المجموع : 16
إِذا الغَمامُ حَداهُ البارِقُ الساري
إِذا الغَمامُ حَداهُ البارِقُ الساري / وَاِنهَلَّ مِن ديمَةٍ وَطفاءَ مِدرارِ
وَحاكَ إِشراقُهُ طَوراً وَظُلمَتُهُ / ما حاكَ مِن نَمَطَي رَوضٍ وَأَنوارِ
فَجادَ أَرضَكِ في غَربِ السَماوَةِ مِن / أَرضٍ وَدارَكِ بِالعَلياءِ مِن دارِ
وَإِن بَخِلتِ فَلا وَصلٌ وَلا صِلَةٌ / إِلّا اِهتِداءَ خَيالٍ مِنكِ زَوّارِ
لَأَشكَلَ القَمَرُ الساري عَلَيَّ فَما / بَيَّنتُ طَلعَتَهُ مِن طَيفِكِ الساري
إِذ ضارَعَ البَدرَ في حُسنٍ وَفي صِفَةٍ / وَطالَعَ البَدرَ في وَقتٍ وَمِقدارِ
لَيلٌ تَقَضّى وَما أَدرَكتُ مَأرُبَتي / مِنَ اللِقاءِ وَلا قَضَّيتُ أَوطاري
إِمّا اِطَّرَفتُ إِلى حُبّيكَ فَرطَ هَوىً / ثانٍ يُكَثِّرَ مِن وَجدي وَتَذكاري
فَطالَما اِمتَدَّ في غَيِّ الصِبا سَنَني / وَاِشتَدَّ في الحُبِّ تَغريري وَإِخطاري
هَوىً أُعَفّي عَلى آثارِهِ بِهَوىً / كَمُطفِئٍ مِن لَهيبِ النارِ بِالنارِ
قَد ضاعَفَ اللَهُ لِلدُنيا مَحاسِنَها / بِمُلكِ مُنتَخَبٍ لِلمُلكِ مُختارِ
مُقابَلٍ في بَني العَبّاسِ إِن نُسِبوا / في أَنجُمٍ شُهِرَت مِنهُم وَأَقمارِ
يُريكَ شَمسَ الضُحى لَألاءُ غُرَّتِهِ / إِذا تَبَلَّجَ في بِشرٍ وَإِسفارِ
أَولى الرَعِيَّةَ نُعمى بَعدَ مَبأَسَةٍ / تَمَّت عَلَيهِم وَيُسراً بَعدَ إِعسارِ
أَنقَذتَهُم يا أَمينَ اللَهِ مُفتَلِتاً / وَهُم عَلى جُرُفٍ مِن أَمرِهِم هارِ
أَعطَينَهُم بِبنِ يَزدادَ الرِضا فَأَوَوا / مِنهُ إِلى قائِمٍ بِالعَدلِ أَمّارِ
رَدَّ المَظالِمَ فَاِنتاشَ الضَعيفَ وَقَد / غَصَّت بِهِ لَهَواتُ الضَيغَمِ الضاري
يَأسو الجِراحَةَ مِن قَومٍ وَقَد دَمِيَت / مِنهُم غَواشِمُ أَنيابٍ وَأَظفارِ
يُرضيكَ والِيَ تَدبيرٍ وَمُبتَغِياً / نُصحاً وَمُعجِلَ إيرادٍ وَإِصدارِ
فَاللَهُ يَحفَظُ عَبدَ اللَهِ إِنَّ لَهُ / فَضلَ السَماحِ وَزَندَ السُؤدَدِ الواري
زَكَت صَنائِعُهُ عِندي وَأَنعُمُهُ / كَما زَكَت مِدَحي فيهِ وَأَشعاري
إيهاً أَبا صالِحٍ وَالبَحرُ مُنتَسِبٌ / إِلى نَوالِكَ في سيحٍ وَإِغزارِ
حَكى عَطاؤُكَ جَدواهُ وَجَمَّتَهُ / فَيضاً بِفَيضٍ وَتَيّاراً بِتَيّارِ
أَأَرهَبُ الدَهرَ أَو أَخشى تَصَرُّفَهُ / وَالمُستَعينُ مُعيني فيهِ أَو جاري
وَأَنتَ ما أَنتَ في رِفدي وَحَيِّطَتي / قِدماً وَإيجابِ تَقديمي وَإيثاري
