الأوقاتِ والعُمرِ
وما تحللها من سيءٍ فلنا / عليه شرط صحيح جاء في الخبر
لما تأدبتَ بي يا منتهى ألمي
لما تأدبتَ بي يا منتهى ألمي / وأحسنَ الناسِ في المعنى وفي الصورِ
وكان قد ملكت قلبي محاسنُها / خبراً تحققه يربي على الخبرِ
ألبستُها من سنى الأثوابِ ثوبَ تُقى / فخراً على جنسِها من خِرقةِ الخضر
وهي التأدُّب بالآدابِ أجمعها / مع التخلُّق بالآياتِ والسُّوَرِ
والعهدُ ما بيننا أنْ لا تبوح بها / ولا تعرّفُها شخصاً من البَشَر
لكي تكونَ من الإخلاص نشأتُها / فليس يلحقها شيءٌ من الغَيرِ
ألبستُ جاريةً ثوباً من الخَفَرِ
ألبستُ جاريةً ثوباً من الخَفَرِ / في النوم ما بين بابِ البيتِ والحَجَرِ
وقبلْته فقبّلنا مقبّلهَا / وغبت فيه عن الإحساس بالبِشرِ
واستصرختْ في ثنيات الطوافِ وقد / حسرنَ عن أوجهٍ من أحسنِ الصُّورِ
هذا إمام نبيلٌ بين أظهرنا / هذا قتيلُ الهوى واللثمِ والنظرِ
قالت لها قبليه الأمُّ ثانيةً / عساه يحيى كمثلِ النفخِ في الصور
فالنفخ يخرجُ أرواح الورى وبه / يحيى إذا دُعيت للنشر من حفر
فعاودتُ فأزلتْ حكم غاشيتي / وأدبرتُ وأنا منها على الآثرِ
أُقبلُ الأرض إجلالاً لوطأتها / حباله وأنا منه على حذر
من أجل تقييدِه بصورةِ امرأةٍ / عند التجلِّي فقلتُ النقصُ من بصري
ونسوةٍ كنجومٍ في مطالعِها / وأنتَ منهن عينُ الشمسِ والقمر
يا حسنها غادة كالشمسِ طالعةٌ / تسبي العقولَ بذاك الغنجِ والحورِ
الله يعلمُ أني لستُ أذكره
الله يعلمُ أني لستُ أذكره / لعلمه باعتقادي أنه الذاكرُ
فليس يذكره إلا هوّيته / والعبدُ يحجبها عن عينه ساترُ
وقد علمتُ بما في الدارِ من حرم / مسترات عن الإدراكِ بالناظر
الدارُ دارُ نعيمٍ لا اكتراثَ بها / فإنْ أضيفَ إليها فهو بالنادر
لأن ذلك إن قالوه عن غرضٍ / من النفوسِ إذا ما لم يكن زاجرُ
أو كالذي قيل في عين الحسان إذا / أمرضن في نظريا طرفها الفاتر
تلهُّفي حيث لا أحظى بجنَّتها / عن التألم وهو المؤلم الحاضرُ
إن التألم يعطي الشخصَ نشأته / لا الدار فاعلم بأنَّ الحكم للخابر
لو كان للدار أخران لما وجدت / لذاتها أنفسٌ سرورها ظاهر
بما ينعم ذا به يُعذَّبُ ذا / أعني به السببَ المشهودَ لا الناظر
فإن علمتَ الذي قلناه قلت به / وإنْ جهلتَ فأنت التاجر الخاسر
ما لي استنادٌ ولا ركنٌ ولا وزرٌ
ما لي استنادٌ ولا ركنٌ ولا وزرٌ / إلا إليّ وإني العينُ والخبرُ
لي التحكم في عيني يحققه / علمي وكشفي فمني النفع والضرر
لولاي ما كان للأسماء من أثر / أنا المسمى فلي الأسماء والأثر
انظر إليه بنا تجدْه عينُ أنا / فالناظرُ الحقُّ والمنظورُ والنظرُ
ولاتفرِّق فإن الفرقَ مجهلةٌ / فلا يفرِّق إلا الحقُ والصور
ألا ترى ليديه إذ توجهتا / على خميرةِ من تدعونه بشر
قد فرَّق الله أعياناً فقال لنا / هذا المقامُ وهذا الركنُ والحجر
لما شهدت الذي في الكون من صور
لما شهدت الذي في الكون من صور / عين الذي كنت أبغيه بلا صورِ
علمتُ أن الذي أبغيه يطلبني / بالعلم بي لا به فانهض على أثري
ترى الذي قد رأينا من منازله / في كلِّ آيةٍ تنزيهٌ من السُّور
وكلُّ آيةٍ تشبيهٌ ومحكمةٌ / تُتلى علينا من المكتوبِ في الزبر
ومَطلبُ الحقِّ منا أن نوحِّدَه / رباً كما هو في القرآنِ والنظر
ما مطلبُ الحقِّ منا أن نكفيه / حتى نراه بمجلى الشمسِ والقمرِ
ولا تفكرتُ فيه ما بقيتُ ولا / يزال من فكرِه عقلي على غررِ
في آلِ عمرانَ جاء النصُّ يطلبني / بما لديه من التخويفِ والخدر
وذاك عن رأفةٍ منه بنا ولذا / يتلى علينا مع الأصالِ والبكر
الليلُ لله لا لي والنهارُ معاً / لأنه الدهر فانظر فيه واعتبر
لاتعتبر نفسه إن كنتَ ذا نظرٍ / مسدَّدٍ ولتكن تمشي على قدر
إن المعارجَ والإسرا إليه به / على البُراق الذي أنشأت من فكري
حتى انتهيتُ إلى ما شاءه وقضى / تركته وامتطينا رفرفَ الدرر
عند التفاني به إذ كان ينزل بي / إلى السماء يناجيني إلى السحر
ودَّعته ثم سرنا حيث قال لنا / إذا به عن يميني طالباً أثري
لما تأملته لم أدر صورته / وعلمنا أنه هو غاية الخطر
غفلت عنه له إذ كان مقصده / مني التغافلُ بالتحويل في الصور
لأنه عالم أني أميّزه / لما تكفلني من حالة الصغر
له ولدتُ لهذا ما برحتُ له / مشاهد أناظرا فيه إلى كبري
لذاك أخبرنا بأنه معنا / على مكانتنا في بدوٍ أو حضر
رأيت بارقةً كانجمِ لامعةً
رأيت بارقةً كانجمِ لامعةً / بسقفِ بيتي على قُرب من السحرِ
علمتها عين من أهوى تعرفني / بما أنا منه في وِرد وفي صَدرِ
وكنتُ في حاضرِ الأبصارِ أرقبه / لحادثٍ كان لي فيهم من الخبر
على لسانِ الذي ظني به حَسَن / يحيى الفؤادُ بذاكره وبالنظرِ
عن الرسولِ رسولِ الله سيدنا / المصطفى المجتبى المختار من مُضَر
فقلتُ أعرفكم حالاً وأشهدكم / عيناً وأظهركم لأعين البشر
لأنهم جهلوا ما نحن تعلمه / من التجلي الذي لله في الصور
ما قلت فيكم ولا فهنا بذكركم / إلاَّ بما جاء في الآيات والسور
أتلو وأسردُ آياتٍ علمتُ بها / في شأنكم عنكم ما قلت عن نظر
ما لي التحكم في نفسي فكيف لنا / فيه التحكم والرامي على خطر
من أن يصيبَ به من لا يجوز له / فيه التصرف إلا حالة الضرر
مثل النبي الذي يوحى إليه به / لكي يبلغه للسمع والبصرِ
بالشمِّ أدرك أحياناً وبالنظر
بالشمِّ أدرك أحياناً وبالنظر / ما ليس يدركه غيري من النظرِ
ولستُ منه بلا شكٍّ على خطرٍ / مثل المقلد للمعصومِ في الخبرِ
من حاله الشمّ أعلى منه منزلة / أعني المقلد لا إدراك بالنظر
للذوقِ أخذ شريف لا يكفيه / في فعله غير أهل الضربِ والبصر
وليس يعرفُ من ذوق بجارحةٍ / مذاق جارحة أخرى أبو البشر
استغفر الله من علمٍ أفوه به
استغفر الله من علمٍ أفوه به / فإنَّ قائله منهم على خطر
وهو الصحيح الذي لاشك يدخلني / فيه ولكنني منه على حذر
وقد أتيت به لحكمةٍ حكمت / عليّ فيه على ما جاء في القدر
من العلوم التي قد عزَّ طالبها / ولم ينلها لما في الأمر عن غَرَرِ
لولا وارثتُنا خير الأنام لما / حصلتها السيد المختار من مُفَر
وهو العليم بها من ضربةٍ حصلتْ / له من الله ذي الآلاء في السمر
فاسمع فديتك إني قد عزمت على / إبراز ما كان في الأصدافِ من درر
إنْ قيل ما سبب التكبير والغير / فقلْ ذاك مجلى الحقِّ في الصور
فما ترى العينُ إلاَّ واحداً أبداً / والكِبرُ جاء من الإحكام في النظرِ
إن الوجودَ على الإبهامِ نشأتُه / مثل الشهادةِ حال الذرِّ في الفطرِ
والحكمُ مني بهذا القولِ صورته / ما قلته وكذا المشهودُ بالبصر
الغيبُ لله لا الأبصارُ تدركه / وما ترى العينُ يكنى عنه بالبشرِ