فَكَيفَ تُمهِلُ أَسبابي وَتَغفُلُ عَن / حَظّي وَتَرضى بِإِسلامي وَإِخفاري
تَأَتَّ في رَسمِيَ الجاري بِعارِفَةٍ / كَما تَأَتَّيتَ لي في رِزقِيَ الجارِ
أَبا سَعيدٍ وَفي الأَيّامِ مُعتَبَرُ
أَبا سَعيدٍ وَفي الأَيّامِ مُعتَبَرُ / وَالدَهرُ في حالَتَيهِ الصَفوُ وَالكَدَرُ
ما لِلحَوادِثِ لا كانَت غَوائِلُها / وَلا أَصابَ لَها نابٌ وَلا ظُفُرُ
تَعَزَّ بِالصَبرِ وَاِستَبدِل إِسىً بِأَسىً / فَالشَمسُ طالِعَةٌ إِن غُيِّبَ القَمَرُ
وَهَل خَلا الدَهرُ أولاهُ وَآخِرُهُ / مِن قائِمٍ بِهُدىً مُذ كُوِّنَ البَشَرُ
إيهاً عَزاءَكَ لا تُغلَب عَلَيهِ فَما / يَستَعذِبُ الصَبرَ إِلّا الحَيَّةُ الذَكَرُ
فَلَم يَمُت مَن أَميرُ المُؤمِنينَ لَهُ / بَقِيَّةٌ وَإِنِ اِستَولى بِهِ القَدَرُ
مَضى الإِمامُ وَأَضحى في رَعِيَّتِهِ / إِمامُ عَدلٍ بِهِ يُستَنزَلُ المَطَرُ
إِنَّ الخَليفَةَ هارونَ الَّذي وَقَفَت / في كُنهِ آلائِهِ الأَوهامُ وَالفِكَرُ
أَلفاكَ في نَصرِهِ صُبحاً أَضاءَ لَهُ / لَيلٌ مِنَ الفِتنَةِ الطَخياءِ مُعتَكِرُ
سَكَّنتَ حَدَّ أُناسٍ فَلَّ حَدَّهُمُ / حَدٌّ مِنَ السَيفِ لا يُبقي وَلا يَذَرُ
كُنتَ المُسارِعَ في تَوكيدِ بَيعَتِهِ / حَتّى تَأَكَّدَ مِنها العَقدُ وَالمِرَرُ
وَدَعوَةٍ لِأَصَمِّ القَومِ مُسمِعَةٍ / يُصغي إِلَيها الهُدى وَالنَصرُ وَالظَفَرُ
أَقَمتَها لِأَميرِ المُؤمِنينِ بِما / في نَصلِ سَيفِكَ إِذ جاءَت بِها البُشُرُ
فَاِسلَم جُزيتَ عَنِ الإِسلامِ مِن مَلِكٍ / خَيراً فَأَنتَ لَهُ عِزٌّ وَمُفتَخَرُ
في الشَيبِ زَجرٌ لَهُ لَو كانَ يَنزَجِرُ
في الشَيبِ زَجرٌ لَهُ لَو كانَ يَنزَجِرُ / وَواعِظٌ مِنهُ لَولا أَنَّهُ حَجَرُ
اِبيَضَّ ما اِسوَدَّ مِن فَودَيهِ وَاِرتَجَعَت / جَلِيَّةُ الصُبحِ ما قَد أَغفَلَ السَحَرُ
وَلِلفَتى مُهلَةٌ في الحُبِّ واسِعَةٌ / ما لَم يَمُت في نَواحي رَأسِهِ الشَعرُ
قالَت مَشيبٌ وَعِشقٌ دُحتَ بَينَهُما / وَذاكَ في ذاكَ ذَنبٌ لَيسَ يُغتَفَرُ
وَعَيَّرَتني سِجالَ العُدمِ جاهِلَةً / وَالنَبعُ عُريانُ ما في فَرعِهِ ثَمَرُ
وَما الفَقيرُ الَّذي عَيَّرتِ آوِنَةً / بَلِ الزَمانُ إِلى الأَحرارِ مُفتَقِرُ
عَزّى عَنِ الحَظِّ أَنَّ العَجزَ يُدرِكُهُ / وَهَوَّنَ العُسرَ عِلمي في مَنِ اليُسُرُ
لَم يَبقَ مِن جُلِّ هَذا الناسِ باقِيَةً / يَنالُها الوَهمُ إِلّا هَذِهِ الصُوَرُ