من كلِّ نجمٍ وأفلاكٍ يدور بها / وما يولده من هذه الأكرْ
إن لم تحققه برهاناً ومعرفةً / كما هو الأمر فاقنع فيه بالخبر
من ذائقٍ لم يقل ما قال عن نظر / ولا قياسٍ ولا حدسٍ ولا ضَرر
إن الوجودَ وجودُ الحقِّ ليس له / فيه شريكٌ كما قد جاء في الأثر
وأين مثلُ رسولِ الله سيِّدِنا / فيما يُقال ففكِّر فيه واعتبر
فيما يقولُ لبيدٌ في جهالته / وليس يدري الذي قد قال فادكر
فإنَِّ ذا فطنة مثلي مخلقة / ترى الحقائقَ تأتيها على قدر
ولا تقل إن ذا وهم وسفسطة / القولُ ما قلته فانهض على أثَري
والله لولا شهودُ الحقِّ ما نظرت / عيني إلى أحد من عالم الغير
إني يتيمةُ دهري ما لها شبه / من الفرائدِ في نجر ولا بحر
يا أيها الناس خافوا الله واعتمدوا
يا أيها الناس خافوا الله واعتمدوا / عليه في كلِّ حالٍ إنكم صبرُ
ولا يزالُ وجودُ الحقِّ عينكم / في هذه الدار حتى ينقضي العمرُ
إذا نُقلتم إلى الأخرى فإنَّ لكم / فيها شؤوناً يراها من له نظر
هناك والمؤمنون العالمون بها / يرونها بعيون ما لها بصر
فيها الكمال الذي بالنشىء أطلبه / فيها المنافع ما فيها لنا ضرر
قد خُص بالضرّ أقوامٌ ذوو عمه / في دار خزي لهم فيها بما كفروا
جاءت سعادتهم تمشي على قدمٍ / فيما ابتلاهم به لو أنهم صبروا
أعماهم الله عن أمر له خلفوا / حتى يكون الذي يأتي به القدر
أشقاهم الله في أشياء تسرّهمُ / قد زينت لهمُ فيهم وما شعروا
لو أنهم صبروا ما كان حالهمُ / إلا السعادة والإسعاد والظفر
إن الفتى من يراعي حقَّ خالقِه
إن الفتى من يراعي حقَّ خالقِه / وثم حقُّ رسولِ الله إيثارا
والعارفون يرون الحقَّ عينهم / ولا يرون بعينِ الحق أغيارا
فهم يغارون أنْ يلقى بساحتهم / خيانة من نفوسٍ كنَّ أغوارا
فهم مع الله لا في حقِّ أنفسِهم / لذا أقاموا من التنزيه أسوارا
تنزيهِ تشبيهٍ لا تنزيه ليس كذا / بما أتاهم من الرحمن أخبارا
يحكون ما قاله عن نفسِه فإذا / حكوه كانوا له جنداً وأنصارا
لا يعرفون سوى الرحمن من أحد / لم يألفوا فيه لا داراً ولا جارا
لو أنهم وجدوا أمراً ينازعهم / فيه لأدخلهم نزاعهم نارا
ولم يكن مادحٌ منهم له أبداً / بكل فنٍّ من الأمداح مِكثارا
هم الأقلون إنْ قلوا وإنْ كثروا / حلاهم الحقُّ أسراراً وأسراراً
إذا رأيتَ مسيئاً يبتغي ضَرراً
إذا رأيتَ مسيئاً يبتغي ضَرراً / فدارِهِ ثم لا تُظهر له خَبَرا
وادفعْ أذاه بما توليه من حُسنٍ / وامنُن عليه ولا تُعلم به بشرا
فإن ذلك إكسيرٌ وقوّتُه / إنَّ تقلبَ العين والأجساد والصورا
يرجعْ عدوَّك صدّيقاً فتأمنه / ولا تخف منه إضراراً ولا ضررا
وما يلقاها إلا صابرٌ وله / حظٌّ من العلمِ لما أمعَن النظرا
إنَّ الذي أظهر الأعيان لو ظهرا
إنَّ الذي أظهر الأعيان لو ظهرا / ما زاد حكماً على الأمر الذي ظهرا
هو الجليُّ الخفيُّ في تصرُّفه / فليس يظهر منه غيرُ ما ظهرا
مُقدَّس الذاتِ عن إدراكِ ما ظهرا / لكنه يهبُ الأرواح والصورا
فكلُّ صورة روحٍ عينُ صورتِه / وهو الذي عين الأفلاكِ والبشرا
من آدمَ خمرت يداه طينته / بذاك سمِّي في ما قد روى بشرا
لما أتى من وراء السّتر كلمني / وما رأيتُ له عَيناً ولا خبرا
علمت أنَّ حجابي لم يكن أحداً / غيري فلم أتعب الألبابَ والفكرا
فما رأيتَ وجودَ الحقِّ في أحد / إلا رأيت له في كونِه أثرا