بُخلٌ وَجَهلٌ وَحَسبُ المَرءِ واحِدَةٌ / مِن تينِ حَتّى يُعَفّى خَلفَهُ الأَثَرُ
إِذا مَحاسِنِيَ اللاتي أُدِلُّ بِها / كانَت ذُنوبي فَقُل لي كَيفَ أَعتَذِرُ
أَهُزُّ بِالشِعرِ أَقواماً ذَوي وَسَنٍ / في الجَهلِ لَو ضُرِبوا بِالسَيفِ ما شَعَروا
عَلَيَّ نَحتُ القَوافي مِن مَقاطِعِها / وَما عَلَيَّ لَهُم أَن تَفهَمَ البَقَرُ
لَأَرحَلَنَّ وَآمالي مُطَرَّحَةٌ / بِسُرَّ مَن راءَ مُستَبطاً لَها القَدَرُ
أَبَعدَ عِشرينَ شَهراً لا جَدىً فَيُرى / بِهِ اِنصِرافٌ وَلا وَعدٌ فَيُنتَظَرُ
لَولا عَلِيُّ بنَ مُرٍّ لَاِستَمَرَّ بِنا / خِلفٌ مِنَ العَيشِ فيهِ الصابُ وَالصَبِرُ
عُذنا بِأَروَعَ أَقصى نَيلِهِ كَثَبٌ / عَلى العُفاةِ وَأَدنى سَعيِهِ سَفَرُ
أَلَحَّ جوداً وَلَم تَضرُر سَحائِبُهُ / وَرُبَّما ضَرَّ في إِلحاحِهِ المَطَرُ
لا يُتعِبُ النائِلُ المَبذولُ هِمَّتَهُ / وَكَيفَ يُتعِبُ عَينَ الناظِرِ النَظَرُ
بَدَت عَلى البَدوِ نُعمى مِنهُ سابِغَةٌ / وَفراءُ يَحضُرُ أُخرى مِثلَها الحَضَرُ
مَواهِبٌ ما تَجَشَّمنا السُؤالَ لَها / إِنَّ الغَمامَ قَليبٌ لَيسَ يُحتَقَرُ
يُهابُ فينا وَما في لَحظِهِ شَرَرٌ / وَسطَ النَدِيِّ وَلا في خَدِّهِ صَعَرُ
بَردُ اَحَشا وَهَجيرُ الرَوعِ مُحتَفِلٌ / وَمَسعَرٌ وَشَهابُ الحَربِ مُستَعِرُ
إِذا اِرتَقى في أَعالي الرَأيِ لاحَ لَهُ / ما في الغُيوبِ الَّتي تَخفى فَتَستَتِرُ
تَوَسَّطَ الدَهرَ أَحوالاً فَلا صِغَرٌ / عَنِ الخُطوبِ الَّتي تَعرو وَلا كِبَرُ
كَالرُمحِ أَذرُعُهُ عَشرٌ وَواحِدَةٌ / فَلَيسَ يُزرى بِهِ طولٌ وَلا قِصَرُ
مُجَرِّبٌ طالَما أَشجَت عَزائِمُهُ / ذَوي الحِجى وَهوَ غِرٌّ بَينَهُم غُمُرُ
آراؤُهُ اليَومَ أَسيافٌ مُهَنَّدَةٌ / وَكانَ كَالسَيفِ إِذ آراؤُهُ زُبَرُ
وَمِصعِدٌ في هِضابِ المَجدِ يَطلَعُها / كَأَنَّهُ لِسِكونِ الجَأشِ مُنحَدِرُ
مازالَ يَسبِقُ حَتّى قالَ حاسِدُهُ / لَهُ طَريقٌ إِلى العَلياءِ مُختَصَرُ
حُلوٌ حَميتٌ مَتى تَجنِ الرَضا خُلُقاً / مِنهُ وَمُرٌّ إِذا أَحفَظتَهُ مَقِرُ
نَهَيتُ حُسّادَهُ عَنهُ وَقُلتُ لَهُم / السَيلُ بِاللَيلِ لا يُبقي وَلا يَذَرُ
كُفّوا وَإِلّا كَفَفتُم مُضمِري أَسَفٍ / إِذا تَنَمَّرَ في إِقدامِهِ النَمِرُ
أَلوى إِذا شابَكَ الأَعداءَ كَدَّهُمُ / حَتّى يَروحُ وَفي أَظفارِهِ الظَفَرُ
وَاللَومُ أَن تَدخُلوا في حَدِّ سَخطَتِهِ / عِلماً بِأَن سَوفَ يَعفو حينَ يَقتَدِرُ
جافي المَضاجِعِ لا يَنفَكُّ في لَجَبٍ / يَكادُ يُقمِرُ مَن لَآلائِهِ القَمَرُ
إِذا خُطامَةُ سارَت فيهِ آخِذَةٌ / خِطامَ نَبهانَ وَهيَ الشَوكُ وَالشَجَرُ
رَأَيتَ مَجداً عِياناً في بَني أُدَدٍ / إِذ مَجدُ كُلِّ قَبيلٍ دونَهُم خَبَرُ
أَحسِن أَبا حَسَنٍ بِالشِعرِ إِذ جَعَلَت / عَلَيكَ أَنجُمُهُ بِالمَدحِ تَنتَثِرُ
فَقَد أَتَتكَ القَوافي غِبَّ فائِدَةٍ / كَما تَفَتَّحُ غِبَّ الوابِلِ الزَهَرُ
فيها العَقائِقُ وَالعِقيانُ إِن لُبِسَت / يَومَ التَباهي وَفيها الوَشيُ وَالحِبَرُ
وَمَن يَكُن فاخِراً بِالشِعرِ يُمدَحُ في / أَضعافِهِ فَبِكَ الأَشعارُ تَفتَخِرُ
بِسُرَّ مَن را لَنا إِمامٌ
بِسُرَّ مَن را لَنا إِمامٌ / تَغرِفُ مِن بَحرِهِ البِحارُ
خَليفَةٌ يُرتَجى وَيُخشى / كَأَنَّهُ جَنَّةٌ وَنارُ
كِلتا يَدَيهِ تَفيضُ سَحّاً / كَأَنَّها ضَرَّةٌ تَغارُ
فَلَيسَ تَأتي اليَمينُ شَيئاً / إِلّا أَتَت مِثلَها اليَسارُ
فَالمُلكُ فيهِ وَفي بَنيهِ / ما بَقِيَ اللَيلُ وَالنَهارُ
لا يَعجِبَنَّكَ قَومٌ أَنتَ بَينَهُمُ
لا يَعجِبَنَّكَ قَومٌ أَنتَ بَينَهُمُ / فَلَستَ مِنهُم عَلى عَينٍ وَلا أَثَرِ
الباخِلونَ بِماءِ المُزنِ نَشرَبُهُ / وَالشارِبونَ دَواءَ البُخلِ بِالسِحرِ
حُلّي سُعادُ غُروضَ العيسِ أَو سيري
حُلّي سُعادُ غُروضَ العيسِ أَو سيري / وَأَنجِدي في اِلتِماسِ الحَظِّ أَو غوري
كُلُّ الَّذي نَتَرَجّاهُ وَنَأمُلُهُ / مُضَمَّنٌ في ضَروراتِ المَقاديرِ
فَما يُقَرِّبُ تَقريبي شَواسِعَها / وَلا يُباعِدُ ما أَدنَينَ تَأخيري
فَلِم أُكَلِّفُ نَفسي ما أُكَلِّفُها / مِنِ اِتِّصالاتِ تَغليسي وَتَهجيري
تَغدو الكِلابُ وَلا فَضلٌ يُعَدُّ لَها / سِوى الَّذي بانَ مِن نَقصِ الخَنازيرِ
مَتى تَصَفَّح خَفِيّاتِ الأُمورِ تَجِد / فَضلاً يُبِرُّ عَلى العُميانِ لِلعورِ
قَد قُلتُ لِلرَخَمِ المَرذولِ مَكسَبُها / خَسَّ الجَدا فَقَعي إِن شِئتِ أَو طيري
أَعدَدتُ وُدَّ أَبي نَصرٍ وَنُصرَتَهُ / لِشِكَّةِ الدَهرِ مِن نابٍ وَأُظفورِ
أَعودُ في كُلِّ يَومٍ مِن تَطَوُّلِهِ / إِلى مُعادٍ مِنَ الإِحسانِ مَكرورِ
مُهَذَّبٌ تَغمُرُ الأَقوامَ مَسطَتُهُ / وَالناسُ مِن غامِرٍ سُرّوا وَمَغمورِ
تَنازَعَتهُ مُلوكُ السُغدِ وارِثَةً / عَن شِمرِ يَرعَشَ فَخراً جِدَّ مَذكورِ
مِن كُلِّ أَشوَسَ لَقَّتهُ أَصالَتَهُ / مَواقِعَ الحَزمِ مِن رَأيٍ وَتَدبيرِ
مُرَدَّدٌ في قَديمٍ مِن نَباهَتِهِم / كَالمُشتَري لَم يَكُن مُستَحدَثَ النورِ
يا حَمدُ ما كانَ في حَمدِ بنِ مُنتَصِرٍ / إِلّا كَما فيكَ مِن فَضلٍ وَمِن خيرِ
فَلِم يَقولُ أُناسٌ إِنَّ رُتبَتَهُ / لا تُرتَقى وَنَداهُ غَيرُ مَعسورِ
وَقَد نَقَضتَ مَرامي الجودِ حَيثُ نَحَت / مُثلى سَحائِبِكَ الغُرِّ المَباكيرِ
ما كانَ حَظُّكَ في العَليا بِمُنتَقَصٍ / وَلا مُرَجّيكَ لِلجَدوى بِمَغرورِ
إِنَّ النَوالَ وَإِن أَكثَرتَ مَبلَغَهُ / يَقِلُّ في جَنبِ إِغرابي وَتَسييري
وَهيَ القَوافي إِذا سارَت هَوىً صُغرا / قَدرُ الدَراهِمِ عَنها وَالدَنانيرُ
ما مُنعِمٌ لَم يُضَمِّن شُكرَ أَنعُمِهِ / وَإِن أَشادَ بِها مُثنٍ بِمَشكورِ
بَل إِنَّها البَرقُ إِن جُزنَ الحِمى فَعَلى / مَنازِلَ أَقفَرَت بِالحِنوِ أَو دورِ
أَلوَت بِجِدَّتِها الأَيّامُ تُخلِقُها / بِمائِرٍ مِن رَبابِ المُزنِ أَو مورِ
وَقَد تَكونُ مُعاناً وَالهَوى قَبَلٌ / لِأُنَّسٍ مِن ظِباءِ الإِنسِ أَو فورِ
إِذا بَدَونَ لِلَحظِ الناظِرينَ فَقُل / في لُؤلُؤٍ بِجُنوبِ الرَملِ مَنثورُ
ما الدُرُّ تُبرِزُهُ الأَصدافُ أَملَحُ مِن / دُرٍّ يَبيتُ مَصوناً في المَقاصيرِ
وَما تَثالُ دَواعي البَثِّ تَذهَبُ بي / إِلى غَليلٍ مِنَ الأَشجانِ مَسعورِ
بِحُمرَةٍ في خُدودِ البيضِ مُشرَبَةٍ / وَفَترَةٍ في جُفونِ الأَعيُنِ الحورِ
مِنِّيَ وَصلٌ وَمِنكَ هَجرٌ
مِنِّيَ وَصلٌ وَمِنكَ هَجرٌ / وَفِيَّ ذُلٌّ وَفيكَ كِبرُ
وَما سَواءٌ إِذا التَقَينا / سَهلٌ عَلى خُلَّةٍ وَوَعرُ
إِنّي وَإِن لَم أَبُح بِوَجدي / أُسِرُّ فيكَ الَّذي أُسِرُّ
يا ظالِماً لي بِغَيرِ جُرمٍ / إِلَيكَ مِن ظُلمِكَ المَفَرُّ
قَد كُنتُ حُرّاً وَأَنتَ عَبدٌ / فَصِرتُ عَبداً وَأَنتَ حُرُّ
بَرَّحَ بي حُبُّكَ المُعَنّى / وَغَرَّني مِنكَ ما يَغُرُّ
أَنتَ نَعيمي وَأَنتَ بُؤسي / وَقَد يَسوءُ الَّذي يَسُرُّ
تَذكُرُ كَم لَيلَةٍ لَهَونا / في ظِلِّها وَالزَمانُ نَضرُ
غابَ دُجاها وَأَيُّ لَيلٍ / يَدجو عَلَينا وَأَنتَ بَدرُ
تَمزُجُ لي ريقَةً بِخَمرٍ / كِلا الرُضابَينِ مِنكَ خَمرُ
لَعَلَّهُ أَن يَعودَ عَيشٌ / كَما بَدا أَو يُديلَ دَهرُ
إِفضالُ فَتحٍ عَلَيَّ جَمٌّ / وَنَيلُ فَتحٍ لَدَيَّ غَمرُ
المُنعِمُ المُفضِلُ المُرَجّى / وَالأَبلَجُ الأَزهَرُ الأَغَرُّ
إِذا تَعاطى الرِجالُ مَجداً / بَذَّهُمُ سَبقُهُ المُبِرُّ
هُمُ ثِمادٌ وَأَنتَ بَحرٌ / وَهُم ظَلامٌ وَأَنتَ فَجرُ
إِنّي وَإِن كُنتُ ذا وَفاءٍ / لا يَتَخَطّى إِلَيَّ غَدرُ
لَذاكِرٌ مِنكَ فَضلَ نُعمى / وَسَترُ نُعمى الكَريمِ كُفرُ
وَكَيفَ شُكرِكَ عَن سَواءٍ / وَما يُداني نَداكَ شُكرُ
عُذرٌ وَحَسبُ الكَريمِ ذَنباً / إِتيانُهُ الأَمرَ فيهِ عُذرُ
صَبابَةٌ راحَ عَنها غَيرَ مَزجورِ
صَبابَةٌ راحَ عَنها غَيرَ مَزجورِ / وَلَوعَةٌ باتَ فيها جِدَّ مَعذورِ
لا يَلبَثُ الحُلمُ يَدعوهُ فَيَتبَعُهُ / تَأَلُّقَ البَرقِ في طَخياءِ دَيجورِ
إِذا اِستَقَلَّ شَآمِيّاً تَضَرَّعَ في / مُضَرَّمٍ بِالغَمامِ الجَونِ مَسعورِ
حَتّى يَكادَ يُرينا ضَوءُ عارِضِهِ / مِنَ العِراقِ مُحِلّاً بِالسَواجيرِ
تَاللَهِ كَم دونَ تِلكَ الأَرضُ إِن طُلِبَت / لِلرَكبِ مِن طولِ إِدلاجٍ وَتَهجيرِ
حَتّى تَظَلَّ عِتاقُ العيسِ طَيِّعَةً / صِعابُها بَينَ تَعريسٍ وَتَغويرِ
وَما اِستَعَنتُ عَلى دارٍ وَإِن بَعُدَت / كَالمُرتَجى بنِ نُصَيرٍ مَعدِنِ الخيرِ
يُدنيهِ مُجتَهِداً مِن كُلِّ مَكرُمَةٍ / سَعيٌ قَديمٌ وَنَيلٌ غَيرُ مَنزورِ
مُرَدَّدٌ في بُيوتِ المَجدِ يوضِحُ عَن / مُرَدَّدٍ مِن فِعالِ الخَيرِ مَكرورِ
مُوَجَّهُ الوَفرِ مَسؤولاً وَمُبتَدِئاً / إِلى عَطاءِ سَليمِ الوَفرِ مَوفورِ
لا يَثلِمُ الحَمدَ بِالتَسويفِ في عِدَةٍ / وَلا يُطيلُ المَعالي بِالمَعاذيرِ
إِن أَعجَزَ القَومَ حَملُ الحَقِّ قامَ بِهِ / ثَبتَ المَقامِ جَهيراً غَيرَ مَغمورِ
صَدرٌ رَحيبٌ وَطَرفٌ ناظِرٌ أَمَماً / عِندَ الحُقوقِ وَوَجهٌ ظاهِرُ النورِ
صَيَّرتِني غايَةَ العُشّاقِ كُلِّهِمِ
صَيَّرتِني غايَةَ العُشّاقِ كُلِّهِمِ / فَكُلُّهُم يَتَأَسّى بي إِذا هُجِرا
لا أَذكُرُ الدَهرَ يَوماً مِنكَ أَبهَجَني / وَالدَهرُ يَبعَثُ مِنّي الحُزنَ وَالعِبَرا
مَلَأتَ عَينِ فَما تَسمو إِلى أَحَدٍ / وَقَد أَحَبَّكَ قَلبي فَوقَ ما قَدَرا
طَرفي يُحَسِّنُ لي شَخصاً أَضَرَّ بِهِ / كَأَنَّ طَرفي عَدوّي كُلَّما نَظَرا
لَو كانَ يَسعَدُ إِنسانٌ بِصِدقِ هَوىً / كُنتُ السَعيدَ الَّذي لَم يُمسِ مُحتَقَرا
النَفسُ مِن فَقدِها حَرّى مُوَلَّهَةٌ
النَفسُ مِن فَقدِها حَرّى مُوَلَّهَةٌ / لا في القُبورِ وَلا تَحيا مَعَ البَشَرِ
اللَهُ أَصفى لَها وُدّي فَصَوَّرَها / حَسناءَ تَقصُرُ عَنها دارَةُ القَمَرِ
أَنتَ بنُ فَلسٍ وَماتَنفَكُّ مُفتَخِراً
أَنتَ بنُ فَلسٍ وَماتَنفَكُّ مُفتَخِراً / فَكَيفَ تَصنَعُ لَو كُنتَ اِبنَ دينارِ
وَأَنتَ في القَومِ تَستَدعي سِيادَتَهُم / كَسالِحٍ يَدَّعي فَضلاً عَلى خارِ
اِقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِراً
اِقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِراً / إِن بَرَّ عِندَكَ فيما قالَ أَو فَجَرا
فَقَد أَطاعَكَ مَن أَرضاكَ ظاهِرُهُ / وَقَد أَضَلَّكَ مَن يَصيكَ مُستَتِرا
خَيرُ الخَليلَينِ مَن أَغضى لِصاحِبِهِ / وَلَو أَرادَ اِنتِصاراً مِنهُ لَاِنتَصَرا
اِسمَع هُديتَ أَبا يَحيى مَقالَ أَخٍ
اِسمَع هُديتَ أَبا يَحيى مَقالَ أَخٍ / يُصفي لَكَ الوُدَّ في سِرٍّ وَإِجهارِ
ماذا عَلَيهِ بِلا جُرمٍ وَلا تِرَةٍ / أَتَتهُ كَفُّ الَّذي يُدعى بِمِنقارِ
أَعني اِبنَ مَن فَقَأَت في الرِحمِ مُقلَتَها / فَياشِلٌ لِأُناسٍ غَيرِ أَحرارِ
زَنَت زَماناً فَلَمّا عَنَّسَت هَرَماً / قادَت عَلى كُلِّ قَوّادٍ وَخَمّارِ
رَمَت بِاِبنِ نَذلِ الوالِدَينِ لَهُ / أُمٌّ مُقَنَّعَةٌ بِالذُلِّ وَالعارِ
ما أَلفُ فَيشَلَةٍ في جَوفِ كَعثَبِها / تَوَسُّعاً مِنهُ إِلّا الطَيرُ في الغارِ
عَوراءُ تَألَفُ أَهلَ البَغيِ مِن شَبَقٍ / وَلا تَحَوَّبُ سُخطَ الخالِقِ الباري
لَرَهزَةٌ مِن غَوِيٍّ في مَضارِطِها / أَشهى إِلى قَلبِها مِن أَلفِ دينارِ
بِدُبرِها إِبنَةٌ شَنعاءُ مُقلِقَةٌ / أَحَرُّ في لَذعِها مِن جَمرَةِ النارِ
يا مَن رَأَت عَينُهُ عَوراءَ مُعوِرَةً / تُناكُ في دُبرِها مِن غَيرِ إِنكارِ
جاءَت بِنَغلٍ وَقاحٍ بارِدٍ وَضِرٍ / ذي مَولِدِ نَجِسٍ مِن غَيرِ تَطهارِ
صُلبِ الحَماليقِ لا يَلوي بِناظِرِهِ / عَلى الحَياءِ وَلَو شُكَّت بِمِسمارِ
وَكَيفَ يَأنَفُ نَذلٌ ساقِطٌ وَقِحٌ / لا يَستَقيدُ لِإِعذارٍ وَإِنذارِ
وَلَيسَ يَصلُحُ إِن كَشَّفتَ هِمَّتُهُ / إِلّا لِفاحيشَةٍ أَو حَملِ مِزمارِ
في كُلِّ يَومٍ تَرى مِن فَوقِهِ رَجُلاً / يَسوطُ مِنهُ حِتاراً غَيرَ خَوّارِ
جَلداً عَلى كُلِّ أَيرٍ لَو ضَرَبتَ بِهِ / قَفاهُ كَبَّ لَهُ مِن غَيرِ خَوّارِ
ذو مِبعَرٍ كُلَّ يَومٍ يَستَقيدُ إِلى / نَيكٍ وَيُنشَرُ فيهِ أَلفُ طومارِ
مازَحتُهُ غَيرَ ذي عِلمٍ بِخِسَّتِهِ / في نَظمِ مَمدَحَةٍ مِن حُرِّ أَشعارِ
فَأَظهَرَ التيهَ مِن جَهلٍ وَقابَلَني / بِسَيِّئٍ لَم يَكُن مِن حَقِّ مِقدارِ
وَلَو أَحاطَ عُبَيدُ اللَهِ مَعرِفَةً / بِعُظمِ شَأني اِتَّقى نابي وَأَظفاري
يا اِبنَ الَّتي ضَرَطَت مِن تَحتِ نائِكِها / ضَرطَ الحِمارِ ضَغا مِن كَيِّ بيطارِ
إِحدى النَوادِرِ مِن قِردٍ تَعَرُّضُهُ / مِن غَيرِ مَقدِرَةٍ لِلقَسوَرِ الضاري
إِنَّ المُحَنَّكَ إِسماعيلَ خَبَّرَني / نَعَم وَناصَحَني في صِدقِ أَخباري
بِأَنَّ في اِستِكَ شَعراً مُنكَراً خَشِناً / مُقَطِّعاً لِلخُصى مِن غَيرِ أَشفارِ
تُدمي الأُيورَ إِذا ما جَوفَها اِقتَحَمَت / خُشونَةٌ مِنكَ زادَت كُلَّ مِقدارِ
سُقيتَ غَيثاً أَبا يَحيى وَلا سُقِيَت / دِيارُ شانيكَ صَوبَ الواكِفِ الجاري
لَقَد أَتاني قَريضٌ مِنكَ أَعجَبَني / حُسناً يُطَوِّلُ فيهِ الدَهرَ أَفكاري
وَفيهِ عَتبٌ نَفى نَومي وَوَكَّلَني / مِنَ الهُمومِ بِرَعيِ الكَوكَبِ الساري
مَن لي بِمِثلِكَ في ظَرفٍ وَفي أَدَبٍ / وَحِفظِ وُدِّ أَخٍ حُرٍّ وَإيثارِ
حَلَلتَ مِنّي مَحَلَّ الروحِ مِن جَسَدي / فَصِرتَ لي أُنُساً مِن دونِ سُمّارِ
إِنَّ الغُثا اِبنَ أَبي مَنصورَ بادَلَني / بَغياً وَأَنتَ عَلَيهِ بَعضُ أَنصاري
لَأَنظِمَنَّ القَوافي في مَثالِبِهِ / كَنَظمِ عِقدِ كَسولِ المَشيِ مِعطارِ
حَتّى أُغادِرُهُ لَحماً عَلى وَضَمٍ / أَنحى عَلى حَلقِهِ ساطورُ جَزّارِ
أَو يَستَعيدَ إِلى العُتبى فَأَترُكُهُ / لِأَنَّهُ وَتِحٌ مِن نَسلِ أَنزارِ
يا مَن يُماطِلُني وَصلي بِإِنكارِ
يا مَن يُماطِلُني وَصلي بِإِنكارِ / ماذا الجَفاءُ وَما بِالوَصلِ مِن عارِ
إِنّي أُعيذُكَ أَن تَزهو عَلى دَنِفٍ / حَيرانَ قَد صارَ بَينَ البابِ وَالدارِ
أَو مُستَجيراً بِوَصلٍ مِنكَ تَرحَمُهُ / مِثلَ الَّذي قالَ في سِرٍّ وَإِجهارِ
المُستَجيرُ بِعَمرٍ عِندَ كُربَتِهِ / كَالمُستَجيرِ مِنَ الرَمضاءِ بِالنارِ
لِلَّهِ دَرُّكَ قَد أَكمَلتَ أَربَعَةً
لِلَّهِ دَرُّكَ قَد أَكمَلتَ أَربَعَةً / ما هُنَّ في أَحَدٍ مِن سائِرِ البَشَرِ
العِرضُ مُمتَهَنٌ وَالنَفسُ ساقِطَةٌ / وَالوَجهُ مِن سَفَنٍ وَالعَينُ مِن حَجَرِ
إِنَّ السَماءَ إِذا لَم تَبكِ مُقلَتُها
إِنَّ السَماءَ إِذا لَم تَبكِ مُقلَتُها / لَم تَضحَكِ الأَرضُ عَن شَيءٍ مِنَ الخُضُرِ
وَالزَهرُ لا تَنجَلي أَحداقُهُ أَبَداً / إِلّا إِذا مَرِضَت مِن كَثرَةِ المَطَرِ